عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 14-Aug-2011, 07:01 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
خ ـيـال
عضو
إحصائية العضو







خ ـيـال غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى خ ـيـال
افتراضي

.
.

الورقة رقم (6)





سابع, أو سادس.. لا أذكر جيداً .. هي من المستحيلات! مقاومة النوم في هذه الصالة العريضة, ليست هي العلة في أسلوب
أستاذنا القدير "بـلـخـي" (حاشاه عن ذلك!), بل هي المكيفات الضخمة التي تملأ الصالة صخباً وبرودة! تشعر أن أطرافك تبدأ في التجمد! النعاس
يمارس أساليبه المتنوعة بطرق أبواب أجفانك وخنق وعيك وإغراء جوارحك بالهدوء والاسترخاء.. فـ المَيَلان! وتحاول جاهداً يائساً بتدفئة
جسمك بأي وسيلة كانت لكن لا جدوى! , الآن فقط عليك أن تسلم أمرك لهذا الدكتاتوري المتسلّط (النوم) وأن تبتكر طريقة أو
وضعية مخادعة لا تثير شبهة النوم .. وتثير النوم في داخلك.

الأستاذ عبدالغفور بـلـخـي, بخبرته الطويلة, ومهارته في استئصال إنطباعات الحاضرين أمامه. كان قادراً على معرفة ما إن كنا
قد مللنا من طريقة شرحه التي لا تقبل بالممل كـ شعار لها. أو أن النوم قد بدأ يغالبنا,
يحاول بجهد جهيد أن يجذب إهتمامنا إلى ما يقوله, أن نصغي إليه بجوارحنا, أن نميز هذا الصوت الذي يتخلله صراعات تجارب
امتدت على مدى 20 سنة! كان ماهراً في توصيل أفكاره, مرتب في عباراته, وكأنه يحضّر لهذا المشهد من أيام ولا يبدو عليه ذلك,
فهو إرتجالي كما بدا لي, يجوب الصالة جيئةً وذهاباً ويفعل ما بوسعه لأن يجعل المعلومة أو الفكرة واضحة ناصعة بين يدي عقولنا .. مجردة وأقرب
إلى الواقع. ثم فجأة يلقي بـ نكته, طرفه تثير الحاضرين ويبدأ صوت ضحكاته يعانق سقف الصالة بهستيرية لطيفة!
(لا أحـد يسألني كيف تكون الهستيريا لطيفة, كل شيء مع بلخي ممكن).

كان بحق يجيد فنون المحاضرة, يعرف جيداً متى يصوب بـ بندقية أفكاره إلى الأهداف المناسبة بتوقيت مناسب, ومتى يستعين بمواقفه
المضحكة والغريبة ليقضي على ترسبات الجدية والرسمية, يعرف تماماً مقاييس التعب والملل, ومقادير الفكاهة والطرافة..!
يقيناً, تشعر بأن الذي أمامك لم يخلق إلا ليكون مدرباً ومحاضراً.

كانت محاضراته تتحدث عن الأخطاء التي تحدث سواءاً أثناء الطيران, أو خلال صيانة أجزاء الطائرة ومحركاتها, أو تلك التي تحدث
في المطار. يستعين من آن إلى آخر بالبروجكتور ويستعرض الصور التي تدعم نصائحه .. يبين فيها الكوارث التي حدثت لبعض الموظفين,
ويبدأ بتشغيل بعض مقاطع الفيديو التي تحمل وتأكد على خطورة التساهل في بعض اجراءات السلامة.
وبعض المقاطع المضحكة, التي التقطها بلا شك من موقع اليوتيوب (سبق وأن شاهدتها ولكن تظاهرت بأني أشاهدها لأول مرة كي لا يفقد حماسه).


أيضاً هنالك عرض بوربوينت يوضح إجراءات السلامة, يستعرضها ويشرح كل جزئية بإستفاضة.
عندما يبدأ عرض البروربوينت, يتحول جو الصالة فجأة إلى ما يشبه الرتابة! , وتتضاءل مقاومتنا للإسترخاء والهدوء بعد إختفاء
الأسحلة التي كنا نستعين بها (عرض الفيديو وطرفات بلخي) لنصد بها هجوم هذه المكيفات التي لا تفتأ تفوح منها رائحة النوم, تخنق بها يقضتنا وتركيزنا.

هناك بريكان (بريك break, وقت مستقطع), الأول من الساعة العاشرة إلى العاشرة والنصف, يمكّن هؤلاء من ألِفوا عادة التدخين أن
يملأوا فوهة (الخرمة) بسجائر تكيّفهم وتكفيهم حتى البريك الآخر, البريك الآخر خلال وقت صلاة الظهر,من الثانية عشر وربع إلى الواحدة
وعشر دقائق تقريباً, أيضاً تتيح لنا (نحن معشر الغير مدخنين) بأن (نطـلّـق) أرجلنا وأن يذهب من يرغب إلى الكافيتيريا, وأن نفعل ما
يحلو لنا خلال فترة البريك.


هذا ما حدث في اليوم الأول, حرّص بلخي ونبّه في النهاية على أن الحضور يجب ان يكون في الثامنة تماماً,
الذي يأتي (ثمانية و ْ ) لن يسمح له بدخول الصالة, وأن علينا أن نلتزم باللباس الرياضي.
غادرنا الأكاديمية تقريباً في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر, واتجه كل منا إلى سيارته, يجر ما تبقى من وعيه يستعين به ليصل إلى سيارته فضلاً
عن وصوله إلى منزله سالماً.




نهاية الورقة رقم (6)

.
.















رد مع اقتباس