توسعه بشكل غير منظم كبد الشركات العاملة خسائر كبيرة
جهات حكومية تسعى لمحاصرة اتساع رقعة "العمل من المنزل" لافتقاده للاطر القانونية
محمد طامي العويد:
كشفت "الرياض" عن تجاوزات عدة باتت تصدر من أفراد وتنتشر باسم ما يعرف ب "العمل من المنزل"، فيما بدأت ملامح هذه التجاوزات تظهر بشكل جلي عبر عدد من الشكاوى تلقاها مجلس الغرف السعودية من عدد من الشركات والمؤسسات العاملة "الاستشارية" و"التقنية" منها تحديداً، تتعلق بتوسع دائرة ممتهني أعمال حرة من داخل المنزل، في منافسة مباشرة أثرت على طبيعة أعمال مؤسسات تعمل بشكل ظاهر وبتصاريح نظامية، نتج عنها إغلاق لمؤسسات وأخرى تنتظر الإغلاق بسبب خسائر تحدثت عنها هذه المؤسسات المتضررة جراء التوسع في هذه المنافسة دون تنظيم أو لوائح تذكر لطبيعة العمل من المنزل من قبل جهات العلاقة.
وعلى ضوء هذه الإشارات رصدت "الرياض" تحركات من قبل مجلس الغرف السعودية لدراسة ووضع تصورات وترتيبات وحدود لا يمكن تجاوزها تتعلق بالعمل من المنزل، تم مناقشتها من خلال اجتماعات منفردة وجماعية عكف على تنظيمها المجلس، وذلك مع ممثلين من الجهات ذات العلاقة والمعنية "بالعمل من داخل المنزل" وهي وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة والصناعة ووزارة العمل وكذلك البنك السعودي للادخار، وذلك في مقر المجلس.
يأتي ذلك في الوقت الذي اتسعت فيه رقعة ما يسمى ب "العمل من داخل المنزل"، حيث ازداد ممتهنوه وتطورت أساليبه ليشمل شريحة كبيرة من المجتمع بدأت بالنساء ثم اتسعت دائرتها لتشمل الرجال، وذلك من دون تنظيم يوضح العلاقة بين صاحب العمل الرئيسي والموظف في منزله، ودون أنظمة يستوضح من خلالها طبيعة النشاط المزاول ونظاميته ومشروعيته وتأثيره وانعكاسه السلبي على المؤسسات العاملة وكذلك على الفئة المعنية بالأمر من حيث ارتباطها بالعمل من المنزل.
فيما لجأت شركات ومؤسسات أخرى عاملة بنقل جزء من أعمالها وأنشطتها التقنية عبر ما يعرف بالعمل من المنزل، نظير التكلفة الأقل للعاملين من المنزل في تشابكات غيبت الجهة التي يتبع لها العامل من المنزل ومدى مخالفته لأنظمة العمل والعمال وأدواره المقدمة ومسؤولياته من خلال أعمال ينعدم فيها أي ثبوتات رسمية وخلافة، أو ترتبط باختفائهم عندما يرتبط الأمر بدراسات وبحوث وترجمة.
وأكد ل"الرياض" خالد الدايل خبير في شؤون المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أن الأمر يرتبط أولاً بأهمية وجود تنظيم لما يعرف بالعمل من المنزل "لنصل في النهاية إلى ما يؤدي لتدفق العلاقة بين العامل من المنزل والمنشأة بطريقة نظامية يتم فيها حفظ الحقوق، وقال أن العمل من المنزل موجود في كثير من دول العالم ويوجد بشكل أكبر في الدول المتقدمة، غير أن ما حدث لدينا وبطبيعة الحال كون الأمر جديدا ليس علينا بل على المنطقة العربية عموماً هو استغلال هذا العمل بطريقة سيئة ومتجاوزة ينتج عنها أضرار ومساوئ لجهات أو لأفراد.
وقال الدايل أن تنظيم عملية العمل من المنزل مطلوبة كونها تهدف في الأساس إلى الحد من اتساع رقعة هذا العمل وبما قد يخل من تسيير أعمال القطاعات الظاهرة أو التي تعمل بهدف توفير فرص عمل للمواطنين والمواطنات من خلال الترخيص لمزاولة مشروعات صغيرة من المنزل وبصورة نظامية، في حين يتيح هذا العمل للكثير من الأسر السعودية ممن هم غير قادرين على العمل خارج المنزل إيجاد مصدر دخل ثابت يؤمن لهم كافة احتياجاتهم المعيشية بسبب ظروف اجتماعية واقتصادية وهذا هو الهدف الأسمى من وجود تنظيم يحفظ حقوق هذه الفئة.
وذكر ل"الرياض" مصدر من داخل مجلس الغرف السعودية أن مشروع "ترخيص العمل من المنزل" المنظور من قبل المجلس وبمشاركة عدد من الجهات الحكومية سيشمل ممارسة العديد من الأنشطة التجارية والخدمية ويستهدف فئات مختلفة من المجتمع وقد وضعت له وفق التصور المقدم من قبل المجلس العديد من الاشتراطات والضوابط التي تكفل نجاحه وتطبيقه بالشكل الذي يحقق الأهداف الرئيسية للمشروع والمتمثلة في زيادة مساهمة المواطن السعودي في العملية الإنتاجية والتنموية وتحسين المستوى المعيشي للأسرة السعودية.
هذا وبدأت تظهر على السطح أعداد كبير من الشركات "التقنية منها" يتيح نشاطها لأن تعتمد أسلوب العمل من المنزل، حيث نشطت تحركاتها في الآونة الأخيرة وهي تعلن عن وظائف أو مهام وظيفية معينة تعتمد أسلوب العمل من داخل المنزل، حيث يعمد هذا التوجه إلى خفض التكاليف لعدم حاجته للانتظام في الدوام لدى المنشأة وما يتبع ذلك من تحمل تكاليف موظف منتظم ومواصلات وخلافه.
وترى هذه الشركات في أسلوب التوظيف هذا تخفيف العبء على تكاليف موظف منتظم، وسهولة العمل عبر الشبكة العنكبوتية المترابطة، وعدم الحاجة لنقل كفالة شخص فني يتبع لمنشأة تجارية أخرى، حيث يمتهنون أو يمتهن أعمالاً أو حرفاً من داخل المنزل، حيث تسعى هذه الفئة ليكون لها موقع قدم داخل محيط التجارة بشكل غير تقليدي وغير ظاهر بسبب إما أنها غير قادرة بسبب أوضاعها المادية على استخراج تصريح عمل تجاري وسجل ومنشأة قائمة مستأجرة أو خاصة أو أن أوضاعها وقدراتها الاجتماعية أو الصحية أو من حيث أنظمة الإقامة الخاصة بالعمل والعمال بالنسبة لبعض الوافدين لا تتيح لها أسبابا عديدة الوفاء بالالتزامات التي تتطلبها الجهات التنظيمية لانهاء استخراج الأوراق النظامية، فيما كثرت في الآونة الأخيرة تجارة التسويق والتوظيف والإعلان عبر الانترنت، يسعى مروجوها للتوظيف والعمل من المنزل عبر الانترنت.
يذكر أنه ازداد في الفترة الأخيرة اهتمام المؤسسات الحكومية والأكاديمية بموضوع العمل من المنزل في الدول المتقدمة بسبب نمو هذا النوع من الأعمال والتي تؤثر على سوق العمل يوماً بعد يوم، حيث بلغ عدد الأعمال من المنزل في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 40مليون عمل، بينما بلغ عددها في كندا 3ملايين عمل من المنزل، و4% من قوة العمل في بريطانيا.
وتفرض قوانين هذه الدول أن يتم تسجيل الأعمال التي تقام في المنزل وإصدار رخص العمل وخاصة التي تصل أرباحها لمبلغ معين سنوياً بسبب الضرائب التي تفرضها، وبسبب شروط الأمن والسلامة والتأمين والحماية من الغش والنصب وحماية اسم العمل والحقوق التجارية.