" ساعدة " هذا الاسم وبهذه الصيغة لايختلف عليه اهل بقعاء الاساعدة انه نسبهم الصافي من نسل روق .
والاساعدة يعتبرون بقعاء ملك لهم ولأجدادهم اخذوها عنوة وبالسيف وحتى هذا الوقت فاهلها وعلى قلتهم بين القبائل المجاورة لهم في الوقت الحاضر الا ان حدود ديرتهم بقعاء متسعة الاطراف فارغة الاركان ولكن لايطأها واطي الا وطأ على عنقه ... وهي متسعة في كل اتجاه فمن الشمال يحدها "القليبة" وسط النفود الى "جبل جلدية " في الجنوب ويحدها غربا "ام رقاتين" والى الشرق جبل الشرقية وهو الفاصل بينهم وبين الجعفر من شمر ومن سكن من شمر بين هذه الحدود الاربع فهو لايعدو عطاء من اهل بقعاء .
دعنا اخي الكريم نعود الى الوراء كثيرا فنرى من كان يسكن هذه المناطق قديما قديما قبل الفارس المرهوب ابن حتيرش .
يقول القلقشندي في كتابه قلائد الجمان " . قال الحمداني ...قال في مسالك الأبصار : ومنهم طائفة بطريق الحجيج البغدادي مياههم اليحموم والنصيف والكمن والمعينة وهي مياه البطنين ، ومياه الأجود لينة والثعلبة وزرود . قال : وذكر لي نصر بن برجس أن دار آل أجود منهم : الرخيمة ، والرقبا ، والفردوس ، ولينة ، والحدق . وديار آل عمرو بالجوف ، وديار بقاياهم النصيف ، والكمن ، واليحموم ، والأم ، والمعينة . قال : ويليهم ساعدة وديارهم من الحضر الى برية زرود ، وإلى سقارة وإلى بقعاء والى التيب ، إلى الساسة إلى حضر" أ.هـ
لاحظ ذكر ساعدة عند الحمداني في القرن السابع هـ وتواجدهم في بقعاء و زرود نفس الديار ونفس المسميات وعبر الزمان فمن هؤلاء غير ساعدة روق عتيبة من غزية جشم كما اثبت ذلك نسابة العرب العارفين. وهنا وقفة عند الحمداني الذي اصاب في تحديد الاماكن واهلها ولكنه اخطأ عندما نسب غزية وروق دون اكتراث الى طي القحطانية ومن ثم زل معه من بعده الذين نقلوا منه كابن خلدون في تاريخه و المغيري في المنتخب وابن عقيل الظاهري حديثا الذي نقل من المغيري ونسب كل روق عتيبة في قحطان .
راجع كتاب قلائد الجمان وراجع كتاب تاريخ عتيبة للاستاذ الكبير هنيدس الروقي .
ولو عدنا للصنعاني العدناني 613 هـ وهو اعلم واقدم من الحمداني واعلم بنسب قومه نجده يصف ديار غزية التي منهم الاساعدة ويفتخر بهوازن في قصيدة له ويقول :
وان ادعو في عليا هوازن تاتني *** قبائل ازكى حين تنمى وتحسب
غزية نيران الحروب ومنهم *** فوارس خطارون والنقع أشـهب
لهم ما حوى شط العـراق مشرقا *** إلى حيث تحويه السـرار فغربو
انظر الى اتساع الرقعة الهوازنية وبسط النفوذ من الحجاز وحتى العراق وهو طريق الحاج الذي لم يكن ليأمن ويهدأ لولا وجود هذه القبيلة ترعاه على عكس مايشاع ويبالغ ويكذب ومن ثم تعسف احداث النهب في تلك المنطقة لتعمم على هذه القبيلة العظيمة ووقفاتها التاريخية الاسلامية عبر الازمان !! ولهذا الطريق وعلاقة الاشراف الحكام السياسيون بهوازن ما يبرر تواجد ساعدة غزية ( الاساعدة ) في تلك المناطق .
وعتيبة كان لها السند القوي بعد الله على يد الشيخ حمود ابن ربيعان 1212 هـ لدعوة ابن عبدالوهاب في بدايتها حيث تخلى الشيخ ابن ربيعان عن الشريف غالب لما رأى تناحر الاشراف بينهم وضعف الاسلام وكثرة البدع بالحجاز وكان الدين يسري بعروقه وكأنه - والله اعلم - دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام يجري في دماء هوازن عندما دعى لهم " لعل الله ان يخرج من اصلابهم من يعبده وحده لا يشرك به شيئا....." وهكذا ولله الحمد كان وانظر الى قصة مرجعه عليه السلام من الطائف وقسمة غنائم هوازن وكيف كان النبي يكن المودة لهذه القبيلة رجاء ان تأتيه مسلمة بل تنازعت بعض القبائل مع رسول الله بشأن هوازن وهذا حالها حتى وقت قريب عدا المهاجرين والانصار وبنو سليم وانظر الى تاريخ ابن كثير ج4 عن مرجعه عليه السلام من الطائف وقسمة غنائم هوازن.
واستمر هذا العطاء من عتيبة على الرغم من خطورته الدموية وهي بادرة جريئة وحازمة من ابن ربيعان ان يتخلى عن الاشراف الرفقاء السياسيين وكما قال الملك حسين - وهو من نسل الاشراف - في مذكراته " لقد فقدنا الحجاز عندما فقدنا عتيبة " وغيره كثير ولا ينسى سلطان الدين ووقوفه المشهود مع الملك عبدالعزيز على رغم ماحصل وقبله تركي ابن حميد وغصاب بن شرعان العتيبي امير جيش الدرعية ضد الالباني ابراهيم باشا.
هذه مسيرة تاريخ وحتى يفهم هذا التاريخ دون اضطراب فيجب ان يقرأ مع استحضار الاحداث الجسام التي حصلت في كل حقبة وربطها بما نقول من احداث تاريخية مثل نزول الاساعدة الى بقعاء بقيادة سعد ابن حتيرش كما تقول اخي الكريم يابن عمي . لو اخذنا تاريخ عتيبة عبر القرون لوجدنا انه مر بازمات ومد وجذر وكما قال الاستاذ هنيدس الروقي "ان اصعب حقبه لهوازن هي ما بين 420هـ وحتى 850هـ " وهو مابعد هجرة معظم هوازن بقيادة بني هلال الى افريقيا . وهذه الهجرة احدثت فراغا سياسيا وعسكريا مما جعل بقايا هوازن تتحد باسم عتيبة وتتداخل مع احلاف كحلف شبابة وحلف ال فضل الطائي . والذي ربما يفيد في البحث هنا ان غزية جشم دخلوا حلف مع آل فضل الطائيين في القرن السابع والثامن والتاسع وهذا ماجعل الحمداني وهو موظف لدى المماليك بمصر يجمع الزكاة من العرب ان ينسب فروع غزية جشم في غزية طي . فهل هناك غزية لطي اصلا ؟ لايوجد ! ومن يقول انه يوجد ويثبت بالدلائل فقد باء بها واعيا اهل التاريخ ويستاهل مني جوال ابو كامره بلوتوث

.
يقول هنيدس الروقي بالادلة والبراهين : هذا الحلف ( حلف ال فضل ومعهم بعض غزية عتيبة المذكورين ) تفكك في منتصف القرن الثامن الهجري على يد قبائل بني لام فانزاحت بعض قبائل غزية مع ال فضل التي في نجد الى الشمال والعراق ومنهم ساعده وانزاحت فروعهم الأخرى الى العاليه ومعهم روق وساعده (ايضا) والبطنين وزراق ومعهم آل مرا . وهؤلاء الأخيرون الذين انزاحو للعاليه تكونت منهم شبابه ثم عتيبة فيما بعد .انتهى
وما زال للكلام بقية ....
وسنتطرق الى مابعد هذا التفكك وبعض التواريخ المهمة ورجوع الاساعدة مرة اخرى الى بقعاء وهل كان ذلك جلاء من رهاط ام تحرك عسكري لاعادة الأمن لطريق الحاج . ودور ابن حتيرش والحميدي الاسعدي بالقضاء على سلطان مارد . وماهي دواعي افتخار الاساعدة بالخيل ومن هم غزية ؟
الوليد الاسعدي – جماد الأول 1427 هـ
يتبع -