اتهم عمرو موسى أيمن نور بأنه هو من أحضر وسائل الإعلام، ولم أكن بحاجة إلى إعلان منه لأقف بنفسي على من هو المسؤول عن إبلاغ الفضائيات بذلك؟، فأيمن هو من أراد أن يؤكد أن بيته العامر.. بالإيمان، صار ‘بيت الأمة’ الذي تدار فيه الحوارات بين الحكم والمعارضة، وتتم فيه الصفقات السياسية، لاحظ أن أبي سفيان يحب الفخر، وله في ذلك مآرب أخر.
من قبل التقى الرئيس مرسي بأيمن نور، وقيل أن اللقاء استمر ثلاث ساعات، ولا نعرف ما إذا كانت الرئاسة استهدفت الإعلان عنه أم لا؟!، لكن أيمن نور وباعتباره وكالة أنباء متنقلة، أعلن عن اللقاء، وظل ليله كله متنقلاً بين الاستوديوهات، وسرب بأنه معروض عليه تشكيل الحكومة، فاحتشد حوله كثيرون، من الذين يسعون لأن يكونوا وزراء، ولو ليوم واحد، والجميع يثق في علاقته بالرئيس، فهو من عين له ستة من حزبه ‘غد الثورة’ في مجلس الشورى منهم ثلاثة من الفلول، واثنان منهما ليسا معلومين لأعضاء الحزب وقياداته.
بيد أن التشكيل الوزاري أقر واستمر هشام قنديل رئيساً للحكومة، فجاء اللقاء السري في بيته ليعزز من موقفه، ولا أظن أن تسريب أمره جاء بحسن نية كتلك التي كان يتمتع بها ‘بلدياتنا’ والذي كان له شقيق خاض الانتخابات البرلمانية، وكان له في الدائرة مقرين انتخابيين، احدهما سري يلتقي فيه بمن لا تسمح لهم ظروفهم وارتباطاتهم ان يلتقوه في العلن، وكلما اتصل احد بالمرشح في المقر المعلن، رد على الهاتف شقيقه الطيب لافتاً أن سيادة النائب في المقر السري، هكذا يصفه، ثم يمده بالعنوان بالتفصيل الدقيق والممل، ولم يكد يمر أسبوع حتى علم الجميع عنوان هذا المقر السري!
في لقاء مرسي الأخير، بخصوص سد النهضة، لم يكن أيمن نور يعلم ان اللقاء مذاع على الهواء مباشرة، وهو ما اعترف به لخالد صلاح على قناة ‘النهار’، وطالب بمحاكمة المسئول عن ذلك، وقال انه اندهش من إذاعة اللقاء على الهواء مباشرة.
أيمن بدا في هذا اللقاء مشاهداً بإسراف لأفلام الخيال العلمي، فاقترح أن تقوم مصر بحركات ‘قرعاء’ بأن ترسل طائرتين تحلقان فوق سماء أثيوبيا، أو أن تشيع أنها امتلكت صواريخ من النوع الذي يمكن ان يسمع به الإثيوبيون فيهتفون: يا حفيظ.. لكن لم يكن نور في أفلام الكارتون أكثر عبقرية من محمد عصمت السادات، الذي اقترح أن تقوم المخابرات باستقطاب القبائل، وتأليبها على الرئيس الأثيوبي.. كل هذا على الهواء مباشرة.
محظوظ عصمت السادات هذا، فهو الوحيد من بين رؤساء الأحزاب الذي يحضر هنا وهناك، ويشارك في لقاءات الرئيس ويخرج منها على اجتماعات جبهة الإنقاذ، في حين أن أيمن نور عندما غادر الجبهة إلى الرئاسة عند أول دعوة، لم يقبلوه في الإنقاذ ثانية، فتركها إلى تشكيل قديم وهلامي اسمه تحالف أحزاب الـ ’15′، وكان قد أسسه ثم تركه، ثم عاد إليه الآن وعلي قاعدة: ‘حمارتك العرجاء ولا سؤال اللئيم’.
عشوائية المؤسسة
ومهما يكن، فقد بدا واضحاً أن مؤسسة الرئاسة ليس في نيتها عقاب من تسبب في هذه الفضيحة، التي كانت مثار سخرية الناس، وأمسك فيها مقدمو الفضائيات بأيديهم وأسنانهم، للتأكيد على عشوائية المؤسسة، على نحو يمثل إساءة لمقام مصر، وكل له في مدح النبي غرام، فالمعارضة المنتمية للثورة، ترى أنها دليل على وجاهة دعوتها بإسقاط حكم الرئيس مرسي، وانتخاب رئيس جديد، والثورة المضادة تعاملت معها على أنها ترد الاعتبار لحسني ابن أبيه!
وبدا أمر الرئاسة غريباً، فلأن باكينام الشرقاوي من أهل الثقة، فقد تم الاكتفاء باعتذارها على ‘تويتر’ بانها نسيت ان تبلغ المدعوين بأنه تقرر في آخر لحظة نقل اللقاء على الهواء مباشرة، كما لو كانت قد نسيت وتركت ‘حلة المحشي’ على البوتاجاز ونامت.
ومن الواضح ان المذكورة باكينام لم تستطع إلى الآن، أن تعلم معنى ان تكون مساعداً لرئيس الجمهورية، ومعنى ألا يتم إعلان المشاركين أن اللقاء على الهواء مباشرة، فتكون النتيجة تذكيراً لنا بمسلسل الأطفال القديم ‘بوجي وطمطم في رمضان’.
مأساة الحكم الإخواني أنه عندما يمل من انتظار أن تحرز المعارضة فيه هدفاً فانه يحرز هدفاً في نفسه، إيماناً منه بأن وقوع البلاء خير من انتظاره.
سيكون مفيداً أن تغادر باكينام الشرقاوي قصر الرئاسة لتعطي ربات البيوت درساً في ‘تقميع البامية’، فأجيال جديدة من المتزوجات حديثاً لا يعرفن كيف ‘يقمعن البامية’ ما من شأنه أن يهدد الاستقرار الأسري، لأزواج كانت أمهاتهم محترفات في ذلك.
أزمة ساعة مصرية
كتبنا من قبل عن حالة الملل التي يتسبب فيها برنامج ‘ساعة مصرية’ على قناة ‘روتانا’ لإصراره على استمرار أربعة ضيوف بعينهم يومياً، وأمس الأول جاء الفرج، فقد انسحب منه اثنان دفعة واحدة، هما هاني صلاح الدين عن الإخوان المسلمين، وطارق الزمر عن حزب ‘البناء والتنمية’، فأخيراً طارق غضب، وكنت أظن انه محصن ضد الغضب، وهو هادئ هدوء يدعو للحسد وكأنه معجون في ماء الوداعة!
طارق وهاني انسحبا احتجاجاً على استخدام عبد الحليم قنديل كلمات تدخل في باب السباب عند حديثه عن جماعة الإخوان، وهذه ليست أول مرة، لكن من الواضح أن الزمر غضب بالتراكم، فجاء انسحابه ليس من الحلقة فقط ولكن من البرنامج كله، وتبعه هاني صلاح الدين، فالقيادي في حزب الجماعة الإسلامية، غضب لسب الإخوان، وليس معقولاً أن ينسحب ويبقى ممثل الإخوان ليكون في حكم من جاءوا يساعدونه في حفر قبر والده فحمل فأسه وخلع.
قنديل ينتمي إلى مدرسة في النقد، غير التي أنتمي إليها، فأنا تستهويني تلك المدرسة التي تجعل من تتعرض له بالنقد يخبط رأسه في الحائط غضباً، دون ان يمسك الناقد متلبساً بما يتم تجريمه به قانوناً من سب وقذف واهانة، في حين أن قنديل يستخدم العنف اللفظي ليشفي غليله من خصومه.
قد يتوافر السلاح في يد عبد الحليم قنديل، وبطلقة واحدة يمكن أن يُنهي خصمه، لكنه يلقي بالسلاح جانباً ويقف على قارعة الطريق يسبه ويلعنه، ويبحث عن مفردات جديدة يقوم بنحتها لإشباع رغبته في النيل والتنكيل.
عبد الحليم قنديل كانت بيده قنبلة، تتمثل في امتحان مادة ‘العقوبات’ بكلية الحقوق جامعة جنوب الوادي، ووضع الامتحان اثنان من الأساتذة، لا نعلم هويتهما السياسية لكن قنديل قال إنهما من الإخوان، والسؤال الأول كان فضيحة تنال من مكانتهما العلمية، وتؤهلهما للعودة تلاميذ في كلية الحقوق، إذ وصفا جبهة الإنقاذ بجبهة الخراب، وسبا معارضي الحكم الإخواني، وغمزا فيهما ولمزا، وتنابزا بالألقاب، باستخدام أسماء بعينها مثل تهاني الجبالي وغيرها!
قنديل بعد أن قرأ السؤال الجريمة، نحى هذه القنبلة جانباً واستل سلاح الردع اللفظي واخذ يهتف ضد الإخوان.. فهم خرفان.. وهم عملاء للأمريكان.. لينسحب الزمر وهاني من البرنامج احتجاجاً على ذلك.
المرة القادمة بمشيئة الله تعالى ينسحب عبد الحليم قنديل وسعد هجرس ليجدد البرنامج دماءه بالانسحاب، بدلا من هذه الرتابة الملة.
أرض جو
- عندما أشاهدها تلت وتفت في مقابلاتها على قناة ‘التحرير’، أقف على أن الصحافة المكتوبة ستر وغطاء، والصحافة المصرية تعرف قسماً ربما لا وجود له في كثير من صحف العالم اسمه ‘الدسك’ الذي يتولى مراجعة المادة الصحافية قبل النشر، وإعادة صياغتها إن لزم الأمر.