عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 11-Nov-2005, 04:11 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
السيف والقلم
عضو مهم

الصورة الرمزية السيف والقلم

إحصائية العضو






السيف والقلم غير متواجد حالياً

Question واقف ليه يا حمار؟!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقال للكاتب مشعل السديري


واقف ليه يا حمار؟!

هناك احتمال كبير أن اترك المدن جميعها وأهاجر إلى قمة جبل يعصمني من الإزعاج، وفلتان الأعصاب، وكثرة الجراثيم، خصوصاً وقد عرفت أن هناك اثنتي عشرة جرثومة في المتر المكعب من هواء الجبال، و88 ألفا في هواء المدينة، وأربعة ملايين في الأماكن المغلقة فيها.

كما أن الزحام الذي يطوق أعناقنا ويكتم على أنفاسنا أصبح بالفعل رهيبا، بل (وإرهابياً)، ولا أنسى قبل عدة أيام بينما كنت أقود سيارتي، أو بمعنى أكثر دقة بينما كنت قابعاً في داخل سيارتي في عز الظهيرة، وهي واقفة لا تتزحزح من مكانها، وأمامها وخلفها رتل من السيارات، وإشارة المرور يتعاقب ضوؤها بالأخضر والأحمر دون جدوى.

أخذت سيارتي أخيراً تسير سير السلحفاة، في الوقت الذي أتحدث فيه بالهاتف متذمراً مع من توسمت فيه الرأفة بحالي، وحانت مني التفاتة بالصدفة للسيارة التي كانت بجانبي، وشاهدت طفلة لا يتجاوز عمرها ثمانية أعوام، كانت على ما اعتقد جالسة بجانب والدها، وأخذت تبتسم لي، فقطعت المكالمة وبادلتها الابتسام، فأشارت لزجاج الشباك أن افتحه، وفعلاً فتحته، وإذا بيدها الصغيرة تمتد نحوي (بقنينة) مياه بلاستيكية باردة، تناولتها من يدها، وكان ذلك بالنسبة لي مفاجأة ولفتة جميلة، وللأسف عندما أردت أن أقول لها شكراً كانت سيارة والدها قد تجاوزتني، وحلت محلها سيارة كان سائقها كث اللحية، فقلت بيني وبين نفسي لا شعوريا: سبحان من خلق وفرق.

وحالي هو أهون من حال احد الأصدقاء، عندما كنا نتجاذب أطراف الحديث، ونتجادل، ونرمي همومنا على بعضنا بعضا، ومن ضمنها بالطبع زحام بعض المدن، والفوضى الضاربة الاطناب بها، وكان ذلك الصديق قادماً لتوه من مدينة عربية كبيرة لا أريد أن اسميها ويقول: إنني عندما كنت واقفاً أمام الإشارة الحمراء، وإذا بسيارة كانت تضرب لي (البوري) أي الزامور، أو الكلاكس، فتركته يضرب دون أن التفت له، وإذا به يلف بسيارتي ويتجاوزني ويقطع الإشارة، وكل ذلك كان بالنسبة لي (مبلوعاً)، بل وطبيعياً، غير أن ما جعلني اضحك من شدة الألم، انه وهو يتجاوزني كان قد فتح نافذة سيارته، واخذ يلوح بيده ويصرخ بأعلى صوته قائلاً لي: واقف ليه يا حمار؟!

طبعاً الحمار كان واقفا، لأن الإشارة كانت حمراء، صحيح انه ما يفهم.




-----**-----