وقد جاء في كتاب " رحلة في بلاد العرب " للمؤلف موريس تاميزية عام 1241هـ قال: هذا المكان يحمل اسم ليه إنني على وشك القيام بتفحص الظروف البيئية المحيطة لأتمكن من تقديم وصف لها. هنا أقف على رأس جبل مجاور، ومعي بوصلة وناظور من صنع إنجليزي. يتجه هذا الوادي – وادي ليه – من شرق الشمال الشرقي إلى غرب الجنوب الغربي، ويمتد على بعد مسيرة يوم في الاتجاه المذكور آنفا. وتغطي السطح حدائق وحقول مزروعة فيها عدد كبير من الينابيع والآبار التي تزود هذه الحقول والحدائق بالمياه الضرورية لإروائها. ومن على المطل الذي أقف عليه، استطعت أن أرى باتجاه الغرب والجنوب الغربي قلعة محمية بأبراج مبنية على قمم التلال تقع على جانب الطريق نفسه الذي سلكناه الليلة الماضية. وكان بإمكان هذه القلعة حماية ذلك الطريق بكل سهولة شريطة أن تكون مؤمنة بالمدافع .
إن الطريق إلى هذه القلعة محفوفة بالأشجار والحدائق على غرار النمط الموجود بالطائف، حيث تبدو وكأنها معلقة بالقلعة نفسها . وإلى الشمال توجد أعداد قليلة من الأكواخ المتناثرة منتشرة فوق الأرض .
أما بالنسبة للجبال المحيطة بهذا الوادي فإنها جرداء بشكل مخيف، ولم يكن للجمال بد من الركون إلى أشجار السنط ذات الأطراف الحادة، حيث أصبحت أفواهها مغطاة بالدماء لحدة أطراف هذا النوع من الشجر .
وعلى امتداد كل أجزاء هذا الوادي المستصلحة زراعيا، ترتفع الأرض فوق منسوب مجاري المياه التي تندفع مياهها بشدة في مواسم الأمطار الغزيرة، وقد بنيت العقوم من الحجارة للحيلولة دون شدة هذا الاندفاع .
أما طريقة الزراعة، فإنها مماثلة تماما لما هي الزراعة في الطائف. وفي شرق الوادي بئر محفورة يتدفق منها ماء عذب فرات بغزارة، كما يوجد نهير جار من الغرب باتجاه الشرق. أما بالنسبة لأماكن الشرب العامة التي يتزود مها الجيش بما يحتاجه من مياه، فإنها تقع على عمق ثلاثة أقدام فقط من السطح. ومع ضخامة ما استهلك الجيش من مياه فإنها كانت كافية لتغطية احتياجه. وبالنسبة لبدو ليه، فإنهم يملكون أعدادا كبيرة من الهجن ولا يحسنون استخدام الأرسن لقيادتها وإنما يستخدمون عوضا عن ذلك رؤوس رماحهم لتوجيهها وبعض هذه الإبل سوداء وهي من صنف نادر في جزيرة العرب .
وقد قدم عدد من شيوخ المناطق المجاورة للسلام على أحمد باشا الذي استقبلهم بكل عطف وترحاب وقدم لهم هدايا عبارة عن أردية حمراء وخضراء، فالذين قدمت لهم أردية الجوخ الحمراء أبدوا عظيم اعتزازهم بهذا اللباس المميز، أما الآخرون الذين قدمت لهم أردية الجوخ الخضراء فقد بدا عليهم عدم الارتياح أو عدم الرضا. و قد غادر هؤلاء الشيوخ مقر الباشا بعد فترة وجيزة ممتطين جمالهم عائدين سراعا إلى أوطانهم . لاحظت هنا في ليه عددا من العبيد السود من الجنسين. كانت الرياح الشمالية تهب طوال النهار، وسجل مقياس الحرارة الدرجات كالتالي:
عند شروق الشمس 19ْ
في الظهر 30ْ
عند الغروب 24ْ