عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 29-Jan-2013, 12:24 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
احمد العـتيبي

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو







احمد العـتيبي غير متواجد حالياً

افتراضي

4/تابع

واجبات الآباء نحو الأبناء:


هناك واجبات هامة على الآباء نحو الأبناء، أهم هذه الواجبات هي النفقة. ولوضوحها أقتصر على ذكرها فقط، والتسوية بينهم في المعاملة، وأخيراً التربية والتعليم. وبيان هذين الموضوعين الأخيرين على النحو التالي:

1- التسوية بين الأولاد في المعاملة:

إن تسوية الأبناء في المعاملة من واجب الآباء، وهذه نقطة مهمة، ذلك أن التفرقة في المعاملة تولد الحقد والحسد فيما بينهم وتزيل المحبة والتعاطف فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين الآباء من جهة أخرى، إلى جانب هذا وذاك تكون هذه التفرقة سبباً لنشأة بعض الأمراض السيكولوجية أو النفسية في حالات كثيرة. ولهذا قال الرسول r : .. ( اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ )(42).

2- التربية والتعليم:

إن التربية والتعليم في غاية الأهمية في البيت، لعل الإحساس بهذه الأهمية يجعلنا نعالجها بشيء من التفصيل، لكي يكون الآباء والأمهات على بينة. فمن أهم مبادئها على أقل تقدير وليعرفوا مغازيها وأسرارها والنقط الهامة التي يؤدي الخطأ فيها إلى أخطار قد لا يمكن علاجها فيما بعد.

ولهذا فقد أعطى الإسلام العناية الكبرى لتربية البيت وشجع الآباء على تربية أبنائهم وخاصة التربية الخلقية ففي الأثر: عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ :عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ) (43) ولما نزل قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}(44) قال مجاهد: "قوا أنفسكم وأوصوا أهليكم وأدبوهم" وعن أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ ) (45)، لأن التربية الأخلاقية أهم من تعليم العلوم في المرحلة الأولى من حياة الطفل.
حقوق الأبوين على الأولاد(46)

لم ينس الإسلام أن يبين حقوق الوالدين، وأن يشرع منهاج معاملتهم، فهما أصل الأسرة اللذان تحملا العبء وواجها المصاعب في سبيل رعاية الأبناء وتوفير الأمن والسعادة لهم.
فجعل لهما حق البر واللطف والرعاية والرحمة، وأكد هذا الحق حيث قرنه بحق الله، له ما له من الإجلال والوفاء: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا أَلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}(47).

وخص حال الشيخوخة بمزيد من الحنو والترفق والإكرام والتوقير فهي المرحلة التي يجنيان فيها ثمار الكدح، ويتوجان بتاج الكفاح ويجزيان جزاء الجهاد والدأب: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً# وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}(48).

وتلك مشاعر الفطرة نحو من لم يشب إحسانهما غرض ولم يبغها بجهادهما أجراً، بل بذلا الرعاية الموصولة والحنان الغامر قربة وفطرة. فلا أقل من التقدير والعرفان، حفظاً على الوفاء، وصيانة للإنسانية من آفات الجحود والنكران.

لقد كان حق الوالدين من العهود الخالدة التي أخذ الله بها الميثاق وكرر بها الوصاة، ولعن من أجلها الناكثين الغادرين.

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}(49) وهذا يعظم حرمة الأبوين ويهول إزعاجهما والعدوان عليهما. ولذا كان عقوق الوالدين وجحد إحسانهما من كبائر الذنوب التي لا تنبغي لمسلم، إذ هو قرين الشرك بالله.

قال النبي: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الشرك بالله، وعقوق الوالدين ...".(50)

والفشل في الظفر برضا الوالدين من دلائل الخسران والبوار، إذ أن رضا الوالدين من رضا الله، وسخطهما من سخطه، وحسبك بهذا قدسية وجلالاً.

وفي الحديث: "رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخـل الجـنة" (51)، ما أجل ذلك!.

إن رضاهما طريق للجنة، فإذا حازه الولد فقد بلغ، فليعرف الأبناء الطريق إلى رضوان الله.

وقد اختص الإسلام الأم بتأكيد الوصاة، حتى لا يستهان بحقها وهي ذات الفضل والتحمل، التي لا يقابل جهدها بشكر ولا يقدر بجزاء: {وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(52).

إن الولد جزء من الأم، حملته في الأحشاء وغذته من الغذاء، فلما خرج إلى الدنيا حضنته وسهرت عليه وربطت حياتها به، تتحمل الأثقال وتنهض بالأحمال عن رضا وفرحة.

فهل يسوغ أن يذهل الإنسان عن تلك المضحية من أجله المنهكة في سبيله، وهل يهون عليه كفاحها وضناها..؟!، لذا نبه القرآن على تلك المرحلة التي لا يعيها الإنسان، وإن كانت أهم مراحل عمره وأخطرها، ولفته إلى ما فيها من بذل وفداء، حتى يضـع ذلك أمـام عينيه وينـظر إلى أمـه من خلاله.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَال: (أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ (53). ذلك لأن الإنسان يرى جهد أبيه في سبيله ورعايته له وإنفاقه عليه، ولكنه لا يرى حمل أمه له وقيامها عليه في مهده، فاحتاجت الأم إلى تأكيد الوصية وتثبيت الحق لها في الحب والتوقير والإكرام.

كما جعل الإسلام إرضاء الأم وإيناسها ورحمتها طريقاً إلى الجنة .. " فَعنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ :أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ ؟ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ: نَعَمْ . قَالَ: ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا)(54)

والناس بخير ما عرفوا حق الأمهات، فإن ربهم يكره أن تنطمس بصائرهم وتجحد قلوبهم .. وذلك لا يستقيم مع الإيمان ولا يتفق مع عهده.

عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ)(55). والزمن الذي يفشو فيه عقوق الأمهات والقسوة عليهن والغفلة عن حقوقهن هو زمن الفناء، الذي يجف فيه الخير ويغيض الإيمان.

فقد ذكر الرسول من علامات الساعة: "أن تلد الأمة ربتها" فعن عمر ابن الخطاب : فيما ذكر في حديث جبريل الطويل عند ذكر علامات الساعة قَالَ(أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا)(56) أي تلد المرأة من يعاملها معاملة السيد لجاريته!. وهذا تحذير من الاستطالة وإرهاب من العدوان. لقد بلغ الإسلام في تقرير حق الوالدين قدراً رفيعاً من الرحمة والكرامة والوفاء.

ومن ذلك إيجاب الإحسان إليهما ولو مشركين، بل ولو بلغا مرحلة الدعوة إلى الكـفر وحمل الابن عليه.

فلا يمنع كفرهما من الإحسان إليهما، ولا يحمل على مضارتهما وجحد حقهما، يقول الله تعالى: }وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً{(57).
وسألت الرسول r أسماء بنت أبي بكر: إن أمي زارتني وهي راغبة، أفأصلها؟! "وكانت أمها مشركة"، فقال: "صلي أمك"(58).

وهذا هدي رائع، يدل على مدى رعاية الإسلام للأبوة والأمومة، وحرصه على برهما وشكرهما، وهو أيضاً دليل على إنسانية هذا الدين وتأكيده لعلائق البر والوفاء والخير والعطاء.

___________________________________________

(42)أخرجه مسلم كتاب الهبات باب كَرَاهَةِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَوْلَادِ فِي الْهِبَةِ (6/75) حدبث رقم (1623)
(43)أخرجه ابن ماجة كتاب الأدب بَاب بِرِّ الْوَالِدِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ (609) حديث رقم (3671)
(44)سورة التحريم , الآية (6)
(45)أخرجه الترمذي كِتَاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ بَاب مَا جَاءَ فِي أَدَبِ الْوَلَدِ (444) حديث رقم (1952)
(46)
(47)سورة الإسراء , الآية (23)
(48)سورة الإسراء , الآية (23-24)
(49)سورة البقرة , الآية (83)
(50)أخرجه البخاري , كتاب الشهادات , باب ما قيل في شهادة الزور (2/938)
(51)أخرجه مسلم , كتاب البر والصلة والآداب , باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخل الجنة (4/1976)
(52)سورة لقمان , الآية (14)
(53) أخرجه البخاري كِتَاب الْأَدَبِ بَاب مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ(10/452) حديث رقم (5971) ، ومسلمكِتَاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ بَاب بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ (8/343) حديث رقم (2548)
(54)أخرجه النسائي كِتَاب الْجِهَادِ الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ لِمَنْ لَهُ وَالِدَةٌ (478) حديث رقم (3104)
(55)أخرجه البخاري كِتَاب فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالْحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ بَاب مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ(5/79) حديث رقم (2408) ، ومسلم كِتَاب الْأَقْضِيَةِ / بَاب النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَالنَّهْيِ عَنْ مَنْعٍ وَهَاتِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ أَدَاءِ حَقٍّ لَزِمَهُ أَوْ طَلَبِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ (6/251) حديث رقم (1715)
(56) أخرجه مسلم كِتَاب الْإِيمَانِ بَاب بَيَانِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ (1/177) حديث رقم (8) وغيره
(57)سورة لقمان , الآية (15)
(58)أخرجه البخاري , كتاب الهبة وفضلها , باب الهدية للمشركين (2/924)


يتبع/5
















رد مع اقتباس