المقال
تخصيص الخطوط السعودية : بداية المشوار
خالد بن عبدالرحمن الطويل
يمثل صدور المرسوم الملكي رقم (م/70) وتاريخ 1428/8/15ه بشأن السماح للخطوط الجوية العربية السعودية بتحويل الوحدات الاسترتيجية في قطاعاتها المراد تخصيصها الى شركات يرخص للمؤسسة بتأسيسها بمفردها وتملكها بشكل كامل ، وذلك تمهيداً لتخصيصها بمشاركة مستثمرين من القطاع الخاص ، يمثل صدور هذا المرسوم خطوة متقدمة في مشوار تخصيص المؤسسة ، وهو يأتي تتويجاً لمشوار طويل خضعت فيه المؤسسة وقطاعاتها المختلفة الى دراسات مكثفة شارك فيها مستشارون ماليون وفنيون وقانونيون ، كما يأتي هذا المرسوم كتطور طبيعي للمراحل التى وردت ضمن نص قرار المجلس الاقتصادي الاعلى رقم (27/1) الصادر بتاريخ 1427/2/14ه الصادر بالموافقة على البرنامج التنفيذي لتخصيص المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية .
وقبل الدخول في تحليل تفصيلي لمسار تخصيص المؤسسة وفقاّ للمرسوم الملكي سالف الذكر ولقرار المجلس الاقتصادي الاعلى المشار اليه انفاّ ، تلزم الاشارة الى ان نشاط النقل الجوي هو احد النشاطات المستهدفة بالتخصيص الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم (219) الصادر في 1423/9/6ه وفي قرار المجلس الاقتصادي الاعلى رقم (23/11) وتاريخ 1423/8/27ه ، كما تلزم الاشارة الى ان مشوار تخصيص المؤسسة تلازم مع محفزات اخري لفتح المنافسة في نشاط النقل الجوي وذلك مع صدور قرار مجلس الوزراء رقم (90) لعام 1424ه والذي نص على ( فتح المجال للشركات الوطنية الراغبة للعمل في قطاع النقل الجوي الداخلي بما يحقق زيادة الكفاءة الاقتصادية لهذا القطاع ، وتخفيف العبء على المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية ).
ويلاحظ المتابع في هذا الصدد ان التجارب العالمية في قطاع النقل الجوي قد اثبتت ان هذا القطاع قد اعتبر لسنوات طويلة قطاعاً استراتيجياً للدولة تتحكم به بصفة كاملة ، خاصة وان الخطوط المحلية عادة ما تحمل العلم الوطني وتعتبر الناقلة الوطنية ، كما ان الحصول على حقوق التحليق والهبوط وخلافه من خدمات فنية كان يتم عبر اتفاقيات ثنائية بين الدول ، غير ان الاتجاه للتخصيص كان العلامة الفارقة للتطورات التي اصابت قطاع النقل الجوي ابتداء من اوائل ثمانينات القرن الماضي عندما تم تخصيص الخطوط الهولندية (klm) عام 1983، وتلا ذلك عام 1987تخصيص الخطوط البريطانية (ba)، ثم الخطوط النمساوية عام 1988، تلاها الخطوط الفلندية عام 1990، ثم خطوط (اللوفتهانزا) عام 1994، ثم الخطوط الايطالية عام 1998، ثم الخطوط الفرنسية عام 1999، وكذلك الخطوط الاسبانية عام 2001، وكانت الطريقة التي اتبعت في كل عمليات التخصيص السابقة هي البيع مباشرة للقطاع الخاص عن طريق الاكتتاب العام (ipo) ، وكان الدافع للتخصيص هو تخفيض الاعباء المالية التي تتحملها الحكومات لتشغيل تلك النشاطات التجارية ، وتطوير الكفاءة والعائد ، وتطوير العنصر الاداري ، وكان اثر عمليات التخصيص على تلك الشركات متوقعا حيث ساهم تخصيصها في رفع كفاءة عملياتها التجارية واداراة تلك العمليات على اسس تجارية ، وتخفيض التكاليف وتقديم خدمة جيدة للمستهلكين ، وسهولة الحصول على التمويل من المصارف والمؤسسات المالية ، والتخلص من الاطر البيروقراطية الروتينية التى عادة ما يتسم بها اداء الحكومات ، وتجدر هنا الاشارة الى ان الحكومات قد احتفظت بحصص ملكية في الشركات سالفة الذكر عند تخصيصها ، فالحكومة الفلندية احتفظت بحصة بلغت (58%) ، فيما احتفظت الحكومة الفرنسية بنسبة (57%) ، والايطالية بنسبة (53%) ، والنمساوية بنسبة (40%) ، في حين احتفظت الحكومة الهولندية بنسبة (14%) فقط ، ووحدها الخطوط الالمانية (اللوفتهانزا) والخطوط البريطانية (ba) طرحتا بنسبة (100%) للقطاع الخاص دون ان تتمسك الحكومتان الالمانية والبريطانية بأي حصص ملكية بعد التخصيص.