البث المباشر ـ آثار وأخطار
رئيسي :أخطاء ومخالفات :
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،أما بعد،،،
لقد رأيت تباين الناس في البث المباشر، فمنهم من فرح بقدومه وأعد له الفراش والغطاء، وآخرون سلبيون كأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو من بعيد. والفرقة الناجية والفئة الصالحة هم الذين اقض هذا 'الغول' ، والشر الداهم مضاجعهم، فراحوا يبحثون عن سبل العلاج وطرق الوقاية، وأيديهم على قلبوهم خوفًا على أمتهم، وحماية لأنفسهم وأعراضهم. لهؤلاء كتبنا لهم هذه الكلمات، حبًا وإشفاقًا وبيانًا وإخبارًا. ولأولئك وجهن إعذارًا وإنذارًا، وعلّهم يتقون. ولليائسين نقول: [مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً] كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وابن ماجة .
أخي الكريم: نحن الآن بأمس الحاجة إلى العودة إلى الله تعالى لا إلى التمادي في العصيان لما نرى من المصائب التي تحل قريبًا منا-وما هي من الظالمين ببعيد- وما تلك المصيبة التي روعتنا وزلزلت قلوبنا عنا ببعيد!!
أخي الحبيب: هل عرفت الآثار المؤلمة، والعواقب الوخيمة التي تترتب على اقتناء هذا الجهاز؟ إن كنت لا تعرف فتلك مصيبة، وإن كنت تعرف فالمصيبة أعظم، وعلى كلٍ فقد كتبت لك هذه الآثار المفجعة؛ إشفاقًا عليك، ورحمة بك من نفسك، فالنفس داعية إلى العصيان.
آثار البث المباشر
الحقيقة أن آثار البث المباشر فوق الحد، ولكن سنذكر أبرز الآثار بناء على الحقائق والأرقام، فنحن لا نرجم بالغيب، ولا ننطلق من عاطفة خالية من الحقائق فإليك هذه الآثار:
أولاً: الأثر العقدي: من أخطر ما يجلبه البث المباشر زعزعة عقيدة الإسلام في نفوس كثير من الناس، فاليهود والنصارى قد جعلوا من أهدافهم إخراج المسلمين من دينهم، وزعزعة العقيدة في نفوسهم، وقد تحقق شيء من ذلك عبر وسائل كثيرة من أبرزها التلفاز، ولننظر في هذا التقرير الذي صدر عن اليونسكو - والحق ما شهدت به الأعداء-:'إن ادخال وسائل إعلام جديدة وخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية، أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين، وممارسات حضارية كرسها الزمن'.
ويمكن تلخيص الآثار العقدية بما يلي:
1ـ زعزعة عقيدة المسلمين، والتشكيك فيها حتى يكون المسلم في حيرة واضطراب.
2ـ إضعاف عقيدة الولاء والبراء والحب والبغض في الله: إن استمرار مشاهدة الحياة الغربية، وإبراز زعماء الشرق والغرب داخل بيوتنا، والاستمرار في عرض التمثيليات والمسلسلات؛ سيخفف ويضعف من البغض لأعداء الله، ويكسر الحاجز الشعوري فمع كثرة الامساس يقل الإحساس، والله يقول:}لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...[22]{ [سورة المجادلة].
ومن أمثلة ذلك: تعلق الناس ببعض مشاهير الكفار كلاعبي الكرة، وبعض المغنيين، وعارضات الأزياء والممثلين ... وكل ذلك على حساب عقيدة المسلم وتعلقه بدينه.
3ـ تقليد النصارى في عقيدتهم: وذلك باكتساب كثير من عاداتهم المحرمة التي تقدم في عقيدة المسلم، كالانحناء عند التحية للجمهور في المسرح، وتقليدهم في اللباس، وطريقة الأكل، وحتى قص الشعر، إلى غير ذلك من صنوف التشبه المحرمة: [ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ]رواه أبوداود وأحمد.
4ـ ومن أخطر الآثار العقدية الدعوة إلى النصرانية عبر البث المباشر: وأقرأ هذه الأخبار لتعرف الحقيقة:
· يستعد الفاتيكان لبناء محطة تلفزيونية كبيرة للبث في كافة أنحاء العالم للتبشير بتعاليم الإنجيل بواسطة ثلاثة أقمار صناعية تسمى بمشروع نومين [2000] مع العلم أن القمر الواحد يغطي ثلث مساحة الكرة الأرضية.[ الحاجة إلى تنسيق وتكامل إعلامي ـ حمود البدر ص19.].
· عقد في هولندا اجتماع عالمي للتنصير حضره [8194] منصر، من أكثر من مائة دولة، وكلف [21] مليون دولار، برئاسة المنصر [جراهام بيلي]، وقد تحمل نفقات هذا المؤتمر منظمة سامر تيان برس، وهدف المؤتمر دراسة كيفية الإفادة من البث المباشر في التنصير.[ مجلة رابطة العالم الإسلامي [290].] .
هذه بعض آثار وأخطار البث المباشر على عقيدة المسلمين وقد لا تبدوا تلك الآثار سريعة، ولكن مع الزمن والتكرار يحدث الأثر، وأذكرك أخي بقول الله عز وجل:}وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[120]{ [سورة البقرة].
ثانيًا: الأثر الثقافي والعلمي: ذكر د/ حمود البدر أن الأبحاث والدراسات أثبتت أن بعض التلاميذ في البلاد العربية عندما يتخرج من الثانوية العامة يكون قد أمضى أمام التلفزيون [150,000] ساعة بينما لم يقض في حجرات الدراسة أكثر من [10,800] ساعة على أقصى تقدير.[ الحاجة إلى تنسيق وتكامل تربوي ص13]. هذا مع أن هؤلاء التلاميذ لا يشاهدون إلا قناة، أو قناتين، فكيف إذا أتيحت لهم مشاهدة عدة قنوات دون حسيب أو رقيب؟! لهذا فإن البث المباشر يشكل خطورة على ثقافة الأجيال القادمة متمثلاً بما يلي:
1ـ إضعاف مستوى التعليم لدى أفراد الأمة، وقد أجريت دراسة عن أثر التليفزيون على تحصيل الطالب فأفاد 64% ممن شملتهم الدارسة أنه يشغل عن التحصيل والاستذكار.
2ـ تلقين مفاهيم جديدة.
3ـ شيوع الخمول والكسل وعدم الجدية، وبخاصة أن أشد البرامج إغراء ليلتي السبت والأحد وهما من أيام الدراسة في البلاد العربية، أضف إلى ذلك السهر الذي سيؤثر على بعض الطلاب، لأن وقت عرض البرامج المغرية في أول الليل هناك، يكون الوقت عندنا متأخرًا.
وأختم هذا الجانب بهذه الحقائق:
شكت وزيرة الثقافة اليونانية [ملينا ميركوري] من أن بلدها قد دهمته الثقافة الأمريكية[أقمار الفضاء غزو جديد، ص52]. وشكى رئيس وزراء كندا [بيار ترونو] من تأثير الثقافة الأمريكية على الشعب الكندي[السابق].
إذا كانت هذه حال القوم وشكواهم مع أن الدين واحد فكيف بنا نحن المسلمين؟! وماذا ستكون حالنا من الثقافة الوافدة؟
ثالثًا: الأثر الأمني: إذا كان للأفلام تأثيرها السلبي على الأمن في بلد من البلدان، فكيف تكون الحال مع أفلام الغرب المنحل والشرق الملحد، عبر البث التليفزيوني المباشر، وإذا كانت الدول تعتبر أن سقوط الإذاعة يعني سقوط الدولة، ولذلك أول ما يحرص عليه الذين يقومون بالانقلابات السيطرة على الإذاعة والتلفزيون، ويظهر الأثر الأمني في عدة صور منها:
1ـ الاضطرابات: فقد ذكر تقرير صادر من اليونسكو ما يلي: إن إدخال وسائل إعلام جديدة- وخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية- أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين، وممارسات حضارية، وغالبًا ما يصاحب فوائد الاتصالات الحديثة سلبية يمكن أن تشيع الاضطرابات بدرجة كبيرة في النظم القائمة.
2ـ الجريمة: قال الطبيب النفسي 'استيفن بانا' الأستاذ بجامعة كولومبيا:' إذا كان السجن هو جامعة الجريمة، فإن التلفزيون هو المدرسة الإعدادية للانحراف'. وذكر د/ حمود البدر أنه من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على [500] فيلم طويل تبين أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72% منها، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مائة فيلم وجود [169] مشهد جريمة أو محاولة قتل. بل إنه وجد في [13] فيلمًا فقط [73] مشهدًا للجريمة[الحاجة إلى تنسيق وتكامل تربوي، ص14]. ألا تكفي هذه الحقائق لبيان الخطورة الأمنية لهذا الجهاز المدمر؟!
رابعًا: الأثر الأخلاقي: من أخطر ما يخشى أن يؤثر فيها البث المباشر أخلاق الأمة وسلوكها:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ومن أبرز ما خلفته الأفلام من شرور خلال السنوات الماضية ما أحدثته من خلل كبير في أخلاق الرجال وأعراض النساء، ويتخذ هذا الخلل عدة صور من أبرزها:
1ـ شيوع الرذيلة وسهولة ارتكابها حتى تصبح أمرًا عاديًا.
2ـ تفجير الغرائز والبحث عن سبل غير شرعية لتصريفها؛ وذلك لما يرد في الأفلام من عري فاضح مع التركيز على اختيار أجمل النساء وعرض مفاتنهن.
3ـ تعويد الناس على وسائل محرمة هي بريد للفتنة وسبيل إليها، كالخلوة والاختلاط، والمغازلة.
4ـ الدعاية لأمور محرمة تؤدي إلى الانحراف، كدعايات شرب الخمر، والمسكرات بجميع أنواعها.
5ـ بث الأفلام الدعائية التي ترغب المشاهد في السفر للخارج مع ما يحدث هناك من أضرار.
6ـ بعض الأفلام تدعو إلى المخدرات بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، ومن الأدلة على ذلك فيلم 'الباطنية' المشهور وحتى تتضح لك الصورة جلية وواضحة:
يقول د/ بلومر: 'إن الأفلام التجارية التي تنتشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في معظم موضوعاتها، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة من الأفلام، وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون.
وتبين من خلال دراسة أجرتها هيئات أوروبية متخصصة أن متوسط مدة الإرسال التجاري اليومي 9 ساعات تتوزع كما يلي: من 75% إلى 80% مواد وبرامج تسلية من 5% إلى 10% برامج ثقافية ووثائقية، 5% تخصص للمعلومات، من 2% إلى 10% برامج موجهة للشباب ورياضة. ومن أجل توضيح خطر برامج التسلية والترفيه لنقرأ ما قاله الأستاذ عبد الرحمن العبدان:'برامج الترفيه والتسلية ومعظمها ـ إن لم يكن جميعها- لن تكون ملتزمة، وهذه سوف تنقل للشعوب المشاهدة كثيرًا من العادات غير الحسنة التي تتنافى مع القيم الإسلامية، خاصة وأن هذه البرامج قد تشد الشباب والشابات بحيويتها، وعصرية إعدادها، وجودة عرضها، وتدفعهم للإعجاب بها دون إدراك لخطورتها، وبالتالي التأثر بها، وهذا مكمن الخطورة- ويواصل قائلاً-: ولست بحاجة لشرح الآثار السلبية على ذلك وما فيها من الهدم وتدمير السلوك'[جريدة الرياض عدد8450].
ومما تجدر الإشارة إليه مما يشكل خطرًا على الأخلاق وبخاصة على النساء والأطفال، موضوع الدعايات التلفزيونية مع العلم أن هناك قنوات غربية متخصصة في الدعاية التجارية فقط، ولندع الأرقام تتحدث: قام د. سمير حسين بإعداد دراسة حول:'برامج وإعلانات التلفزيون كما يراها المشاهد والمعلنون' توصل فيها إلى ما يلي: 98,6% من الأطفال يتعرفون على المشروبات المعلن عنها بسهولة. ونحن نعلم أي مشروبات سيعلن عنها في البث المباشر
96% قالوا: إن هناك إعلانات يحبونها، ولذلك تجدهم يحفظن نص الدعاية ويقلدون المعلق [التلفزيون لمروان كجك، ص157]. ويقول د/ محسن الشيخ: من أخطر البرامج المقدمة من خلال الشاشة الصغيرة هي الإعلانات التجارية؛ لأنها قصيرة ومسلية، وتحمل رسالتها إلى الأوتار العقلية فتوقظها.
خامسًا: الأثر الاجتماعي: إن للأفلام والمسرحيات تأثيرها الفعال في تغير كثير من السلوكيات الحميدة، ولا شك أن الانفتاح على القنوات العالمية سيزيد من هذا التأثير السلبي، ويتمثل الأثر الاجتماعي الذي يتوقع أن يحدثه البث المباشر بعدة صور من أهمها:
1ـ التأخر في الزواج، وتفشي الطلاق، ومحاربة تعدد الزوجات، ولقاءات الفتى والفتاة بعد الخطبة وقبل العقد برضي الأهل.
2ـ انصراف المرأة للأزياء العالمية، وآخر صيحات الموضة، وتقليد المرأة الغربية في كثير من أسلوب حياتها، كالخروج من المنزل ومحادثة الرجال.
3ـ سيطرة المرأة على الرجال، وضعف القوامة بدعوى الحرية وتساوي الحقوق.
4ـ دخول كثير من العادات الغربية إلى بيوت المسلمين والإعجاب بالنمط الغربي للحياة.
5ـ ضعف القيام بحقوق الوالدين، وقطع الأرحام، وتفكك الأسرة، وإهمال حقوق الجيران.
6ـ إبراز أبطال لا حقيقة لهم على حساب أبطال الإسلام وسعى الفرد لتقليد هؤلاء، ومثال ذلك: إبراز اللاعبين، والممثلين، والفنانين، على أنهم أبطال، حتى أصبحوا هم المثل الأعلى لكثير من الشباب والفتيات.
وهناك أضرار اقتصادية، وسياسية، وصحية، وأمر لا يجوز أن نغفل عنه لعاقبته المخيفة وهو: ارتكاب ما حرم الله، مما يكون سببًا لغضب الله ونقمته علينا ويتمثل ذلك في الآثام التالية:
1- النظر إلى ما حرم الله وبخاصة صور النساء الفاتنات المفتونات.
2- سماع الغناء والموسيقى ونحوهما.
3- تربية الأهل والأولاد على ما حرم الله.
4- عدم إنكار المنكر مع القدرة على ذلك.
5- إنفاق المال في المعاصي، وذلك كفر للنعمة وسبب لحلول النقمة.
6- إهدار الوقت في غير طاعة الله بل في معاصيه.
والحقيقة أن آثاره المفجعة يصعب حصرها، ولكن قد يقول قائل: لقد فصلت في الآثار السلبية، وبيان خطورة البث المباشر، أليس له منافع؟ ولماذا لم تذكرها؟
فأقول: منافع البث المباشر لا تعد شيئًا في مقابل السلبيات والأخطار، ومن المعروف أنه ليس هناك شر محض، ولكن بعد التأمل في تلك المنافع، التي ضُخِّمت أكثر من حقيقتها؛ وجدتها ينطبق عليها قوله تعالى:}يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا...[219]{ [البقرة]، وقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ [المائدة:90].
ومن قواعد الشريعة أن:'درء المفاسد مقدم على جلب المصالح' وكذلك من القواعد:'سد الذرائع' وقد نهى الله عن سبِّ الأصنام إذا كان سبُّها سيؤدي إلى سبِّ الله جل وعلا:}وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ...[108]{ [الأنعام].وامتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام خشية حدوث فتنة؛ لأن قريشًا حديثة عهد بالإسلام.
ومنهج المؤمن الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم هو ما جاء في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ] رواه البخاري ومسلم.
فاتق الله يا عبد الله، وتذكر قول الشاعر:
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
فهلا تذكرت أخي يومًا قال الله فيه: }يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ[88]إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[89]{ [الشعراء].
وتذكر يوم العرض على الجبار ليس بينك وبينه ترجمان، وبدأ يقررك بذنوبك، فهل أعددت للسؤال جوابًا وللجواب صوابًا؟! وتذكر يومًا تتطاير فيه الصحف مِنَّا مَنْ يأخذها بيمينه، و مِنَّا مَنْ يأخذها بشماله، فممن تحب أن تكون؟
ولا تنس أخي أننا سوف نسأل عن أربع:عن أعمارنا فيما أفنيناها! وعن شبابنا فيما أبليناه ! وعن علمنا ماذا عملنا به ! وعن أموالنا من أين اكتسبناها وفيما أنفقناها !
أخي .. إني أناشد عقلك وقلبك: إن أمتنا المنكوبة يكفيها ما أصابها من جراح وآلام، فهل من مداواتها وإنقاذها من الهلاك والدمار أن نحضر إلى بيوتنا هذا الجهاز المدمر؟! هل ستعود هذه الأمة يا أخي على مجدها وكرامتها بإحضارنا هذا الجهاز الذي عرفت آثاره وأخطاره.
إنك تعلم في قرارة نفسك أنه لن يصلح حال أمتنا إلا بما صلح به أولها، فهل صلح أولها بتخليهم عن دينهم، وانغماسهم في شهوتهم وملذاتهم؟! أم جعلوا نهارهم صيامًا، وتدربًا على الرماية، وسعيًا في الرزق، وجعلوا ليلهم دعاءً وتهجدًا واستغفارًا.
فيا أخي: إن باب التوبة مفتوح، ورحمة الله واسعة، فهل تسير في ركاب التائبين إلى ربهم؟! وهل سوف تجد هذه الكلمات مكانًا في قلبك!! أسأل الله تعالى ذلك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
من رسالة:'البث المباشر:آثار وأخطار' للشيخ/ محمد بن عبدالله بن صالح الهبدان