الكاتب
خالد يوسف
ما الذى يعنيه اغتيال الزرقاوى ، أردنى الأبوين ، مصرى النشأة فى أرض الرافدين ، وجهاده السابق على الاغتيال على الأرض الأفغانية ؟! وما الذى يعنيه وجود آلاف المجاهدين من كل الأقطار العربية والإسلامية ، فى كل أرض عربية وإسلامية تتعرض للهجوم الغربى والاحتلال ؟! هل يعنى هذا عالمية " الإرهاب " كما يقول السفاحون فى واشنطن وباريس وروما وبرلين وأمستردام وتل أبيب .... ؟!
نعم لم "يستشهد" الزرقاوى على الأرض الأردنية ، وهو أردنى .. ولكنه قتل غيلة على أرض إسلامية وهو مسلم .. ومهما أنكر الأعداء على المسلمين هذا الحق .. فهو حق !!
وحدة الهجمة.. هل هى أمر مجهول ؟!
إن الغرب المادى الصليبى يعلن صباح مساء وفى اجتماعات علنية .. بل ويدعونا نحن أيضا ! إلى التجمع لبناء قوة عالمية لضرب الإسلام والمسلمين ، وقد قالها أكثر من قائد من قواد الحملة العالمية على الإسلام صراحة ، وإن بنوا دعايتهم على شعار " الحرب على الإرهاب " ، وهم الآن فى حلف شمال الأطلسى مجتمعون يخططون لموجات الهجوم القادمة ، وهم يفعلون ذلك على مساحة الأرض بطولها وعرضها ، متخطين الدول والسيادة والقانون الدولى المزعوم ، وهم يستخدمون فى هجمتهم هذه كل الأساليب والوسائل المحرمة قبل " المشروعة " ، ويرتكبون فى سبيل تحقيق أهدافهم كل الجرائم المنصوص عليها فى القواعد التى وضعوها بأنفسهم ، بل وجرائم جديدة باتت تحتاج إلى إعادة النظر فيما يطلق عليه القانون الدولى ، ومعاهدات الحروب ، واتفاقية جنيف لحقوق الأسرى والمدنيين تحت الاحتلال ، وهم يشكلون القوات على مرأى ومسمع من العالم كله من كل الجنسيات لغزو بلداننا الإسلامية ، فعلى أرض العراق المحتل وحده تواجد مايزيد على الثلاثين جنسية ضمن قوات الاحتلال ، وفى أفغانستان شارك " الناتو " كحلف وشاركت أطرافه كل منها منفردة إضافة إلى عشرات الدول ، وها هى إنجلترا ترسل المزيد من قواتها إلى الأراضى الأفغانية المحتلة ، وحتى تلك البلاد البعيدة والتى لا يكاد أهلها يعرفون أسماء بلادنا أو مكانها على الخريطة لم تستثن ، فالأستراليون والكنديون واليابانيون ... إلخ يشاركون كل بنصيب فى ضرب الأمة الإسلامية ، ولم ينحصر الهجوم على الأراضى الإسلامية وحدها ، ولكن الهجمة الشاملة قد استهدفت المسلمين فى كل بلاد المعمور ، حتى تلك التى لا يمثل المسلمون فيها إلا نسبة ضئيلة ، ولم تقف الهجمة على البشر وحدهم ، سواء فى البلاد المسلمة أو على أرض الغربة ، بل طالت كل ما هو إسلامى من عقيدة وأشخاص ومقدسات وشريعة ، وتأتى حملة الرسوم البذيئة التى تناولت خير خلق الله " صلى الله عليه وسلم " ، لا لتثبت ما نقول فحسب من حيث مشاركة كافة المنظومة فى الهجوم .. فالدينمارك ليست دولة مذكورة .. ولكن أيضا لتثبت شمولية هذا الهجوم وتخطيه لكل الأطر والحدود ، وليس الحدود الجغرافية وحدها .
وحدة المواجهة .. الإنجاز الأهم " أمة واحدة "
منذ أن تداعت الخلافة الإسلامية ، والعدو يمارس لعبة التفكيك والانفراد بكل فريسة معزولة ، يقطعها على مهل ، ويلوكها بتأن ، ويبتلعها فى هدوء ، وقد ساهمت لعبة الحدود ، والدولة الوطنية فى تأكيد التباعد بين أبناء الأمة ، إلا أن الصحوة التى استدعتها الهجمة الشاملة على الأمة ، قد طرحت المفهوم الصحيح للمواجهة .. فلماذا نترك للأعداء اختيار مكان المعركة وزمانها وتحديد سلاحها وأطرافها ؟! ومادامت ساحة القتال قد شملت العالم كله .. فلماذا لا تكون الضربات الموجهة للأعداء ساحتها هى العالم كله ؟! ولماذا لا تكون حيث لا ينتظر ؟ وفى أضعف حلقاتها أو أقواها ، وفقا لظروف القوى الضاربة ، وظروف الصراع الكلية ؟ ولماذا يقتصر جيش المقاومة فى هذه الساحة أو تلك على المقيمين فيها ؟ لماذا لا تحتشد قوات المقاومة فى المكان والزمان الملائمين لتوازنات القوى بيننا وبين العدو ؟
وقد كانت الإجابة على هذه الأسئلة بإمكانية كل ذلك وجوازه ، هى النقلة النوعية الكبرى منذ تداعى الخلافة ، خاصة فى ظل سيطرة نخب واهنة الإرادة على جل مقدرات الأمة .. ولذلك فإن الملاحظة الأهم هى أن حركة المقاومة استطاعت أن تحقق مواقع متقدمة ، بل وأن تنتصر إرادتها على إرادة الأعداء فى الأراضى والبلدات التى أسقط فيها الأعداء أو ظروف الصراع الحكومات القابضة على السلطة .. وأصبحت هذه الأراضى ساحات لعمل المجاهدين من أبناء الأمة من كل بلدانها ومناطقها .. وهذا حق للأمة وأبنائها .. بصرف النظر عن قيام الأعداء بالمثل .. بل هو واجب على كل قادر أن يدافع عن الأمة ضد كل عدوان عليها ، ولأن هذا المفهوم هو وحده القادر على جمع شتات الأمة وتسليحها بالقدرة على المواجهة ، فقد بنيت دعاية الأعداء وأعوانهم على تأجيج الروح الإقليمية ، والعرقية ، والمناطقية .
نعم إن المسلمين أمة واحدة ولو كره الكافرون .. وقد جسد "استشهاد" الزرقاوى الأردنى المصرى الأفغانى على أرض الرافدين هذه الحقيقة المتنامية والأزلية ، كما جسد حقيقة الإنجاز الأهم للنهضة الإسلامية الأخيرة ، وهو بلا جدال إدراك المسلمين لعالمية المواجهة وشموليتها ، ولضرورة وحدة العمل الجهادى للتصدى لاتحاد الغاصبين ، وأن أرض الإسلام ـ كل أرض الإسلام ـ هى مسؤولية كل قادر من المسلمين ، فالخرائط التى وضعتها سايكس / بيكو ليست مصدر المشروعية أو المصداقية لأخوة المسلمين ووحدة أراضيهم .