لا يساورني الشك في أن لقبيلتنا مجداً تليدا ، وتاريخاً مجيدا في ماضي الزمان وحاضر الأوان ، ولكني أيضا لا أشك في أن قبيلتنا في أيامنا الحاضرة لا تملك مناصب قيادية ، ولا مراتب سيادية توازي تاريخها السابق ، وزمانها الساحق ، وبإمكانك أن تتأكد من هذا إذا نظرت لأعداد أبنائها وكثرة شبابها ، ومن ثَمَّ قارنته بعدد قبائل أخرى أو أسر أخرى هي أقل عدداً من قبيلتنا ، بل وأقل شهرةً وتاريخا ، بل إن بعض هذه الأسر لم تستوطن الجزيرة العربية إلا قبل عقود قليلة وسنوات يسيرة ، ومع هذا فإن لأبنائها مراتب عليا ودرجات فُضلى ومناصب كبرى في أماكن شتى .
ويحق لي هنا أن أتساءل قائلا : أين أجد قبيلتي ؟
إنه سؤال كبير ، ولا يمكنني إجابته في مقال يسير ، وأرجوك لا تحدثني فتقول : هم في القيادات العسكرية ، والمناصب الأكاديمية ، فإني أقول لك : صدقت ، ولكن أين السواد الأعظم من أبناء القبيلة ، وأقول لك أيضا : بأنه لا يمكن لقبيلة أن تكون كلها ذات درجات ومناصب ، ومسؤوليات ومراتب ، ولكني أيضا أسأل : هل السواد الأعظم من القبيلة سار على طريق الأقلية ، وأقصد بطريق الأقلية العِلم ، والذي أرى بأنه يُمثل النسبة الكبرى من الإجابة على السؤال الكبير : أين أجد قبيلتي ؟
وصدق الله تعالى ، وهو الذي يقول : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " .
إنه حقاً أمر عجيب ، وشيء غريب أن ترى أبناء القبيلة وخصوصاً شبابها ، وهم يتعلقون بمسابقة أجمل حيوان أو بقصائد تمدح ذا جاهٍ وسلطان ، ويزهدون فيما لا يُزهد فيه وهو العلم ، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : " من سلك طريقاً يبتغي فيه علما سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " ، ولله در ذلك الشاعر الذي قال :
العلم يرفع بيتـا لا عمـاد لـه @@@ والجهل يهدم بيت العز والشرف
ولا شك ولا ريب في أن خير علم يُسعى إليه هو القرآن كلام الواحد المنان سبحانه وتعالى ، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ، وبعده من العلوم ما تنفع في الدنيا وتدل على الأخرى من توحيد وفقه وحديث وتفسير ، وأيضا العلوم النافعة كالطب ، والهندسة ، والمحاسبة ، والاقتصاد ، وغيرها .
وإنه ليعظم في عين الله وفي عيون ذوي الألباب كل شاب يحمل كتاباً وقلماً يبحث عن علم ، وهو متجملاً بعزم وصبر وحلم ، وإن كان من قومٍ بسطاء ، وإنه ليصغر في عين الله وفي عيون ذوي الألباب كل شاب لاهٍ غافل ، وإن كان من قومٍ شرفاء .
الموضع منقول من عتيبه أون لاين
أعجبني ونقلته لكم لتشاركوني قراءته ونرى وجهات النظر