الورقة رقم (1)
هاجس الإبتعاد عن عنيزة, عن المنزل ,عن حضن أمي, عن جبين أبي, عن محيط عائلتي, أصبح المرافق الأول لعقلي,
لا يفارقني ولا يدع للهدوء مستقراً في تفكيري, بعد ما نقل لي الدكتور إبراهيم السلامة خبر موافقة الخطوط الجوية السعودية لضمّي وإثنين من زملائي (عبدالعزيز الشلاحي و محمد البليهي)
لنكون نحن الثلاثة من نمثل كلية الهندسة في جامعة القصيم, هناك في جدة.
كان الخبر مباغتاً!! أربك حساباتي رغم احتياطاتي النفسية واستعدادي لإحتواءه
سعاداتي كانت لا يمكن أن تشخّص !
كنت شبه سعيد ! متحفظ على مشاعري حتى مع نفسي, لا أدري حقيقةً ما اعتراني حينها,
كنت سعيداً بالقبول! آسفاً على عدم قبول بقية زملائي, مطرقاً بالتفكير في الحياة في جدة,
جدة التي لا أعرف كيف هي ملامحها, ولا أملك تصوراً بسيطاً عنها يقيني تسلط التساؤلات التي باتت تطرق عقلي بهراوة.
جاء هذا القرار الذي اتخذته أثناء محاضرة القياسات مع الدكتور محمود صابر, بعدما كانت ورقة الرغبات تحوم في القاعة,
ومن قلم طالب الى آخر, حتى وقعت بين يدي! لم أكن أفكر حينها بشركة أتدرب فيها سوى أرامكو! ,
ككل المهندسين طبعاً أطمح إلى العمل في هذه الشركة الضخمة التي تعنى وتهتم بشتى أقسام الهندسة,
القيت نظرة سريعة على قائمة الطلاب ورغباتهم الموضوعة, كان من بين هذه الرغبات شركة الخطوط الجوية!
ومكان الشركة .. جدة! .. مدونة أمام خانة أحد الزملاء , أذكره اسمه جيداً!
لا أذكر أني قابلت أو سمعت أن هنالك تدريب في الخطوط الجوية حينها!
تدريب في الخطوط الجوية!, أمر مثير للغاية بمجرد التفكير فيه !!
وجدتها فكرة مغرية وجرئية .. هناك! في جدة .. حيث أنت والبحر! والمولات الضخمة ,
واللهجة المثيرة, والوجوه الجديدة والمتجددة, والسلوكيات الغريبة! و الأعراق المختلفة!
جدة.. مدينة لا تحمل بطاقة هوية تمثلها, هي ببساطة قليل من كل شيء.
فكرت حينها!, وفكرت! واستعنت بكل ما يجعل هذا الأمر ممكنا في نظري ثم استقرت خياراتي على :
أرامكو.. وكانت الرغبة الأولى, وفي خانة الرغبة الثانية وضعت : الخطوط الجوية – جدة!
وجاء قراري بعدها بأيام, أني لا أريد سوى الخطوط, مكاناً أتدرب فيه
نهاية الورقة رقم (1)