يتبع
لا تستأثر بالحديث
يحسن المحاور تجنب الاستئثار بالحديث , وأن لا يعيب على غيره طول الحديث مبيحاً ذلك لنفسه .
قال أحد السلف " إن الله خلق لي أذنين ولساناً واحداً كي أسمع أكثر مما أقول " .
والأثرة بالحديث آفة قبيحة , يغفل عنها كثير من المحاورين لأنهم يظنون سكوت من أمامهم إعجاباً بكلامهم و موافقة لهم على الإطالة , وتظل الأثرة آفة حتى لو كان الحديث مكتنزاً بالمعارف , مليئاً بالأدلة, محلى بنوادر الشعر وطرائفه .
من هنا كان على المحاور أن يراعي الوقت أثناء كلامه , فإن حدد له إلتزم به , وإلا حدده من تلقاء نفسه .
في إحدى الدراسات التي أجريت , كانت نتيجتها أن الطالب يفقد التركيز بعد ( 18 ) دقيقة من الحديث المتواصل , فما بالك بمستمع لحديث غيره ملزم بإدراكه !
المتحدث البارع
المتحدث البارع هو المستمع البارع , فأحسن الاستماع , ولاتقاطع من تحاور , بل شجعه على الحديث كي يقابلك بالمثل .. وكم تحدّث أناس وهم لايريدون من يحاورهم , بل من يصغي إليهم كي يبوحوا بما في خلجاتهم .
وبراعة الاستماع تكون : بالأذن , وطرافة العين , وحضور القلب , وإشراقة الوجه , وعدم الانشغال بتحضير الرد , متحفزاً , متوثباً , منتظراً تمام حديث صاحبه .
ومعرفة السامع بحديث المتكلم لا تغنيه عن الاستماع .. روت كتب السيرة أن شاباً قام فتكلم في مجلس عطاء بن أبي رباح فأنصت له كأنه يسمع حديثه لأول مرة , فلما أنتهى الشاب وانصرف عجب الحاضرون من عطاء , فقال : والله لأني أعلم الذي قاله قبل أن يولد .
من لي بإنسان إذا خاصمته وجهلت كان الحلم رد جوابه
وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبـه ولعلـه أدرى بـه
وأثر الإصغاء الجيد أكثر ما يكون في المقابلة الأولى وفي اللقاءات العابرة لأثره الطيب في النفوس , ولأن الحوار في مثل هذه اللقاءات يكون عاماً لا يستدعي مداخلة في أكثر من الأحيان , وكم أثنى الناس على حسن حوار فلان رغم أنه يطيل الصمت .
يقول دايل كارنيجي " إن أشد الناس جفافاً في الطبع وغلظة في القول لا يملك إلا أن يلين وأن يتأثر إزاء مستمع صبور عطوف يلوذ بالصمت إذا أخذ محدثه الغضب " .
ويقول أيضاً " إذا كنت تريد أن ينقض الناس من حولك ويسخروا منك حيثما توليهم ظهرك فهاك الوصفة .. لاتعط أحداً فرصة للحديث .. تكلم بغير انقطاع .. وإذا خطرت لك فكرة بينما يتحدث غيرك فلا تنتظر حتى يتم حديثه فهو ليس ذكياً مثلك .. فلم تضيع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف ؟ اقتحم عليه الحديث , واعترض في منتصف كلامه "