أقول بعد حمد الله والثناء عليه أن الموضوع برمته يعتبر خدعة Hoax أو خرافةUrban Legend وأكثر ماينشرها في الغرب هم من ضعاف النفوس الذين لايتورعون عن إطلاق المزاح بدون ضابط من عرف أو دين أو من شركات منافسة تستهدف من طريقها منتجات بعينها وهناك مواقع عديدة تنشر وتساهم في نشر هذه الخرافات وبالمقابل هناك مواقع أكثر تقوم بكشفها والتعريف بها .
للأسف فهذه الخرافة منشورة بنفس النص في أكثر من 47 منتدى عربي، ولنبدأ أولاً بحصر عناصر القصة الرئيسية:
1) مقالة الصحفية منى مدكور في جريدة الأسبوع .
2) فتوى أحمد حسين وسيد قطب في الخمسينات بتحريم البيبسي والكوكاكولا.
3) قصة الدكتور مصطفى الشكعة رئيس لجنة المتابعة بالمجلس الأعلى بتحليل عينة من البيبسي وبمعرفته أن مادة الببسين تستخرج من أمعاء الخنازيرلتساعد على الهضم .
4) أحد المصادر يؤكد أن المادة المكونة لمشروب البيبسي تأتي على شكل عجائن في براميل محكمة الغلق ولاتفتح إلاّ عند توصيلها على خطوط الإنتاج.
5) الربط بين خنزير هيلبيلي وبين أمعاؤه كمصدر للببسين في مشروب الماونتن ديو.
6) إفادة السيد دينيس يونج من شركة ريجليز بأن الشركة تستخدم الملينات الحيوانية (شحم الخنزير) في صناعة اللبان الخاص بها .
7) استخدام الهنود للبيبسي كمبيد لآفات المحاصيل الزراعية نظراً لفعاليته ورخصه.
توطئة مهمة جداً :
بيبسي-كولا مثل غيرها من المشروبات الغازية تعود جذورها إلى زوايا أحد محلات تحضيرالأدوية (تسمى اليوم صيدليات) في عام 1898 م قام كاليب برادام من ولاية شمال كارولاينا باختراع البيبسي والذي أسماه حينها على اسمه (مشروب براد Brad’s Drink ) وسرعان مااكتشف أنه بحاجة ماسّة لإيجاد اسم جذّاب ومميز لغرض التسويق فخطر له اسم (البيبسين Pepsin) وهو إنزيم الهضم في المعدة وبناءاً عليه صاغ الاسم الجديد على نسق (بيبسي-كولا Pepsi:Cola) مع أنه لم يستخدم أي نوع من الإنزيمات في مكونات مشروبه لأنه يعلم قبل غيره أن البيبسين ينتج في الغلاف العضلي للمعدة ويعمل لتفكيك البروتين الموجود في الأكل المتناول جنباً إلى جنب مع إنزيمي الكايموترايبسين Chymotrypsin والترايبسين Trypsin ,, واستخدام إنزيم البيبسين ينحصر في التحاليل المخبرية للعديد من أنواع البروتين ..
والآن لنقض هذه الخرافة لنأخذها عنصراً عنصراً:
1) مصداقية الصحفية (منى مدكور) في مهب الريح لاسيما إذا علمنا أنها حالياً مراسلة لجريدة الشرق الأوسط وقبلاً كانت تكتب في جريدة مصطفى بكري (الأسبوع) وللتأكد فهذه العناوين من إبداعاتها ..
أحمد زكي: أتابع مرضي بصفتي طبيبا....أليسا من اكثر المطربات المثيرات للجدل....هشام عباس: الأوضاع في العراق منعتني....ذكريات سعاد حسنى في مزاد.....تفجيرات طابا تخيم على حفل المطرب شون بول
2) لم أجد أي فتوى بتحريم البيبسي والكوكاكولا لأي سببٍ كان تعود لخمسينات القرن المنصرم.
3) الدكتور مصطفى الشكعة من الأدباء المعاصرين ومن أعضاء مجمع البحوث الإسلامية وله مؤلفات أبرزها : رحلة الشعر من الأموية إلى العباسية ..الأدب في موكب الحضارة الإسلامية..الأسس الإسلامية في فكر ابن خلدون، ونظرياته ..مصطفى صادق الرافعي كاتباً عربياً ومفكراً إسلامياً ..الحياة الأولى -ديوان شعر.. أبو الطيب المتنبي في مصر والعراقين..
وتفاصيل طلبه الذي تقدم به إلى مجمع البحوث أوردته جريدة الوطن السعودية في عددها رقم 1685 وتاريخ 3/4/1426 هـ عن طريق مراسلها حازم عبده ونصه مايلي ... " يبحث مجمع البحوث الإسلامية (أعلى جهة علمية بالأزهر) في جلسته يوم الخميس (26 مايو الجاري) طلباً تقدم به عضو المجمع المفكر الإسلامي الدكتور مصطفى الشكعة لإصدار فتوى تحرم بعض أنواع المشروبات الغازية وذلك لاعتماده على مادة مستخرجة من معدة الخنزير وذلك بعد عرض الموضوع للمناقشة على لجنة البحوث الفقهية بالمجمع في جلستها اليوم الأربعاء.وقال الدكتور الشكعة في تصريحات لـ"الوطن" لقد طرحت الموضوع على أعضاء المجمع وشرحت لهم أبعاده حيث إن المادة الأساسية التي تعتمد عليها بعض المشروبات الغازية التي تفرزها جميع الحيوانات لكنها على قدر حاجتها، إلا حيوان الخنزير الذي يفرزها بكميات كبيرة وهي تستخرج منه في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتمد عليه نحو 90% من سكانها وتذبح منه مئات الآلاف يومياً مشيراً إلى أن الاتجاه العام لدى الأعضاء هو تحريم هذه المشروبات لأن نجاسة الخنزير" نجاسة مغلظة وهى نجاسة حقيقية وليست معنوية وأوضح الدكتور الشكعة أن مجمع البحوث الإسلامية ربما يلجأ لإجراء بحوث معملية على المادة التي تأتي من الولايات المتحدة ليعاد تصنيعها في مصر قبل إصداره الفتوى."
وهنا لم يذكر الدكتور مادة البيبسين أو يتطرق لسنوات عيشه في الولايات المتحدة ، وللعلم فلم يصدر حتى تاريخه أي فتوى بهذا الخصوص حتى بعد مرور مايقارب السنة لأن المختصين من أصحاب التخصصات العلمية الذين تغص بهم أروقة الأزهر لم يعيروها أي أهمية ، مصداقاً لقول القائل(من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب) .
4) بما أن المصدر مجهول فلا أرى داعياً للتعليق إلاّ أن السرية تكمن في نسب المواد المكونة والنكهات المضافة فقط ، وهذا حق مباح لمن أعمل فكره سنين طويلة.
5) لنتكلم قليلاً عن تاريخ مشروب الماونتن ديو Mountain Dew .. بدأ تسويقه عام 1948 م في ولاية تينيسي فقط بواسطة شركة بيبسيكو ليغطي أرجاء الولايات المتحدة بحلول عام 1964 م . والشخصية التى تحملها قوارير الماونتن ديو حتى عام 1974 م هي لشخص (هيلبيلي) Hillbilly أو بمعنى أدق هو الشخص الذي ينحدر بنسبه إلى أوائل المهاجرين الأيرلندين الذين استقروا في ولايات تينيسي وفيرجينيا وكنتاكي وآركنساس (مثلاً بيل كلنتون) .. وبما أن هناك صورة نمطية تتكون عند أهل المدن عن سكان القرى فهذه الشخصية غالباً تصور على أنه مزارع ،رثّ الملابس، حافي القدمين، بليد، غبي، يسرح ويمرح بصحبة بندقيته وكلبه ولاهم له إلاّ الاعتناء بحظيرة الخنازير.

إذن وجود صورة الخنزير على القارورة لاعلاقة لها بأمعاؤه بقدر ماأن هذا الخنزير من كمال الصورة النمطية للشخص الهيلبيلي بحكم أن بداية التسويق كان في موطن هؤلاء القوم (ولاية تينيسي) ..
وعلى العموم فكثرة ضغط جماعات مناهضة العنصرية أدّت بيبسيكو إلى تغيير الشخصية المسّوقة بالكامل منذ السبعينات .
6) اسم (دينيس يونج) عند الأجانب كاسم (أحمد عوض ) عندنا ، أي أنه اسم وهمي يطلق على أي مجهول ، وشركة ريغلي Wrigley تستخدم الجليسرين والزيوت النباتية لخلط مكونات أي نوع من العلك لتجعله لينّاً ومرناً (يعني ملينات Softeners) .
7) لتمام الضحك .. تمّ ختمها بطرفة استخدام الهنود للبيبسي لمكافحة الآفات الزراعية ..