الحقوق الأربعة في مهرجان الإبل

[أبوثنتين]

بدر بن عبدالمحسن المقحم

من محاسن الصدف أنني كنت في إحدى الليالي الباردة من ليالي الرياض أقلّب جهاز التحكم الخاص بالقنوات الفضائية علّي أجد قناة تبعدني عن جو القنوات المثيرة التي لا يحمل القيم منها إلا أخباراً تتصل بحروب دائرة أو صراعات منتشرة في مناطق جغرافية مختلفة من العالم أو الحديث عن أزمات يعانيها الإنسان في بلاد شتى تعود أسبابها لعوامل سياسية أو اقتصادية أو بيئية. وبينما أنا في هذه الأثناء إذا بي أقع على قناة (الساحة) وهي تبث المهرجان الاحتفالي الذي أقامه أحد أعيان عتيبة صاحب الفكرة والداعي لمزايين إبل قبيلة عتيبة يوم 1427/12/3ه (في إحدى القاعات بالرياض) على شرف شيوخ وأبناء هذه القبيلة العربية الأصيلة من بينهم عبدالله بن عمر بن ربيعان، حيث توافدوا في هذه المناسبة الكريمة محبة لتعزيز الصلات بينهم والتشاور حول إقامة مهرجان لمزايين الإبل على غرار مهرجان أم رقيبة الذي لاقى صدى واسعاً في الأوساط السعودية والخليجية بفضل الله ثم بفضل الرعاية الكريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز.. وعندما تأملت هذه الصورة التلاحمية من خلال هذا النقل التلفزيوني التي زادها بهاء كلمة الافتتاح، راودني الكثير من الأفكار والرؤى للأبعاد الاجتماعية لمثل هذا اللقاء، فلأن كان الهدف من هذا الاجتماع هو إرساء اللبنة الأولى لمهرجان الدوادمي لمزايين الإبل في المستقبل القريب وتبادل وجهات النظر حول أفضل السبل لنجاحه، فإنني وجدت أن هناك جملة من الحقوق اجتمعت في هذه المناسبة السعيدة، وكل حق ظهر من خلالها وهو مرتبط ارتباطاً عضوياً بالحق الذي يليه.
فالحق الأول هو حق الله عز وجل الذي أوجدنا من العدم وطالبنا بالتفكير في مخلوقاته التي لا تعد ولا تحصى ومن ذلك التفكر في خلق الإبل مصداقاً لقوله تعالى: {أفلام تنظرون إلى الإبل كيف خلقت}. وكأن هذا الاجتماع إنما جاء ليجسد هذا المعنى في القريب العاجل.

الحق الثاني هو حق الوطن الذي تملي علينا محبته والولاء لقيادته أن تستنهض الهمم لإيجاد الطرق الكفيلة بتنمية موارده وتدعيم اقتصادياته حيث يقف في سلم هذه الاهتمامات العناية بالإبل كثروة وطنية ووسيلة للرفع من المستوى المعيشي لملاكها، وأستدرك أن بلادنا الغالية اعتمدت في معظم مراحل حياتها وقبل بزوغ فجر النفط على الإبل.. نقلاً، وتجارة، وعمراناً.. وحملت على ظهورها رجالاً آلوا على أنفسهم الذود عن تراب الوطن الغالي والوقوف خلف موحد الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود لاستكمال معركة بناء هذا الكيان السياسي الشامخ الموسوم بالمملكة العربية السعودية.

الحق الثالث حق المواطنة الذي تمثل بهذا التجمع الخير على صعيد المحبة والإخاء، وهو ما سوف ينعكس على زيادة تلاحم أبناء قبيلة عتيبة وبالتالي تعزيز تلاحم مكونات المجتمع السعودي بمختلف قبائله وفئاته، فخيمة الوطن لا يمكن قيامها إلا على كواهل أبنائه التي بشد أركانها بعضها في بعض تكون بإذن الله في منأى عن العواصف وعاتيات الزمن.

الحق الرابع حق العلاقة الأزلية بين الإنسان السعودي النبيل والجمل... تلك العلاقة التي تضرب بجذورها أعماق التاريخ، فهو وسيلة النقل والمواصلات لمسافات بعيدة، والمصدر الأساسي لقاطن الصحراء في إشباع حياته من الأكل والشرب واللبس، ليس هذا فحسب وإنما أعتقد جازما أن الإبل تجد سعادة في علاقتها بصاحبها على اعتبار أن بيئتها الصحراوية أوجدت لديها شعوراً بالوحدة لندرة الكائنات الحيوانية حولها مما أوجد لديها فراغاً عاطفياً وإحساساً بالعزلة لا يملؤها الا ساكن الصحراء المعروف بوفائه إزاء من يحترم الوفاء. لا سيما وانها تعطيه فرصة للتأمل فيها ويكتشف عبرها بديع خلق رب العالمين وقدرته على كل شيء.

إن هذه الحقوق التي أسلفت ذكرها وجدتها متجسدة في هذا المهرجان الاحتفالي خاصة وأنا أشاهد الوجوه الخيرة من قبيلة عتيبة وهي تتسابق في هذا الميدان التراثي، ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن هذا الأمر سيحقق مبتغاه بحول الله وقوته عندما تستضيف محافظة الدوادمي هذا المهرجان الوطني الذي أدعو من الله أن يكتب له النجاح ويوفق القائمين عليه إلى سبل الخير.

تعليقان
1
نرجو من ذلك الامل المنشود فقط ؟


نعم. نرجو من ذلك الامل المنشود فقط وهو كما ذكر اخونا الكاتب ولا يتعدى الى ماهو منبوذ دينيا وعقليا واخلاقيا من اثاره النعرات القبليه التافه التي نهى عنها ديننا الحنيف وجزاكم الله خيرا



ياسر بن تركي
11:34 صباحاً 2007/02/06
2
تطور المملكة مع تراثها


السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة..
اشكرك اخوي انك كتبت موضوع جميل يغفل عنه كثير من الكتاب
اتمنا بصراحه ان تطور مملكنتا يشمل ( مزاين الابل ) بالتنظيم والمسابقة و الجوائز
واتمنا لكم دوام التوفيق



عبدالله بن عبدالرحمن
10:41 مساءً 2007/02/06

منقول من جريدة الرياض ( 6 فبراير 2007م )