--------------------------------------------------------------------------------
بعد التداول
تمييع الأنظمة وعلاقته بالتوقعات والتخمينات!
خالد العويد
عند صياغة الأنظمة والقرارات يحرص المعدون لها ان تكون فقراتها واضحة لا تحتاج إلى اجتهاد، وغير مبهمة، وسهلة تتسم بالشمولية والدقة، تجنباً للتفسير والتأويل غير الصحيحين، او الخلاف في المضمون.
والمتابع لبعض الأنظمة التي صدرت خلال الفترة الماضية يلاحظ اشتمالها على فقرات تحتاج إلى تفسير وتأويل، فضلا عن مواد أخرى تتيح الفرصة للتفاوض على فقرات من النظام، نتيجة للصلاحيات التي تعطى للمسؤول من خلال الفقرة التي تضاف إلى الكثير من البنود وهي: (ويجوز للوزير او للجهة ...) وهو أمر يقود إلى ضعف دقة المواد والإخلال بتطبيق النظام، ويخلق الازدواجية والتناقض في التطبيق على الجميع، وبالتالي عدم اهتمام البعض حتى بقراءة الأنظمة والتعمق في بنودها وهو احد أسباب ضعف ثقافة الأنظمة لدينا.
ونتيجة لذلك أصبح الكثير يتحدث بلغة التوقعات والتخمينات، وليس بلغة النظام والقانون، حتى المتخصصين أنفسهم، خاصة مع تعدد الأنظمة، فعلى سبيل المثال ما يتعلق بالشركات المساهمة، تجد أن هناك نظاما للشركات المساهمة لدى وزارة التجارة والصناعة، في الوقت الذي تجد فيه فقرات أخرى لدى هيئة السوق المالية لا تعترف بالنظام السابق، خاصة ما يتعلق بإجراءات طرح أسهم الشركات وتحولها إلى مساهمة عامة.
مثال على ذلك عند طرح الشركات المساهمة، فاللوائح التنظيمية لقواعد التسجيل والإدراج تشترط على الراغب في طرح شركته، ان يكون قد أعلن عن قوائمه المالية المراجعة عن السنوات المالية الثلاث السابقة على الأقل، وفقا لمعايير المحاسبة للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، ويجب ان تكون الفترة المشمولة في احدث القوائم المالية المراجعة قد انتهت قبل مالا يزيد على ستة أشهر من تاريخ اعتماد نشرة الإصدار، وفي حالة كون الفترة المشمولة في احدث القوائم المالية المراجعة قد انتهت قبل فترة تزيد على ستة أشهر من التاريخ المتوقع لاعتماد نشرة الإصدار فان للهيئة طلب قوائم مالية مراجعة لأي فترة تراها مناسبة من تاريخ انتهاء الفترة المشمولة في احدث القوائم المالية المراجعة إلى التاريخ المتوقع لاعتماد نشرة الإصدار.
الفقرة السابقة لم تنته عند ذلك الحد، بل ختمت بهذه الجملة "المطاطية" وهي: "ويجوز للهيئة أن تقبل في أحوال استثنائية قوائم مالية لفترة اقصر من ثلاث سنوات إذا كان ذلك يحقق مصالح مقدم الطلب والمستثمرين".
هذه الجملة الأخيرة جعلت سوق الأسهم يتوقع ان يعلن في أي لحظة عن الاكتتاب في شركة جديدة، حتى وان لم تكن قد أعلنت سابقا عن قوائم مالية لربع واحد وليس لثلاثة أعوام ماضية، كما جعلت أصحاب الشركات يطرقون أبواب الهيئة في كل يوم لطلب طرح شركاتهم في سوق الأسهم لأهداف مختلفة يجتمعون على قاعدة "كلّ يغني على ليلاه".