عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 19-Sep-2007, 10:58 AM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
الروقي البرقاوي

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو





التوقيت


الروقي البرقاوي غير متواجد حالياً

افتراضي

صناديق الاستقرار النفطية تجربة الكويت والنرويج



صالح السلطان
خصيصتان اقتصاديتان للنفط
يتميز مورد النفط من زاوية النظر الاقتصادي بخصيصتين:

الأولى: التقلبات الحادة في أسعاره وإيراداته، والتي يصعب التنبؤ بها. الثانية: كونه موردا غير متجدد.

الخصيصة الأولى تتطلب من الدول النفطية تبني سياسات تهدف إلى تخفيف حدة تقلبات الإيرادات النفطية، واستقرار الإنفاق العام، في إطار المثل "وفر قرشك الأبيض ليومك الأسود".

أما الخصيصة الثانية فتتطلب مراعاة حقوق الأجيال القادمة.

في ضوء هاتين الخصيصتين سارعت دول نفطية إلى إنشاء صناديق نفطية، وهناك دول تفكر بذلك. وتحمل هذه الصناديق مسميات مختلفة، ولكن العمل واحد: إدارة الفوائض النفطية.

يفترض أن تكون صناديق النفط أوعية للاستقرار والتثبيت لتخفيف حدة تقلبات إيرادات النفط، و/أو أوعية للادخار لمراعاة حقوق الأجيال القادمة، ولنكون دقيقين أكثر، حقوق أجيال ما بعد نضوب النفط أو ما بعد فقدانه لأهميته. التركيز في هذه المقالة على هدف الاستقرار والتثبيت.

قد تنخفض الأسعار كثيرا دون توقعات الميزانية، ويتكون عجز، وعلاجه في الغالب مزيج من التقشف والاقتراض، وقد حدث ذلك في المملكة خلال سنوات مضت. ونعرف أن لجوء أي حكومة إلى خفض الإنفاق صعب، ولا يرغبه عموم الناس. وقد ترتفع الأسعار ويتحقق فائض كبير في الميزانية، كما هو حاصل في الدول الخليجية ومنها المملكة منذ عام

2004.إنفاق الفائض سهل، لكن التعامل معه بقدر عال من الفعالية والحكمة والرشاد صعب حقا. وكما يعني المثل easy comes easy goes، تجنح الدول والأفراد عند تحقيق فوائض مداخيل مالية سريعة غير متوقعة تجنح إلى الإنفاق السريع، الذي يضعف معه تطبيق مبادئ الحكمة ورشاد الإنفاق في كثير من الأحيان. في إطار تقليل مساوئ الإنفاق السريع، جاءت أيضا فكرة وضع صندوق استقرار.

لكن الأخطاء في توقعات أسعار النفط كثيرة، وانحرافها المعياري كبير، وظروف الدول النفطية متفاوتة، سكانا ومساحة ومعدل دخل للفرد، وكل هذه العوامل تقلل من فاعلية وظيفة الاستقرار. قد تتزايد وتتراكم الفوائض مع مرور السنين، وقد تستنفد كلها أو معظمها خلال سنوات قليلة.

طبعا صندوق الاستقرار يعمل على تعزيز جانب الإيرادات، ولا علاقة مباشرة له بجانب النفقات، ولذا يرى بعض المحللين أن ضبط الإنفاق يأتي عن طريق قيود السيولة liquidity constraint. وبدون هذا القيد، فإن الحكومة قد تلجأ للاقتراض حتى مع وجود الفائض، وهذا يمكن قبوله إذا كان الصندوق يحقق دخلا صافيا، بعد استبعاد ما يعادل خدمة الدين العام.


تجارب

أنشئت صناديق النفط في عدد من الدول النفطية منها النرويج وفنزويلا والكويت، وتفاوتت هذه الصناديق في بنائها المؤسسي وسياساتها وقواعدها التشغيلية. وبصفة عامة ينظر إلى التجربتين الكويتية والنرويجية على أنهما الأكثر نجاحا.


تجربة الكويت

عقب اكتشاف وتصدير النفط بكميات هائلة في عقد الخمسينيات من القرن الميلادي الماضي، أنشأت الحكومة الكويتية صندوق الاحتياطي العام عام 1960، وكان يضم جميع استثمارات الحكومة في الداخل والخارج.

وفي عام 1976، أنشأت الحكومة صندوق ادخار أطلقت عليه اسم صندوق احتياطي الأجيال القادمة. وقد كان يخصص للصندوق في بادئ الأمر50% من موارد صندوق الاحتياطي العام، و10% من الإيرادات النفطية وغير النفطية السنوية. وتجرى عمليات التحويل إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة باستقلال عن الميزانية. ولابد من موافقة مجلس الأمة عند رغبة الحكومة السحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة. وتتركز استثمارات الصندوق على الأصول الأجنبية، من خلال كبرى الأسواق المالية الأجنبية.

وبغرض تحسين إدارة عمليات الاستثمار، أنشئت هيئة الاستثمار الكويتية عام 1982، وحلت محل وزارة المالية في إدارة الاحتياطيات المالية العامة.

ساعدت موارد الصناديق الكويتية في تغطية نفقات الحكومة خلال العامين 1990- 1991إثر تعرض الكويت للاحتلال العراقي، في أغسطس 1990.وفي الوقت الحالي يشكل الدخل الاستثماري من تلك الصناديق المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة بعد النفط.

تجربة النرويج

تعد النرويج إحدى الدول الرئيسية في تصدير النفط، وقد أسست صندوقا نفطيا عام 1990.يعمل الصندوق على تكوين احتياطيات مالية، عند وجود فائض في الميزانية العامة، ويعتمد هذا الفائض على أسعار النفط، وقدر العجز غير النفطي، ويجري تقدير هذا الفائض عند إعداد الميزانية. والهدف من تلك الاحتياطيات دعم مركز مالية عامة قابل للاستدامة على المدى البعيد. ويستفاد من هذه الاحتياطيات عند انخفاض إيرادات النفط والإيرادات العامة، و/أو ارتفاع النفقات الاجتماعية. مما يساهم في إحداث توازن أكبر في استغلال موارد النفط بين الجيل الحالي والأجيال القادمة.

تضع الحكومة القواعد العامة لإدارة أصول الصندوق الاستثمارية، مع وجود قدر كبير من المرونة.

تتوفر معلومات عن صندوق النفط النرويجي، بما في ذلك تدفقات وحجم الأصول، على الموقع www.norges - bank.no/english/petroleum_fund

المسمى أم العمل؟

يجادل كثيرون في أهمية إنشاء صندوق رسمي للنفط، وينظرون للموضوع على أنه مجرد خلاف في الأسماء، ويستند هؤلاء على أساس أن نفس الفائدة تتحقق حين تستثمر الحكومة الفوائض تحت مسميات وتنظيمات أخرى غير الصندوق. فعلى سبيل المثال، أنشأت حكومة أبو ظبي "هيئة أبو ظبي للاستثمار"، قبل نحو ثلاثة عقود، والتي تتركز وظيفتها في إدارة الاحتياطيات الفائضة من عائدات إمارة أبوظبي، عبر شراء الأصول المالية في أسواق المال. وتقدر أوساط معنية موجودات الهيئة بمئات البلايين من الدولارات. وتشكل العوائد من استثمارات الهيئة رديفا قويا في مالية حكومة أبوظبي وقت انخفاض أسعار النفط، بل ربما زادت عوائد الاستثمار على عوائد النفط وقت تدهور أسعار النفط.

ولذا يرى محللون أن كيفية إدارة الفوائض، وتصرفات الساسة، هما العنصران الأهم في الحكم، بغض النظر عن الأشكال والمسميات. ولذلك، فإن برامج الاستقرار والتثبيت في الدول ذات الالتزام الأقوى تجاه الانضباط المالي، وذات الرشاد الأعلى في إدارة المالية العامة، هي الأكثر نجاحاً منها في الدول الأقل انضباطا ورشادا، بغض النظر عن المسميات. وبمعنى آخر، تصميم حسن لإدارة وسياسات المالية العامة يعد بديلا كافيا لصندوق نفطي. ولكن المدافعين عن فكرة وجود صندوق، يرون أن الالتزام سيكون أقوى في حال وجود صندوق له استقلاليته.

ومن جهة أخرى، يرى محللون أن هناك حاجة إلى توسيع دائرة تقييم فعالية الصناديق من مجرد تركيز على الفوائد التي تجنيها المالية العامة. يدخل في دائرة التقييم الأوسع التأثير على تذبذب متغيرات اقتصادية كلية كالتضخم وسعر الصرف الحقيقي.

@ متخصص في الاقتصاد الكلي والمالية العامة - دكتوراه اقتصاد















رد مع اقتباس