عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 28-Sep-2003, 11:24 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعـد العصيمـي
عضو نشيط
إحصائية العضو







سعـد العصيمـي غير متواجد حالياً

افتراضي رسالة من "ضمير" قاتل

رسالة من "ضمير" قاتل
الجاني كتب ليلة إعدامه رسالة عتب لنفسه..
وقصده رجاء المغفرة

رسالة عتب كتبها أحد نزلاء السجن ليلة تنفيذ حد القصاص به.. حملت الرسالة التي وجهها لنفسه عتابا قاسيا ولوما مباشرا للنفس الأمارة بالسوء.
الرسالة التي جاءت ضمن مذكرات السجين أبرزت مضامين صادقة وعبرا قيمة يمكن من خلالها فرز الشر ونداءاته المهلكة والخير ودعواته الصادقة للحياة الهانئة.
الشيخ الداعية عبد المحسن المحمود كشف لـ "الرياض" رسالة القاتل وكذا بعض من قصائده التي وجهها لنفسه ليلة إعدامه.
[ شيخ عبد المحسن ما هي أبرز المواقف والقصص الواقعية التي واجهتك في دعوة الشباب ونصحهم داخل السجون؟!
ـ المواقف والقصص الوعظية كثيرة ولكن أبرزها هي قصة أحد الشباب ـ رحمه الله ـ حصلت له مع زميل له في العمل قبل سنوات مشكلة تطورت إلى شجار فأخرج بعدما أغواه الشيطان مسدسا وضرب زميله فمات!!.. بعدها حـكم عليه بالإعدام شرعا وصد ق اعترافه شرعا .. وعندها كان يسج ل مذكراته في (دفتر أبو ستين) أي انه سجلها في ورق عادي.. وقبل تنفيذ حكم القصاص أهداني هذه المفكرة ومازالت عندي وذكر فيها العديد من المشاعر والقصائد التي خرجت من صميم قلبه بحرقة الندم والتوبة إلى الله والإنابة إليه, لذلك حرصت ان تنظر إلى ابرز تلك الكتابات في مذكراته وهي "رسالة إلى نفسي" حيث يقول فيها ذلك الشاب ـ رحمه الله:
رسالـة إلـى نفـسـي
"نعم رسالة إلى نفسي وهل يوجد لدي أغلى منك يا نفسي العزيزة, هاأنت تمرين في أصعب موقف يمر به كائن حي, هاأنت تمرين بأحلك أيام حياتك هاأنت واقفة أمام بوابة الموت وتتألمين حسرة ولوعة على أيامك الماضية ليس حبا في الحياة وأنت تعلمين إنها عندك الآن لا تساوي جناح بعوضة, أعلم انك سمعت هذا من قول سيد البشر ولكنه مر عليك في أيامك الخالية مرور الكرام ولم يكن له أي تأثير شأنه بذلك شأن مختلف المواعظ والعبر التي سمعتيها من قبل ولكنك في ضلالة لم تفيقين منها إلا بعد فوات الأوان والذي أرجو من الله ان لا يكون قد فات بعد.
نفسي العزيزة هاأنت تتحسرين على ما مضى وأكبر أمنية وأعزها لديك في هذه اللحظة ان تصلين فرضا واحدا مع الجماعة في المساجد حرة طليقة, نفسي لا أحد في هذه الدنيا من يفهم ما اقول لك سواك أنت..
نفسي أنا.. أكتب لك هذه الرسالة في أصعب اللحظات التي تمر على إلا أنها ليلة الجمعة ليلة القضاء المتوقع والتي كم لبثت في صبيحتها تنتظرين السجان متى يفتح عنك الباب ليس للخروج, فهذا محال ما عدا رحمة ربي ولكن لكي يقودك إلى الصفاه كما يقاد الخروف إلى الجزار.. نفسي رغم ان ليلة الجمعة ويومها من ابرك الليالي وأحنها ولكنها لي كابوس مفزع.. نفسي كم تتحسرين على رؤية أهلك, أمك التي كم عصيتها وهي تنصحك وتدلك على الطريق الصحيح وتتحسرين على رؤية أبيك الذي كان ملاذك في المصاعب, أبيك الذي لم ينهرك طوال ما أسلفت من أيام في الحياة الدنيا, أب يكابد ويكافح لكي لا يشعرك بالحاجة لأحد في يوم من الأيام.
وأنت تتحسرين على رؤية أخوة لك لم ترين منهم في يوم من الأيام ما يكدر صفو عيشك, لم يشعروك يوما من الأيام بأنك كيان مستقل عنهم بل جزء منهم لا يتجزأ على مرور مراحل عمرك.
وأنت تتحسرين على رؤية أهلك جميعهم وذويك بكل ما فيهم إلى صغيرهم الوردة المتفتحة وكبيرهم منبع الحنان.
نفسي هاأنت تفارقيهم جميعا هاأنت تنتزعين من بينهم وتذهب بذلك أيامك التي عشتها بينهم, ها أنت تتمنين وتنتظرين زيارتهم على أحر من الجمر تعدين الدقائق وأجزاءها لترين من لم ترينه منهم, بل ربما تلقين عليه نظرة الوداع الأخير.. نعم فربما اتى يوما ليزورك ولكنك رحلت عن هذه الدنيا.
نفسي لماذا لم تفكري يوما من الأيام لماذا أنت أتيت لهذه الدنيا ؟ ولماذا خلقت؟! لكي تلهي في هذه الدنيا وتأكلي كما تأكل الأنعام لماذا لم تسألي وتتساءلي هذا السؤال في يوم من الأيام ؟ لماذا ؟ لماذا يا نفسي العزيزة؟
آه.. آسف يا نفسي أعلم انه الآن لا يمكنك فعل شيء بل تزيد حسرة وهم .
نفسي ما أعجز التعبير وما اقل مدلولاته في هذه اللحظة بأن يصور هذا الموقف, ما أعجزه بان يصور لحظات الوداع نعم لحظات الوداع ليس وداع الأحبة والمحبة وهراها الفاضي ولكنه وداع الدنيا جميعها وداع البشرية والهوى.
نفسي كيف بك إذا واجهت خالقك بمعاصيك وذنوبك وسجل حياتك المخزي, ولم تعملي يوما من الأيام في حياتك وصحتك وما تقدميه يوم جزاءك وحسابك, نفسي ولهفك ليوم تخرجين فيه إلى الدنيا نعم الدنيا إنك الآن في مقبرة الأحياء مقبرة من بقي بهم الروح ووقفوا او وضعوا ينتظرون الجلاد.
ما الهفك وأحوجك في هذه اللحظات القاسية والمعدودة إلى طاعة الله خالقك وأنت طليقة لتقولي يا ربي انني عبدتك في يوم واحد يا ربي وأنا في صحتي ونعمتي ومستبعد موتي آو بالأحرى وانتظره الآن واعلمه لتقولي لربك عبدتك في ذلك اليوم وشكرتك يا ربي على نعمتك واحفظها لي وجازني عليها..
نفسي انتظري قدرك وأدعي ربك واستنجدي الله ومن غيره في هذا الموقف يخرجك ويمن عليك بعمر جديد غير خالقك من العدم هو القادر على ذلك هو الذي يسمع دبيب النمل على الصفاة في الليلة الظلماء.
نفسي أنت تدعين الله ليلا ونهارا وهو مجيب الدعاء قابل التوبة مفرج الكروب, ومن يقنط من رحمته إلا الخاسرون.
أجل يا نفسي من يمنع رحمة الله عنك من يمنعها إذا استجاب لدعواتك الباكية في ظلمات الليالي, ولهذا يا نفسي فاجعلي رجاءك دائما بالله وأملك وظنك حسن وانتظري فرجه القريب واحسني الظن به ولهذا يا نفسي ولهذا فقط.. وجهت لك هذه الرسالة ووصفت بها حالك وما بها من يأس لا كاشف له إلا خالقك وجهت لك هذه الرسالة لان املي بالله كبير وارجو عفوه.
لذا يا نفسي الغالية اذا اتاك فرج الله واستمالك الشيطان وغرتك الحياة الدنيا فلا تنسي هذه اللحظات وشدت وانتظارك الموت, لا تنسي يا نفسي هذه اللحظات لا تأبهي اذا اتاك فرج الله فلا تقابليه بالجحود كيف الجحود بعد الخروج من الظلمات إلى النور.. نفسي انتظري فرج الله اذا أتاك فلا تنسي نعمته وفضله".
راجي رحمة ربه
ليلة الجمعة الساعة الواحدة
وبعدما كتب هذه الرسالة ليلة الجمعة نفذ فيه بعدها حكم القصاص ـ رحمه الله.
[ كما أنه كان قد كتب مجموعة من الأبيات والقصائد الوعظية والمسلية لنفسه يقول في بعضها من قصيدة للأمير الشاعر خالد الفيصل:
يا ضايق الصدر بالله وسع الخاطر
دنياك هذي ما تستأهل الضيقة
الله على ما يفرج كربتك قادر
(…..) ـ لم يكمل الأبيات
كما أنه كتب قصيدة في الجنة واشتياقه لدخولها بأذن الله قال فيها:
أشـواق
أشواق يا شوق لنا يا الحبيبة
هدية الرحمن في وقت الأحزان
طبع الولي تخفيف وقع المصيبة
وأنت علاج الريا في صورة إنسان
أشواق قلبي علته مستطيبه
عقب الحزن يرقص مع الناس طربان
وشهاد لو قال علينا طليبه
ما همني لو كل الأخصام قشران
ابوك قصر كلنا نلتجيبه
هو ليه ما نفرح ولو كان ما كان
اسعد خبر وسط الظروف الصعيبه
خبر وصولك دارنا دار الاخوان
يا مسير الأيام واللي تجيبه
يا مدبر المخلوق انسن مع الجان
أنك تفرج كربتي والتقيبه
واشوفها قبل القدر يخلف الشان
يقول في قصيدة اخرى:
يا الله يا خالق الناس من طين
محيي العظام البالية من كفنها
يا منزل الفرقان وعم وياسين
يا والي الدنيا برها مع بحرها
لي مطلبا يا والي العرش حرفين
نفسي ليا زارتك قليل عملها
أطلبك لطفك يا مدبر السلاطين
ان ما رحمت النفس محدن رحمها
هنيكم بأعمالكم يا المصلين
وعزي لنفسي كان جاءها قدرها
يا مضيعن دينك ويا الغافل الشين
دنياك هاذي لا يغرك زهرها
عمرك ترى محسوب يا صاحبي زين
ما فات يوما من حياتك نقصها
الرايح اللي راجحن بالموازين
عند الولي جنات نفسه عرفها
الشيخ عبدالمحسن المحمود قال: بان القاتل ـ رحمه الله ـ كتب رسالته في لحظة صدق مع ذاته وعتاب للنفس الأمارة بالسوء, كما انها ـ الرسالة ـ تحمل مضامين صادقة وعبرا لاولي الالباب, وكما جاء في الشرع الحكيم ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب .















رد مع اقتباس