معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
(أمّا أنا فلستُ بمُخفرٍ ذمتي , ولا مضيِّع نزيلي) من المختار
.
...
.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأعزاء تحية طيبة ,,,,, وبعد:
هذه الحلقة الثالثة من كتاب ( المختار من نوادر الأخبار ) للمقري رحمة الله .
ارجوا أن تنال إعجاب الجميع , ولكم كل التقدير وفائق الاحترام ,
أخوكم: (( المقاطي ))
( 3 )
(((.... أمّا أنا فلستُ بمُخفرٍ ذمتي , ولا مضيِّع نزيلي ....)))
- - - - - - - - - - - -
لمّا أفضت الخلافة إلى بني العباس اختفت رجالٌ من بني أمية ,
وكان من جملة من اختفى إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك , ولم يزل مختفياً
حتى مله الاختفاء فأخذ له داود أماناً من أبى العباس السفّاح .
وكان إبراهيم رجلاً أديباً , بليغاً , حسن المجالسة , وكان بعد الأمان والعفو عنه
محظياً عند أمير المؤمنين السفّاح , وكان من خاصة جلسائه ,
ومن المقربين إليه , فقال له يوماً يا إبراهيم : لقد مكثت زماناً طويلاً مختفياً ,
فحدثني بأعجب ما رأيت في اختفائك , فإنها كانت أيام تكدير .
فقال : يا أمير المؤمنين , وهل يسمع بأعجب من قصتي!!!
لقد كنت مختفياً في منزل , أنظر إلى البطحاء , فبينما أنا على ذلك ,
وإذا بأعلام سود خرجت من الكوفة تريد الحيرة , فوقع في ذهني أنها تطلبني ,
فخرجتُ متنكراً ,ووالله لا أعرف إلى أين أذهب ! فأتيت الكوفة من غير الطريق المعروفة ,
وأنا لا أعرف بها أحداً , فصرت متحيّراً من ذلك , وإذا بباب كبير في رحبة متًّسعة ,
فدخلت إلى الرحبة , ووقفت قريباً من الباب , وإذا رجل حسن الهيئة ,
وهو راكب فرسه ومعه جماعة من غلمانه وأصحابه , فدخل الرحبة فرآني واقفاً مرتاباً .
فقال لي : ألك حاجة ؟
فقلت : غريب خائف من القتل .
فقال : ادخل .
فأدخلني إلى حجرة في داره , وقال هذه لك ولا تخف , ثم هيأ لي ما كنت محتاجاً إليه ,
من فرش , وآنية , ولباس , وطعام .
فأقمت عنده مدّه , ووالله ما سألني قط من أنا ولا ممّن أخاف .
وصار يركب في كل يوم ويعود آخر النهار متعباً متأسفاً كأنه يطلب شيئاً لم يجده ,
فقلت له يوماً : أراك في تعب كبير , كأنك تطلب شيئاً فاتك .
فقال : إنّ إبراهيم بن سليمان قتل أبي صبراً واختفى ,
وأنا أركب كل يوم في طلبه لعلّي أجده فآخذ بثأري منه .
فتعجّبتُ والله يا أمير المؤمنين , من هربي وشؤم بختي الذي ساقني إلى منزل رجل يريد قتلي ,
ويأخذ ثأره مني , فكرهت الحياة , واستعجلت الموت , لِما نالني من الشدّة .
فسألت الرجل عن اسم أبيه , وما سبب قتله ؟ فأعلمني الخبر , وهو صحيح .
فقلت : يا هذا , قد وجب عليَّ حقك , ومن حقك عليَّ أن أدلك على قاتل أبيك ,
وأُهوِّن عليك الخطوة والتعب .
فقال : أتعلم مَن هو , وبأي مكان ؟
قلت : نعم .
فقال : أين هو ؟
فقلت : أنا غريمك فخذ بثأرك مني .
فقال لي : أظنُّك مَضَّكَ الاختفاء , وكرهت الحياة .
قلت : والله أنا قتلته يوم كذا وكذا .
فلمّا علم صدقي تغير وجهه واحمرّت عيناه , وأطرق ساعة ,
ثم رفع رأسه وقال : أمّّا أبي فإنه سيلقاك غداً يوم القيامة يحاكمك عند مَنْ لا تخفى عليه خافيه .
وأمّا أنا فلستُ بمُخفرٍ ذمتي , ولا مضيِّع نزيلي , ولكن اخرج عنّي مع سلامة الله ,
فإني لا آمن عليك نفسي بعد اليوم . ثم وثب إلى صندوق , فأخرج صرّة فيها خمس مئة دينار ,
وقال : خذ هذه واستعن بها على سفرك . فكرهت أخذها ثم خرجت من عنده ,
وهو يا أمير المؤمنين , أكرم رجل رأيته .
فبقي السفّاح يهتز طرباً , ويتعجب من حلمه وإكرامه.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أنتهى من كتاب المختار من نوادر الأخبار (بتصرف)
لشمس الدين محمد بن أحمد المقرّي المتوفى عام1041هـ
لقراءة الجزاء الأول اضغط هنـــــــــــــــــــــا
لقراءة الجزاء الثاني اضغط هنـــــــــــــــــــا
(( المقاطي ))
...
.
|