الاخ العزيز السيف والقلم حفظك الله
اسمح لى اخي الكريم بهذى الاضافة
ولتعلمن نبأه بعد حين..حديث الفلوجة
أ.د.ناصر بن سليمان العمر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين، نبي الهدى والرحمة، المبعوث بالسيف والكتاب والحكمة، وبعد: أبدأ بقول الله: "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" فرعون هذا الزمان دولة طغت وبغت، أفسدت في الأرض وأهلكت الحرث والنسل، وذبّحت الولدان والنساء، وعتت عتواً كبيراً، إنها الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة التي لا تكتفي باستضعاف المسلمين وتقتيلهم بل تؤلب الأمم عليهم، وتساند أعدى أعدائهم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
هاهي قبل أيام تعلن دعمها للصهاينة بعشرة مليار دولار، وتبارك اغتيالهم للشيخ أحمد يس -رحمه الله- وأخيراً هي ذي بكل قوتها وجبروتها تحاصر مدينة صغيرة، تُهَدِّم مساجدها، وتقصف بيوتها، وما نقمت منها إلاّ كونها معقل من معاقل العزة والإسلام والجهاد.
ومهما تذرعت به أمريكا من ذرائع وزعمت أنها إنما تنتقم لبعض أفراد مثل بهم أو أحرقوا، فليس ذلك هو الدافع الوحيد إن صح أنهم من فعلوا ذلك.
ثم هنا سؤال عارض يطرح نفسه، ماذا ينتظر الأمريكان من سلاح صنعوه، وعرفوا خصائصه! هل خلت انفجارات قنابلهم، وقذائف صواريخهم من إحراق وتمزيق وبعثرة لأشلاء المؤمنين؟
لست أدري ماذا كانوا يتوقعون من حادث استعملت فيه المتفجرات التي ابتكروها، هل كانوا يتوقعون أن يهب شعب العراق لإطفاء المركبات، وإخراج الجنود سالمين!
إن الإسلام ينهى عن التمثيل وفي الحديث الصحيح "لا تمثلوا"، ولكن الرد بالمثل حق من حقوق المعتدى عليهم "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم ولئن صبرتم لهو خير للصابرين"، والولايات المتحدة تحت سمع وبصر العالم تستعمل القنابل الحارقة والمحرمة دولياً.
ومع ذلك فليس السبب هو مهلك نفر منهم، ولكن لأن الفلوجة التي يسكنها 700.000 من أهل السنة، استطاعوا طوال السنة الماضية أن يدخلوا الرعب في نفوس الأمريكان بعملياتهم اليومية التي تصطاد الغزاة جماعات ووحداناً، فكانت غصة في حلق الأمريكان قبل هذه الأحداث.
لقد خدعت الولايات المتحدة بالمظاهر المفتعلة عند سقوط بغداد، عندما استقبلهم بعض السذج والرافضة بإيحاء أمريكي في بعض الأحوال، فظنوا أن العراق قد دان لهم، وأن مقاوموهم متفرقون هنا وهناك لن يصمدوا أمام بأسهم طويلاً، ولكن يبدو أن درس الفلوجة سيكون واحداً من الدروس القاسية التي تتلقاها أمريكا، والله _تعالى_ سيري هؤلاء البغاة المستكبرين من مجاهدي الفلوجة ما كانوا يحذرون، ولعل أولى بشريات النصر أن الأمريكان هم من طلب الهدنة ورفض المجاهدون ذلك، فلنتفاءل بالفلوجة، بمجاهديها وباسمها، وما لنا لا نتفاءل وقد تفاءل رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ باسم سهيل الكافر يومها.
وقد ذكر أهل العلم أن "الأسماء قوالب للمعاني ، دالة عليها، اقتضتِ الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباطٌ وتناسب، وألا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تَعَلُّقَ له بها، فإنَّ حكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقع يشهد بخلافه؛ بل للأسماء تأثيرٌ في المسميات، وللمسميات تأثرٌ عن أسمائها في الحُسن والقبح، والخِفة والثقل، واللطافة والكثافة، ولعل من هذا القبيل التفاؤل بالفلوجة فهي من فلج، وفلج الأرض شقها وحرثها وقلبها وفلج بحاجته، أي: ظفر بها وفلج بحجته، أي: أحسن أداءها فغلب خصمه، والفلج، هو: الظفر والفوز.
لقد كان الناس يظنون أن أهل الفلوجة سيفرون منها وهي تحاصر، ولكنهم فوجئوا بالعراقيين من غيرها يأتون لمناصرة إخوانهم فيها وأكثرهم عزل. الجميع يشارك في الجهاد كل حسب طاقته، حتى النساء يساهمن بإيواء المجاهدين ويرسلن الطعام والكساء، مما اضطر الأمريكان لتهديدهن وتحذيرهن من إيواء المجاهدين. لقد أعيتهم الحيلة فعلاً فأخذوا يستغلون فقر الناس وحاجتهم ويعدونهم بـ2500 دولار لكل من يدل على مجاهد، ومع ذلك فلا مجيب إلاّ لسان الحال: لن نرقع دنيانا بتمزيق ديننا.
إن أحداث الفلوجة ستدفع أمريكا لإعادة حساباتها ألف مرة قبل أن تقدم على حماقة جديدة.
لقد هزمت أمريكا يوم سقطت شعاراتها ودعاوى الحرية والديمقراطية فأصبحت تضيق على وسائل الإعلام وتزور أخباراً وتتستر على أخرى.
لقد هزمت أمريكا حين انتهكت القوانين بل وانقلبت حتى على القوانين التي وضعتها بدعوى محاربة الإرهاب وهي صاحبة إرهاب الدولة المنظم وداعمة الارهابيين في العالم كله، يهوداً ونصارى ومنافقين.
هزمت أمريكا يوم خدعت شعبها بقصة أسلحة الدمار الشاملة الكاذبة ودعاوى تحرير الشعوب من قبضة الديكتاتوريين.
وهزمت أمريكا يوم تهاوت صورة جنديها، وملأ الذعر قلبه فصاروا بين منتحر ومهووس يطلق النار على كل ما تقع عليه عينه، حتى اضطر وزارة الدفاع لتغيير مواقعهم وتبديلهم.
لقد سقطت أمريكا وستسقط سقوطا حسياً مدوياً كما سقطت الشيوعية وهي في قمة جبروتها ولديها من وسائل الردع النووية والتقليدية ما لديها، ولكن أخذها الله أخذ عزيز مقتدر.
لقد استطاع بوش أن يفي بوعد واحد؛ أن يشعلها حرباً صليبية لا هوادة فيها، لقد كان يعني ذلك، وأخذ بعض منهزمينا يدعي أنه أخطأ في الترجمة، والحروب تستعر هنا وهناك أمام أنظارهم.إنهم الصليبيون الجدد، تتار العصر مهما زخرفوا القول ليخدعوا المساكين
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطب
والواجب علينا أن نستفيد من العراق دروساً وعبراً، وأن نعمل على محاور شتى، ومما يتعين علينا مايلي:
علينا أن ندرك حقيقة القوم، فليس فيهم صقور وحمائم بل كلهم وحوش. لقد وصل بوش إلى البيت الأبيض بسبب أصوات المسلمين بفارق بسيط عن منافسه، ولعل في هذه العقوبة درساً لهم، فعلينا ألا ننتظر من نتيجة الانتخابات الأمريكية شيئاً فكلهم عدو للإسلام والمسلمين "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر". علينا أن ندرك حقيقة صنائعهم من حكام ومنظمات، فكلهم يؤدي دوراً مرسوماً.
علينا أن نوقن بأن الحل يكمن في الإسلام، لا القوميات .. العرب مشغولون بالسفاسف، ولا يستطيعون أن يعقدوا قمة فهل ننتظر منهم أن ينقذوا أمة؟! منذ خمسين سنة ماذا فعلوا؟ إن القوة الحقيقية حسية ومعنوية في الإسلام والجهاد، فالأقوياء هم الذين يرسمون خارطة العالم، أما التعلق بالأوهام، والدبلوماسية الخانعة فليس وراءه إلا السراب.
علينا أن نعرف عدونا الحقيقي، وأن نحيي عقيدة الولاء و البراء التي يسعى المنافقون لإلغائها ولن يفلحوا؛لأنها في القرآن الذي تعهد الله _تعالى_ بحفظه "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء" "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم".
علينا أن نعلم أن مشكلة الأمة لن تحل إلاّ بالجهاد باللسان والسنان والمال، ولكن علينا ألا نندفع ونستغرق في اللحظة الحاضرة، وألا نتعامل بردة الفعل.
حذار حذار من التنازع والخلاف، وحذار حذار من تخذيل المجاهدين، فليسعك السكوت إن لم يسعك قول الحق، فكف شرك عن الناس صدقة منك على نفسك.
وعلى المخذلين أن يتقوا الله وأن يراعوا مصلحة البلاد وألا يفتعلوا المعارك ليشغلونا بها عن أعدائنا مؤدين بذلك دوراً مرسوماً.
إلى متى يشغلون المسلمين بستار أكاديمي وسوبر ستار، وإلى متى تشرع المقاهي أبوابها، لأي هدف ولصالح من؟
علينا أن ندرك فائدة الصبر وعاقبته الحميدة، فعليكم بالصبر وعدم الاستعجال، الصبر الإيجابي الذي يبني ولا يهدم ويعد الأمة ويقدمها، لا الصبر السلبي الذي يخذل ويؤخر، ويعقد عن الجهاد بغير طائل.
علينا أن نثبت على الدين ونمسك به، وألا نقدم التنازلات تلو التنازلات باسم المصلحة، فتكون النتيجة تمييع المبادئ، فيزداد إلى الوهن الحسي وهن معنوي يكفل للأعداء الظهور والغلبة.
وبالمقابل علينا ألانفتح جبهات في غير محلها، تعود على المجاهدين الحقيقيين بالضرر، كإحداث الشغب والتفجير في بلاد المسلمين، والتي يتضرر منها الآمنون والمجاهدون في فلسطين والعراق وغيرها، كما تتضرر منها الدعوة في بلاد المسلمين، و لا تعود بخير حتى على المستعجلين.
علينا كذلك واجب النصرة بالنسبة من كان في العراق بالمال والنفس والسلاح، ومن كان خارجها بالمال والدعاء والدعم، ولا أرى أن الجهاد فرض عين على من كان خارج العراق؛ لأن إخوانكم لا يعوزهم الرجال، ومن ذهب فقتل فنرجو له الشهادة، وإن كنا نعتقد أن الأصلح والأنفع أن يُدعم المجاهدون من خارج أرض العراق بما يعينهم على جهادهم، معنوياً وحسياً.
وختاماً علينا الإكثار من الدعاء والتوبة "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ" " وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ * إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
علينا أن نستثمر ما في الأحداث من إيجابيات وبشائر، ونخفف من المفاسد ما استطعنا، وأن نوقن بنصر الله الآت، وعد الله ولن يخلف الله وعده "ولتعلمن نبأه بعد حين".
أسأل الله العلي القدير أن يعلي كتابه وسنة نبيه وعباده الصالحين، وأن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يزلزل أركان الكافرين المعتدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.