مع فارق القياس
لهاث في السراب
صالح الزيد
من يحاول أن يتبحر في أرقام الاحصائيات العامة ويسبر أغوارها يصاب بالدوار، ويلطم بفادحة أن كل جهة تجتر أرقامها من واد غير ذي زرع، وقد أعاد وزير التخطيط والاقتصاد هذه القضية للأذهان في أعقاب تشكيكه بمصداقية الأرقام التي نشرتها احدى الصحف عن احصائية عدد المواطنين المتملكين لمساكن خاصة، حيث استندت الصحيفة إلى تقرير "لم تذكر مصدره!" يؤكد أن ما نسبته 25% فقط من السعوديين يتملكون مساكن فيما يتلظى قرابة 75% تحت لهيب وسعير نار الايجار الذي بدوره طار وعانق مؤشرات أسعار البترول معاكساً تدني الريال الذي انكفأ مهرولاً خلف الدولار هابطاً لقاع سحيق سرمدي ومحتمياً "أي الايجار" بمواد البناء التي قفزت أسعارها بشكل تجاوز التحليل الأساسي والفني لتعانق عنان السماء.
الوزير لا فض فوه يؤكد أن نسبة المتملكين تقترب من العكس "65%" وفقاً لنتائج البحث الديمغرافي الصادر عن مصلحة الاحصاءات العامة "2007م" وتتناقص نسبة الذين يرهنون الجزء الأكبر من مدخراتهم لتضخيم ملاءة أباطرة العقار إلى نحو 38% ما أعرفه أن هناك استقصاءات وتقارير مسحية تصدر عن عدد من الجهات من بينها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأغلبها تخالف هذه الأرقام وتذهب إلى تناقص أعداد المتملكين للمساكين وتصاعد أعداد اللاهثين بحثاً عن موطئ قدم من صحرائنا "القارة" القاحلة.. القضية أن الباحث خلف المعلومة الدقيقة والاحصاءات الواقعية يكتشف أن أمورنا تسير "بالبركة".. وانه يركض خلف سراب بقيعة يحسبه الظمأن ماء.
المشكلة أن كل جهة تحيط نفسها بسياج من حديد يكتم أنفاس المعلومة ان وجدت! ويعلبها لدرجة التحنيط ولا يماثل ذلك سوى ما نضربه على مساكننا من أرتال الحديد المشغول والمنقوش ليقتل كل قيمة جمالية أهدر في سبيل اقتنائها آلاف الريالات، ويحيلنا إلى سكان "صوامع" لا يتأتى لساكنها التعاطي مع الجماليات فضلاَ عن قتل كل فعل يحاول التذوق ناهيك عن التمرد ومحاولة "التفكير!".
وما "سمة" للمعلومات الائتمانية عن وزارة التخطيط ببعيد