مع سيادة الأسد نسبياً / فارس بن حزام
المختصر/
العربية نت / من الاختباء في غرفة النوم إلى البطولة خلف المايكرفون، جاء يحدثنا عن النصر. طوال شهر الحرب وسيادته يلتزم الحياد والصمت، وحين صمتت المدافع وهدأ أزيز الطائرات أطل علينا كعادته أمام جمع مهني ليحكي لنا عن المقاومة والنصر. لا أعلم سر الغياب الذي فرض على سيادته، وبدوره فرضه على قيادي "حماس" خالد مشعل، إلا من حديث للأخير لم يندلق من حنجرته إلا حين تبين للعالم أن اسرائيل ستفشل في تحقيق هدفها على الأرض.
سيادته أطبق على فيه تجنباً لرصاصة تصل إلى دمشق وعاد متحدثاً عن المقاومة والنصر، وسيادته قبل الحرب لم يحدثنا عن الطائرة الاسرائيلية التي ألقت عليه التحية من فوق قصره في اللاذقية، أمام صمت آخر كانت بطولته لمصدات الدفاع الوطنية.
تصريحات منتهية الصلاحية، أو كما يقال ذهب حاجاً بعد أن عاد الحجيج، أتى صاحب السيادة متوشحاً عباءة النصر، حاجاً إلى كعبة المقاومة بعد موت الحجيج.
من عادة التصريحات الحربية أن تأتي والمعارك محتدمة، لكن أن يخرج الرئيس من غرفة نومه بعد أن ينفض غبار المعركة ليعلن موقفه منها، فإنها أشبه بحياة تجار الخرد الذين يتلقفون ما بقي من الغنائم.
لساعة وربع من الثرثرة المكررة - النصف الثاني كان تكراراً لما جاء في الأول - استعرض سيادة الأسد بطولة جديدة؛ بطولة اختطاف النتائج من الآخرين. نفهم أن يتحدث سيادته لساعة وربع لو كان له غير حديث أو حضور فاعل في الحرب، لكن أن يأتي بعد كل هذا محاولاً خطف النتائج، فهي المحاولة التقليدية لبعض أعضاء الأندية الرياضية الذين لا يعرفون أنديتهم إلا في احتفالات نهاية الموسم.
من ثرثرة سيادته: "المقاومة الوطنية اللبنانية ضرورية بمقدار ما هي طبيعية وشرعية وشرعيتها تاتي من كون الاعتداءات الاسرائيلية لم تتوقف"، وعلى ضوء هذه الرؤية يضيف: "المقاومة الوطنية اللبنانية سطرت بدمها وتضحيات ابنائها ملحمة خالدة في حياة الامة وحطمت اسطورة الجيش الذي لا يقهر ودفنت تحت اقدامها سياسة الاستسلام والهوان".
وفق هذا الرأي يا صاحب السيادة، وإن كنت تنازلت عن مزارع شبعا للبنان، فإن الجولان تناديك، فأدفع بجندك إلى الجبهة وحرر أرضك، ولا تزايد على أراضي الآخرين، فلبنان له أهله وجنوده ورجاله و"مقاوميه".
نسيت أن أشير إلى أن الحرب شهدت بعض التحرشات الاسرائيلية، ولكن المقاوم الكبير وصاحب ثرثرة الساعة والربع تجاهلها، وجنح إلى السلم والعقلانية والهدوء، وهذه التصرفات/ الصفات الثلاث هي ذاتها التي عابها على دول شقيقة له كانت تنادي بالعقلانية ولم تبارك اشعال الحرب من قبل "حزب الله"، وهي الحرب التي يفسر النصر فيها كل طرف حسب مفهومه.
تحديداً، صاحب السيادة نسبياً، كان عقلانياً وهادئاً وجانحاً إلى السلم كي لا يشعل المنطقة ويدخل في حرب ستكون بين دولة ودولة، والنتائج ستكون محسومة ومغايرة لحرب بين دولة وتنظيم/ حزب. لم تختلف دولة صاحب السيادة عملياً عن الدول الأخرى، الفرق الوحيد في الصراخ والثرثرة بعد المعركة.
لعل من حسن حظ السيد حسن نصر الله أنه استعجل آخر تسجيلاته المرئية، وأظهرها البارحة، قبل أن يخطف صاحب السيادة المشهد، ويجير البطولة إلى مقاومته المايكرفونية والمخضبة بتصفيق الصفيق.
ما يبدو أن الحرب تعيش هدنة مؤقتة وليس توقفاً، والأيام تنذر بما هو أسوأ مع عدو اسرائيلي لا يعرف تاريخه سوى القذارة والدماء، وكل ما أخشاه أن لا ينتظر تجاوباً سورياً لتحرشاته المستمرة، فيطلقها حرباً جديدة، ولذا قد تكون إشارة صاحب السيادة في كلمة الساعة والربع إلى أن سوريا "لا تطلب من أحد أن يحارب نيابة عنها" معبرة إلى حد ما عن هذه التنبؤات المتشائمة، لكن سيادته استعجل في رفع الحرج عن الدول العربية كي لا تسانده، لأنه يملك القوة لصد أي عدوان ودحر كل معتدي وهزيمته، ولنا في طائرة قصر اللاذقية خير مثال.
التوقيع |
قال الشافعي رحمه الله: أركان الرجولة أربع: الديانة والأمانة والصيانة والرزانة.
قال الخليل ابن أحمد: التواني إضاعة, والحزم بضاعة, والإنصاف راحة, واللجاجة وقاحة.
اللهم أنصر من نصر الدين وأخذل من خذل الدين |