شاعر الوطن لقباً لا يباع بثمن ٍ بخس

[ابو صرداح]

مقال للباحث والكاتب سعد الحافي



الألقاب.. والقنوات الفضائية الشعبية
شاعر الوطن..لقباً لا يباع بثمن ٍبخس
سعد بن عبد الله الحافي

كثيرة هي المسابقات المقلدة عن مسابقة شاعر المليون مع البون الشاسع بينهم،فإذا كانت هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة وهي مؤسسة حكومية تقف بكل ثقلها خلف نجاح شاعر المليون وكل ذلك يتم في حدود أطر وأهداف رسمت على المستوى الرسمي وترمي إلى المحافظة على التراث وصيانته،ولأجل ذلك استطاعت أن تصل ببرنامج شاعر المليون للعالمية نتيجة الدعم الرسمي وجودة العمل الإبداعي وإتقان تنفيذه، إلا أن البرامج المقلدة في مجملها تفتقر للهدف الثقافي ولا تقف خلفها جهات رسمية ثقافية وإنما تخضع لجشع وطمع ملاك القنوات والقائمين عليها أي أن هدفها تجاري بحت ولم يكن الشأن الثقافي هدفها،وليت ذلك يقف عند هذا الحد بل أن أصحاب القنوات تعدوا على الألقاب وجعلوا من أنفسهم أوصياء على ثقافة الأمة وتاريخها وتصنيف واختيار رموزها،فهذا جعلوه شاعر العرب وذلك شاعر الخليج وذلك شاعر الشعراء وهلم جر..
أما عن تكريسهم لمفهوم العصبية القبلية وتلاعبهم بنتائج االتصويت فحدث ولا حرج،ومن الطريف أن إحدى هذه القنوات قد مضى عام على فوز أحد الشعراء بلقبها ومع ذلك لم يقبض جائزته الضخمة وعندما هددهم بكشف ذلك توعدوه بان لديهم بيانات من شركات الاتصالات المسئولة عن التصويت ربما تقلب النتيجة لغير صالحه وسيضطرون لنشرها وبالتالي حرمانه من اللقب بعد كل هذه المدة !! يعني خلك عاقل لانسحب اللقب منك!!
لقد استمرءوا لعبة الألقاب وتمادوا فيها بلا رقيب أو حسيب من الجهات الثقافية والإعلامية المسئولة،ولكن كل ذلك يهون أمام لقب (شاعر الوطن) هذا اللقب المهيب الذي ولا شك انه يعتبر وسام فخر وشرف يعتز به حامله ويشجع الآخرين أن يقدموا مثل ما قدم ولذلك يجب أن لا يمنح لأي شخص ولا تمنحه أي جهة وإنما الوطن هو وحده أحق بمنحه لمن يستحق، فما بالك إذا استولت على أحقية منحه قناة فضائية درجة ثانية وتجارية بحته.
شاعر الوطن لقب ليس مضمار التنافس عليه من داخل استديو وبعدد من القصائد وفي فترة زمنية محدودة وتصويت يقوم على إثارة العصبية القبلية والتنافس على من يدفع أكثر..
شاعر الوطن يجب أن يكون لشاعر يتفق عليه الوطن جميعه مثلما اتفق على ان خلف بن هذال هو شاعر الوطن،وهو الشاعر الذي ترك أمجاد القبيلة خلفه جاعلاً نصب عينيه قيم الانتماء الوطني والالتفاف حول القيادة وطاعة ولي الأمر شاعراً كرس في قصائده معاني الحفاظ على المنجزات وتقوية اللحمة الوطنية شاعراً له في منابر الوطن سجلاً مشرفاً وتاريخاً حافلاً يمتد لنصف قرن ولا يستطيع قلمي استعراضه في مقال بل أن الجميع يعرف ذلك أكثر مني ويردد قصائده الكبير والصغير والمثقف والأمي،لقد كان خلف بن هذال كتيبة لوحده في أزمة الخليج وهل ننسى قصيدته الشهيرة التي رددها معه الجميع ..
يا وطنا يا وطنـا عمـت عيـن الحسـود
ما تهـزك لا زوابـع ولا غـدر عـمـلا
يا وطنـا لا اتزعـزع وحنـا لـك جنـود
البـلا نصـب فوقـه مقابيـس البـلا
كلنا للتضحيـة والتصـدي والصمـود
مـن يريـد منازلتنـا نقـوم لـه إنـزلا
ما دخل في صفنا مرجفـون ولا شـرود
تعقـل العيّـال منـا وحـنـا العـيّـلا
الشجاعه ورث أهلنا جدود ٍعـن جـدود
للعـوارف دار نـدوه وللجهـل جهـلا
قادنا فهد بـن عبدالعزيـز ابـن سعـود
واقتنعنـا بالقيـادة وأخـذ منـا الــولا
الزعيم اللي عن العرب وأوطانـه يـذود
قايدٍ للحرب والضـرب يِتـلا ما تَـلا

إن شاعر الوطن لقب وطني بكل ما يرمز إليه وبكل ما يحمله من دلالات و يجب أن يكون له قيمته واحترامه فكيف أصبحت هذه القناة أو تلك تحدد من هو شاعر الوطن وتنطق باسم الوطن من الماء للماء!؟
ومثار استغرابي واستنكاري مرده إلى جانبين مهمين هما:
1-أن لقب (شاعر الوطن) هو اللقب الأهم والذي يرقى إلى الرسمية وهو أسمى من أن يباع ويشترى من فئة لا تبحث إلا عن مصالحها الخاصة فقط،وتستغل التصويت للكسب المادي وبطرق مشبوهة.
2-لقب شاعر الوطن يجب أن يستحق عن جدارة تبرزها الأحداث والمناسبات الوطنية والمواقف المشرفة للشاعر والتي تمتد لسنوات طويلة من العطاء في المحافل الرسمية ولا يكون استحقاقه من خلال مسابقة في قناة .
فشاعر الوطن لقب أرقى من أن تتبناه مؤسسة تجارية أو قناة فضائية تجارية، فمن الإجحاف أن تستلب أهمية هذا اللقب وما يرمز إليه وبكل بساطة يتم منحها لشخص كل ما لديه انه فاز بمسابقة تجارية!!أما كان لهذه القناة في بقية الألقاب الرنانة متسع!؟
ولو أنهم استبدلوه بمسمى (شاعر الوطنية) أي القصائد الوطنية لكان أدل وكنا وجدنا لهم عذراً بحيث تنحصر دلالة اللقب في تميز الشاعر على الشعراء الآخرين الذين تنافسوا معه في قصائد وطنية وفي حدود مسابقته فقط.
وفي الختام أتسأل هل وزارة الثقافة والإعلام قد أوكلت لهذه القنوات تمثيل الوطن ومسؤولية تحديد رموزه الثقافية !؟ فإذا كان غير ذلك فأين هي عن هذا التعدي.