[احمد العـتيبي]

انهم يحرقون مصر

بقلم - د.حماه الله السالم*

كان في مصر فسطاط واحد لعمرو بن العاص هو نواة مصر الإسلامية، لكن يبدو أنها ستصير إلى فسطاطين لا ثالث لهما، فسطاط يحكم باسم الشعب، يخطئ أو يصيب، وفسطاط يعارض باسم الديمقراطية لكنه يحرق مصر أراد أم لم يرد.

ما يحدث في اليوم ليس مجرد حراك اجتماعي أو موجة من موجات الربيع العربي الذي عرفته أرض الكنانة يوم 25 يناير.
جموع غاضبة من كل شيء، أو هكذا يبدو، وتجوس خلال الديار والساحات، ترفض القرارات الرسمية ولا تريد مطالب محددة، هي غاضبة هكذا.

وجموع أخرى أكثر شباباً و"فتوة" تحمل المطاوي والسنجات والعصي والمدى تقتل وتجرح وتخرب وتنهب، وتستنزف قوى الأمن المستنزفة والمشكوك فيها من كل الأطراف.

كانت هناك حركة 6 أبريل ولها قبس من شرعية 25 يناير، لكن طلع نجم ما كان هو جماعة "بلاك بلاوك" رفض "أخونة الدولة" ولذلك تكسر وتجرح وتحرق وتكره وتُكْره، وتعلن جهرا نهارا أنها لا تخشى شيئا.

أخشى ما نخشاه جميعا أن يكون ما نشرته بعض المواقع المولعة بالمؤامرة صحيحاً، حيث سبق لبعضها أن تحدث وبالصور والوثائق عن تدريب وتهذيب تقوم به مؤسسات أمريكية لمجموعات من الشباب المصري حتى في أيام مبارك، وقبل ثورة يناير، والغريب أن تلك المواقع عرضت صوراً للشباب يحمل السلاح المتقدم "سلاح القناصة"؟ وهو ما يثير العجب والخوف من تدريب الشباب على الديمقراطية ثم على بنادق القنص المتقدمة، وهو ما يعطي صدقية لنظرية روسية راجت مع الربيع تقول بوجود قناصين يقتلون أهدافاً مدنية لصب الزيت على النار في المظاهرات التي تطورت إلى الثورات العربية.

لست مؤمناً بأن الثورات كانت بفعل غربي، لكنني مقتنع وأنا في ذلك مع الكثرة من المهتمين، بأن شيئاً ما دخل على الخط لإفراغ الربيع من أزهاره وجعله بلا لون ولا طعم بل وملئه بالحرائق المتعمدة التي تحول عطره إلى نفس كريه.

هناك مقولة صرح بها ثعلب السياسة الأمريكي هنري كيسنجر مفادها "أن الغرب؟ سيقوم بتدريب شباب الشرق الأوسط لمواجهة تلك اللحى المجنونة" وهو كلام مخيف إذا تطابق مع صعود تلك المجموعات الشبابية التي تحرق وربما تقتل.

هناك شيء يتم تبييته لمصر يبدأ بالفوضى ولا ينتهي بالتقسيم وفق الرؤية التدميرية التي رسمها على خرائطه المؤرخ برنارد لويس، وهو ما نرجو أن يواجهه أهلنا في مصر بالحكمة وضبط النفس أخطأ النظام أو أصاب.

*كاتب موريتاني

المصدر