نظرية المؤامرة.

[قلم النضال]

نظرية المؤامرة


لعلي انطلق مع عشق العرب لنظرية المؤامرة رغم عدم إلمام الكثير بتلك النظرية وعدم معرفة جوانب تلك النظرية وبالتحديد خرافتها التي تناقلها الساسة قبل العامة وتلك النظرية تقوم على أسس أن الأحداث العالمية ما هي إلا أحداث مخطط لها مسبقا , و توجد هناك أيدي خفية وراء تلك الأحداث, كلن يحدد تلك الأيدي بالنسبة لمفاهيمه ومصالحة الشخصية, وبالنسبة لنا نحن العرب فإننا نعتقد أن كل حدث "سيء" يحدث لنا هو من فعل اليهود, فتلك النظرية أصبحت تحيط المجتمع العربي من كل الجهات, فعندما يتحدث المواطن العربي عن تقنية ما يقال عن تلك التقنية أنها ما قدمت إلا لسبب معين وهي التجسس على العرب و إفساد شبابه , وينطبق حال التقنية تلك على الأزياء ومساحيق التجميل وقصات الشعر الخ...

إذن تلك المستوردات ما قدمت إلا لهدف واحد وهو إفساد الأمة المسلمة, ولم تأتي إلا بعد مؤامرات حيكت ضد العرب والمسلمين,وكأني أشاهد العرب والمسلمين في غنا عن العالم الأخر بل هم من يحتاجهم العالم فالعرب صنعوا الطائرات وجهزوا القنابل النووية وتفوقوا على الكل بصناعاتهم الحديثة والمتطورة !
لا أعلم ما الهدف من الترويج لتلك النظرية من بعض الأشخاص الذين يعتقدون أن كل صيحة عليهم هم العدو, ويخشون من كل جديد ويرتعبون من التقدم والازدهار, ويمنون الأنفس بالعيش في دهاليز العالم الحجري والبدائي والهرب من كل مفيد وتقني يضعنا في مصاف الدول المتقدمة تكنولوجيا.

لعلي أعرج على بعض القضايا التي لا يمكن ربطها بتلك النظرية ولكن سامح الله من ربطها بتلك النظرية لسبب في نفسه ,وتلك أصبحت ميزة في شارعنا السعودي على وجه الخصوص ,فعندما يختلف اثنان في قضية ما يبدأ أحدهما بتصنيف الطرف الأخر بأنه عميل لبعض الدول ويتآمر على العرب والمسلمين وما طرح تلك القضية إلا ليفسد تلك الشعوب البريئة التي لاتعرف الأنحلال , وتلك النظرية أصبحنا نسمعها بين الأوساط التقليدية من الشارع السعودي بشكل أوسع, وفي حقيقة الأمر أستغرب اتهام بعض الأشخاص بتلك التهم التآمرية عندما يحاول طرح مواضيع جديدة تناقش الواقع بكل شفافية, ولكن لعل محاولة إقصاء المتعلمين عن طريق بعض الأشخاص المستفيدين من جهل العامة يكون السبب الحقيقي لترويج تلك النظريات الوهمية.

ولعلي لا أذهب بعيدا ,فهنا في منتدى قبيلتي عندما يتم طرح بعض المواضيع الشائكة التي تفوق مستوى فهم بعض التقليديين , يزمجرون وبكل غضب ويصفون ذلك الشخص بأنة متآمر ,ويدعوا للانحلال ومعجب ببعض الثقافات التي يسمونها الثقافات المنحلة, وكل تلك الهجمات ليس لها مبرر إلا أن ذلك الكاتب خالف وجهات نظر بعض قياداتهم المعاصرة الغير معصومة بكل تأكيد, فكان لابد من إيقاف ذلك الكاتب المثقف الذي يعي أن النظرة التآمرية مجرد وهم اخترعه بعض الأشخاص لتحقيق مصالح شخصية, على عامة الشارع العربي المغلوب على أمره .

أيها المعجبون بتلك النظرة التآمرية لنقاطع جميع منتجات الدول المتآمرة علينا, كما يقول بعض رموزكم, فنحن نخشى من أن يفسدنا التلفاز الذي نشاهد به القنوات الإسلامية وينقل لنا الصلوات من المسجد الحرام,ولنقاطع منتجات تلك الدول المتآمرة علينا ولنتوقف عن ركوب سياراتهم وطائراتهم ونسافر على الخيل والبغال فربما كان في الطائرات أدوات تتجسس على منشاتنا النووية وصناعاتنا المتطورة! باختصار شديد لنعمل على تغيير الواقع ونعود أدراجنا مئات السنين لنعود لعصور التخلف والجهل لأننا نخشى من بعض المتآمرين علينا.

أعجب أشد العجب عندما أسمع الكثير من زعماء بعض تيارات الصحوة وهم يطالبون بمقاطعة بعض الدول ويناشدون أتباعهم بالبعد عن تلك الدول, وعندما يحين فصل الصيف تشاهدهم في منتجعات تلك الدول, يستمتعون بجمالها ويتحدثون مع أبنائها وهم الذين كانوا يطالبون الأتباع بمقاطعتها ! فهل تلك تغيرات في المفاهيم أم أنهم يقولون مالا يفعلون؟

أخوتي أبناء الهيلا هنالك من يريد من الجيل القادم أن يكون جيل متخلف المفاهيم جيل تابع له ولكل أوامره , يطيعه طاعة عمياء لا يسأل لماذا أفعل ذلك ولما نحن كذلك فقط جيل ينفذ الأمر فالأمر من ذلكم الشخص مقدس ولا سبيل للنقاش ,ذلك ما يريد بعض الأشخاص فالحذر الحذر من تلك الأفكار.

نعم الأجداد كانوا يعيشون في حقبة زمنية لم تساعدهم على التعلم والتثقف, ولكن انتم جيل مثقف واعي تعلمون أن العلم نور والجهل ظلام,وتعون أن كل شخص يؤخذ منه ويرد إلا المعصوم محمد أبن عبدا لله صلى الله علية وسلم, ولا معصوم في هذا الزمان, وعندما لا يوجد معصوم في هذا الزمن فأن الجميع يجب أن يناقش بل يسأل لماذا نفعل ذلك وما لدليل على ذلك, وليس كما ينادي البعض بتقديس البعض وقول سمعنا واطعنا لمن يريدون استعبادنا بنظرياتهم التآمرية.
عندما نعلم أن المصطفى عليه أفضل صلاة وتسليم كان يتعامل مع اليهود وقد رهن درعه عند ذلك اليهودي ,رغم العداوة التي كانت بين المسلمين واليهود نعلم أن نظرية المؤامرة سياسة غير دقيقة فنحن نعيش في زمن يتبادل الجميع فيه المصالح المشتركة, نعم لا يخلوا الجميع من الخطاء ولكن ليس الكل يتآمر علينا فمن نحن حتى يهتم لنا العالم بتلك الطريقة, فنحن لا نستطيع صناعة أحذيتنا ولا حتى اللعاب أطفالنا, فمن الذي يحتاج الأخر؟

لست ممن يقول لا يوجد أسس لتلك النظرية التآمرية ,ولكن لا نجعل تلك النظرية هي شغلنا الشاغل وندع كل جديد من العلم والتقنية لأننا نخشى تلك النظريات التآمرية, فمن يردد تلك النظريات صباح مساء يريدنا بلا فكر ولا علم,يريدنا أن نخشى من العلم نفسه, ونكن من أتباعه الجهلا ونردد ما يقول فقط.


كتبة قلم النضال