مِن أعلام الفكر التربوي الإسلامي ,

[حسن الفهمي]

المُعلم الأول والمُربي الأعظم محمدُ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ,



مما لا شك فيه أن من أجل وأعظم مميزات الفكر التربوي الإسلامي أنه فكر تربوي فريد ومتميز ,



لأنه نابع من أصول ومصادر الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء به معلم الناس الخير ( صلى الله عليه وسلم ) ,



ليكون بحق رائد هذا الفكر التربوي الإسلامي الأول وأُستاذه الأعظم ,



الذي زكى الله تعالى عقله فقال في محكم التنزيل : (( ما ضل صاحبُكم وما غوى )) ,



وزكى لسانه فقال : (( وما ينطقُ عن الهوى )) ,



وزكى شرعه فقال : (( إن هو إلا وحىُ يوحى )) ,



وزكى أُستاذه ومعلمه فقال : (( علمهُ شديدُ القُوى )) ,



وزكى فؤاده فقال : (( ما كذب الفؤادُ ما رأى )) ,



وزكى بصره فقال : (( ما زاغ البصرُ وما طغى )) ,



وزكاه كله فقال : (( وإنك لعلى خلقِ عظيم )) ,



ومن هنا فقد كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بحق المعلم الأول والمربي الأعظم لهذه الأمة المسلمة ,



ولا سيما أنه جاء بمنهج التربية الإسلامية الشامل الكامل الجامع المانع الذي رضيه الله تعالى لعباده دون غيره من المناهج الأخرى ليكون نبراساً لهم في أمور دينهم ودنياهم ,



والذي يعد منهجاً تربوياً فريداً تتجسد فيه كل المعاني الإنسانيه النبيله وجميع الفضائل البشرية التي جاءت صالحة لكل زمان ومكان ,



تلك هي التربية الإسلامية التي جاءت لتعالج جوانب النقص وأوجه القصور في غيرها من أنواع التربية البشرية المختلفة على مر العصور ,



فكانت بإذن الله مُصححة لما عانته الإنسانيه عبر تاريخها من إفراط في الشهوات وإنحراف في المبادىء وإنتكاس للأخلاق وإرتكاس للقيم إلى غير ذلك من المشكلات سواء أكانت على المستوى الفردي أو الإجتماعي ,



ولأن ملامح وأبعاد الفكر التربوي الإسلامي في السنة النبوية المطهرة المتمثلة في شخصية النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الإنسانية البشرية أمر لا يمكن الإحاطة به في مثل هذه العجالة ,



فإنه يكفينا أن نُشير إلى ما يلي :



أولاً / أن شخصية النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في جانبها الإنساني تعد الأنموذج المتكامل للشخصية الإنسانية المسلمة المثالية التي يمكن أن تكون واقعاً حياً ونتيجة فعلية لهذه التربية الإسلامية وإذا كنا نبحث في تربيتنا الإسلامية عن نماذج تتجسد فيها المبادىء والقيم التربوية الإسلامية وتتضح من خلالها فعاليات ومضامين هذه التربية ,



فلا يمكن بحالِ من الأحوال أن نجد أشمل ولا أفضل ولا أكمل ولا أجمل ولا أعدل من هدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) التربوي المنطلق من الوحي الإلهي الخالد والمتمثل في سُنته الطاهرة التي تعهد الناس من خلالهما بمنهجِ سليم وهدي قويم يقول عنه ( صلى الله عليه وسلم ) :



(( تركتُ فيكم أمرينِ لن تضلُوا ما مسكتُم بهما كتاب الله وسُنة نبيه )) ,



ثانياً / أن شخصية النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الإنسانية قد نجحت نجاحاً باهراً لم يشهد له التاريخ مثيلا في تطبيق ما تدعو إليه وتنادي به من الأقوال والأفعال والمبادىء والقيم والأخلاق والمثل والمضامين والدروس الأمر الذي يميزها عن غيرها من الشخصيات الأخرى التي عرفت في مختلف المجالات والميادين عبر تاريخ البشرية وهو ما يؤكده أحد الكتاب بقوله :



(( إن التطبيق الفعلي والعملي المتجسد لمضمون الرسالة التربوية يعد إحدى المميزات الكبرى للرسول العربي الأمين والتي يعلو بها سامياً على غيره من المربين العاديين إذ إن أولئك المربين في كثير من مبادئهم التربوية يكتفون بإلقاء الوصايا والتعاليم على غيرهم دون أن يلزموا أنفسهم ومن حولهم بها بل إنهم قد يفعلون عكس ما يدعون إليه بينما الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يقدم بنفسه الأنموذج الحي الذي ينبغي للإنسان المسلم المتكامل أن يكون عليه فهو القرأن الحي الذي يمشي على الأرض ويجسد أفكاره ومعانيه وأدابه للناس فإنما كان خلقه وسلوكه وتربيته القرأن )) , ( 1401 هـ , ص 76 ) ,



ثالثاً / أن شخصية النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الإنسانية لا تختلف في طبيعتها التكوينية عن أي شخصية بشرية أخرى بدليل ما صح عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال :



قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :



(( إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون )) ,



( مسلم , الحديث رقم 1284 , ص 232 ) ,



وما صح عن رافع بن خديج أنه قال :



قال ( صلى الله عليه وسلم ) :



(( إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر )) , ( مسلم الحديث رقم 6127 , ص 1039 ) ,



وعلى الرغم من بشرية تلك الشخصية إلا أنها قد كرمت من الله تعالى بأن تم إصطفاؤها وإعدادها الإعداد اللائق والمناسب لحمل أعباء الرسالة السماوية وأداء مهام ووظائف التربية النبوية للأمة تحقيقاً لقوله تعالى :



((( اللهُ أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالتهُ ))) ,



( سورة الأنعام : 124 ) ,



وفي هذا الشأن يقول أحد الكُتاب :



( ومع كون الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بشراً إلا أن الله عز وجل هيأه تهيئة خاصة تتناسب مع هذا الأمر العظيم الذي إصطفي له فكمله في الخلق والخُلق فكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أكمل البشر في كافة الجوانب البشرية

كما كان أكملهم عبودية لربه وقياما بحقه ) ,



( عبدالرؤوف محمد عثمان , 1414 هـ , ص 19 ) ,



من هنا فإننا لا يمكن أن نكون مُغالين أو مبالغين حينما نقرر قائلين :



إن ما إشتملت عليه سنة المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) وهديه وسيرتةوتربيته النبوية من توجيهات ومضامين وأبعاد ومواقف ودروس تربوية إنما تعد مصدراً أساسياً للتربية الإسلامية ,



وهي إلى جانب ذلك مدرسة تربوية عظيمة خرجت أفذاذ الرجال وأساتذة الأجيال وأساطين الفكر ومعلمي الأخلاق ودعاة الحق ,



( المصدر : مقدمة في التربية الإسلامية . للدكتور صالح بن علي أبو عراد . أُستاذ التربية الإسلامية المشارك بجامعة الملك خالد في أبها ) ,



( الدار العصرية للطباعة والنشر والتوزيع ) ,



( جميع الحقوق محفوظة . الطبعة الأولى . 1429 هـ _ 2008 ) ,

[محمد الذيابـــي]

,,

لاهنت يالغالي .


,,,,,

التوقيع

التوقيع محمد الذيابـــي

[حسن الفهمي]

محمد الذيابي ,

جُزيت خيراً . على هذا المُرور والإطلاع ,

ولكَ إحترامي وتقديري ,