الموضوع: جهاد الاخوان
عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 22-Jun-2013, 11:07 AM رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
حمود بن خيشوم العصيمي

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو







حمود بن خيشوم العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

للفائده السياسه الشرعيه في فقه ابن عثيمين رحمه الله

الفصل الثاني: المعالم السياسية الخارجية في فقه الشيخ محمد بن عثيمين:
المعلم الأول: الجهاد قتال الأعداء:
لمّا كانت العلاقة بين الدول تتنوع بين السلم، والحرب، ولمّا كان حرب الدولة الإسلامية يجب أن تكون منطلقاً من عقيدتها الإسلامية، حيث تقاتل أعدائها وفق شريعة الله المتمثلة بالجهاد الذي ترجوبه إما النصر، وإما الشهادة في سبيل الله، ولمّا كان الجهاد في سبيل الله من الأمور المشتملة على أحكامٍ قد تخفى على كثير من المقاتلين، وسائر الناس، لذا فإنَّ الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله - تحدث عن هذه الشعيرة، وتناول مسائلها بتفصيل، وتوضيح وفي هذا المعلم السياسي البارز في حياته العلمية أردت تجلية بعض المسائل التي أولاها الشيخ - رحمه الله - جزءاً كبيراً من تبيانه، وهي إذن الإمام في إقامة الجهاد ابتداء؟ وهل هو على الوجوب أم الندب؟ وفي حال قيام الجهاد، ومسايفة الأعداء فمن الذي يستحق القتل، ومن يستثنى من ذلك؟ وما هي كيفية قسم الغنائم في حال انتصار المسلمين؟
وقبل البدء بتفصيل ذلك، لا بد من بيان مفهوم الجهاد، ومعناه في لغة العرب، واصطلاح الفقهاء.
فالجهاد هو: مصدر جاهد، وهو من الجهد أي الطاقة، والمشقة:
واصطلاحاً: قتال المسلم كافرا ً غير ذي عهد، لإعلاء كلمة الله، أو حضوره له، أو دخوله أرضا له(37).
وقد قسمت هذا المعلم إلى ثلاثة فروع:
الفرع الأول: هل يجب إذن الإمام في الجهاد؟:
يرى ابن عثيمين- رحمه الله - أن المخاطب بالجهاد هم الأئمة، وولاة الأمور، لذا فإنه لا يجوز إلا بإذنهم، حيث يجب استئذانهم فيه، فيقول لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر، لأن المخاطب بالغزو، والجهاد هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس، فأفراد الناس تبع لأهل الحل والعقد، فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام إلا على سبيل الدفاع، وإذا فاجأهم عدو يخافون كَلَبَه فحينئذٍ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم، لتعين القتال إذاً.
وعلّل ذلك بقوله: وإنما لا يجوز ذلك لأن الأمر منوط بالإمام، فالغزو بلا إذنه افتيات، وتعدٍ على حدوده، ولأنه لو جاز للناس أن يغزوا بدون إذن الإمام لأصبحت المسألة فوضى، كل من شاء ركب فرسه وغزا، ولأنه لو مُكِّن الناس من ذلك لحصلت مفاسد عظيمة(38).
وعن حكم خروج الرجل للجهاد بدون إذن الإمام يقول - رحمه الله -:
إذا خرج بدون إذن الإمام فهو خارج عن الجماعة، ومخطئ على نفسه، خصوصاً في عصرنا هذا، لأنه إذا خرج مجاهداً، ثم عثر عليه، وعلمت دولته صار هناك مشاكل بينهما، فالواجب على الإنسان أن يأخذ بالنصوص من كل جانب، ولهذا قال العلماء: ويحرم الغزو بدون إذن الإمام.
وبيّن - رحمه الله - أن إذن الإمام لا يشترط أن يكون صريحاً، أو مكتوباً، فكل ما دل على إذن فهو إذن شرعي، حيث يقول: وكون الدولة ترخص للناس، وتعطيهم جوازات سفر لمكان الجهاد، وهي تعلم فهذا إذن، وإن لم يكن إذناً لفظياً، فهو إذن باعتبار الواقع(39).
الفرع الثاني: المستثنى من القتل في الجهاد:
الجهاد هو قتال الأعداء، والعدو هو كل من بينه وبين المسلمين عداوة، ومحاربة، والأصل أن كل الأعداء يُقتلون، ولكن دين الإسلام دين الرحمة، والعدل، يميز بين الأعداء، فهناك أعداء يجب قتلهم لكونهم حملوا السلاح، وقاتلوا المسلمين، بينما هناك فئة لا يجوز قتلهم، بل يجب ترك قتلهم، وإبقائهم على قيد الحياة، يُجلّي هذه الأحكام ابن عثيمين - رحمه الله - فيقول: لا يجوز قتل صبي، ولا امرأة، وخنثى، وراهب، وشيخ فان، وأعمى إلا بواحدً من ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون لهم رأي وتدبير، فإن بعض كبار الشيوخ ولو كان شيخاً فانياً لا يستطيع أن يتحرك، فإن عنده من الرأي، والتدبير ما ليس عند الشباب المقاتل.
الثاني: إذا قاتلوا كما لو اشترك النساء في القتال فإنهن يقتلن.
الثالث: إذا حرضوا المقاتلين على القتال، وصاروا يغرونهم، بأن افعلوا كذا، اضربوا كذا، إلى آخره. لأنهم لهم تأثير في القتال.
ثم بيّن- رحمه الله - أ نهم لا يُتركون إذا لم يتحقق منهم أحد الأمور الثلاثة التي ذكرها، بل إ نهم يسبون، فقال: وهؤلاء السبعة يكونوا أرقاء بسبي، أي بمجرد أخذهم يكونوا أرقاء في الحال، ولا يخير فيهم الإمام تبعاً للغنيمة، لأنهم صاروا مماليك(40).
الفرع الثالث: قسمة الغنائم:
لمّا كان مقصود الجهاد، وقتال الأعداء هو الفوز بنصر الله - تعالى -، أو الفوز بالشهادة في سبيل الله كان لا بد لعلماء الإسلام أن يتحدثوا عن مظهر من مظاهر المقصود الأول وهو الغنيمة المتحصلة من مال العدو المحارب.
والغنيمة هي: ما نيل من أهل الشرك عنوة والحرب قائمة(41).
ومن جملة أولئك العلماء الذين يبيتوا أحكام الغنائم ابن عثيمين - رحمه الله - حيث يقول:
إذا تم الاستيلاء على الأموال في دار الحرب ملكها المسلمون في تلك البلاد، وجاز قسمتها هناك، وتكون لمن شهد الواقعة من أهل القتال، وهم الرجال الذين يقاتلون، فمن شهد منهم فإنه يقسم له، وأما من جاء بعد انتهاء الحرب فإنه لا شيء له منها، وكذلك من انصرف قبل بدء الحرب فإنه ليس له منها شيء.
وبين - رحمه الله - كيفية قسمتها بقوله:
يقوم الإمام أو نائبه كقائد الجيش مثلاً بإخراج الخمس، أي خمس الغنيمة، ويصرفه على ما ذكر الله بقوله: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (42). فيكون الخمس خمسة أسهم، لله ورسوله سهم، ولذوي القربى سهم، واليتامى سهم، وللمساكين سهم، ولابن السبيل سهم، ويكون سهم الله ورسوله في مصالح المسلمين، وما للرسول يكون للإمام، لأن الإمام نائب مناب الرسول في الأمة، ولكن الصحيح أن ما لله وللرسول يكون فيئاً يدخل في بيت المال، ويصرف في مصالح المسلمين(43).
ثم بيّن - رحمه الله - أن سهم ذوي القربى مختلَف فيه بين أن يوزع على قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم بنو هاشم، وبنو عبد المطلب حسب حاجاتهم، وبين أن يعطوا خمس الخمس بالسوية، وبين أن يكون لذكرهم مثل حظي أنثاهم، ورجح أنهم يعطون حسب حاجاتهم، فإن كانوا سواء في الغنى، أو الحاجة أعطوا بالتساوي(44).
وأما اليتامى فرجح أنهم يعطون من خمس الخمس من الغنيمة، ولو كانوا أغنياء جبراً للنقص الذي حصل لهم بفقد آبائهم(45).
وبيّن أن المساكين، وهم الفقراء، وإذا قدّر أن خمسهم قليل فيبدأ بالأحق، وهم المساكين.
وبيّن أن ابن السبيل هم المسافرون، فيعطون من هذا الخمس ما يوصلهم في سفرهم، تذكرة، أو متاعا، أو ما أشبه ذلك(46).
ثم بيّن - رحمه الله - أن المتبقي بعد ذلك، وهو أربعة أخماس الغنيمة، يقسم بين المقاتلين للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، وقال: وإذا كانت الحرب بالطائرات، والدبابات فكلٌ يقاس على ما يشابهه، فالذي يشبه الخيل الطائرات لسرعتها، وتزيد أيضاً في الخطر، فهذا لصاحبها سهم ولها سهمان، والراجل الذي يمشي على رجله مثل القناصة لهم سهم واحد، ولما كانت الطائرة ليست للطيار إنما للدولة فإن سهم الطائرة يرجع لبيت المال، إلا إذا رأى ولي الأمر أن يعطي السهمين لقائد الطائرة فلا بأس، لأن في ذلك تشجيعاً له على هذا العمل الخطير.
والذي يشبه الإبل: الدبابات والنقليات وما أشبهها.
المعلم الثاني: التعامل مع الأسرى:
غالباً ما يعقب الحروب والمعارك أسارى بين الطرفين المتحاربين: والأسير لغة هو: المشدود.
واصطلاحاً: الرجال المقاتلون من الكفار إذا ظفر بهم المسلمون وهم أحياء. ويطلق على المسلم الذي به العدو (47).
وهؤلاء الأسرى إما أن يكونوا كفاراً أسرهم المسلمون، وإما أن يكونوا مسلمين أسرهم العدو، وفي كلا الحالين بينت الشريعة أحكام هؤلاء الأسرى، وما واجب المسلمين تجاههم، وقد بيّن - رحمه الله - أن الأسارى الكفار إذا وقعوا في أيدي المسلمين فإن أمرهم إلى الإمام، وله فيهم أربعة أمور يختار منها ما يحقق المصلحة للمسلمين، لا ما يحقق المصلحة للأسير، والأمور الأربعة هي:
القتل أو الاستعباد، أو المنّ مجاناً، أو المفاداة بمال، أو نفس، أو منفعة (48)
ويرى ابن عثيمين - رحمه الله - أنه إذا كان عند المسلمين رهائن من الكفار، وكان عند الكفار رهائن من المسلمين، فيجوز مبادلة المسلمين بالكفار إذا خاف المسلمون أن ينقض العدو العهد، وخاف العدو نقض المسلمين للعهد، فإن قتل العدو رهائن المسلمين جاز للمسلمين قتل رهائن العدو، لأنهم طائفة واحدة، وجناية أحدهم جناية من الجميع، ولا يجوز أن يعطي المسلمون لعدوهم رهائن ضماناً لعدم نقض العهد، إلا إذا أعطوا المسلمين منهم رهائن كذلك (49).
المعلم















رد مع اقتباس