الرئيسية التسجيل التحكم


اختيار تصميم الجوال

العودة   الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة > المنتديات العامة > تاريخ قبائل الجزيرة العربية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: البيت لاعجبني اجاريه باحساس (آخر رد :الريشاوي)       :: كل عضو او شاعر يسجل بيتين غزل الفهاا من قصائده .. بشرط ان تكون غزليه فقط .. (آخر رد :الريشاوي)       :: ودي ولا ودي وابيهم ولا ابيه (آخر رد :الريشاوي)       :: واكتبي هذا أنا أنا ليلى العامرية (آخر رد :الريشاوي)       :: البيت لاعْجَبني اجاريه باحساس (آخر رد :الريشاوي)       :: أنـا لا تلوموني ولو ملـت كل الميل (آخر رد :الريشاوي)       :: اوافق .. واقول النفس صعبه مطالبها (آخر رد :الريشاوي)       :: الحب اقفى في ديانا ودودي (آخر رد :الريشاوي)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)      

إضافة رد
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 28-Jun-2008, 09:39 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
طلال الروقي
سفير النوايا الحسنه
إحصائية العضو






التوقيت


طلال الروقي غير متواجد حالياً

افتراضي استراتيجية البدو والحضر والتقسيم الايكولوجي!!!

.



حتى عهد قريب فإن المجتمع السعودي كان ينقسم إلى فئتين رئيسيتين: البدو والحضر، وهو تقسيم اقتصادي يعكس في جانب منه سبل استغلال موارد ضئيلة في بيئة صحراوية قاحلة. إن هذه البيئة القاسية حيث شح المياه حتمت ممارسة الرعي وتربية الحيوانات بدلا من الزراعة والصناعة. وإذا ما أخذنا المجتمع البدوي كفئة كبرى (70% من سكان المملكة حتى عام 1950م)، فإن هذا المجتمع كان بدوره ينقسم إلى فئات، فهناك التقسيم الايكولوجي (البيئي- بشري) الخاص بنوع الحيوان الذي يتم تربيته ورعيه (الغنم والإبل) والفروق بين الجماعات التي تربي كل منها، والتي غالبا ما جذرت نمطا من التقسيم أشبه ما يكون بالتقسيم الإثني إذا جاز لنا قول ذلك؛ فرعاة الإبل يتمتعون بسمات ثقافية واجتماعية لا يتوفر عليها رعاة الأغنام، بل إن رعاة الإبل يمثلون طبقة أرستقراطية في المجتمع البدوي، في الوقت الذي يمثل رعاة الأغنام البدو الأقل شأنا، فهم يتمتعون بدرجة حرية أقل (حرية التنقل والهجرة) بسبب اعتمادهم الدائم على الحضر وسكناهم للمناطق القريبة من التجمعات السكانية الريفية لأغراض سقيا حيواناتهم بشكل شبه يومي، ولأنهم ربما مارسوا الزراعة في بعض شهور السنة؛ الأمر الذي يحد من حركتهم وتنقلهم. إنهم بذلك أكثر تشبثا بالمكان مقارنة برعاة الإبل الأقوياء الذين عادة ما سيطروا على مساحات شاسعة من الأرض عنوة، بسبب حاجتهم الدائمة لتجديد المراعي ومن ثم أهمية الاستيلاء على أكبر مساحة من الأرض.

وقد ترتب على التقسيم الايكولوجي للبدو بروز تراتبية اجتماعية. فإذا ما أخذنا رعاة الإبل فإنهم يعدون أنفسهم ويعدهم غيرهم "بدو اقحاح" لأنهم لا يستقرون في مكان واحد بل إنهم في حل وترحال معظم شهور السنة حتى وان توفروا على مكان خاص بهم قد يعودون إليه خلال شهور الصيف. ويعزى تنقلهم في المقام الأول إلى طبيعة حيوانهم (الجمل) الذي لا يحتاج إلى الماء بشكل يومي؛ فهو يصبر عنه مدة أسبوع في الصيف وثلاثة أسابيع في فصل الشتاء ما يجعل رعاته أكثر قدرة على التوغل في الأماكن المقفرة في الصحراء حتى وان لم يحملوا معهم مياه كافية. وبسبب كثرة تنقلهم وترحالهم، وربما مرورهم من خلال أراضي قبائل أخرى بحثا عن الكلأ؛ فإنهم كثيرا ما واجهوا صعوبات تنتهي بحروب قبلية وغزوات متبادلة. أما العداء مع الحضر فكان بسبب سنوات الجفاف؛ حيث تزداد حاجة الأبالة إلى المنتجات الزراعية التي قد يحصلون عليها شبه عنوة من المزارعين بدعوى أنهم يستحصلونها نظير توفير الحماية والأمن لسكان القرى.

أما رعاة الأغنام فإنهم أقل حركة وتنقلاً؛ فحاجتهم للمراعي محدودة، لأن حاجتهم للماء الذي يتوفر في القرى تفوق حاجتهم للكلأ، ومن ثم نجدهم ينهمكون بمجموعة من الأنشطة تتمثل في الرعي قرب الواحات، وكذلك الزراعة الموسمية قرب المناطق المأهولة بالسكان، ما يدفعهم في نهاية المطاف إلى الدخول مع سكان الواحات بنشاطات اقتصادية مفيدة للطرفين من سماتها المقايضة؛ فرعاة الأغنام ينتجون البروتين الحيواني على شكل لحوم ومنتجات ألبان، إضافة إلى الصوف والجلود، وسكان القرى ينتجون التمور والحبوب، ناهيك عن انهماك البعض منهم بصناعة بعض الأدوات الخشبية والمعدنية والحبال التي يحتاجها البدو. ويعرف عن رعاة الأغنام أنهم بعيدون عن ممارسة الغزو، بل أنهم يعدون أنفسهم في منزلة بين المنزلتين (حضر وبدو) بمعنى أنهم يتمثلون سمات البدو الأقحاح (رعاة الإبل)، فيما يتعلق بتنقلهم المحدود وسكنى الخيام وبيوت الشعر، وهم كذلك أشبه بالحضر ممن يجاورونهم من حيث انضباطهم وعدم لجوئهم للإغارة على القرى؛ الأمر الذي يجعل رعاة الإبل يزدرونهم بدرجة واضحة، وينعتونهم بالضعفاء بسبب عدم امتلاكهم إبل ومطايا تنقلهم بعيداً وتحررهم من سيطرة الحضر.

وحقيقة فإن رعاة الأغنام لا ينظرون إلى الأمر بهذه الطريقة؛ فهم يعترفون بأن الجمل سيد الحيوانات، وأنه هو الثروة الحقيقية للبدوي، إلا أنهم يعتقدون أنهم أكثر براجماتية من رعاة الإبل فيما يتعلق بتدبير معاشهم؛ فالاعتبارات الاقتصادية لدى الغنامة تتقدم على الاعتبارات الأخرى. أنهم على سبيل المثال أكثر قدرة على تنويع اقتصادهم (رعي وزراعة وتجارة)، لأنهم يعتمدون على موارد اقتصادية شبه ثابتة (آبار مياه، وأراض خصبة وإن كانت مساحاتها محدودة، وأشجار نخيل). إنهم كذلك لا يتعرضون للمجاعات أو "الدهر" بالمعنى البدوي للكلمة، وهو ما يمكن تفسيره بقدرتهم على التأقلم مع أي طارئ بيئي يلم بهم؛ ففي سنوات الجفاف يتخلصون من جزء كبير من حيواناتهم التي تفوق طاقة المراعي الشحيحة (تسييل الثروة)، وذلك لخلق توازن بين الكلأ المتاح والحيوانات التي تستهلكه. إن هذه الحيلة الاقتصادية تدفعهم كذلك إلى التوجه إلى أنشطة أخرى لا تقل أهمية عن الرعي؛ كالتجارة، بسبب توفرهم على النقد الذي يحصلون عليه نظير بيع حيواناتهم في أسواق القرى والمدن المجاورة. أما في سنوات الوفر "الريف" حيث تزداد كمية المطر، فإنهم يزيدون عدد أغنامهم إلى المدى الذي قد يضطرهم إلى شرائها من مناطق بعيدة بغرض استيلادها والإفادة منها. إن هذه الإستراتيجية المعاشية مقنعة إلى حد كبير، بل أنها تنم عن براجماتية اقتصادية لمن يمعن النظر فيها، وهو ما لا ينطبق بطبيعة الحال على الأبالة الذين يستجيبون لحاجة حيواناتهم أكثر من استجابتهم لاحتياجاتهم الاقتصادية.

نشير فقط إلى أن تدني مركز ومكانة الغنامة (رعاة الغنم) واحتقارهم من قبل الأبالة ليس له علاقة بأصل ونسب الغنامة؛ فالجميع ربما انتموا إلى قبيلة واحدة، إلا أن المفارقة تكمن في أن "الاستقرار وتربية الأغنام" كأنشطة اقتصادية يعدان أقل شأناً من "رعي الإبل والغزو"، ومن ثم برزت تلك التراتبية على أساس مهني وأيكولوجي، مع ملاحظة أن الزواج كأحد مؤشرات قياس المكانة الاجتماعية يتم بين الغنامة والأبالة إذا كان الفريقان يعودان إلى قبائل متساوية في المحتد والأرومة.

وفضلاً عن التقسيم الأيكولوجي البيئي الذي كان سائداً حتى عهد قريب، فإن للبدو تقسيماً جينيولوجيا آخر يرتبط بنقاء الأصل والمحتد؛ فهناك من يتتبعون نسبهم إلى قحطان وعدنان ليتم تصنيفهم عرباً أقحاح مع ما يستتبع ذلك من نظرة سامية إلى أنفسهم وتقليل من شأن غيرهم، وهناك من لا يستطيعون القيام بتتبع أصولهم ونسبهم ما يجعلهم في مرتبة أدنى. يترتب على هذا التقسيم متواضعات اجتماعية وثقافية؛ فالذين يعدون أنفسهم من أصول وأرومات عربية معروفة لا يصاهرون من يعتقدون أنهم أقل منهم، بل أنهم يستهجنونهم. إن المصاهرة بين الفئتين -إذا ما حدثت وهي نادرة جداً- تعد إخلالاً بالبنى الاجتماعية للفئتين، ويترتب عليها كثير من الضرر. هذا التقسيم يشبه وإلى حد كبير نظام الطبقة المغلقة في المجتمع الهندي caste system، حيث يتم إنزال العائلة التي تفد من قبيلة أعلى إلى مرتبة أدنى عندما تصاهر عائلة أقل منها شأناً، وذلك كعقوبة out-casting، وهناك أمثلة لهذه الحالة جعلت بعض الأسر تفقد مركزها وانتماءها القبلي، ليتم بمرور الوقت تصنيفها ضمن الجماعات التي فقدت انتماءها القبلي "لا أصل لها" مما يطلق عليه في نجد "خضيري" على سبيل المثال، على أننا سنتوسع قليلاً في فئة "خضيري" في قسم لاحق لتتبع جذورها الاجتماعية، وكيف تبلورت هذه الفئة لتشكل حالة قائمة بذاتها ليصار إلى إعادة تصنيف من ينتمون إليها على أساس مهني occupational نسبة إلى الأعمال التي امتهنوا وليس إلى انتمائهم القبلي الذي ربما فقدوه.

من لا ينتمون قبليا (الخضيريون):

لهذه الفئة عدة أسماء إلا أن الشائع هو "الخضيريون" كما أسلفنا، وهي الكلمة الدارجة في منطقة نجد للإشارة إلى من لا يستطيعون تتبع أصولهم إلى قبيلة معروفة، أو أنهم ينتمون إلى أصول غير معروفة؛ سواء كانت عربية أو غير عربية. ويحمل مضمون كلمة "خضيري" إشارة إلى لون البشرة لتعني من كان لونه يميل إلى "الحنطي الداكن" ربما إشارة إلى عدم نقاء العرق، وانه ربما خالط دمه دم غير عربي وغالبا دم أفريقي لأن كلمة خضيري بالمدلول الشعبي تشير إلى اللون الأسمر وربما الأسود؛ على أن هذه القاعدة الخاصة بلون البشرة ليست ثابتة فهناك من هو خضيري إلا إن بشرته بيضاء، فهو قد يعود إلى أصول تركية وربما أوروبية بحكم التزاوج واختلاط الأنساب. عموما فأن العرب وهم فرع من السلالة القوقازية (الجنس الأبيض) يميل لون بشرتهم إلى البياض وتنتفي عنهم صفات الجنس الزنجي؛ كالشعر المجعد والشفة الغليظة والأنف العريض. معظم من ينتمون إلى الجنس العربي (قحطان وعدنان: العرب العاربة والعرب المستعربة) يمتازون بصفات محددة لا يمكن للأنثروبولوجي أن يخطئها؛ كلون البشرة الفاتح المائل إلى (الحنطي)، والقامة المتوسطة التي تميل إلى القصر مقارنة بالجنس النوردي طويل القامة، ودقة تقاطيع الوجه والأنف الذي يميل إلى الكبر قليلا مع صغر فتحتي الأنف، والشعر الأسود المسترسل المائل إلى الخشونة، واتساع العينين وشدة سوادهما. هذه الصفات الخلقية نجدها في معظم العرب عموما وتتجلى بشكل واضح عند البدو ممن يتجنبون خلط الأنساب ويلجأون في الغالب إلى الزواج الداخلي (الزواج اللحمي) رغم ما يحمله من مخاطر صحية وأمراض وراثية. يلاحظ بهذا الصدد انه يمكن التعرف على أبناء بعض القبائل من خلال ملامحهم بسبب شدة تشابههم في الصفات الخلقية، ما يشير أيضا إلى نقاء عرقهم الذي يتغير فقط بسبب الزيجات المختلطة والبعيدة.

أما من لا ينتمون إلى قبائل معروفة فأنهم يحملون كثيرا من الخصائص الجسمية غير ما ذكرنا؛ سواء ما يتعلق بلون البشرة أو الشعر أو الصفات الأخرى. بعضهم على سبيل المثال يحملون صفات جسدية لا نجدها في العرب الأقحاح كلون البشرة الفاتح جدا، وربما لون الشعر الأشقر، أو إن لون البشرة يميل إلى السواد، ناهيك عن طول القامة وملامح الوجه، وهي صفات تعكس في جانب منها أثر الزيجات المختلطة وما تحدثه في إكساب الإفراد صفات وراثية جديدة. وراثيا فان الخضيريين يحملون صفات خلقية (جسمية) متعددة ويصعب تصنيفهم تحت سمات وراثية محددة بسبب تباينهم الشديد فيما يتعلق بلون البشرة وصفات الجسم، وهو ما يعود إلى الزيجات المختلطة مع التذكير إن ذلك يعد أمرا محمودا لأن الزواج الاغترابي exogamy يساعد في تحسين النسل وتقليل فرص انتقال الأمراض الوراثية. يلاحظ بهذا الخصوص إن يهود الشرق يعانون وبدرجة واضحة من أمراض العيون بسبب ميلهم إلى الزيجات الداخلية، في الوقت الذي تختفي هذه الأمراض عند اليهود في الدول الغربية لأن الزواج الاغترابي هو المفضل والسائد.

ونخلص إلى القول إن من لا ينتمون إلى قبائل ربما كانت أبدانهم أكثر صحة بسبب زيجاتهم المختلطة، وميلهم إلى توسيع دائرتهم القرابية مقارنة بمن ينتمون إلى قبائل حيث الزواج الداخلي endogamy هو السائد، علما إن هذا النمط من الزواج مرتب وهو السائد لضمان عدم اختلاط الأنساب. وفيما يتعلق بالمهن، فان من لا ينتمون إلى قبائل لا يأنفون من ممارسة المهن اليدوية مقارنة بأبناء القبائل الذين يحتقرون العمل اليدوي بما في ذلك الزراعة والمهن التي يحتاجونها بشدة. هذا الأمر دفع بأبناء القبائل (القبيليون) إلى إطلاق لقب "صانع" على الخضيري ومن لا ينتمي إلى قبيلة، لأنه يمارس عملا يدويا ولأنه تحرر من سلطة القبيلة التي تحدد معاييرها ما هو مقبول كسلوك، وما ليس كذلك. ولهذا السبب فأننا قد نجد كثيرا من الأسر الخضيرية كانت أفضل حالا على المستوى المعيشي (الدخل)، بل إنها كانت تعد ميسورة الحال مقارنة بغيرها بسبب قدرة أفرادها على العمل وتنويع نشاطاتهم الاقتصادية، في الوقت الذي لا يستطيع ابن القبيلة (القبيلي) ممارسة المهن التي يمارسها الخضيري. جميع نشاطات القبيلي كانت تدور في فلك الرعي والغزو وهي النشاطات التي كان البدو يقبلون عليها قبل توحيد المملكة عندما كان المجتمع ينقسم إلى فئتي بدو وحضر. وبالطبع فان هناك استثناءات في منطقة الحجاز والمدن الساحلية؛ إلا إن ما ذكرناه حول القبيلي والخضيري ونمط المهن الخاص بكل فئة ينطبق والى حد كبير على المجتمعات الصحراوية وسكان الواحات الداخلية في المملكة.

وإجابة لسؤال من أين أتى الخضيريون، فان هناك عدة تفسيرات لظهور هذه الشريحة الاجتماعية. هناك من يرى أنهم مجموعة أسر تعود إلى قبائل معروفة وأنهم لا يقلون أصالة عن غيرهم من حيث الأرومة، عدا إن أحد أسلافهم في الزمن الغابر ربما أتى فعلا محظورا ومن ثم تعرض لعقوبة جماعية تمثلت بطرده من القبيلة (قتل أو فعل مشين يجلب العار)، ومن ثم اضطر إلى هجر قبيلته واللجوء إلى قبيلة أو قرية أخرى طلبا للحماية. هذا الأمر قد يدفعه إلى إخفاء أصله في القبيلة الجديدة التي وفد إليها في الوقت الذي تتحاشى القبيلة الجديدة تزويجه من بناتها حتى وان كانت توفر له الحماية كأحد أبنائها. بل أنه ربما شارك في غزواتها وحروبها ودافع عن القبيلة المضيفة تماما كما يفعل أبناؤها. ولأنه قد يكون فقيرا لا يملك ثروة فأنه ربما مارس مهنة يدوية يعيش منها، ولذلك نجد إن كثيرا من الأسر الخضيرية "صناع" أي يمارسون مهن يدوية يحتاجها البدو ما قد يجعلهم أغنياء بسبب ذلك، إلا إن أصلهم المجهول يدفع بأبناء القبائل المعروفة إلى تحاشي الزواج منهم أو تزويجهم. هذا الأمر تحديدا يدفع بالخضيري في نهاية المطاف إلى الزواج من فئة مساوية له، وربما أقل منه، الأمر الذي نجم عنه تنامي أعداد من ينضوون تحت فئة خضيري مع مرور الوقت، بحيث أصبحوا يشكلون فئة سكانية كبيرة. ومع أفول البداوة بمعناها المادي نزح الخضيريون إلى المدن وقطنوها إلا إن "وصمة" الأصل غير المعروف ظلت تلاحقهم رغم إن البنية القبلية للمجتمع تضعضعت بفعل قيام الدولة الحديثة.

ومن التفسيرات الأخرى لظهور "الخضيري" النظرية التي تربط ظهورهم بنمط العمل السائد أو نظام تقسيم العمل؛ فمن المعروف إن البدو عموما يأنفون من ممارسة الأعمال اليدوية؛ كالزراعة والحرف اليدوية لأنها تخل بنظامهم الاجتماعي ولا سيما أنهم يمارسون الترحال بصورة مستمرة. أن وجود بعض الأسر التي تمارس مهن يدوية ضمن البدو الرعاة والرحل يعيق الأخيرين من الترحال في الوقت الذي يميل صاحب المهنة إلى الاستقرار في مكان ثابت، وخاصة عندما يمارس نشاطا زراعيا. وعليه، فأن هناك فرضية تحتاج إلى إثبات تقول بوجود جماعات بدوية معروفة الأصل جنحت تحت وطأة الحاجة إلى ممارسة مهن غير الرعي والترحال، إلا أنها تعرضت لعقوبة قاسية من قبل بقية أفراد القبيلة تمثلت بهجرها والنزوح عنها وعدم الزواج منها أو تزويجها، كونها أخلت بنظام تقسيم العمل المتفق عليه في المجتمع البدوي. هذا الأمر استتبع بروز فئة مغضوب عليها أطلق عليها فئة "صناع" مما يندرج تحت مسمى "خضيري".

أما النظرية الثالثة لتفسير منشأ "فئة الخضيريين" فتميل إلى فكرة المجتمع الذي كان يتأسس على العبودية وما نتج عنها. من المعلوم بهذا الخصوص إن العبودية (سبي وبيع العبيد) كانت من سمات مجتمع الجزيرة العربية قبل توحيد المملكة، وان وجود فئة العبيد والمهاجرين من مجتمعات أخرى وتداخلهم الشديد مع بقية أفراد المجتمع استلزم رسم حدود فاصلة بين السكان الأصليين والوافدين، وهو ما جذر فكرة "الجماعات المغلقة". ومن آليات رسم الحدود الفاصلة بين الفئات الاجتماعية قصر الزواج ليكون داخليا، بمعنى إن الزيجات تتم بين أبناء الفئة الواحدة لمنع اختلاط الأنساب انطلاقا من فكرة حفظ الأنساب. هذا الأمر قد يفسر أحد أسباب شيوع الزواج المرتب الذي يضمن عدم خلط الأنساب كون الزواج أمرا لا يعني الزوج والزوجة فقط ولكنه كنظام اجتماعي يشمل مجموعة من الأسر التي تنتمي إلى كيانات كبيرة تتجاوز الأسرة الصغيرة، ومن ثم البناء الاجتماعي برمته.

خاتمة:

يعتقد كثير من المعنيين إن تناول قضية "من ينتمي إلى قبيلة ومن لا ينتمي" أو (قبيلي وخضيري) عمل غير مفيد؛ بدعوى أنه من العنصرية البغيضة التي نهى عنها الإسلام، إلا إن الوقائع تشير إلى إن هذه الظاهرة متجذرة في ثقافة المجتمع رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنا على ظهور الإسلام، بل إن الاجتماعي -ثقافي يحظى بقدسية تعادل قدسية الديني أحيانا والدليل على ذلك بروز ما سمي "بقضية تكافؤ النسب" التي طفت على السطح في السنوات الأخيرة والتي تجد لها سندا ومبررا دينيا رغم الخلاف حولها على المستوى الفقهي والاجتماعي. أردنا فقط التأكيد على إن قضية قبيلي-خضيري قد تشير إلى وجود طبقة مغلقة caste –system كما هو الحال عليه في المجتمع الهندي، والدليل على ذلك صعوبة الزواج بين الفئتين (القبيلي والخضيري)، كونه يخل بالبنية التي يتأسس عليها المجتمع. هناك بطبيعة الحال من لا يقيم اعتبارا لهذه القضية خاصة في المدن الكبرى التي تحقق فيها الصهر الاجتماعي melting pot، إلا إن التقسيم الفئوي على أساس قبيلي وغير قبيلي لا يزال قويا في المجتمعات الداخلية في المملكة، وخاصة في المنطقة الوسطى حيث سطوة العادات والتقاليد والمتوارثات الاجتماعية. وبالتأكيد فأنه من المستبعد القول إننا مجتمع إثني ethnic society لأن البنية التي يتركب منها المجتمع هي في الأساس بنية قبلية tribal وأن هناك تصنيفات داخلية حتى للقبائل أنفسها؛ سواء كان التصنيف أيكولوجيا أو جينيالوجيا. بكلمة أخرى تقوم القبائل بتصنيف نفسها إلى مراتب فهناك قبائل تعد "أعلى" وهناك قبائل تعد "أقل شأنا" ويتعذر الزواج فيما بينهما.

وقد عرضنا لفئة الخضيري وهي الأسر التي قد لا تنتمي إلى قبائل معروفة، وأشرنا إلى أنها تصنف في الغالب مهنيا أي على أساس المهنة التي تمارسها تلك الأسر، وان التزاوج بين القبيلي والخضيري يعد عملا غير مقبول على المستوى الاجتماعي، رغم انه لا يوجد سند شرعي يؤيد المنع، ما يشير في نهاية المطاف إلى سطوة العادات والمتواضعات الاجتماعية.

منقول..





..
















آخر تعديل طلال الروقي يوم 28-Jun-2008 في 09:41 PM.
رد مع اقتباس
غير مقروء 28-Jun-2008, 10:43 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سفاح العضياني
عضو
إحصائية العضو





التوقيت


سفاح العضياني غير متواجد حالياً

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال الروقي مشاهدة المشاركة
.



وفضلاً عن التقسيم الأيكولوجي البيئي الذي كان سائداً حتى عهد قريب، فإن للبدو تقسيماً جينيولوجيا آخر يرتبط بنقاء الأصل والمحتد؛ فهناك من يتتبعون نسبهم إلى قحطان وعدنان ليتم تصنيفهم عرباً أقحاح مع ما يستتبع ذلك من نظرة سامية إلى أنفسهم وتقليل من شأن غيرهم، وهناك من لا يستطيعون القيام بتتبع أصولهم ونسبهم ما يجعلهم في مرتبة أدنى. يترتب على هذا التقسيم متواضعات اجتماعية وثقافية؛ فالذين يعدون أنفسهم من أصول وأرومات عربية معروفة لا يصاهرون من يعتقدون أنهم أقل منهم، بل أنهم يستهجنونهم. إن المصاهرة بين الفئتين -إذا ما حدثت وهي نادرة جداً- تعد إخلالاً بالبنى الاجتماعية للفئتين، ويترتب عليها كثير من الضرر. هذا التقسيم يشبه وإلى حد كبير نظام الطبقة المغلقة في المجتمع الهندي caste system، حيث يتم إنزال العائلة التي تفد من قبيلة أعلى إلى مرتبة أدنى عندما تصاهر عائلة أقل منها شأناً، وذلك كعقوبة out-casting، وهناك أمثلة لهذه الحالة جعلت بعض الأسر تفقد مركزها وانتماءها القبلي، ليتم بمرور الوقت تصنيفها ضمن الجماعات التي فقدت انتماءها القبلي "لا أصل لها" مما يطلق عليه في نجد "خضيري" على سبيل المثال، على أننا سنتوسع قليلاً في فئة "خضيري" في قسم لاحق لتتبع جذورها الاجتماعية، وكيف تبلورت هذه الفئة لتشكل حالة قائمة بذاتها ليصار إلى إعادة تصنيف من ينتمون إليها على أساس مهني occupational نسبة إلى الأعمال التي امتهنوا وليس إلى انتمائهم القبلي الذي ربما فقدوه.






..

والله الظاهر لا نقاء ولا يحزنون.


يقول جواد علي:"ولقد ذهب بعض الباحثين في علم الأجناس البشرية "الأنتروبولوجي" "Anthropology" إلى إن العرب الجنوبيين هم من أصل حامي، وان وطنهم الأصلي هو أفريقية. وقد ذهب بعض آخر إلى وجود شبه كبير في الملامح وفي الخصائص البشرية بين العرب الجنوبيين والقبائل الإفريقية الساكنة على الساحل الإفريقي من البحر الأحمر والصومال"

ثم يقول:"وقد ذكر إن جماعة من "بني الحارث بن كعب" وفدت على الرسول، فنظر إليهم، فقال: " من هؤلاء الذين كأنهم من الهند?". وقد كان "قيس بن عمرو" الشاعر المعروف ب "النجاشي" من هؤلاء. وسواء أكان ما نسب إلى الرسول من قوله المذكور صحيحاً أم موضوعاً، فإن الأخبار تذكر إن بشرة "بني الحارث بن كعب"، كانت تميل إلى السمرة الشديدة، بل إلى السواد الذي يشبه سواد بشرة الإفريقيين، أفلا يجوز أن يكون أصلهم من إفريقية?" انتهى

الحارث بن كعب بعضهم داخل في حلف شبابة, شبابيين مثلنا.















رد مع اقتباس
غير مقروء 28-Jun-2008, 10:51 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
طلال الروقي
سفير النوايا الحسنه
إحصائية العضو






التوقيت


طلال الروقي غير متواجد حالياً

افتراضي

هلا بالأخ الكريم بالنسبة لايرادك نصا عن الانثروبلوجي !!ونقل نصا عن الرسول صلى الله عليه وسلم .وتعقيبك ققبلها بعبارة لانقاء ولاهم يحزنون ..
أقول طال عمركنقاء النسب موجود عند القبائل العربية خصوصا البدو في نجد وهناك ادلة صريحة عن الرسول في ايراد نسب القبايل العربية الى اسماعيل ..
قدتكون بعض سكان السواحل وتخوم الجزيرة العربية يحصل فيهم بعض الاختلاطات في الاجناس ..لكن هذا خاص بهم ..ولايعمم على كل القبائل .
شكرا لتعليقك















رد مع اقتباس
غير مقروء 28-Jun-2008, 11:11 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
سفاح العضياني
عضو
إحصائية العضو





التوقيت


سفاح العضياني غير متواجد حالياً

افتراضي

اسمح لي أخي بالرد على تعقيبك على مشاركتي في موضوعك هذا, واعذرني على الإطالة.
منطقة نجد ما هي إلا منطقة استقرار مؤقت, فأهل نجد ليسوا منها أصلاً, فإما أن يكونوا من أصل يمني, أو من أصل حجازي.

والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما أرادت عائشة تحرير رقبة من ولد إسماعيل, نهاها عن عتق رقبة من سبي خولان, وأمرها أن ترجئ تحرير الرقبة حتى يأتي سبي بالعنبر وتعتق منهم, لأنهم من ولد إسماعيل.
وخولان بعضهم داخل في حلف شبابة!
والله أعلم















رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن »02:55 PM.


 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
اتصل بنا تسجيل خروج   تصميم: حمد المقاطي