خير اللهم اجعله خير، فأنا بالقصر، وبجانب خيرت الشاطر رأساً الذي كنت اقول انه من يدير الرئاسة، ومن الاخوان المسلمين من نفوا لي ذلك، وليس هذا الموضوع! لقد بدا في الرؤيا أن الدورة الرئاسية للدكتور مرسي قد انتهت، وعليه أعلن الشاطر أنه هو المرشح للدورة الجديدة، وهنا وقف الرئيس مغاضباً ودون ان يتكلم خرج من القصر، وأنا اهرول خلفه، فلم ألحق به ولم أكمل المسيرة مع الشاطر!
وعندما استيقظت من نومي أخذت اقلب كفي على النحس الذي يحيط بي في صحوي ومنامي، وقد قصصت رؤياي على احد المتخصصين في تأويل الاحاديث وتفسير الأحلام، فأخبرني ان مرسي سيتعرض لأزمة وانني سأقف معه، ولم أنشغل بكلامه حول أزمة مرسي وموقفي المنحاز له، فقد كنت مشغولاً بانحيازي ‘للخسرانة’ حتى في المنام.
استبداد مرسي
بعيداً عن كل هذا فانه يضحكني كثيراً اولئك الذين يتحدثون عن ديكتاتورية مرسي واستبداده، ربما تكمن ازمة مرسي في انه ليس ديكتاتوراً وليس مستبداً، فسوف نرى الديكتاتورية على أصولها والاستبداد كما ورد في الكتاب، ‘والعينة بينة’!
مرسي كان يتم التطاول عليه بالجهر بالسوء من القول وبشكل لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير فيصفح ويعفو، حتي مل انصاره الذين كانوا يهتفون في وجهه: ‘اغضب’، لكنه لم يغضب أبداً، وكان بامكانه أن يصطاد المتطاولين عليه بسيف القانون لكنه لم يفعل، واذا كنا قد خرجنا يوم 25 يناير نهتف: ‘عيش، حرية، عدالة اجتماعية’، فانه لم يتحقق في عهده لا العيش ولا العدالة الاجتماعية وانما تحققت الحرية وصار سقف المعارضة السماء، والبعض ليثبت شجاعة لم تجرب في عهد سابقه كان يجهر بفحش القول، ليقال عنه أنه شجاع، لكن تكمن المشكلة في ان مرسي لم يظهر استبداداً لنميز بين الشجاع والمستغل.
في رمضان العام الماضي تلقيت دعوة من وزير الاعلام صلاح عبد المقصود للافطار، كان معنا لفيف من الاساتذة رؤساء تحرير الصحف المصرية، وكان قد تم اغلاق احدى المحطات التلفزيونية التي لا تلتزم بقيم ومتقضيات العمل الاعلامي، والتي تعمل بتوجيهات من جهاز امني يعمل ضد الرئيس، وعندما انتهى حفل الافطار وبدأ الكلام ارتفع صوتي من اخر القاعة رافضاً ان تغلق فضائية بقرار اداري، مهما اختلفنا مع رسالتها، وقلت من يرى تجاوزاً عليه ان يلجأ الي القضاء، وقد رد على الوزير بأن القضاء ‘حباله طويلة’، وقلت ان هذا أفضل من أن تلجأ في مصر بعد الثورة الى اجراءات تعسفية، قد يسعدني ان تطال من يخرج على تقاليد المهنة اليوم، لكن من المؤكد انها ستصل الى الجميع في المستقبل.
لقد سمعت همهمات معترضة على كلامي، ممن هم معروفون بانحيازهم لعصر حسني مبارك، ومن مثلوا كنزاً استراتيجياً بعد ذلك للثورة المضادة، لكن يقولون ‘الغربال الجديد له شدة’، وبدا الاخوان المسلمين في قوة، جعلت من تحولوا الى ثوار بعد ذلك، يخضعون للوزير بالقول.. وأحدهم أخذ الكلمة وتحدث عن انهم حيث يريد ‘سيادة الوزير’، الذي كان عضواً بمجلس نقابة الصحافيين فلم يميز بين زملائه، وان زملاءه لابد ان يقفوا معه من اجل انجاح تجربته في الوزارة.
كان سيادته يزايد علي، ومؤخراً قرأت للشخص نفسه مقالاً يقول فيه في الوزير ما قال مالك في الخمر، وأوشك ان يسقط عنه الصفة الصحافية، بالمناسبة ماذا قال مالك في الخمر؟، فأنا يعجبني اجتهاد ابي حنيفة النعمان.
قبيل ‘هوجة 30 يونيه’ هدد الحكم الاخواني باغلاق فضائيات بعينها، مجهولة النسب، ويعمل بها اعلاميون يمثلون الثورة المضادة، وكانوا من قبل يمهدون لتوريث الحكم لجمال مبارك. وقد نددنا بذلك، ولم يجرؤ الحكم الاخواني المستبد على اغلاقها، لكن من تجرأ وفعلها كان الانقلابيون!
تجريدة أمنية
عندما انتهي الفريق السيسي من اعلان بيانه الانقلابي كانت قوات أمنية تقتحم استوديوهات فضائيات بعينها متهمة بالانحياز للشرعية، وأغلقتها، وقامت بالقاء القبض على كل من فيها، بمن في ذلك الضيوف، وعاملوا الجميع بخشونة، على نحو يمثل امارة بأن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري، وليس ثورة مكملة لثورة 25 يناير التي طالبت بالحرية، وخرجت ضد الاستبداد.
كان المشهد في مكتب قناة ‘الجزيرة الأم’ كاشفاً عن طبيعة ما جرى، اذ كانت نوران سلام في برنامج على الهواء مباشرة، واذا بتجريدة أمنية تقتحم المكتب، في ذات اللحظة التي تم قطع الارسال عنها، وسمعنا أصواتاً غليظة بحجم البيادات، تأمر الحضور من الضيوف بأن يغادروا، لتقوم بمهمتها بالقبض على المجرمين العاملين في القناة.
بدا لي ليلتها أن مصر وقعت في قبضة الاحتلال الاجنبي، وعومل من يعملون في الجزيرة على أنهم لصوص، وذلك بدون مسوغ قانوني، فلم يكن هناك قرار قانوني من جهات التحقيق يبيح هذه التصرفات الكاشفة عن ان دولة القانون التي نسعى لتشييدها منذ ثورتنا في 25 يناير، فنخفق أحياناً وننجح احياناً، هذه الدولة قد سقطت، وأننا عدنا الي زمن مبارك، عندما كان القانون المعمول به هو قانون الغابة، ولك ان تعلم ان قانون الطوارئ سيئ السمعة يقول ان مدة الاعتقال لا تتجاوز الشهر، لكن هناك الالاف الذين اعتقلوا لمدد تتجاوز الخمسة عشر عاماً.
لقد كانت ليلة ليلاء، انقطع فيها الصوت والصورة عن المعتصمين بميدان ‘رابعة العدوية’، وهم الذين يدافعون عن الشرعية ويقفون على ثغرة من ثغور الثورة لا يضرهم من ضل، فقد خشينا ان يتم سحقهم في غيبة من الفضائيات، اذ أعاد الانقلابيون الصورة الي زمن ما قبل السماوات المفتوحة، عندما كنا نرابط أمام راديو لندن او صوت أميركا لنعرف أخبار القاهرة السرية، لكن حضور ‘البيادة’ في المشهد، أرهب الجميع، فمن يقدر على مواجهة سلطة خارجة على القانون؟!
أفضل ما في الموضوع انني لن اعد اشاهد ضحى الزهيري مذيعة ‘الجزيرة مباشر مصر’، التي لم تنطق اسمي صحيحاً ولو مرة واحدة عندما كانت تعمل باحدى الفضائيات السورية من القاهرة، فلم أكن من ضيوفها في مرحلة الجزيرة، التي لم يكن كل ضيوفها من المنحازين للحكم الاخواني، فعلاء الاسواني يقدم حلقة بها.. سيطرة الاخوان على مكتب القاهرة حالت دون أن اكون من ضيوفها، لكني أيضاً لم اكن من ضيوف ‘الجزيرة الأم’ على الرغم من ان معظم من يعملون في مكتب القاهرة اصدقائي!
خيانة الوطن
اعلام الثورة المضادة المنتصر في موقعة 30 يونيه اقام الافراح والليالي الملاح ابتهاجاً بقرار اغلاق هذه القنوات التي تهدد الامن القومي المصري، ونفس الاتهام وجه اليهم، وهم يعملون في فضائيات مجهولة النسب، فمن يتصدرون المشهد على أنهم اباء ليسوا هم الاباء الشرعيين.. أين مذيعة القذافي لكي تقول لهم ان الاسلام حرم التبني؟!
هذه الفضائيات شيطنة الفضائيات المغلقة بقرار باطش، وجعلت من العمل في الجزيرة خيانة للوطن تماما كما كان يحدث في زمن المخلوع، فشاهدنا استقالات بالجملة لاسيما من ‘الجزيرة مباشر مصر’ المتهمة بعدم الحيادية، ولا أزعم انني كنت ‘مشاهدا محترفا’ لها، لكن كلما رأيتها وجدتها تنقل صورة ميدان التحرير وميدان رابعة العدوية، بيد أن الصورة الأخيرة كان يراد تجاهلها تماماً، لنبرر للعسكر ادعاء ان انقلابهم انحياز للشعب وباعتبار انه لا يوجد شعب اخر هناك!
والانحياز كان واضحاً منذ البداية، فقد كتبت من قبل ان الطائرات التقطت صوراً من التحرير لتعزز موقف قيادة الجيش المنحاز للشعب، وتقديم هذه الصور لفضائيات بعينها وحجبت صور الميادين الاخرى، ثم علمت بعد هذا أن المخرج خالد يوسف هو من سمحوا له بالتصوير عبر طائرة، وهو منحاز وليس حيادياً او موضوعياً، فشاهدنا صور الجماهير المحتشدة على كوبري قصر النيل في يوم 28 يناير 2011، على انه ليوم الأحد قبل الماضي، ثم فوجئنا بالصورة نفسها يوم الأحد الماضي، وكانت الفضيحة!
في يوم الأحد الماضي كانت الدعوة لمليونية الانحياز لقرار عزل الرئيس رداً على الخروج الجماهيري الحاشد تأييداً للشرعية ممثلة في الرئيس محمد مرسي، ولم يكن من في ميدان التحرير بنفس الاعداد المطلوبة فكانت الصورة قديمة هي المعتمدة فضائيا، وساهمت الجزيرة ايضا في عملية التضليل ربما لتشتهر بعدم الانحياز، الى ان فجرت ساكنة في التحرير قنبلة في اتصال هاتفي، فالميدان به مئات والجزيرة تعرض صورا تحت عنوان ‘التحرير الان’ لمليونية كاملة الأوصاف!
بعد يومين من تغييب الصورة، بدأت قناة ‘اليرموك’ في نقل ما يجري في ‘رابعة العدوية’، وسط تشويش كاشف عن عدم حيادية من قاموا بالانقلاب، ثم دخلت على الخط قنوات: القدس والاقصى والحوار’.. وأيضاً ‘الجزيرة مباشر مصر’، وجرى التشويش على هذه المحطات ثم قطع ارسالها لتعود من جديد، في لعبة القط والفأر.
ما مثل أمارة على اننا في كنف حكم غير ديمقراطي، هو استدعاء اجواء حكم مبارك في التحقيق مع زميلنا عبد الفتاح فايد مدير مكتب الجزيرة بالقاهرة، فقد وجهوا له تهمة تكدير السلم العام، ومنذ أكثر من عشرين عاما ونحن في محاولات مضنية لمعرفة معنى تكدير السلم العام، على سبيل اليقين وهو الاتهام وثيق الصلة باستبداد المخلوع.. نحن نعرف فقط اغنية: ‘السلم نايلو في نايلو والعتبة قزاز′ للراحلة عايدة الشاعر!
عايدة من جيلي، يا جيل شيرين "آه يا ليل" التي بشرتنا انها ستتزوج وتدعو طليقها لحضور زفافها.