( فتى الجرد )
01-Nov-2006, 12:04 AM
>رجــل يحكـــي قصتــه فيقــول .....
>
>
>نصف ساعة تحت الأرض ...
>أكيد مجنون .. أو أنه لديه مصيبة .. والحق أن لدي مصيبة ...
>أي شخص كان قد رآني متسلقا صور المقبرة في هذه الساعة من الليل كان ليقول
>هذا الكلام
>*
>*
>*
>كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله أنه كان لديه قبرا في
>منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى .. ( رب ارجعون رب ارجعون ) .. ثم
>يقوم منتفضا ويقول ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل ..
>
>
>
>حدث أن فاتتني صلاة الفجر وهي صلاة لو دأب عليها المسلم لأحس بضيقة شديدة
>عندما تفوته طوال اليوم .. ثم تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني ..
>فقلت لابد وفي الأمر شئ .. ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي ... هنا كان
>لابد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمور
>فتروح بي إلى النار
>قررت أن أدخل القبر حتى أؤدبها ... ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن هذا هو
>منزلها ومسكنها إلى ما يشاء الله ... وكل يوم أقول لنفسي دع هذا الأمر غدا..
> وجلست أسول في هذا الأمر حتى فاتتني صلاة الفجر مرة أخرى .. حينها قلت
>كفى ... وأقسمت أن يكون الأمر هذه الليلة ...
>
>
>
>ذهبت بعد منتصف الليل .. حتى لا يراني أحد وتفكرت .. هل أدخل من الباب ؟
> حينها سأوقظ حارس المقبرة ... أو لعله غير موجود ... أم أتسور السور ..
> إن أيقظته لعله يقول لي تعال في الغد .. أو حتى يمنعني وحينها يضيع قسمي ..
> فقررت أن أتسور السور .. ورفعت ثوبي وتلثمت بواسطة الشماغ واستعنت
>بالله وصعدت ...
>برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيرا كمشيع ... إلا أنني أحسست أنني أراها
>لأول مرة .. ورغم أنها كانت ليلة مقمرة .. إلا أنني أكاد أقسم أنني ما
>رأيت أشد منها سوادا ... تلك الليلة ... كانت ظلمة حالكة ... سكون رهيب ..
>هذا هو صمت القبور بحق
>
>
>
>تأملتها كثيرا من أعلى السور .. واستنشقت هوائها.. نعم إنها رائحة القبور ..
> أميزها عن ألف رائحة ..رائحة الحنوط .. رائحة بها طعم الموت الصافي ..
>وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين .. إيه أيتها القبور .. ما أشد صمتك..
> وما أشد ما تخفيه .. ضحك ونعيم .. وصراخ وعذاب اليم .. ماذا سيقول لي
>أهلك لو حدثتهم .. لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلى الله عليه وسلم
>
>( الصلاة وما ملكت أيمانكم )
>
>قررت أن أهبط حتى لا يراني أحد في هذه الحالة .. فلو رآني أحد فإما سيقول
>أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة .. وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر
>عدة مرات .. وهبطت داخل المقبرة .. وأحسست حينها برجفة في القلب ..
> والتصقت بالجدار ولا أدري لكي أحتمي من ماذا ؟ .. عللت ذلك لنفسي
> بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها ... نعم أنا لست جبانا ...
> أم لعلي شعرت بالخوف حقا!!!
>نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بها القبور المفتوحة والتي تنتظر ساكنيها ..
>إنها أشد بقع المقبرة سوادا وكأنها تناديني .. مشتاقة إلي ... وجلست
>أمشي محاذرا بين القبور .. وكلما
>تجاوزت قبرا تساءلت .. أشقي أم سعيد ؟ ..
>شقي بسبب ماذا .. أضيّع الصلاة . .. أم كان من أهل الغناء والطرب .. أم
>كان من أهل الزنى .. لعل من تجاوزت قبره الآن كان يظن أنه أشد أهل الأرض..
> وأن شبابه لن يفنى .. وأنه لن يموت كمن مات قبله ...أم أنه قال ما زال
>في العمر بقية ... سبحان من قهر الخلق بالموت
>
>
>
>أبصرت الممر ... حتى إذا وصلت إليه ووضعت قدمي عليه أسرعت نبضات قلبي
>فالقبور يميني ويساري .. وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية .. ثم بدأت
>أولى خطواتي .. بدت وكأنها دهر .. أين سرعة قدمي .. ما أثقلهما الآن ..
>تمنيت أن تطول المسافة ولا تنتهي أبدا .. لأنني أعلم ما ينتظرني هناك ..
>أعلم ....
>فقد رأيته كثيرا .. ولكن هذه المرة مختلفة تماما
>أفكار عجيبة .. بل أكاد أسمع همهمة خلف أذني .. نعم ... أسمع همهمة جلية..
> وكأن شخصا يتنفس خلف أذني .. خفت أن أنظر خلفي .. خفت أن أرى أشخاصا
>يلوحون إلي من بعيد .. خيالات سوداء تعجب من القادم
>في هذا الوقت ...
>بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطان ولا يهمني شيء طالما أنني قد صليت العشاء في
>جماعه فلا يهمني
>أخيرا أبصرت القبور المفتوحة .. أكاد اقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت
>اشد منها سوادا .. كيف أتتني الجرأة حتى اصل بخطواتي إلى هنا ؟.. بل كيف
>سأنزل في هذا القبر ؟.. وأي شئ ينتظرني في الأسفل .. فكرت بالإكتفاء
>بالوقوف .. و أن أصوم ثلاثة أيام .. ولكن لا .. لن أصل إلى هنا ثم أقف ..
>يجب أن أكمل .. ولكن لن أنزل إليه مباشرة ... بل سأجلس خارجه قليلا
> حتى تأنس نفسي..
>ما أشد ظلمته .. وما أشد ضيقه .. كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة
>من حفر النار أو روضة من رياض الجنة .. سبحان الله .. يبدوا أن الجو قد
>ازداد برودة .. أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظر.. هل هذا صوت الريح..
> ليس ريحا .. لا أرى ذرة غبار في الهواء !!! ...هل هي وسوسة أخرى ؟؟؟
>استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. ثم أنزلت الشماغ ووضعته على الأرض ثم
>جلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب
>إنه المكان الذي لا مفر منه أبدا .. سبحان الله .. نسعى لكي نحصل على كل
>شيء . وهذه هي النهاية .. لا شيء
>كم تنازعنا في الدنيا .. اغتبنا .. تركنا الصلاة .. آثرنا الغناء على
>القرآن .. والكارثة أننا نعلم أن هذا مصيرنا .. وقد حذرنا الله ورغم ذلك
>نتجاهل .. ثم أشحت وجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت...
> وكأني خفت أن يرد علي أحدهم
>يا أهل القبور .. مالكم .. أين أصواتكم .. أين أبناؤكم عنكم اليوم .. أين
>أموالكم .. أين وأين .. كيف هو الحساب .. اخبروني عن ضمة القبر .. أتكسر
>الأضلاع ..أخبروني عن منكر و نكير .. أخبروني عن حالكم مع الدود .. سبحان
>الله .. نستاء إذا قدم لنا أهلنا طعام بارد أو لا يوافق شهيتنا .. واليوم
>نحن الطعام
>لابد من النزول إلى القبر
>قمت وتوكلت على الله ونزلت برجلي اليمين وافترشت شماغي ووضعت رأسي ..
>وأنا أفكر .. ماذا لو انهال علي التراب فجأة ... ماذا لو ضم القبر علي مرة واحده ....
>
> ثم نمت على ظهري وأغلقت عيني حتى تهدأ ضربات قلبي ... حتى تخف
>هذه الرجفة التي في الجسد ... ما أشده من موقف وأنا حي .. فكيف سيكون عند
>الموت ؟
>فكرت أن أنظر إلى اللحد .. هو بجانبي ... والله لا أعلم شيئا أشد منه
>ظلمه .. ويا للعجب .. رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء
>البارد يأتي منه .. فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف
>خفت أن انظر إليه فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران إلى بقسوة .. أو
>أن أرى وجها شاحبا لرجل تكسوه علامات الموت ناظرا إلى الأعلى متجاهلني
>تماما .. أو كما سمعت من شيخ دفن العديد من الموتى أنه رأى رجلا جحظت عيناه
>بين يديه إلى الخارج وسال الدم من أنفه .. وكأنه ضرب بمطرقة من حديد لو
>نزلت على جبل لدكته لتركه الصلاة ... ومازال يحلم بهذا المنظر كل يوم ..
>حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد .. ليس بي من الشجاعة أن أخاطر وأرى أيا
>من هذه المناظر .. رغم علمي أن اللحد خاليا .. ولكن تكفي هذه الأفكار
>حتى أمتنع تماما وإن كنت جلست انظر إليه من طرف خفي كل لحظة
>ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
>
>لا إله إلا الله إن للموت سكرات
>تخيلت جسدي يرتجف بقوه وأنا ارفع يدي محاولا إرجاع روحي وصراخ أهلي من
>حولي عاليا أين الطبيب أين الطبيب
>
>( فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )
>
>تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون لا إله إلا الله ... تخيلتهم يمشون بي
>سريعا إلى القبر وتخيلت صديقا ... أعلم أنه يحب أن يكون أول من ينزل إلى
>القبر .. تخيلته يحمل رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع ويصرخ فيهم .. جهزوا
>الطوب ... تخيلت أحمد .... كعادته يجري ممسكا إبريقا من الماء يناولهم
>إياه بعدما حثوا علي التراب .. تخيلت الكل يرش الماء على قبري .. تخيلت
>شيخنا يصيح فيهم ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل .. أدعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل
>
>ثم رحلوا وتركوني
>وكأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما قد ظهروا بأصوات مفزعة ..
>وأشكال مخيفة .. لا مفر منهم ينادون بعضهم البعض.. أهو العبد العاصي ؟...
>فيقول الآخر نعم ..فيقول .. أمشيع متروك ... أم محمول ليس له مفر ؟ ...
>فيقول الآخر بل محمول إلينا .. فيقول هلموا إليه حتى يعلم إن الله عزيز ذو انتقام .
>
>رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين ... ما غرك بربك الكريم حتى
>تنام عن الفريضة .. أحقير مثلك يعصى الجبار والرعد يسبح بحمده والملائكة
>من خيفته .. لا نجاة لك منا اليوم ... أصرخ ليس لصراخك مجيب
>فجلست أصرخ رب ارجعون ... رب ارجعون ... وكأني بصوت يهز القبر والسماوات
>يملأني يئسا يقول
>
>( كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )
>
>حتى بكيت ما شاء الله أن أبكي .. وقلت الحمدلله رب العالمين .. مازال هناك
>وقت للتوبة
>أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
>ثم قمت مكسورا ... وقد عرفت قدري وبأن لي ضعفي وأخذت شماغي وأزلت عنه ما
>بقى من تراب القبر وعدت وأنا أقول
>سبحان من قهر الخلق بالموت
>
>خاتمة
>
>من ظن أن هذه الآية لهوا وعبثا فليترك صلاته و ليفعل ما يشاء
>
>(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)
>
>وليلهو وليسوف في توبته فيوما قريبا سيقتص الحق لنفسه وويل لمن كان خصمه
>القهار ولم يبالي بتحذيره ... و لم يبالي بعقوبته ... و لم يبالي بتخويفه
>أسألكم بالله أي شجاعة فيكم حتى لا تخيفكم هذه الآية
>
>(ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا)
>
>اللهم بلغت اللهم فاشهد
>
>
>منقول للفائدة
>
>
>نصف ساعة تحت الأرض ...
>أكيد مجنون .. أو أنه لديه مصيبة .. والحق أن لدي مصيبة ...
>أي شخص كان قد رآني متسلقا صور المقبرة في هذه الساعة من الليل كان ليقول
>هذا الكلام
>*
>*
>*
>كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله أنه كان لديه قبرا في
>منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى .. ( رب ارجعون رب ارجعون ) .. ثم
>يقوم منتفضا ويقول ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل ..
>
>
>
>حدث أن فاتتني صلاة الفجر وهي صلاة لو دأب عليها المسلم لأحس بضيقة شديدة
>عندما تفوته طوال اليوم .. ثم تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني ..
>فقلت لابد وفي الأمر شئ .. ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي ... هنا كان
>لابد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمور
>فتروح بي إلى النار
>قررت أن أدخل القبر حتى أؤدبها ... ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن هذا هو
>منزلها ومسكنها إلى ما يشاء الله ... وكل يوم أقول لنفسي دع هذا الأمر غدا..
> وجلست أسول في هذا الأمر حتى فاتتني صلاة الفجر مرة أخرى .. حينها قلت
>كفى ... وأقسمت أن يكون الأمر هذه الليلة ...
>
>
>
>ذهبت بعد منتصف الليل .. حتى لا يراني أحد وتفكرت .. هل أدخل من الباب ؟
> حينها سأوقظ حارس المقبرة ... أو لعله غير موجود ... أم أتسور السور ..
> إن أيقظته لعله يقول لي تعال في الغد .. أو حتى يمنعني وحينها يضيع قسمي ..
> فقررت أن أتسور السور .. ورفعت ثوبي وتلثمت بواسطة الشماغ واستعنت
>بالله وصعدت ...
>برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيرا كمشيع ... إلا أنني أحسست أنني أراها
>لأول مرة .. ورغم أنها كانت ليلة مقمرة .. إلا أنني أكاد أقسم أنني ما
>رأيت أشد منها سوادا ... تلك الليلة ... كانت ظلمة حالكة ... سكون رهيب ..
>هذا هو صمت القبور بحق
>
>
>
>تأملتها كثيرا من أعلى السور .. واستنشقت هوائها.. نعم إنها رائحة القبور ..
> أميزها عن ألف رائحة ..رائحة الحنوط .. رائحة بها طعم الموت الصافي ..
>وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين .. إيه أيتها القبور .. ما أشد صمتك..
> وما أشد ما تخفيه .. ضحك ونعيم .. وصراخ وعذاب اليم .. ماذا سيقول لي
>أهلك لو حدثتهم .. لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلى الله عليه وسلم
>
>( الصلاة وما ملكت أيمانكم )
>
>قررت أن أهبط حتى لا يراني أحد في هذه الحالة .. فلو رآني أحد فإما سيقول
>أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة .. وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر
>عدة مرات .. وهبطت داخل المقبرة .. وأحسست حينها برجفة في القلب ..
> والتصقت بالجدار ولا أدري لكي أحتمي من ماذا ؟ .. عللت ذلك لنفسي
> بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها ... نعم أنا لست جبانا ...
> أم لعلي شعرت بالخوف حقا!!!
>نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بها القبور المفتوحة والتي تنتظر ساكنيها ..
>إنها أشد بقع المقبرة سوادا وكأنها تناديني .. مشتاقة إلي ... وجلست
>أمشي محاذرا بين القبور .. وكلما
>تجاوزت قبرا تساءلت .. أشقي أم سعيد ؟ ..
>شقي بسبب ماذا .. أضيّع الصلاة . .. أم كان من أهل الغناء والطرب .. أم
>كان من أهل الزنى .. لعل من تجاوزت قبره الآن كان يظن أنه أشد أهل الأرض..
> وأن شبابه لن يفنى .. وأنه لن يموت كمن مات قبله ...أم أنه قال ما زال
>في العمر بقية ... سبحان من قهر الخلق بالموت
>
>
>
>أبصرت الممر ... حتى إذا وصلت إليه ووضعت قدمي عليه أسرعت نبضات قلبي
>فالقبور يميني ويساري .. وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية .. ثم بدأت
>أولى خطواتي .. بدت وكأنها دهر .. أين سرعة قدمي .. ما أثقلهما الآن ..
>تمنيت أن تطول المسافة ولا تنتهي أبدا .. لأنني أعلم ما ينتظرني هناك ..
>أعلم ....
>فقد رأيته كثيرا .. ولكن هذه المرة مختلفة تماما
>أفكار عجيبة .. بل أكاد أسمع همهمة خلف أذني .. نعم ... أسمع همهمة جلية..
> وكأن شخصا يتنفس خلف أذني .. خفت أن أنظر خلفي .. خفت أن أرى أشخاصا
>يلوحون إلي من بعيد .. خيالات سوداء تعجب من القادم
>في هذا الوقت ...
>بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطان ولا يهمني شيء طالما أنني قد صليت العشاء في
>جماعه فلا يهمني
>أخيرا أبصرت القبور المفتوحة .. أكاد اقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت
>اشد منها سوادا .. كيف أتتني الجرأة حتى اصل بخطواتي إلى هنا ؟.. بل كيف
>سأنزل في هذا القبر ؟.. وأي شئ ينتظرني في الأسفل .. فكرت بالإكتفاء
>بالوقوف .. و أن أصوم ثلاثة أيام .. ولكن لا .. لن أصل إلى هنا ثم أقف ..
>يجب أن أكمل .. ولكن لن أنزل إليه مباشرة ... بل سأجلس خارجه قليلا
> حتى تأنس نفسي..
>ما أشد ظلمته .. وما أشد ضيقه .. كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة
>من حفر النار أو روضة من رياض الجنة .. سبحان الله .. يبدوا أن الجو قد
>ازداد برودة .. أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظر.. هل هذا صوت الريح..
> ليس ريحا .. لا أرى ذرة غبار في الهواء !!! ...هل هي وسوسة أخرى ؟؟؟
>استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. ثم أنزلت الشماغ ووضعته على الأرض ثم
>جلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب
>إنه المكان الذي لا مفر منه أبدا .. سبحان الله .. نسعى لكي نحصل على كل
>شيء . وهذه هي النهاية .. لا شيء
>كم تنازعنا في الدنيا .. اغتبنا .. تركنا الصلاة .. آثرنا الغناء على
>القرآن .. والكارثة أننا نعلم أن هذا مصيرنا .. وقد حذرنا الله ورغم ذلك
>نتجاهل .. ثم أشحت وجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت...
> وكأني خفت أن يرد علي أحدهم
>يا أهل القبور .. مالكم .. أين أصواتكم .. أين أبناؤكم عنكم اليوم .. أين
>أموالكم .. أين وأين .. كيف هو الحساب .. اخبروني عن ضمة القبر .. أتكسر
>الأضلاع ..أخبروني عن منكر و نكير .. أخبروني عن حالكم مع الدود .. سبحان
>الله .. نستاء إذا قدم لنا أهلنا طعام بارد أو لا يوافق شهيتنا .. واليوم
>نحن الطعام
>لابد من النزول إلى القبر
>قمت وتوكلت على الله ونزلت برجلي اليمين وافترشت شماغي ووضعت رأسي ..
>وأنا أفكر .. ماذا لو انهال علي التراب فجأة ... ماذا لو ضم القبر علي مرة واحده ....
>
> ثم نمت على ظهري وأغلقت عيني حتى تهدأ ضربات قلبي ... حتى تخف
>هذه الرجفة التي في الجسد ... ما أشده من موقف وأنا حي .. فكيف سيكون عند
>الموت ؟
>فكرت أن أنظر إلى اللحد .. هو بجانبي ... والله لا أعلم شيئا أشد منه
>ظلمه .. ويا للعجب .. رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء
>البارد يأتي منه .. فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف
>خفت أن انظر إليه فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران إلى بقسوة .. أو
>أن أرى وجها شاحبا لرجل تكسوه علامات الموت ناظرا إلى الأعلى متجاهلني
>تماما .. أو كما سمعت من شيخ دفن العديد من الموتى أنه رأى رجلا جحظت عيناه
>بين يديه إلى الخارج وسال الدم من أنفه .. وكأنه ضرب بمطرقة من حديد لو
>نزلت على جبل لدكته لتركه الصلاة ... ومازال يحلم بهذا المنظر كل يوم ..
>حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد .. ليس بي من الشجاعة أن أخاطر وأرى أيا
>من هذه المناظر .. رغم علمي أن اللحد خاليا .. ولكن تكفي هذه الأفكار
>حتى أمتنع تماما وإن كنت جلست انظر إليه من طرف خفي كل لحظة
>ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
>
>لا إله إلا الله إن للموت سكرات
>تخيلت جسدي يرتجف بقوه وأنا ارفع يدي محاولا إرجاع روحي وصراخ أهلي من
>حولي عاليا أين الطبيب أين الطبيب
>
>( فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )
>
>تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون لا إله إلا الله ... تخيلتهم يمشون بي
>سريعا إلى القبر وتخيلت صديقا ... أعلم أنه يحب أن يكون أول من ينزل إلى
>القبر .. تخيلته يحمل رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع ويصرخ فيهم .. جهزوا
>الطوب ... تخيلت أحمد .... كعادته يجري ممسكا إبريقا من الماء يناولهم
>إياه بعدما حثوا علي التراب .. تخيلت الكل يرش الماء على قبري .. تخيلت
>شيخنا يصيح فيهم ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل .. أدعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل
>
>ثم رحلوا وتركوني
>وكأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما قد ظهروا بأصوات مفزعة ..
>وأشكال مخيفة .. لا مفر منهم ينادون بعضهم البعض.. أهو العبد العاصي ؟...
>فيقول الآخر نعم ..فيقول .. أمشيع متروك ... أم محمول ليس له مفر ؟ ...
>فيقول الآخر بل محمول إلينا .. فيقول هلموا إليه حتى يعلم إن الله عزيز ذو انتقام .
>
>رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين ... ما غرك بربك الكريم حتى
>تنام عن الفريضة .. أحقير مثلك يعصى الجبار والرعد يسبح بحمده والملائكة
>من خيفته .. لا نجاة لك منا اليوم ... أصرخ ليس لصراخك مجيب
>فجلست أصرخ رب ارجعون ... رب ارجعون ... وكأني بصوت يهز القبر والسماوات
>يملأني يئسا يقول
>
>( كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )
>
>حتى بكيت ما شاء الله أن أبكي .. وقلت الحمدلله رب العالمين .. مازال هناك
>وقت للتوبة
>أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
>ثم قمت مكسورا ... وقد عرفت قدري وبأن لي ضعفي وأخذت شماغي وأزلت عنه ما
>بقى من تراب القبر وعدت وأنا أقول
>سبحان من قهر الخلق بالموت
>
>خاتمة
>
>من ظن أن هذه الآية لهوا وعبثا فليترك صلاته و ليفعل ما يشاء
>
>(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)
>
>وليلهو وليسوف في توبته فيوما قريبا سيقتص الحق لنفسه وويل لمن كان خصمه
>القهار ولم يبالي بتحذيره ... و لم يبالي بعقوبته ... و لم يبالي بتخويفه
>أسألكم بالله أي شجاعة فيكم حتى لا تخيفكم هذه الآية
>
>(ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا)
>
>اللهم بلغت اللهم فاشهد
>
>
>منقول للفائدة