عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 02-Jan-2011, 01:14 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
د/ نايف العتيبي
إدارة القسم الإسلامي
(دكتوراه في الإدارة التربوية والتخطيط - باحث في العلوم الشرعية والتراث الإسلامي)

الصورة الرمزية د/ نايف العتيبي

إحصائية العضو







د/ نايف العتيبي غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى د/ نايف العتيبي
افتراضي

فصل :


المفسد الأول :


فأما ما تؤثره كثرة الخلطة فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود ويوجب له تشتتا وتفرقا وهما وغما وضعفا وحملا لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء وإضاعة مصاحله والاشتغال عنها بهم وبأمورهم وتقسم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة هذا وكم جلبت خلطة الناس من نقمة ودفعت من نعمة وأنزلت من منحة وعطلت من منحة وأحلت من رزية وأوقعت في بلية وهل آفة الناس إلا الناس وهل كان على أبي طالب عند الوفاة أضر من قرناء السوء لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمة واحدة توجب له سعادة الأبد وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا وقضاء وطر بعضهم من بعض تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة ويعض المخلط عليها يديه ندما كما قال تعالى (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني )الفرقان 2729 وقال تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين الزخرف )67 وقال خليله إبراهيم لقومه (إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين) العنكبوت 25 وهذا شأن كل مشتركين في غرض يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله فإذا انقطع ذلك الغرض أعقب ندامة وحزنا وألما وانقلبت تلك المودة بغضا ولعنة وذما من بعضهم لبعض لما انقلب ذلك الغرض حزنا وعذابا كما يشاهد في هذه الدار من أحوال المشتركين في خزيه إذا أخذوا وعوقبوا فكل متساعدين على باطل متوادين عليه لا بد أن تنقلب مودتهما بغضا وعداوة والضابط النافع في أمر الخلطة أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة والأعياد والحج وتعلم العلم والجهاد والنصيحة ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات فإذا دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر ولم يمكنه اعتزالهم فالحذر الحذر أن يوافقهم وليصبر على أذاهم فإنهم لا بد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له وتعظيم وثناء عليه منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له ومقت وذم منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة وأحمد مآلا وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه ويشجع نفسه ويقوي قلبه ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطع له عن ذلك بأن هذا رياء ومحبة لإظهار علمك وحالك ونحو ذلك فليحاربه وليستغن بالله ويؤثر فيهم من الخير ما أمكنه فإن أعجزته المقادير عن ذلك فليسل قلبه من بينهم كسل الشعرة من العجين وليكن فيهم حاضرا غائبا قريبا بعيدا نائما يقظانا ينظر إليهم ولا يبصرهم ويسمع كلامهم ولا يعيه لأنه قد أخذ قلبه من بينهم ورقى به إلى الملأ الأعلى يسبح حول العرش مع الأرواح العلوية الزكية وما أصعب هذا وأشقه على النفوس وإنه ليسير على من يسره الله عليه فبين العبد وبينه أن يصدق الله تبارك وتعالى ويديم اللجأ إليه ويلقي نفسه على بابه طريحا ذليلا ولا يعين على هذا إلا محبة صادقة والذكر الدائم بالقلب واللسان وتجنب المفسدات الأربع الباقية الآتي ذكرها ولا ينال هذا إلا بعدة صالحة ومادة قوة من الله عز وجل وعزيمة صادقة وفراغ من التعلق بغير الله تعالى والله تعالى أعلم .















التوقيع
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
رد مع اقتباس