الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة
[ الرد على ما نشر في الصحف حول توظيف النساء في الدوائر الحكومية ]
الرد رقم (22) حول
توظيف النساء في الدوائر الحكومية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين أما بعد:-
فقد اطلعت على ما نشر في الصحف المحلية في الأول من شهر رمضان عام 1400 هـ من اعتزام فرع ديوان الخدمة المدنية بالمنطقة الشرقية على توظيف النساء في الدوائر الحكومية للقيام بأعمال النسخ والترجمة والأعمال الكتابية الأخرى، ثم قرأت ما كتبه الأخ الناصح محمد أحمد حساني في صحيفة الندوة في عددها الصادر في 8 / 9 / 1400 هـ.
تعقيبا على ذلك الخبر، وكان صادقا وناصحا للأمة في تعقيبه فشكر الله له وأثابه، ذلك أن من المعلوم أن نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال يؤدي إلى الاختلاط وذلك أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، وهو مصادم للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها، والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال.
والأدلة الصريحة الصحيحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية، وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله:
أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
منها قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا
وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الآية وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
وقال الله عز وعلا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ إلى أن قال سبحانه: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء - يعني: الأجنبيات - قال رجل من الأنصار: (أفرأيت الحمو) قال: الحمو الموت ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم، وعن السفر إلا مع ذي محرم سدا لذريعة الفساد، وإغلاقا لباب الإثم، وحسما لأسباب الشر، وحماية للنوعين من مكايد الشيطان ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء وقال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما
وهذه الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب القرار في البيت، والابتعاد عن الاختلاط المؤدي إلى الفساد، وتقويض الأسر، وخراب المجتمعات، فما الذي يلجئنا إلى مخالفتها، والوقوع فيما يغضب الله ويحل بالأمة بأسه وعقابه، ألا نعتبر فيما وقع في المجتمعات التي سبقت إلى هذا الأمر الخطير، وصارت تتحسر على ما فعلت وتتمنى أن تعود إلى حالنا التي نحن عليها الآن..
لماذا لا ننظر إلى وضع المرأة في بعض البلدان الإسلامية المجاورة كيف أصبحت مهانة، مبتذلة بسبب إخراجها من بيتها، وجعلها تعمل في غير وظيفتها، لقد نادى العقلاء هناك وفي البلدان الغربية بوجوب إعادة المرأة إلى وضعها الطبيعي الذي هيأها الله له وركبها عليه جسميا ونفسيا وعقليا، ولكن بعد ما فات الأوان، ألا فليتق الله المسئولون في ديوان الخدمة المدنية، والرئاسة العامة لتعليم البنات، وليراقبوه سبحانه فلا يفتحوا على الأمة بابا عظيما من أبواب الشر إذا فتح كان من الصعب إغلاقه.
وليعلموا أن النصح لهذا البلد حكومة وشعبا هو العمل على ما يبقيه مجتمعا متماسكا قويا سائرا على نهج الكتاب والسنة، وسد أبواب الضعف والوهن ومنافذ الشرور والفتن ولا سيما ونحن في عصرنا تكالب الأعداء فيه على المسلمين، وأصبحنا أشد ما نكون حاجة إلى عون الله، ودفعه عنا شرور أعدائنا ومكائدهم، فلا يجوز لنا أن نفتح أبوابا من الشر مغلقة، ولعل في كلمتي هذه ما يذكر المسئولين في ديوان الخدمة المدنية، والرئاسة العامة لتعليم البنات بما يجب عليهم من مراعاة أمر الله ورسوله، والنظر فيما تمليه المصلحة العامة لهذه الأمة، والاستفادة مما قاله الأخ أحمد حساني من أن عملية نقص الموظفين لا تعالج بالدعوة إلى إشراك النساء في وظائف الرجال سدا للذريعة، وقفلا لباب المحاذير، بل إن العلاج الصحيح يكون بإيجاد الحوافز لآلاف الشبان الذين لا يجدون في العمل الحكومي ما يشجع للالتحاق به، فيتجهون إلى العمل الحر، أو إلى المؤسسات والشركات، ومن هنا منطلق العلاج الصحيح هو تبسيط إجراءات تعيين الموظفين، وعدم التعقيد في الطلبات وإعطاء الموظف ما يستحق مقابل جهده، وعندها سوف يكون لدى كل إدارة فائض من الموظفين.
هذا وإنني مطمئن إن شاء الله إلى أن المسئولين بعد قراءتهم لهذه الكلمة سيرجعون عما فكروا فيه من تشغيل المرأة بأعمال الرجال إذا علموا أن ذلك محرم بالكتاب والسنة، ومصادم للفطرة السليمة، ومن أقوى الأسباب في تخلخل المجتمع وتداعي بنيانه، وهو مع ذلك أمنية غالية لأعداء المسلمين يعملون لها منذ عشرات السنين، وينفقون لتحقيقها الأموال الطائلة، ويبذلون لذلك الجهود المضنية ونرجو أن لا يكون أبناؤنا وإخواننا معينين لهم، ومحققين لأغراضهم.
أسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من مكايد الأعداء، ومخططاتهم المدمرة، وأن يوفق المسئولين فيها إلى حمل الناس على ما يصلح شئونهم في الدنيا والآخرة تنفيذا لأمر ربهم وخالقهم والعالم بمصالحهم، وأن يوفق المسئولين في ديوان الخدمة المدنية، والرئاسة العامة لتعليم البنات لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد في أمر المعاش والمعاد، وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين من مضلات الفتن وأسباب النقم إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
--------------------------------------------------------------------------------
"خروج المرأة للعمل "، موقع سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله
http://www.ibnbaz.com