ليس دفاعا عن هيئة الأمر بالمعروف
خالد حمد السليمان
في كل مرة أدخل فيها إلى سوق تجاري أو أتجول فيها بالشوارع المحيطة بالأسواق وأشاهد كيف يتصرف بعض الشباب بكل استهتار بالقيم والعادات الاجتماعية والأخلاق في تحرشهم بالفتيات ومضايقتهم للأسر أزداد قناعة بأهمية الدور الذي تلعبه " هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " في التصدي لمثل هذه التصرفات الرعناء وصد هؤلاء المستهترين عن إيذاء بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا والاستخفاف بالآداب العامة ! !
ورغم تحفظاتي وملاحظاتي العديدة على تصرفات بعض رجال الهيئة في أسلوب ممارسة عملهم إلا أنني آمنت دائما بأن التصرفات الشاذة والفردية لبعض الأفراد في أي جهاز أو إدارة أو هيئة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون معيارا للتعميم على كل العاملين فيها ، فمثل هذه التصرفات الخاطئة لا تقابل بالتعميم والشمول بالاتهام ، وإنما تقابل بإبلاغ مراجعها للتصدي لها ومحاسبتها على أخطائها وتقويم اعوجاجها ! !
ومع التسليم بوجود الأخطاء في أداء بعض أفراد رجال الهيئة شأنها في ذلك شأن كل دائرة أو مؤسسة مدنية أخرى ، فإن مقارنة هذه الأخطاء بالفوائد العظيمة التي تحسب لها يجعل كفة الميزان تميل لصالح الهيئة بكل ثقله خاصة بعد أن ثبتت مساهمتها بكل فاعلية في محاربة الترويج للمخدرات ، وكشف أعمال المنكر وهدم أوكار الرذيلة ، بل إن الهيئة تستحق الشكر والثناء على هذه الأعمال بدلا من التجريح والتشكيك !
إن من يريدون تقويض أركان الهيئة لمجرد أن أفرادا فيها تصرفوا بفردية خارج أطر عمل الحسبة وفق قواعده الشرعية إنما يسعون بتعمد مريب إلى استغلال مثل هذه التجاوزات الفردية لتحقيق أهداف تتخطى حدود الانتقاد المشروع ، ولا يسعون إلى إصلاح الأداء بقدر ما يسعون إلى تمهيد الطريق وزرعه ببذور التشكيك بأداء الهيئة ودواعي استمرار وجودها وصولا إلى محوها من الوجود ليصبح الطريق ممهدا أمام كل ما من شأنه تقويض المظاهر التي تحفظ لمجتمعنا خصوصيته الإسلامية ، وتمسكه بالقيم الأخلاقية والاجتماعية ! !
إن الهيئة قادرة على التصدي لأول محاولات الهدم التي تستهدفها دون الحاجة إلى العون من أحد عبر تفويت فرص تصيد أخطاء أفرادها بتشديد مراقبة أعمال هؤلاء الأفراد للتأكد من أن كل فرد في الهيئة يعمل وفق الضوابط التي لا تسمح أبدا بتخطي الحدود في النصيحة باللين ، والتصرف بما يقفز على الحريات الشخصية التي كفلها القانون أو يسيء إلى المعاملة الإنسانية ! !