بسم الله الرحمن الرحيم
----
عندما اشتد القتال يوم اليمامة واستُشهِدَ كثيرٌ من صحابة رسول الله (صلى الله عليه و سلم) من حفظة القرءان الكريم ،
خشىَ عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) أن الأجيال القادمة ربما لا تجد مرجعاً كاملاً للقرءان الكريم فى كتابٍ واحدٍ يرجعون إليه .
فأقنع أبا بكر الصديق (رضى الله عنه) أن يأمر بجمع القرءان ،
فأمر أبو بكر زيدَ بن ثابت (رضى الله عنهما)
وكان زيد ٌ يكتب الوحىَ لرسول الله (صلى الله عليه و سلم)
فتتبع زيدٌ القرءان الكريم و أخذ يجمعه من العُسُبِ و اللِخافِ و صدورِ الرجال ،
و وجد آخر سورة التوبة ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ .. ) مع أبى خزيمة الأنصارى و لم يجدها مكتوبةً مع غيره ،
و لكن كثيراً من الصحابة كانوا يحفظونها .
فجمع زيدٌ القرءان فى كتابٍ واحدٍ و حُفِظَ عند أبى بكر ثم عمر ثم حفصة أم المؤمنين (رضى الله عنهم جميعاً) .
و عندما انتشرت الفتوحات الإسلامية فى عهد عثمان (رضى الله عنه) و دخل الناس فى دين الله أفواجاً ،
و نظراً لإختلاف اللغات و اللهجات بدأت الأخطاء تظهر فى تلاواتهم .
فطلب حذيفة بن اليمان من عثمان (رضى الله عنهما) أن يدرك الأمة و أن يقوم بنسخ القرءان الكريم عدة نسخ و توزيعها إلى الأمصار المختلفة .
فشكل عثمان لجنة لهذا الغرض برئاسة زيد بن ثابت ،
فأخذ زيد المصحف من عند حفصة و نسخه عدة نسخ طبق الأصل و وزعها عثمان
وأعاد لحفصة النسخة الأصلية .
الذى أحب أن ألفت النظر إليه :
القرءان الكريم كان مجمعاً فى صدور المؤمنين حيث أكمل لهم ربهم دينهم و أتم عليهم نعمته و كانت النسخة التى جمعها زيد فى كتابٍ واحدٍ و أعطاها أبا بكر ليست إلا مرجعاً للأجيال القادمة ،
فهل تتصور أن كل صحابى كان يذهب إلى بيت أبى بكر ثم عمر ثم حفصة ليحفظ من هذا المصحف ؟؟؟
بل كان معظم الصحابة حافظين للقرءان كله فى صدورهم و يعلمونه للناس
ربما لم يكن يحتفظ كل واحدٍ منهم إلا ببعض السور المكتوبة
و الذى فعله زيد هو تجميعها فى كتاب واحد بعد التأكد من صحتها تماماً
و أولاً وأخيراً قد تعهد الله الحفيظ بحفظه
" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْــرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَــــافِظُونَ (9) "
سورة الحجر
" لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)
إِنَّ عَلَيْنَــــــــا جَمْعَــــــهُ وَقُرْآَنَـــــهُ (17)
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِـــعْ قُرْآَنَـــهُ (18)
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَــــــــــا بَيَانَـــهُ (19) "
سورة القيامة