الحسد داء الأمم

[قلب الرياض]

الحسد داء الأمم

أيها الناس

اتقوا الله تعالى وكونوا أخوة متحابين في الله وابتعدوا عن كل مايكدر صفو هذه الأخوة أو يفصم عراها من الأمراض الاجتماعية التي تفشت عند بعض الناس .

ألا وإن مما يفصم عرى الأخوة وينشر البغض بين الناس ذلك الداء الخطير والمرض الفتاك ألا وهو الحسد .

ولقد أمر الله بالاستعاذة من شره فقال ( ومن شر حاسد إذا حسد ) ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) .

وعن الزبير بن العوام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال دب إليكم داء الأمم الحسد والبغضاء وهي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولاتؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم مايثبت ذاكم لكم افشوا السلام بينكم ) .

وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله أخوانا ) م .

وقال صلى الله عليه وسلم ( لا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد) رواه النسائي وهو حسن.

وقال صلى الله عليه وسلم ( لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا ) رواه الطبراني وهو حسن .

قال بعض السلف الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء يعنى حسد إبليس لآدم وأول ذنب عصي الله به في الأرض ( يعني حسد ابن آدم لأخيه حتى قتله ) .

والحسد متى توغل في الصدور واستعلى على النفوس حصل التفكك في المجتمع وذهب التناصح وزال التواد والتآخي وحصلت الذلة والاستكانة وطمع الأعداء فينا .

والحسد ما وجد في أمة إلا وأوردها أشر موارد العطب وأصدرها أفضع مصادر الهلاك ، ماوجد في أمة إلا وأذهب ريحها ومزقها شيعا ، ماوجد في أمة إلا وأعمى قلوبها عن فهم الحق وأصم آذانها عن سماعه وأخرس ألسنتها عن النطق به .



أيها الأخوة

حقيقة الحسد شدة الأسى على الخيرات تكون للناس الأفاضل وليس هو المنافسة أو الغبطة لأن الغبطة تمني مثل نعمة الغير دون طلب زوالها والحسد تمني زوال النعمة عن الغير فالمؤمن يغبط والمنافق يحسد قال معاوية رضي الله عنه كل الناس أقدر على رضاه إلا حاسد نعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها ولذلك قيل

كل العداوات قد ترجى إماتتها إلا عداوة من عاداك عن حسد



أيها الأخوة

للحسد دواعي وأسباب

منها بغض المحسود فيأسى بفضيلة تظهر ومنقبة تُشكر ، فيثير حسدا قد خامر بغضاً .

ثانياً: أن يظهر من المحسود فضل يعجز عنه فيكره تقدمه فيه واختصاصه به فيثير ذلك حسدا .

ثالثا: أن يكون في الحاسد شح بالفضائل وبخل بالنعم وليست إليه فيمنع منها ولابيده فيدفع عنها لأنها مواهب قد منحها الله من شاء فيسخط على الله عز وجل في قضائه ويحسد على مامنع من عطائه .

رابعاً: الكبر يكون في النفس فلا يريد أحدا أن يشاركه في وصف ولا في حظ فيحمل حقده وحسده وبغضه .



أيها الأخوة

إن الحاسد معترض على الله في حكمه وفي تدبيره يعد نعم الله على عباده من جملة مصائبه فهو أبدا في همّ وكبد وفي غم ونكد قد أحرقت نار الحسد فؤاده فالمحسود يتقلب في الله لايشعر بشيء من ذلك .

والحسد لايسكن في نفس الحاسد إلا إذا زالت نعمة المحسود ، وزوال النعم وحصولها إنما هو بيد الله سبحانه وتعالى .

قال بعض الحكماء والحسود من الهم كساق السم فإن سرى سمه زال عنه همه .





أيها الأخوة

إن كان الحاسد قد رضي بطبعه هذا واستمرأه ولم يحاول الخلاص منه فهذا أثمه عظيم نسأل الله السلامة والعافية .

وإن كان يريد الخلاص من ذلك فهناك أمور تعين على التخلص من الحسد وهي دواء لهذا الداء فيسلم هو وإخوانه من المسلمين من شره .

من وسائل العلاج :-

1- إتباع الدين في اجتناب الحسد والرجوع لله عز وجل في آدابه فيقهر نفسه على مذموم خُلِقها وينقلها عن لئيم طبعها .

2- العقل الذي يستقبح به من نتائج الحسد ما لايرضيه .

3- الزهد في الدنيا وعدم التطلع لها قال أبو الدرداء رضي الله عنه ( ما أكثر عبدٌ ذكر الموت إلا قلَّ فرحه وقلَّ حسده ) .

4- العلم فالعلم النافع أن تعرف تحقيقا أن الحسد ضرر على النفس والدين والدنيا وأنه لاضرر على المحسود في دينه ولادنياه ، فيعلم الحاسد أن الحسد ضرر في دينه بسخطه لقضاء الله وقدره وتشبه بإبليس وسائر الكفار .

وضرر عليه في دنياه فهو يتألم بالحسد ويتعذب به فيعيش في الحياة يصطلي بنار الحسد ويتألم بألم الحقد وليعلم أن المحسود لاضرر عليه في دينه ولادنياه فالنعمة لاتزول بالحسد ماقدره الله .

والمحسود ينتفع بالحسد من جهة أنه مظلوم ولاسيما إذا صحب الحسد الغيبه والقدح في الأعراض وهتك الأستار فإذا تفكر الحاسد بهذه المعاني كانت من أعظم الأسباب لتركه الحسد.

وليلزم مايجد في نفسه الأعمال الطيبة فإن بعثه الحسد في القدح في المحسود فليبدله بالمدح والثناء وإن حمله على التكبر فليلزم نفسه التواضع ( ادفع بالتي هي أحسن ) .

وليوطن نفسه على محبة الآخرين وأن يحب لهم مايجد لنفسه وأن يحقر نفسه ويزدريها ويذكر عيوبها ويرى فضل الآخرين وخيرهم .

فهذه أدوية نافعة جدا إلا أنها مُرةٌ غاية المرارة ولكن النفع في الدواء المُر فمن لم يصبر على مرارة الدواء لم ينل حلاوة الشفاء .

فإذا ظفر بذلك سلم من سقامه خلص من غرامه واستبدل بالنقص فضلا واعتاض عن الذم حمداً .

وليعلم المسلم أن النفس قد تميل إلى هذا الطبع وتحب الأثرة قال الحسن ( ما من آدمي إلا وفيه الحسد فمن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم لم يتبعه من شيء ) .

فاتقوا الله عباد الله ومن بلي بهذا الداء عليه أن يعالج نفسه ويذكر عظم ذنبه .

اللهم إنا نعوذ بك من شر حاسد إذا حسد .



أيها الأخوة

يقول ابن القيم رحمه الله فيدفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب

1- التعوذ بالله من شره والتحصن به واللجوء إليه .

2- تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله إلى غيره .

3- الصبر على عدوه فلا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه أصلا .

4- التوكل على الله فمن توكل على الله فهو حسبه .

5- فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه .

6- الإقبال على الله والإخلاص له .

7- تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداؤه .

8- الصدقة والإحسان .

9- الإحسان إلى الحاسد وهو من أصعب الأسباب على النفس فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً وحسداً ازداد إحسان له ونصيحة .

10- تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم والعلم بأن هذه الآلات بمنزلة حركات الرياح وهي بيد محركها وفاطرها وبارئها ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه قال تعالى ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك الله بخير فلا راد لفضله ) .



أيها الأخوة

إن آثار الحسد ومضاره كثيرة منها

1- الاعتراض على قضاء الله وقدره والتسخط على أمر الله وقدره .

2- زوال الحسنات وذهابها وتعدد النكبات .

3- حسرات النفس وسقام البدن قال معاوية رضي الله عنه ( ليس في خصال الشر أعدل من الحسد يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود ).

4- الهم والغم والشقاء قال بعض الحكماء ( يكفيك من الحاسد أنه يغمّ في وقت سرورك ) .

5- المذلة والخزي في الدنيا ومقت الناس قال بعض السلف ( الحاسد لا ينال من المجالس إلا مذمة وذلاً ولا ينال من الملائكة إلا لعنة وبغضاً ولا ينال من الخلق إلا جزعاً وغماً ولا ينال عند النزع إلا شدة وهولاً ولا ينال عند الموقف إلا فضيحة ونكالاً ) .

6- يورث الحقد والضغينة في القلب .

7- يجلب النقم ويزيل النعم .

8- منبع الشرور العظيمة ومفتاح العواقب الوخيمة .

9- مفرق الأحبة وهادم البنيان يفرق ولا يجمع ويقطع ولا يصل . يهدم المجتمعات ويفرق بين الأخوة والأخوات .

10- ما أعده الله للحاسد من العقاب العظيم والخزي في الدنيا والآخرة .



نسأل الله عزو جل أن يصلح قلوبنا وأن يرزقنا محبة الخير للمؤمنين وأن يحبب إلينا ذلك

[محمد الذيابـــي]

,,

لا هنت يالغالي.

,,,,,,

التوقيع

التوقيع محمد الذيابـــي

[قلب الرياض]

شكرا لمروووورك

وفقك الله

[عايض مثقاب الزراقي]

قلب الرياض جعل ما يشوفك لا حاسد ولا فاسد


انت انسان تستحق الشكر

شكرن لك

[قلب الرياض]

بارك الله فيكم على المرور الطيب

اتمنالكم الفائده ..

[ذخر برقا]

جزاك الله خير