عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 05-Feb-2012, 03:31 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد الذيابـــي

مشرف منتدى قصائد الاعضاء


الصورة الرمزية محمد الذيابـــي

إحصائية العضو






التوقيت


محمد الذيابـــي غير متواجد حالياً

افتراضي خمسون يوماً بساعه للدكتور / نايف العتيبي

خمسون يوماً بساعة ( مقال بصحيفة سبق الالكترونيه )



د. نايف بن محمد العصيمي


إن الإنسان جُبل على الضَّعْف والعجز وقِلَّة الصبر، وجُبل أيضاً على الغرور والبطر والنسيان والتمرد والعتو. وإن من خصائص النفس البشرية أن تفرح وتحزن وتعاني وتصبر، ومن سمات الدنيا أنها موضوعة على الكدر، بل نعيمها وجناتها لا تخلو من المنغصات، ولا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات من الكروب والشدائد، ولا تجد نفساً تعيش النعيم الدائم المقيم وفي معزل عن الحزن والبلاء والشدة. وإن العاقل الحُرّ - والحالة هذه – لا بد أن يعلم ويوقن بأنه ليس الأوحد تجاه هذه القضية، وإنما سبيله للخروج من أزماته أن يتفكر ويعتبر ويوطِّن نفسه ويصطبر.

وإن التفكُّر والاعتبار إنما يكونان من أهل التدبر والاتعاظ أولي النهى.

ومن أجمل الشواهد على مثل هذه القضايا لك أن تتأملقوله تعالى {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} (117) سورة التوبة. والمراد بساعة العسرة هي خمسون يوماً قضاها المسلمون في غزوة تبوك بكل أحداثها كما جاء عَنْ مُجَاهِدٍ قال: {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} يَعْنِي: "فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ".

ولتلخيص الشدائد التي مرَّت هنالك إليك ما قال عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ قَالَ: "خَرَجُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى بَعِيرٍ وَاحِدٍ، وَخَرَجُوا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ،فَأَصَابَهُمْ يَوْمًا عَطَشٌ شَدِيدٌ حَتَّى جَعَلُوا يَنْحَرُونَ إِبِلَهُمْ،فَيَعْصِرُونَ أَكْرَاشَهَا، وَيَشْرَبُونَ مَاءَهَا، فَكَانَ ذَلِكَ عُسْرَةً مِنَ الْمَاءِ، وَعُسْرَةً مِنَ الظَّهْرِ، وَعُسْرَةً مِنَ النَّفَقَةِ".

وقال مقاتل بن سليمان: أصاب المسلمين جهد وجوع شديد؛ فكان الرجلان والثلاثة يعتقبون بعيراً سوى ما عليه من الزاد، وتكون التمرة بين الرجلين والثلاثة، يعمد أحدهم إلى التمرة فيلوكها ثم يعطيها الآخر فيلوكها ثم يراها آخر فيناشده أن يجهدها ثم يعطيها إياه.

خمسون يوماً – بحسب كتب السيرة - قضاها النبي -صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام في العسر في تلك الغزوة، من مبتدئها إلى منتهاها، ومع ذلك سمى الله تعالى كل ذلك الوقت {ساعة}؛ لأن العُسْر لا يدوم بل ينقضي ويأتي بعده اليُسْر والتسهيل من الله تعالى. قال ابن مسعود: "لو دخل العسر في جحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه". بل إن مع العسر يسرَيْن.

كم من الأجور العظيمة والفوائد الجليلة التي جناهاالمسلمون على مدى التاريخ من تلك الغزوة؟ وكم هي آثارها العظيمة التي كانت من أهم ركائز قيام الدولة الإسلامية؟ إن في هذا الأسلوب القرآني لعِبْرة لكل من يُكلم ويحزن وتدور عليه دوائر العُسْر والضيق والشدة بأن يوقن بأن مع العُسْر يسرَيْن، وأن الشدة مهما طالت فإنما هي عابرة، وإنما هي مجرد ساعة















التوقيع
التوقيع

محمد الذيابـــي
رد مع اقتباس