الرئيسية التسجيل التحكم


اختيار تصميم الجوال

العودة   الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة > المنتدى الإسلامي > شريعة الإسلام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: البيت لاعجبني اجاريه باحساس (آخر رد :الريشاوي)       :: كل عضو او شاعر يسجل بيتين غزل الفهاا من قصائده .. بشرط ان تكون غزليه فقط .. (آخر رد :الريشاوي)       :: ودي ولا ودي وابيهم ولا ابيه (آخر رد :الريشاوي)       :: واكتبي هذا أنا أنا ليلى العامرية (آخر رد :الريشاوي)       :: البيت لاعْجَبني اجاريه باحساس (آخر رد :الريشاوي)       :: أنـا لا تلوموني ولو ملـت كل الميل (آخر رد :الريشاوي)       :: اوافق .. واقول النفس صعبه مطالبها (آخر رد :الريشاوي)       :: الحب اقفى في ديانا ودودي (آخر رد :الريشاوي)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)      

إضافة رد
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 24-Apr-2010, 11:13 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو






التوقيت


فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي .. الصوفية و التصوف ...!!

مقتطفات عن التصوف والصوفية
من كتاب / أصول الأديان والفرق والمذاهب الفكرية

المؤلف الدكتور الشيخ / سفر بن عبدالرحمن الحوالي




أقسام التـصوف


أولاً : التصـــوف الـغــــالي :-


وهو الذي غلا أصحابه حتى خرجوا من الإسلام بالكلية


( أو لم يدخلوه أصلاً وإنما تلبسوا به ليهدموه


أو ليسلموا من عقوبة أهله )


وهو اتجاهان رئيسيان:ـــ


1) التـصوف الفلسـفي:-


وهو المبني على فلسفة اليونان والهند


وأصحابه أقرب شيء إلى الباطنية


وهم يهتمون بالخوض في المباحث الإلهية والكونية


على الطريق الفلسفية


ولهذا نجد كـتاباتهم تـفيض بالمصطلحات الفلسفية مثل:


( العقل الكلي، النفس الكلية، الأعراض،


الجواهر، الصورة والهيولي ) ( 1 )


وهم يؤمنون بالاتحاد ( اتحاد الخالق بالمخلوق ) ووحدة الوجود.


ومن أشهر المنتسبين للإسلام منهم:

ابن عربي وابـن الفارض.


2) التـصوف الرهـباني:


نسبة إلى الرهبانية ويـطلق عليه التصوف البوذي
وهو المبني على الرياضات والخلوات والمجاهدات والخيالات،
وأصحابه أقرب شيء إلى البوذية،
وهم يهتمون بالخوض في الوساوس والخطرات وقمع النفس
مستخدمين السياحة في الأرض والانقطاع في الفلوات
ويكـثرون من الأشعار والقصص والذكر بطريقة الرقص والتمايل،
كما يهتمون بالخوارق والكرامات ويستخدمون السحر والجن لذلك.
وعقائد هذا القسم كـثيرة منها الحلول والاتحاد ووحدة الوجود
ومنها التفويـض
( وهي أن الله يـفوض تدبـير العالم إلى الأقطاب والأولياء ).
ومعظم الطرق الصوفية في العالم الإسلامي تنتمي لهذا الاتجاه
على تفاوت فيما بينها مع خلـطه ببعـض ما عند القسم الأول،
فالتصوف ـــ كما سبقت الإشارة ــــ ليس فكرة محددة
ولكـنه اتجاه واسع وطرق متناقضة،
والصوفي يؤمن بمتناقضات كـثيرة في آن واحد.


ثانياً: التصــوف البــدعي:-


ينتمي بعض المسلمين قديماً وحديثاً إلى التصوف عن حسن نية
ظناً منهم أنه مجرد اصطلاح
يطلق على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
من المراقبة والمحاسبة والرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا،
ولكن ندر من ينتسب إلى التصوف مع الخلو من البدع صغيرة أو كبيرة،
وأكـثرهم تفسد عقائده في الصفات والقدر ونظرته للدنيا وغيرها
مما كان له أثر واضح في انحطاط الأمة
اعتـقاداً وعلماً وحضارةً كما سيأتي.


ومن كان صحيح العقيدة والعبادة من المسلمين
فلا يجوز أن ينتسب أو يُنسَب إلى التصوف ولا إلى غيره،
وإنما يكون الانتساب إلى الإسلام والسُنَّة



الطريـق وأركانه
الطريق عند الصوفية
رمز للمنهـج الذي يسير عليه العابد ليصل إلى معبوده.



وللصوفي ثلاثة أوصاف بحسب سيره في الطريق:ـــ

1) المريد:
وهو الصوفي المبتدئ الذي يتلـقى عن الشيخ.


2) السالك:
وهو الذي يقوم بالرياضات والمجاهدات ليصل إلى الغاية.


3) الواصل:
وهو الذي عرف الحقيقة ووصل إلى الغاية.
والغاية هي الفناء في الإله المعبود

أو الاتحاد به

ولهذا يـؤمن غُلاة الصوفية
بسقوط الأوامر والنواهي والتكاليف
عن الواصلين،
لأن الغرض من الصلاة والزكاة والصوم...إلخ
بزعمهم هو الوصول إلى الله
فمن وصل فلا حاجة له بها.




أركان الطريق


الأول: الشيخ:
فلا يستطيع أحد الوصول إلى الله بمفرده أبداً،
والشيخ عند الصوفية ليس مجرد واسطة
أو وسيلة للتربية كالأب أو المعلم
بل هو واسطة للإيمان والقبول.
ولهذا فطاعته مطلقة،
ويجب أن يكون المريد بـين يديه كالميت بـين يدي الغاسل،
ولا يجوز للمريد أن يعترض على شيخ
مهما فعل من قبيح أو حرام،
ولو كان هذا الاعتراض في سرِّ المريد،
بل يجب أن يسلم له ظاهراً وباطناً.
وعلى المريد أن يلتزم بما يحبه الشيخ من أوامر وأذكار وصلوات،
وأن يتأسى به ويذيـع كـراماته ويدافع عنه.


الثاني: الخلوة:
المتصوف الحقيقي لابد له من الخلوة
سواء أكانت في زاوية أو في صحراء أو غابة،
وأقل ما تحصل به الخلـوة
أن يـلـف على رأسه ووجهه كساء غليظ يختفي به عن الناس
ويطيل ترديد الأوراد ويفرغ قلبه من كل شيء.
وفي الخلوة ينقطع الصوفي عن الناس
حتى عن الجمعة والجماعة
ويلتزم بصيام معين وأوراد معينة
حتى يُكاشَف ويُفتَح عليه.


الثالث: الفَتْح والمُكاشَفة:
مع دوام الخلوة والذكر يأتي الفتح ــــ أو المكاشَفة ــــ
وهو يطلق على أشياء كـثيرة فقد يكون نداء وخطاباً يسمعه

أو صورة يراها أمامه أو خارقة تجري على يديه ونحو ذلك
مما هو بلا شك من إيـماءات الشياطين أو أصواتهم وأفعالهم.


الرابع: الكـرامة:
لكي يكون الصوفي ولياً لابد له من كرامة
كما أنه لابد لكل نبي من آية ( معجزة )

وتدعي الصوفية لأوليائها كـرامات كـثيرة
بعضها كذب واختلاق وبعضها من الرياضة الطويلة،
أو من آثار السحر والاستعانة بالشياطين،
أو الاحتيال بحيل خفية.


فقد يـطير الواحد منهم في الهواء أو يمشي على الماء،
أو يـطعن نفسه ولا يضره شيء
أو يدع الطعام والشراب زمناً طويلاً...إلخ
ويدَّعي أن هذا كرامة بسبب ولاية له.


وهذا من أوضح الأدلة
على فساد التصوف وانحرافه عن الإسلام
فإن أعلى الأولياء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ولم تحصل لهم هذه الأمور.


وأهل السُنَّة والجماعة يؤمنون بالكرامة الحقيقية
ومع ذلك يؤمنون بأن أعظم كرامة للمؤمن

هي تمسكـه بالكـتاب والسُنَّة وتجنبه للبدع والفواحش
وجهاده ودعوته إلى الله تعالى والصبر على الأذى في ذلك.


أما هذه الخوارق فإن سحرة الفراعنة والهنود واليهود
يفعلون مثلها وأعظم منها,
فما لم يكن التمسك بالسُنَّة والاجتهاد في التقوى
هو مقياس الولاية


فلا فَرْق بـين الولي والساحر والمشعوذ.



أهم العقائد الصـوفية


1) الحلول والاتحاد والفناء كما هي عند الهندوس والبوذيـين.
2) أن الحقيقة أو المعرفة لا تـؤخذ من نصوص الكـتاب والسُنَّة
وإنما تُنال بالكشف أو العلم اللَّدُنِي ( الباطن )
والإلهام والذوق ( أي أن للوحي عندهم مفهوماً أعم
ولهذا لا ينحصر في الأنبياء،
بل هو عام لكل الأولياء).
3) سقوط التعبدات والتكاليف عمن وصل غاية الطريق
وحصل على اليقين بزعمهم.
4) ادعاء ولاية الله وتفضيل الولي على النبي عند كـثير منهم،
وتـفضيل خاتم الأولياء المزعوم عندهم
على خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ،


ومن العجيب ظهور كـثير ممن يدعي أنه خاتم الأولياء
في كل العصور ومع ذلك نجد الصوفية يوالون الجميع ويقدسونهم .


5) ادعاء الكرامة والتحدي بها.
6) الإيمان برجال الغيب وهم الأقطاب والأوتاد والنقباء والنجباء...إلخ،
ويعتـقدون أن الله تعالى أسند إليهم التصرف في الكون وتدبير العالم !!


تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.


ولهذا يدعونهم ويستغيثون بهم
ويقيمون لهم الأضرحة والمقامات
ليقصدها الناس للتبرك والدعاء.


7) التعبد بالبدع والضلالات:
فهم يتخذون الخلوات ويُعِّينُونَ من عند أنفسهم أحزاباً وأوراداً
تُرَدد آلاف المرات في أوقات مخصوصة
ويتخذون الرقـص والغناء وسيلة للترقيق والتزكية والتقرب.


8) الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــ كما تغلو الشيعة في علي
وكما يغلو البوذيون في بوذا
والنصارى في عيسى ــــ
ومن ذلك زعمهم أنه أول المخلوقات
وأن الله تعالى خلقه من نوره
( تعالى الله عما يصفون )

وأنه يعلم الغيب كله، وأن بـيده مقاليد السموات والأرض،
وابتداع صلوات معينة يصلون بها عليه وفيها إطراء وغلو.
ومن ذلك دعاؤهم إياه واستغاثـتهم به من دون الله،
وقد نـقلوا ذلك للأقطاب وسائر رجال الغيب.


أثر التـصوف في الأمة الإسلامية

للتصوف آثاره العظيمة في عقيدة الأمة الإسلامية

وحياتها عامة ومن أهم هذه الآثار:ــــ




1) إفساد توحيد العبادة

بما أدخل الصوفية من الشرك وعبادة الموتى

وقد نـقل الشيعة والصوفية ذلك من البوذية إلى الإسلام

وانـتشرت في أيام حكم العبيديـين

( في مصر والمغرب )

ودول الرفض في المشرق.

2) إفساد توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات

بعقائد الحلول والاتحاد وتمثيل الله بخلقه،

ومن ذلك ما اشتهر عن كبارهم من شطحات

مثل ( أنا الحق )

و ( سبحاني سبحاني ما أعظم شأني )

و ( ما في الجبة إلا الله )..

وما اشتهر عنهم من عشق الصور الجميلة

زاعمين أن الله حلَّ فيها،

أو أنها مظاهر لجمال الله

تعالى الله عما يصفون.

3) تمزيق الأمة الإسلامية وبعثرة انتمائها،

فالصوفية طرق كـثيرة متناقضة

ينتسب إليها كـثير من المسلمين مثل:

القادرية, الرفاعية، التيجانية، الشاذلية،

النقشبندية، الميرغنية، الأحمدية ( نسبة لأحمد البدوي )




ولكل طريقة أحزاب وأوراد وتعبدات وصلوات نبوية خاصة

وكل منها يدعي أنه على الحق والصواب،

بل كل طريقة تنقسم إلى فِرَق وطُرُق كـثيرة.




4) ترك الجهاد: بل ترك الأعمال عامة:

فللصوفية أثر عظيم في هذا

ومن الثابت تاريخياً تعاون بعض مشايخ الصوفية

مع التتار حين دخول بغداد

ومع المستعمرين الأوربيـين في العصر الحديث.




5) انحـطاط الحياة العلمية:

ينحصر اهتمام الصوفية

في الرياضات والخلوات والأوراد والحضرات

وقد كان لهذا أثره في الانصراف عن العلم

فضلاً عن احتـقار الصوفية للعلم حيث يسمونه العلم الظاهر

أو علم الورق أو علم الرسوم.

كما أن الصوفية باهتمامها بالكشف والإلهام ونحوه

أسهمت في إضعاف التفكير والاجتهاد وعمل العقل عامة.




6) انحطاط الحضارة الإسلامية:

إضافة لما في الفقرة السابقة

كان للصوفية أثر بالغ في تقهقر الحضارة

بحرصها على الفقر والتسول

وميلها إلى اتـخاذ وسائـل وهمية

مثل ما يسمى بالحجُب والتعاويذ والحصون

التي يعتقدون فيها جلب النفع أو دفع الضرر.




7) تغيـير المفهوم الحقيقي


لبعض العقائد والمصطلـحات الشرعية


مثل التوكل والزهد والقدر


حين حولوها إلى تـواكـل وتسول وجبر.

..... ( يتبع في المشاركات القادمة بعض التوضيح إن شاء الله تعالى )


=========================

للحصول على نسخة من الكتاب



http://www.almeshkat.net/books/open....t=21&book=3212





...........















رد مع اقتباس
غير مقروء 24-Apr-2010, 11:17 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو






التوقيت


فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

من شيوخ الصوفية في العصر الحديث / محمد علوي المالكي



نظرات في كتاب المختار لمحمد علوي مالكي
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
( من محاضرة: الرد على الخرافيين )


ننظر الآن إلى كتابٍ مِن كتب محمد علوي مالكي -ربَّما لم يطلع عليه بعض النَّاس- الكتاب سمَّاه: المختار مِن كلام الأخيار ، طبع في مصر سنة (1398هـ)، ولنقارن ما جاء في هذا الكتاب بما سمعنا الآن مِن عقائد الصوفية ؛ لننظر على أيِّ دينٍ هذا الرجل، ونعرف عندئذٍ حكمَه، ونعرف القضيَّة الأساسيَّة التي هي -كما قلتُ- أنَّ التصوف دينٌ مستقلٌ عن الإسلام، وأن من داخله من ينتسب إلى الإسلام ويدَّعي أنَّه مسلم، والإسلام بريء منه!

السري السقطي يخاطب الله :

يقول محمد علوي مالكي في هذا الكتاب -صفحة [134]- عن السري السَقَطي [23] -يقول: ' رأيتُ كأنِّي وقفتُ بين يدي الله عز وجل، فقال: يا سري خلقتُ الخلقَ فكلُّهم ادَّعوْا محبتي، فخلقتُ الدنيا فذهب منِّي تسعةُ أعشارهم وبقيَ معي العشر، قال: فخلقتُ الجنَّة فهرب منِّي تسعةُ أعشار العشر، فسلَّطتُ عليهم ذرةً مِن البلاء؛ فهرب تسعةُ أعشار عشر العشر! فقلتُ للباقين معي: لا الدنيا أردتم، ولا الجنَّة أخذتم، ولا مِن النَّار هربتم، فماذا تريدون؟

قالوا: إنَّك لَتعلم ما نريد فقلتُ لهم: فإنِّي مسلِّطٌ عليكم مِن البلاء بعدد أنفاسكم؛ مالا تقوم له الجبال الرواسي، أتصبرون؟

قالوا: إذا كنتَ أنتَ المبتلي لنا فافعل ما شئتَ. فهؤلاء عبادي حقاً '.

لاحظوا هذا الكلام!! متى خاطب الله السري ؟

هل كلَّم اللهُ أَحَداً بعد موسى عليه السلام؟

هل حصل هذا عن طريق الوحي؟

هل نزل جبريل على أحدٍ بعد محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

هذه هي الأقوال التي أقول: إنَّها أساس الخلاف بيننا وبين الصوفية ، وهو: التلقِّي، إنَّهم لا يتلقَّوْن مِن الكتاب والسنَّة، بل يتلقَّوْن مِن المخاطبة المباشرة علم الحقيقة، العلم اللدني، العلم المباشر عن الله كما يدَّعون أنَّ الله يكلِّمهم، ويخاطبهم مثل ما ذكر هؤلاء الأئمة خشيش ، أو الرازي ، أو السكسكي ، أو الأشعري .

هذا الكلام ينقله محمد علوي مالكي عن السريِّ السقطي ، فلنفرض أنَّ السريَّ السقطي أخذ هذا الكلام مِن كتاب بانتجل ، كتاب الهند -الذي ذكره البيروني ، أو كتاب زندأفستا ، أو أي كتاب، أو أي مصدر، كيف ينقله محمد علوي مالكي ؟

السؤال هنا للمالكي : كيف تنقل هذا النصَّ وتقرُّه؟

وأين هم هؤلاء الذين يعبدون الله لا خوفاً مِن النَّار، ولا حبًّا في الجنَّة؟

هؤلاء أفضل مِن أنبياء الله الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] والأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- تعوَّذوا مِن البلاء، ومتى امتحن الله تعالى الخلقَ بعددِ أنفاسهم مِن البلاء ما لا تصبر له الجبال الرواسي؟

وهؤلاء هم -فقط- مَن يحبُّون الله؟

وقد بيَّن الله تعالى لنا طريق محبتِه أعظمَ البيان، فقال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54]، ويقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].

فذكر أنَّهم يجاهدون في سبيل الله، وأنَّهم يتَّبعون رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هؤلاء هم الذين يحبُّون الله.


التلاعب بالأدعية المشروعة :

وننتقل إلى نصٍّ آخر، يقول محمد علوي مالكي صفحة [135] -في هذا الكتاب المختار - نقلاً من كلام علي بن موفق قال: ' اللهمَّ إن كنتَ تعلم أنِّي أعبدك خوفاً مِن نارك فعذِّبني بها! وإن كنتَ تعلم أنِّي أعبدك حبّاً لجنتك فاحرمني منها! وإن كنتَ تعلم أنِّي إنما أحبُّك حبّاً منِّي لك، وشوقاً إلى وجهك الكريم: فأبِحْنيه، واصنع بي ما شئت!! '

هذا كلام عجيب! يجعل أدعية النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلم الكثيرة في الاستعاذة مِن النَّار، وما أمرنا به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن نقوله في القرآن: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]، ودعاء الذين ذكرهم الله تعالى في آخر سورة آل عمران [.. فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191]، هذه الآيات كلها باطل! ولهو! ولعب عند الصوفية ! والصحيح، والدين الحق -عندهم-: هو المحبة المطلقة، أو ما يسمونه: العشق المطلق، يعني: كلمة ثيوصوفية ، عِشق الله عِشقاً مطلقاً، محبة مطلقة، هذه هي التي كانت عند الهنود، وهذه التي ينقلها محمد علوي مالكي وجماعته، ويقولون: إنَّهم لا يشتهون الجنَّة، وإنَّهم زهَّاد في الدنيا، ومع ذلك ينقل هو -المالكي - في صفحة [129] من كتابه عن بشر الحافي ، ' أنَّه اشتهى الشواء أربعين سنةً!! '

أقول: فكيف يجمع المالكي بين نقله عن هؤلاء الذين لا يشتهون الجنَّة، وبين نقله عن بشر ، وعن -أيضاً- رجلٍ يُدعى إسماعيل الدويري أنَّه اشتهى حلوى كذا سنين.

فهذا التناقض كيف يوفِّق بينه هذا الرجل؟

بأنَّ بشراً الحافي رحمه الله مِن أمثلهم، وأفضلهم، بل هو ليس صوفياً، إنَّما رجلٌ، فاضلٌ، عابدٌ.

والإمام أحمد رحمه الله إنما أخذ على بشر أنه لم يتزوج، وهذا مأخذ شرعي، رحم الله الإمام أحمد في ذلك، فهو يثبت لـبشر الحافي التعبُّد، والزهد، والورع، ولكنَّه انتقده؛ لأنَّه لم يتزوج: فقد عدَّه الإمام أحمد مخالفاً للسنَّة في هذا.

ونعود إلى كلام المالكي نستعرض ما في هذا الكتاب الذي سمَّاه كما قلنا المختار من كلام الأخيار ، والأخيار عند الصوفية هم البهاليل، أو المجانين، أو المجاذيب منهم!!

الكرامات عند الصوفية :

يقول أيضاً عن إبراهيم بن سعد العلوي 'مِن كراماته: معرفة ما في الخاطر، والمشي على الماء، وحرَّك شفتيه فخرجت الحيتان مِن البحر مدَّ البصر رافعةً رءوسها، فاتحةً أفواهها' إلى آخره.

يعني: أن إبراهيم كان يعرف ما في الخاطر، وكان يستطيع أن يمشى على الماء، وكان يجمع الحيتان مدَّ البصر بحركة مِن شفتيه!! [24]

مثل هذه الكرامات -علم الغيب- تربطنا بقضيةٍ كبيرةٍ جداً تعرَّض لها هؤلاء الخرافيُّون الأربعة -وهم: الرفاعي ، والبحريني، والمغربييْن- وهيَ قضية: أنَّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم الغيب! ودافعوا عن علوي مالكي في ذلك.

ومن المعلوم أن الصوفية حينما يدَّعون أنَّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم الغيب، ويُكثرون من الكلام على معجزات النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يريدون أن يثبتوا بذلك الكرامات للأولياء؛ لأنَّهم يقولون: [ كل ما ثبت للنَّبيِّ معجزة، فهو للولي كرامة ] فإذا أيقنتَ، وآمنتَ أنَّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم الغيب: فيجب عليك -تبعاً- أنْ تعتقد، وتؤمن بأنَّ الأولياء يعلمون الغيب أيضاً؛ لأنَّ هذه للنَّبيِّ معجزة، وهذه للوليِّ كرامة، والفرق بينهما: أنَّ النَّبيّ يدَّعي النُّبوة، والوليُّ لا يدعيها، وأما ظاهر أو صورة الخارق للعادة فهي صورة واحدة، وهذا سيأتي له بسط إن شاء الله فيما بعد.

المقصود: أنَّ هذا الرجل ينقل هذا الهراء، وهذه الخرافات، ويسميها كرامات!

الزهد في طلب الجنة :

ونستمر معه وهو يتكلم عن النوري ويقول: ' سئل النوري عن الرضا، فقال: عن وجدي تسألون؟

أم عن وجُد الخَلق؟

فقيل: عن وجدك، فقال: لو كنتُ في الدرك الأسفل مِن النَّار لكنتُ أرضى ممن هو في الفردوس!! ' [25] نسأل الله العافية.

معنى كلامه هذا: أن الله عز وجل لو وضعه في الدرك الأسفل مِن النَّار سيكون أرضى عن الله تعالى، وعمَّا هو فيه ممن هو في الفردوس!! لماذا هذا الرضا؟

يَظنون أنَّهم بهذا يرتفعون عن درجة العامَّة، هم خاصة الله، أهل الرضا، محبتهم بلغت بهم إلى هذا الحد مِن محبة الله بزعمهم، أمَّا العامَّة، ومنهم -في نظرهم والعياذ بالله-: الأنبياء فهؤلاء يخافون مِن النَّار، ولا يرضون بها، فهم بزعمهم أعلى درجةً مِن الأنبياء! وحصلت لهم أحداث تدل على كذبهم في ذلك؛ فإنَّ سامون، وقيل: إنَّه رويم لما أراد أن يَمتحن محبته، فصنع بيتاً من الشعر فقال:

لم يــبق لي في سـواك بد فكيفما شئتَ فامتحنيِّ

فامتحنه الله بعسر البول، فحبس بوله عن الخروج، فكان يصرخ في الطريق، وينادي الصبيان، ويقول: احثو التراب على عمِّكم المجنون، أو انظروا إلى عمكم المجنون.

هذه بعض الأمثال -نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى العافية- ولا ندَّعي كما يدَّعي هؤلاء الزنادقة -وهم فعلاً زنادقة- أنهم يعتقدون عبادة الله عز وجل بالحب وحده، وكما نعلم أن السلف جميعاً قالوا: ' مَن عَبَد الله بالخوف وحده فهو: حروري - يعني: مِن الخوارج - ومَن عَبَد الله بالحبِّ وحده فهو: زنديق، ومَن عبده بالرجاء وحده فهو: مرجئ، ومَن عبده بالخوف والرجاء والحب فهو: السنيِّ '.

فمن عبده بالحب وحده فهو زنديق، وهذا يتفق مع ما ذكره المؤلِّفون في الفرق وهم: الإمام خشيش ، والأشعري ، والرازي ، والسكسكي هؤلاء كلهم أئمَّة فرَقٍ وذكرنا النُّقول عنهم في أنَّ هؤلاء زنادقة، فهذه العبارة أيضاً تتفق مع ذلك، فما كان المدَّعون للحبِّ المجرد عند السلف إلا زنادقة؛ لأنَّهم يُبطنون، ويخرجون جزءاً مهمّاً جدّاً مِن أعمال القلوب وهي من أنواع العبادات العظمى، وهي: عبودية الرجاء، وعبودية الخوف، فيسقطونها بالحب.

والله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كما قلنا- ذكر عن أنبيائه أنَّهم يسألونه الجنَّة، ويستعيذون به من النَّار، وإمام الموحدين إبراهيم عليه السلام يقول كما في سورة الشعراء: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [الشعراء:85].

فكيف يدَّعي هؤلاء أنَّهم أعظم مِن خليل الرحمن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأعلى درجةً منه، بل وبلغ بهم الاستخفاف أنَّهم نقلوا - كما في طبقات الشعراني - أنَّ رابعة العدوية [26] قالت لما قرئ عندها قول الله تبارك وتعالى: وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ [الواقعة:20-21]، ' يَعدوننا بالفاكهة والطير كأنَّنا أطفال!! ' نعوذ بالله مِن الاستخفاف، وسواء صحَّ عنها أنَّها قالت ذلك أو لم يصح، فالمهمُّ أن مَن نقل هذا الكلام فهو مقر بهذا الاستخفاف بنعيم الله عز وجل وبجنته.

فالتناقض -كما قلنا- أنَّهم ينقلون مثل هذا الكلام؛ مع نقلهم أنَّ فلاناً اشتهى الشواء أربعين سنَة، وهذا اشتهى الحلوى كذا سنة!!

ماذا يريد هؤلاء الزنادقة مِن مثل هذه الأمور؟

لا شك أنهم يريدون إسقاط التعبدات، وبعد أنْ نستكمل قراءة كتاب المالكي ، هذا الكتاب -كما قلنا- لم يطلع عليه بعض النَّاس، أو ربما رأوه ولكنهم لم ينتبهوا لما فيه، ولم يردَّ عليه أحدٌ، ونحن نقول لهؤلاء الخرافيين الذين يدافعون عن الذخائر : انظروا أيضاً إلى هذا الكتاب، واجمعوا فكر الرجل مِن جميع جوانبه، ثم انظروا أيضاً ما هي صلته بالإسلام، أو بـالتصوف الذي هو الدين القديم.

الرياء الكاذب :

يقول المالكي ' قال رويم : مكثتُ عشرين سَنَة لا يعرِض في سرِّي ذكر الأكل حتى يحضر ' [27]

أي: أن مِن زهده أنه لا يعرض له في خاطره ذكر الأكل إلا إذا حضر أمامه.

ونحن نقول:

أولاً: هذا أمرٌ لم يتعبدنا الله عز وجل به، والله عز وجل ذكر الطعام في القرآن، وإن كان يخطر ببالِ كلِّ إنسان، وورَدَ ذكره في أحاديث كثيرة -وليس هنا المجال لحصرها- وليس هناك ما يعيب الإنسان أن يتذكر الطعام، أو غيره.

وأيضاً: ليس هناك ما يرفع درجته بأنَّه لا يتذكر الطعام؛ لأنَّ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لم يتعبدنا بهذا، ثمَّ هذا عملٌ وأمرٌ لو حصل لأحدٍ فهو أمرٌ خفيٌّ؛ لأنَّ الخواطر في القلب، فلماذا يظهرُها ويخبر النَّاس بها؛ إلا وهم - والعياذ بالله - يحرصون على أن يشتهروا، أو يُعرفوا.

فهذا العمل الذي لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم، ولم يفتخر به الأنبياء، يأتي مثل هذا الرجل فيذكرونه في الرياء الكاذب، هذا هو الرياء الكاذب حقّاً.

ومن الرياء الكاذب أيضاً ما ينقله المالكي عن بعضهم أنَّه قال: ' منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمةٍ أحتاج أن أعتذر منها '. [28]

وينقل في صفحة أخرى عن آخر قوله: ' منذ عشرين سنة ما مددتُ رجلي في الخلوة، فإنَّ حسن الأدب مع الله تعالى أولى '. [29]

و بعد هذا الكلام قد تقولون: هذه فرعيَّات! نعم، لكن نربطها بمنهج الرجل.

يعلِّق المالكي على هذا القول الأخير، يقول: ' فإنَّ قيل: فقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمدُّ رجلَه في الخلوة، وكان أحسن العالمين أدباً؟

قلنا - أي: المالكي -: شأن أهل المعرفة أبسط وأوسع من شأن أهل العبادة، ولكن لا إنكار عليهم في تضييقهم على أنفسهم؛ لأنَّ ذلك مقتضى أحوالهم '.

لاحظِ العبارة "شأن أهل المعرفة أبسط وأوسع من شأن أهل العبادة"، يعني: النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن أهل المعرفة؛ فشأنه أبسط، وأوسع مِن أهل العبادة، فيمدُّ رجله لكنَّ أهل العبادة لا إنكار عليهم في تضييقهم على أنفسهم؛ لأنّ ذلك مقتضى أحوالهم!!

هذه الحال، وقضية الحال عند الصوفية ، وأنَّ الولي يسلَّم له حاله، ولا يعترض عليه، هذه جعلوها طاغوتاً، وركَّبوا عليها مِن القضايا البدعيَّة والشركيَّة الشيءَ الكثير جدّاً، فكون هذا صاحب حالٍ: لا يعترض على حاله؛ لأنَّه صاحب عبادة، وهذا صاحب معرفة! وهذا مِنَ العوام، وهذا مِن الخاصَّة! والحال يسلَّم للخاصة! وفرقٌ بين هذا الرجل وبين غيره، فما كان حلالاً في حقِّ هذا، فهو حرامٌ في حقِّ الآخر، وما كان حسنُ أدبٍ مع هذا، فهو سوء أدبٍ مع الآخر!!

التقنينات المالكية :

ثم ينتقل المالكي في صفحة بعدها يقول: ' إنَّ الشبلي -وهو مِن أئمَّتهم- لا نعلم له مسنداً سوى حديثٍ واحدٍ عن أبي سعيد رضيَ الله تعالى عنه، قال: { قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لـبلال القَ اللهَ عزَّ وجلَّ فقيراً، ولا تلْقَهُ غَنِيّاً، قال: يا رسولَ الله! كيف لي بذلك؟ قال: هو ذاك، وإلا فالنَّار }' .

يقول المالكي : ' إن قيل: كيف تجب النَّار بارتكاب أمرٍ مباحٍ في الشرع؟

قلنا: حال بلال وطبقته مِن الفقراء تقتضي ألاَّ يدَّخروا! فمتى خالفوا مقتضى حالتهم استوجبوا العقوبة على الكذب في دعوى الحال، لا على كسبهم وادِّخارهم الحلال! ' [30]

إذاً: هنا قضيَّة تشريعيَّة مهمَّة، هنا مناط تكليف، ومناط تشريع يختلف، ليس المناط أو متعلق التكليف هو أنَّه مسلمٌ، عاقلٌ، بالغٌ، حرٌّ، لا، هناك مناط آخر وضعته الصوفية ، وهو: هل هو صاحب حال، أو صاحب عبادة مِن العامة؟

إنْ كان مِن أهل الشريعة، أو من أهل العبادة، أو مِن العامة، فهذا في حقِّه الأشياء حلال، لكن إن كـان مِـن أصحاب الأحوال، فهذا حتى مجرد جمع المال، عليه حرام، فإمَّا أن يلقى الله عز وجل فقيراً، وإلاَّ فليدخل النَّار، كما وضعوا هذا الحديث المكذوب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقول -كما يقول المالكي -: 'متى خالفوا مقتضى حالهم: استوجبوا العقوبة على الكذب في دعوى الحال، لا على كسبهم' !!

أي: أن بلال رضيَ الله عنه وأرضاه لو جمع مالاً حتى صار غنيّاً، فإنه يدخل النَّار ويعذب لا على أنَّ المال الذي جمعه حرام -هو حلال نعم- لكن على أنَّه مخالف للحال! كيف يدَّعي حالاً ولا يوافقها؟!

فأية دعوى التي ادعاها بلال ؟ وأية حال؟

هذه هي المشكلة؛ أن القوم يضعون تشريعات، وتقنينات أصلها مأخوذ من أولئك الزنادقة.

ويأتي إلى موضع آخر من نفس الكتاب لينقل عن رجل يقال له أبو أحمد المغازلي ، يقول: 'خطر على قلبي ذكرٌ مِن الأذكار، فقلت: إن كان ذِكرٌ يُمشى به على الماء فهو هذا، فوضعتُ قدمي على الماء فثبتت، ثم رفعتُ قدمي الأخرى لأضعها على الماء فخطر على قلبي كيفية ثبوت الأقدام على الماء فغاصتا جميعاً!!'

أرأيتم هذا الذكر خطرَ على قلبه، لا هو مِن صحيح البخاري ، ولا هو مِن المواهب اللدنية التي يرجع إليها هؤلاء الخرافيُّون، ولا من السيوطي ، ولا مِن ابن عساكر ، ولا مِن الحلية ، إنَما خطر على قلبه!

العلم اللدني :

وهنا نقف عند قضية خطيرة في منهج التصوف، والتي أشرنا إليها، وهي قضية التلقِّي - العلم اللدنِّي- المباشر عن الله.

هم يقولون: حدَّثني قلبي عن ربِّى، ويقولون: أنتم -أي: أهل السنة والجماعة - تأخذون علمَكم ميِّتاً عن ميِّت - حدثنا فلان عن فلان عن فلان، كله ميِّت عن ميِّت - ونحن نأخذ علمَنا عن الحيِّ الذي لا يموت!!

وأنا أقول: إنَّ الحيَّ الذي لا يموت إلى يوم يبعثون كما أنبأ الله تعالى هو إبليس، ولاشك أنَّ الصوفية يأخذون هذه الوسوسات مِن إبليس؛ وإلا كيف يخطر على قلب هذا الرجل ذِكرٌ مِن الأذكار؟ ما هو هذا الذِّكر؟ ما مدى مشروعيته وما مدى صحته؟ لا ندري!! فيقول في نفسه: إن كان ذِكراً يمشى به على الماء فهو هذا، ثمَّ يضع قدمه على الماء، ثم يمشي على الماء.

انظروا هذه الخرافات، يَنقلها هذا الرجل، ويقرُّها، وأنا لا أقصد أن هذه الخرافات في ذاتها فقط مجرد خرافة، إنَّما أقصد أن نربطها بمنهج الرجل - منهجه في التلقي - وهو الاستمداد مِن العلم المتلقَّى اللدنِّي، أو الاستمداد مِن المنامات والأحلام كما يأتي أيضاً بعض إيضاح لذلك.

طريق من ذهب وأخرى من فضة :

ثم ينقل -مِن جملة ما ينقل- عن إبراهيم الخواص ، يقول: ' إنَّ الخواص قال: سلكتُ البادية إلى مكة سبعة عشر طريقاً، منها: طريقٌ مِن ذهب! وطريقٌ مِن فضَّة! '

ثم يقول علوي مالكي : ' فإنْ قيل: وهل في الأرض طرقٌ هكذا؟، قلنا: لا؛ ولكن هذا مِن جهة كرامات الأولياء! '. [31]

مَن مِن الناس يفهم هذا الكلام أو يتخيله في عقله؟ لكن أنتم مخطئون إذا استخدمتم العقل؛ لأنَّ الصوفية لا تؤمن بالعقل أصلا، بل ولا بالنقل، الصوفية تؤمن بالكشف، وبالذوق، فأنتم ما ذقتم- ولا أنا - شيئاً، ما تذوقنا أنَّنا نمشي في البادية إلى مكة سبعة عشر طريقاً، منها طريقٌ مِن ذهب، وطريقٌ مِن فضة، إذا قلنا مشينا إلى مكة فما رأينا شيئاً، قالوا: أنتم لستم أصحاب أحوال، أنتم مِن العامَّة، أصحاب شريعة؛ لكننا نحن أصحاب حقيقة! نرى هذه الطرق، فهذه مِن كرامات الأولياء.

هكذا ينقل محمَّد علوي مالكي ، يستشكل، ثمَّ يأتي بالجواب الذي يعتقد أنَّه جوابٌ مفحِمٌ مُسكتٌ.

التوكل والتواكل :

وينقل المالكي عن أخت داود الطائي ، أنَّها قالت له -وهذا يذكرنا بما يفعله عُبَّاد الهنود، كما ذَكَر البيروني وغيره مما هو معروفٌ عنهم الآن مِن تعاليم النفس-: 'لو تنحيتَ مِن الشمس إلى الظلِّ' أي: تقول: انتقل مِن الشمس إلى الظل - فقال: هذه خطىً لا أدرى كيف تُكتب.

الصوفية يؤمنون بالجبريَّة المطلقة - سلبية المطلقة - التوكل عندهم هو تواكل، يذهب يجلس في البادية بدون أي زاد ويقول: إني متوكِّل على الله! يجلس في المسجد، وتُعطى له الزكاة، وتعطى له الصدقات، والهبات ويقول: أنا متوكِّل على الله.

تقول له أخته: قم مِن الشمس إلى الظل، فيقول: خطىً، لا أدرى كيف تكتب.

لو قمتَ وقلت: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:29]، فالله عز وجل قال لنا هذا، وأمَرَنا أنْ نتخِّذ الأسباب.

فمن مثل هذه الأشياء ينقلها المالكي ، ويعتبرها هي درر كلام الأخيار ومِن أفضله.


رؤية الله عند المالكي :
ننتقل إلى موضوع آخر ينقل عن أبي يزيد البسطامي قوله: ' رأيتُ ربَّ العزة في المنام فقلت: "يابارا خدا" '[32] - بالفارسية -.

تعتقد الصوفية أنَّهم يروْن الله تعالى في المنام، وكذلك يروْن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليقظة والمنام.

وبعض تلاميذ علوي مالكي سواءٌ الذين هداهم الله أو غيرهم يقـولون: إنَّهم يمشون في هذا الطريق - أي: الترقِّي - حتى يرَوا الرسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، وأنَّهم سيستمرُّون على هذا الطريق حتى يرونه يقظةً.

وهذه مِن العقائد الراسخة عند الصوفية -أغلب طرقهم أوكلها- فمثلا: كتاب التيجانية ذكر أنَّ رؤيتهم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن عقائد التيجانية ، وموضَّح فيه، وكذلك طبقات الشعراني نقل هذا الكلام عن كثيرٍ منهم، وجامع كرامات الأولياء -أيضاً- نقل هذا، وكثيرٌ ممن لا أستطيع أنْ اسمِّيَهم الآن ذكروا أنهم رأو النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وأنه أمرهم بكذا! ونهاهم عن كذا! وكلُّ هذا مِن البدع، ومِن الضلالات التي زيَّنها الشيطان لهم.

فـالمالكي ينقل عن أبي يزيد البسطامي يقول: ' إنَّه رأى ربَّ العزَّة في المنام '.

وقول هؤلاء: إنَّهم يرَوْن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أشنع منه: مَن يدَّعي رؤية الله تبارك وتعالى.

لكن تجد عند الصوفية المتأخرين أن قضية رؤية الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في الدنيا قد خفت نوعاً ما؛ لأنَّ الاستنكار عليهم ربما كثُر، ولسببٍ آخر مهمٍّ وهو: ازدياد علاقة التصوف بالتشيع، فكلَّما غلا أولئك في علي -رضي الله عنه- غلا هؤلاء في الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّ الهدف واحدٌ.

الخرقة عند الصوفية :

ننتقل الآن إلى قضيَّة مهمَّة عند الصوفية وهي قضية أنَّ أعلى سند عند الصوفية ينتهي إلى علي رضي الله عنه، يقولون: إنَّ علياً أخذ الخِرقة مِن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!!

فهذه الخرقة يتناقلونها يداً عن يدٍ إلى علي رضيَ الله عنه، ويتعلق الصوفية بـعلي رضي الله عنه تعلُّقاً شديداً يشبه تعلُّقَ الرافضة .

وبهذا تظهر لنا الصلة الوثيقة بين دين الشيعة الذي أسَّسه عبد الله بن سبأ وبين التصوف، فتأليه البشر، أو الحلول والاتحاد -الذي ادَّعاه عبد الله بن سبأ موجودٌ لدى الطائفيين جميعاً، وأصله -كما نعلم- مِن اليهود؛ لأنَّ عبد الله بن سبأ يهوديٌّ؛ فأصلُ هذا الحلول مِن اليهود، واليهودي بولس شاؤل هو الذي أوجد هذا الحلول في دين النَّصارى، وقال: إن الله -جلَّ وتعالى عن ذلك- حلَّ في عيسي عليه السلام، فهو مبدأ يهودي أدخله اليهود في هذه الأديان.

الحاصل: أَّننا نجد أنَّه في القرن الخامس اجتمعت الضلالات والبدع، ونجد أنَّ نهاية سند الخرقة الصوفية ، ومبدأ العلم اللدنِّي، والحقيقة -التي يدَّعونها- علم الباطن ينتهي إلى علي رضي الله عنه.

وكذلك المعتزلة تدعي أن سندهم ينتهي إلى علي رضي الله عنه وأنَّه أولُّهم، ففي كتاب طبقات المعتزلة وكتاب المنية والأمل وأمثاله يجعلون أولَّهم علي رضي الله عنه، فأوَّل المتكلمين هو علي رضي الله عنه.

وكذلك -أيضاً- بالنِّسبة للشيعة ؛ فمن المعروف أنَّهم يجعلون علياً -رضي الله عنه- أول الأئمَّة الإثنى عشرية. وكذلك الفرق الباطنية يدعون أن علياً -رضي الله عنه- هو الدور السابع مِن أدوار الباطنية ، أو الإسماعيلية ، على اختلاف فِرَقِهم في ذلك.

إذاً هناك خطط ومؤامرات، وجدوا أنَّ نجاح هذا الهدف، وتحقيق هدم الإسلام يمكن أن يكون عن طريق تدفق العواطف لحب علي رضي الله عنه.

والصوفية لما رأوا كراهية عامة المسلمين للتشييع والرفض؛ لجئوا إلى الطريق الأخبث، وهو الغلو في محبة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكلُّ ذلك بإيحاءٍ مِن الشيطان، فغلا هؤلاء في النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََم غلُوّاً خرجوا به في كثيرٍ مِن الأمور عن حدِّ الإسلام، وهذا يدلُّ على أنَّ هناك تخطيطاً وتعاوناً ماكراً هدفه هدم الإسلام، واجتثاث هذا الدين من أساسه، والقضاء على عقيدة أهل السنة والجماعة بالتلاعب بعواطف العامة بالنسبة لحبِّ علي رضي الله عنه، أو حب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

العلم الباطن :

ولو أردنا أن نأخذ بعضَ الأدلَّة مِن كلام الصوفية على ذلك، فلننظر مثلاً إلى ما كتبه أبو حامد الغزالي -والغزالي كما هو معروف مِن أئمَّة التصوف الكبار- يقول: ' قال علي رضي الله عنه -وهو يتحدث عن العلم اللدني-: إنَّ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أخبر عن الخضر فقال: وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [الكهف:65] وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: أدخلتُ لساني في فمي، ففتح في قلبي ألف بابٍ مِن العلم، مع كلِّ بابٍ ألفُ باب!!

وقال: لو وُضعت لي وسادة، وجلستُ عليها، لحكمتُ لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل القرآن بقرآنهم!! '.

يقول الغزالي : 'وهذه مرتبة لا تُنال بمجرد التعلم الإنساني، بل يتحلى المرء بهذه المرتبة بقوة العلم اللدني... ' وقال أيضاً: ' : 'يُحكى في عهد موسى عليه السلام بأنَّ شرح كتابه أربعون حِملاً، فلو يأذن الله بشرح معاني الفاتحة: لأشرع فيها حتى تبلغ مثل ذلك يعني: أربعين وِقرا!!

وهذه الكثرة والسعة والانفتاح في العلم: لا يكون إلا لدُّنيّاً، إلهيّاً، ثانوياً ' '. [33] انتهى كلام الغزالي .

إذا نظرنا إلى هذه العبر؟ هل يمكن أنْ يقول علي رضي الله عنه هذا الكلام؟ ما معنى: "أدخلتُ لساني في فمي"؟ وأين كان اللسان؟ وانظر إلى ركاكة العبارة، وصياغتها، ثم كيف يحكم علي رضي الله عنه لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم! والله عز وجل قد نسخ هذه الكتب، ونسخ هذه الشرائع؟ وكيف عرف علي رضي الله عنه ذلك، ونحن عندنا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد وغيرهم، والأئمَّة في مواضع كثيرة {أنَّ أحد أصحاب علي رضي الله عنه - وهو أبو جحيفة - قال له: يا أمير المؤمنين! هل خصَّكم رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ مِن العلم؟ فقال علي رضي الله عنه: لا والذي فلق الحبَّة، وبرأ النسمة، ما خصَّنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ مِن العلم؛ إلا ما في هذه الصحيفة، أو فهماً يؤتاه المرء من كتاب الله عز وجل، فأخرج الصحيفة، فإذا مكتوب فيها: العقل - أي: الديات - وفكاك الأسير، وأن لا يُقتل مسلمٌ بكافر -وفي بعضها-: أنَّ المدينة حَرامٌ }.

فهي وثيقة كتبها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقال: إنَّها مِن الوثائق التي كتبها في معاهدات الصلح، احتفظ بها علي رضي الله عنه.

المهمُّ من ذلك أن علياً رضي الله عنه يُقسِم أنَّ ذلك لم يكن، وهذا دليل على أنَّ الدعوة قديمة قيلت في عهده -رضي الله عنه- وأنَّ عبد الله بن سبأ ، والزنادقة الذين كانوا معه مِن اليهود وأمثالهم هم الذين ابتدعوها.

وننظر إلى كتاب طي السجل -وهو أحد مراجع الرفاعي في ردِّه على الشيخ ابن منيع - في صفحة [322] يقول: ' يُروى أنَّ الإمام جعفر الصادق أخذ علم الباطن عن جده لأمِّه الإمام القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم أجمعين- وهو -أي: أبو بكر رضي الله عنه- أخذ -أي: العلم الباطن- عن سيِّدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه! وهو -أي: سلمان - أخذ عن سيِّد المرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!!

لكن يقول بعد ذلك: وقد صحَّ أنَّ سلمان تلقَّى علم الباطن عن أمير المؤمنين علي ، وهو ابن عمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا فرق إذ الكلُّ راجع إليه صلوات الله عليه وسلامه '.

نقول: ما هو هذا العلم الباطن الذي أخذوه؟ وأين يوجد؟ ولماذا وُضع سلمان بالذات؟

انظر كيف أنَّ الباطنية تضع سلمان هنا؟! لأنَّ أصل هذه الفكرة، سواءً التصوف، أو الباطنية ، أو الزنادقة : جاءت مِن الأفكار المجوسيَّة، والوثنيَّة، والهندية، وغيرها.

والرجل الأعجمي الذي كان في عهد النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تلك الديار: هو سلمان رضي الله عنه.

فإذاً فليُجعل هذا هو التُّكئة، وجُعل سلمان عند بعض طرق الباطنية هو الباب أو الحجاب، أو الإمام مستور!! وعند الشيعة هو -أي: سلمان - رضي الله عنه مع أبي ذر ، والمقداد ، وعلي -هؤلاء الأربعة- هم الوحيدون المسلمون مِن الصحابة!! وإن كان بعضهم يصلهم إلى أكثر مِن هؤلاء الأربعة فيضيف عمَّاراً ، وأمثاله.

المهمُّ: أن سلمان يعتبر مِن المعدودين الذين ثبتوا على الإسلام عند هؤلاء، ولم يرتدوا، والسبب في ذلك: أن الفكرة التي تهيئ نفسها فكرة يهوديَّة، مجوسيَّة؛ نشأت في بلاد المجوس، وانتشرت عن طريقهم، فيوضع سلمان -رضي الله عنه- في السند، وأنَّه تلَّقى علم الباطن.

والعلم الباطن هو الذي نجده في كلام الصوفية في تفسيرهم الذي يسمونه "التفسير الإشاري"، وفي إشاراتهم، وفي أقوالهم، وفي كتبهم، هذا العلم الباطن الذي هو تعبيرٌ آخر عن ما يسمَّى بالعلم اللدني، أو علم الحقيقة، ليس هو العلم الذي بين أيدينا، ليس هو البخاري ، ولا مسند الإمام أحمد ، ولا كتب الفقه المعروفة أبداً.

ولذلك قلتُ: إنَّ معرفتنا بمنهج المتصوفة أهمُّ مِن الردِّ التفصيلي عليهم؛ بأنَّ نقول لهم: هذا الحديث الذي استشهدتم به ضعيف، أو صحيح، أو غير ذلك، بل نقول لهم: ليس مِن منهجكم العلمي أنْ ترجعوا إلى كتب السنَّة، ولا إلى غيرها حتى تردُّوا علينا "بأنَّكم ضعفتم حديثاً، ونحن نصححه"، والخلاف يسير، ولا داعي للتكفير.

نقول: لا، أنتم مرجعكم إلى الكشف، وإلى الحال، وإلى الذوق، وإلى الوجد، وليس مرجعكم نصوص الوحي، فهذا العلم اللدني الذي تتلقونه عن طريق الكشف، أو العلم الباطن، نحن نبدأ الجدال، والنقاش بيننا وبينكم من هذه النقطة؛ نقول لكم: إمَّا أنْ تعودوا إلى الشريعة، وإمَّا أن تُصروا على أنَّ ما أنتم عليه هو الحقيقة، وهو العلم الباطن، فتأخذون حكم الباطنية ، وحكم الملاحدة الذين يدَّعون ذلك.

قصة منامية لأحد أئمة الطائفة الرفاعية :

وبمناسبة ادعائهم رؤية النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام -كما سبق- وأيضاً بمناسبة العلم اللدنِّي؛ أنقل قصة عن أحد أئمَّة الرفاعية ، ومشايخها الكبار، الذين أخذوا عن أحمد الرفاعي مؤسس هذه الطريقة، كما أوردها صاحب كتاب طي السجل ، نقرأ قصة إلباس الخرقة للشيخ علي الأحور ، كما نقلها هذا الرجل، يقول مؤلف كتاب طي السجل : ' وهنا نذكر تيمُّناً قصة إلباس الخرقة للشيخ الجليل علي الأحور شيخ السيد علي الأهدل ، مِن يد حضرة القطب الأعظم السيد الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه، بأمر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الإمام العلامة أبو بكر الأنَّصاري في عقود اللآلئ حين ترجم للعارف الأحور ما نصه:

شيخ الشيوخ، الإمام العارف بالله، الشيخ علي الأحور بن أحمد -.. الخ النسب- أخذ في بداية أمره عن الشيخ العارف بالله عبد القادر الجيلي -يعني: الجيلاني - قدس الله سرَّه، رأى بـ " أسعر " من بلاد الجزيرة سنة ستين وخمسمائة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: يا رسول الله دلني على أحب مشايخ الوقت إليك، وأحبهم طريقة عندك لأتمسك به؟ قال عليه الصلاة والسلام: يا علي أحب مشايخ الوقت إليَّ، وأرضاهم عندي طريقة: طريقة ولدي السيد أحمد الرفاعي صاحب أم عبيدة -وأم عبيدة بلدة في جنوب العراق في البطائح التي كان يعيش فيها الرفاعي - قلت: يا رسول الله وكذلك هو -يعنى: هو أفضل المشايخ- قال: وكذلك هو، رغماً على أنفك وضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه، قال الأحور : فانتبهت خائفاً، مرعوباً، وقمت على قدم الإخلاص راجعاً أكر إلى أم عبيدة ، فلما دخلتُ على سيدي إمام القوم، تاج الطائفة، السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه، وطلبتُ منه الخرقة؛ فقال لي: أنا وأخي عبد القادر والفقراء كلهم واحد فالزم شيخك!!! '.

أيها الإخوة: انظروا إلى تقسيمات الصوفية ، هؤلاء هم الذين يفرقون الأمَّة، هذا يتبع هذا الشيخ، وهذا يتبع هذا، ولا يجوز لهذا أن يأخذ من هذا، ولا هذا يأخذ من هذا؛ فكأن المسألة شركات، ومساومات، ويحصل بينهم الغضب الشديد على أن طالباً أخذه هذا من هذا!

فـالرفاعي يقول: ' الزم شيخك، قلت: لي معك خلوة، قال: فليكن، قال: فلما خلوتُ به، قلت: بالله أسألك مَن أرضى المشايخ طريقةً اليوم وأحبهم عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال -أي الرفاعي -: مَن يقال ذلك بشأنه على رغم أنفك 'يعني: نفسه.

يقول: -يعني: أحمد الرفاعي - يدَّعي علم الغيب، ويدَّعي أنه عرف الرؤيا، وأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قال لهذا المريد: "على رغم أنفك" -يعني: الرفاعي - فـالرفاعي عنده خبر بهذا الكلام، ولذلك يقول للمريد: أفضلهم مَن قيل في حقه على "رغم أنفك"، يقول هذا المريد الأحور : ' فأغشي عليَّ من هيبته؛ فأجلسني بيديه، وتواضع لي كل التواضع، وقال: يا مبارك أنت لا تعرف الملاطفة، طيب خاطرك! قلت: لا برحتُ إلا بخرقتك، قال: لا جعلني الله ممن يفرق بين الفقراء، ويفضل نفسه عليهم، اصبر هنا برهة يسيرة، ويقضي الله خيراً، قال: فمكثتُ سنَةً كاملةً لا أتجرأ على ذكر شيءٍ مما أنا فيه، وقد جاء شهر ربيع الآخر وفي أول ليلة منه رأيتُ الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا في زاوية من زوايا "الرواق"، فطرحتُ نفسي على قدميه، وقلت: يا رسول الله، في الليل تشرفني برؤيتك بـ"أسعر"، وأنا أنتظر أن يسلكني ولدك السيد أحمد الرفاعي .

(هذا من رفاعة ويقول: ولدك) على طريقتك المباركة فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: يا علي .. نادى أحمد ، فجاء سيدي أحمد الرفاعي خاشعاً متواضعاً، فقبَّل يد النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووقف أمامه، وقال عليه الصلاة والسلام: يا ولدي سلِّك الشيخ على طريقتك، وألبسه الخرقة! فقال: روحي لك الفداء يا حبيبي، عليك من ربك أفضل الصلاة والسلام، أنت تعرف أنني لا أحب التفرقة بين فقراء الوقت، وقصْد الجميع أنت بعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -أي يقول: أنا لا أريد أن أعتدي على الشيخ عبد القادر الجيلاني ، كلُّنا واحد، وأنت مقصد الجميع- فقال: كذلك، ولكن أنت شيخ الوقت، شيخ الفقراء كلهم، فافعل ما آمرك به، فقبَّل الأرض بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: السمع والطاعة لك يا رسول الله '.

يقول هذا المسمَّى الأحور : ' فانتبهتُ فرحاً مسروراً، فأحسْنت الوضوء، وصليتُ ما تيسَّر، ودخلتُ جامع "الرواق" لأداء صلاة الصبح مع الجماعة، فرآني سيدي قبل دخولي باب المسجد، فأخذ بيدي، وضمَّني إليه، وأجلسني على بارية هناك، وأخذ عليَّ العهد، وألبسني الخرقة، وقال: هذه لك مِن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالبسْها مباركةً إن شاء الله تعالى ' معنى هذا: أن الرفاعي يعلم الغيب، عرف الرؤيا، وعرف ما قاله الرسول -بزعمهم-للأحور !!-.

قال: ' وفي اليوم الثامن من ربيع الآخر توفي الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله- في بغداد ' ... إلى آخره.

أي: أنه ألْبسه الخرقة، فتوفي عبد القادر -شيخه الأول- فكان أحمد الرفاعي هو الشيخ البديل.

نقول: هذا نموذج مِن نماذج كثيرة جدّاً نعرف بها ادَّعاؤهم بهذا العلم اللدنِّي، مع تعلقهم بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّعوا أنَّهم يحبونه وما قصدهم، وهدفهم إلا ما ذكرنا.

من أخبار الحلاج :

ننتقل بكم الآن إلى من هو أقدم مِن هؤلاء لنعرف حقيقة سبب غلوهم في النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ومن أقدمهم الحلاج ، والحلاج قد أُفتِيَ بكفره -ولله الحمد- في محضر كبير من علماء المسلمين، وأقيم عليه الحد، وقتل بتهمة الزندقة بعد أن اعترف بكثيرٍ مِن الكفريات، وأنا الآن أقرأ بعض ماذكر مما يتعلق بموضوع الغلو في النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليجد أساسه عند الصوفية .

للحلاج كتاب اسمه الطواسين -مطبوع- يبتدأ من صفحة 82، من كتاب أخبار الحلاج ، وأوَّل الطواسين : هو طاسين السراج، ويقصد بالسراج النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي: السراج المنير يقول:

'طاسين، سراج مِن نور الغيب، بدأ وعاد، وجاوز السراج وساد، قمرٌ تجلَّى مِن بين الأقمار، برجه من فلك الأسرار، سمَّاه الحق أمِّياً لجمع همَّته، وحَرَمِيّاً - يعني: نسبة إلى الحرم - لعظم نعمته، ومكيّاً لتمكينه عند قربه، شرَح صدرَه، ورفع قدره، وأوجب أمره، فأظهر بدره، طلع بدره من غمامة اليمامة، وأشرقت شمسه من ناحية تهامة، وأضاء سراجه من معدن الكرامة،... ' إلى أن يقول:

' ما أبصره أحد على التحقيق سوى الصديق؛ لأنَّه وافقه ثم رافقه؛ لئلا يبقى بينهما فرق، ما عرفه عارف إلا جهل وصفه الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:146] أنوار النبوة مِن نوره برزت، وأنوارهم مِن نوره ظهرت، وليس في الأنَّوار نور أنور وأظهر وأقدم من القدم سوى نور صاحب الكرم، همته سبقت الهمم، ووجوده سبق العدم!!! واسمه سبق القلم - أي: قبل أن يخلق القلم - لأنَّه كان قبل الأمم، ما كانت الآفاق وراء الآفاق ودون الآفاق، أظرف، وأشرف، وأعرف، وأرأف، وأخوف، وأعطف من صاحب هذه القضية، وهو سيِّد البرية الذي اسمه أحمد، ونعته أوحد، وأمره أوكد، وذاته أوجد، وصفته أمجد، وهمَّته أفرد، يا عجباً ما أظهرَه، وأنضره، وأكبره، وأشهره، وأنوره، وأقدره، وأظفره، لم يزل، كان مشهوراً قبل الحوادث، والكوائن، والأكوان، ولم يزل، كان مذكوراً قبـل القبـل، وبعد البَعد، والجواهر والألوان، جوهره صفويٌّ، كلامه نبويٌّ، علمه عَلَويٌّ -نسبة إلى علي- عبارته عربيٌّ، قبيلته لا مشرقي، ولا مغربي، جنسه أبويٌّ، رفيه رفويٌّ، صاحبه أميٌّ... ' إلى آخر الكلام الذي ينقله الحلاج ، إلى أن يقول:

' الحق وبه الحقيقة، هو الأول في الوصلة، وهو الآخر في النبوة، والباطن بالحقيقة، والظاهر بالمعرفة، ما خرج عن ميم محمد، وما دخل في حائه أحد، حاؤه ميم ثانية، والدال ميمٌ، داله دوامه، وميمه محله، وحاؤه حاله، وحاله ميم ثانية '.

أقول: هذه الطلاسم التي يذكرونها، هي حساب "الجمَّل"، أو "أبو جاد"، أو "أبجد هوز".

نستمر في كلام الحلاج لنرى حقيقته، وحقيقة دينه من قوله في طاسين الأزل والالتباس، يقول:

'قيل لإبليس: اسجد، ولأحمد انظر، هذا ما سجد، وأحمد ما نظر! ما التفت يميناً ولا شمالاً، ما زاغ البصر، وما طغي'

انظروا يشبِّه موقف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموقف إبليس -والعياذ بالله- وأن إبليس لم يسجد، وأحمد، لم ينظر فالاثنان سواء، فإن قلت: كيف يشابه النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إبليس؟ فيقول لك: لا تستغرب، انظر ماذا قال بعد ذلك في صفحة [99] يقول:

'تناظرت مع إبليس وفرعون في "الفتوة" - وهي: درجة مِن درجات الصوفية ، ومقام من مقاماتهم - فقال -أي: إبليس يقول للحلاج -: إن سجدتُّ سقط عني اسم الفتوة! وقال فرعون: إن آمنتُ برسوله سقطتُّ من منـزلة "الفتوة" -والعياذ بالله- وقلت أنا -أي الحلاج -: إن رجعت عن دعواي، وقولي سقطت من بساط "الفتوة' ودعواه هي وحدة الوجود.

يقول: 'وقال إبليس: أنا خير منه حين لم يره غيره خيراً، وقال فرعون: ما علمت لكم من إله غيري حين لم يعرف في قومه من يميِّز بين الحق والباطل'.

أي: أهل وحدة الوجود يصدِّقون كلام فرعون في قوله "ما علمتُ لكم مِن إله غيري".

يقول: 'وقلت أنا: إن لم تعرفوه فاعرفوا آثاره، وأنا ذلك الأثر وأنا الحق!!' الحلاج كان يقول: أنا الحق يعني: أنا الله.

يقول: 'وأنا ذلك الأثر، وأنا الحق؛ لأنَّي مازلت أبداً بالحق حقّاً، فصاحبي وأستاذي إبليس وفرعون، وإبليس هُدِّد بالنار وما رجع عن دعواه، وفرعون أغرق في اليم وما رجع في دعواه، ولن يضر بالواسطة ألبتة -لن يضر بالوسائط- ولكن قال: "آمنت أنه لا اله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل"، وألم ترَ أنَّ الله قد عرَّض جبريل لشأنه، فقال: لماذا ملأتَ فمه قملاً؟'

أقول: ما في كتاب الذخائر لـمحمد علوي مالكي أصله مِن مثل كلام الحلاج هذا.

والحلاج ممن أسَّس لهم الغلو في النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل هذا الكلام أحياناً يجعله - والعياذ بالله - كإبليس! وأحياناً يقول: إنه مخلوق قبل الأكوان جميعاً، وقبل أن توجد السموات والأرض، إلى غير ذلك من الكلام، الذي احتج به الرفاعي وصاحباه بأن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مخلوقاً قبل الكائنات.

أما نبوة النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنها ثابتة قبل خلق السموات والأرض وهذا حق، كما ورد في بعض الأحاديث: {كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد } [34] : فعلى فرض صحة هذه الأحاديث؛ نقول: نعم نبوة النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابته؛ لأنَّ الله عز وجل: {كتب في اللوح المحفوظ كل شيءٍ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة } [35] ، كما في الحديث الصحيح، ومما كُتب أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيكون نبيّاً وسيبعث، فإثبات النبوة شيء، وإثبات أنه أول من خُلق - كما يقول هؤلاء الخرافيون - شيءٌ آخر.















رد مع اقتباس
غير مقروء 25-Apr-2010, 07:52 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو






التوقيت


فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

نشأة الطرق الصوفية :

وضع أبو سعيد محمد أحمد الميهي الصوفي الإيراني 430هـ أول هيكل تنظيمي للطرق الصوفية بجعله متسلسلا عن طريق الوراثة, ويمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي, فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبدالقادر الجيلاني 561هـ .
كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس الرفاعي 540هـ , وفي القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي أحد رؤوس الصوفية 638هـ , واستمرت الصوفية بعد ذلك في القرون التالية إذ انتشرت الفوضى واختلط الأمر على الصوفية لاختلاط افكار المدارس الصوفية وبدأت مرحلة الدراويش.

نماذج من الطرق الصوفية:

[ الطريقة القادرية وتسمى الجيلانية: أسسها عبدالقادر الجيلاني المتوفى سنة 561هـ , يزعم اتباعه انه أخذ الخرقة والتصوف عن الحسن البصري عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضى الله عنهما, كما نسبوا إليه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب, وإحياء الموتى وتصرفه في الكون حيا أو ميتا , بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال التي منها: من استغاث بي في كربة كشفت عنه, ومن نادني في شدة فرجت عنه ومن توسل بي في حاجة قضيت له.
[ الطريقة الرفاعية: تنسب إلى ابي العباس أحمد بن أبي الحسين الرفاعي ويطق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق, وجماعته يستخدمون السيوف ودخول النيران في اثبات الكرامات. قال عنهم الشيخ الألوسي "وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة مبتدعة الرفاعية, فلا تجد بدعة الا ومنهم مصدرها وعنهم موردها فذكرهم عبارة عن رقص وغناء وعبادة مشايخهم".
[ البدوية: وتنسب الى احمد البدوي 634هـ ولد بفاس, حج ورحل الى العراق, واستقر في طنطا حتى وفاته, له فيها ضريح مقصود, حيث يقام له كغيره من اولياء الصوفية احتفال بمولده سنويا يمارس فيه الكثير من البدع والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرك وتوسل ما يؤدي الى الشرك المخرج من الملة, واتباع طريقته منتشرون في بعض محافظات مصر, ولهم فيها فروع كالبيومية والشناوية واولاد نوح والشعبية وشارتهم العمامة الحمراء.
[ الطريقة الدسوقية: تنسب الى ابراهيم الدسوقي 676هـ المدفون بمدينة دسوق في مصر, يدعي المتصوفة انه احد الاقطاب الاربعة الذين يرجع اليهم تدبير الامور في هذا الكون.
[ الطريقة الأكبرية: نسبة الى الشيخ محيي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر 638هـ, وتقوم طريقته على عقيدة وحدة الوجود والصمت والعزلة والجوع والسهر, ولها ثلاث صفات: الصبر على البلاء, والشكر على الرخاء, والرضا بالقضاء.
[ الطريقة الشاذلية: وهي طريقة صوفية تنسب الى ابي الحسن الشاذلي يؤمن اصحابها بجملة الافكار والمعتقدات الصوفية وان كانت تختلف في اسلوب سلوك المريد او السالك وطرق تربيته, اضافة الى اشتهارهم بالذكر المفرد "الله" او مضمرا "هـ", ويفضلون اكتساب العلوم عن طريق الذوق وهو تلقي الارواح للاسرار الطاهرة في الكرامات وخوارق العادات, كذلك معرفة الله تعالى معرفة يقينية ولا يحصل ذلك الا عن طريق الذوق او الكشف. كما ان من معتقداتهم السماع وهو سماع الاناشيد والاشعار التي قد تصل الى درجة الكفر والشرك كرفع الرسول الى مرتبة ليست موجودة في الكتاب والسنة.
[ الطريقة البكداشية: كان الاتراك العثمانيون ينتمون الى هذه الطريقة, وهي لا تزال منتشرة في البانيا, كما انها اقرب الى التصوف الشيعي, وكان لهذه الطريقة اثر بارز في نشر الاسلام بين الاتراك والمغول.
[ الطريقة المولوية: انشأها الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي 672هـ والمدفون بقونية, اصحابها يتميزون بادخال الرقص والايقاعات في حلقات الذكر, وقد انتشروا في تركيا وغرب آسيا, ولم يبق لهم في الايام الحاضرة الا بعض التكايا في تركيا وحلب وفي بعض اقطار المشرق.
[ الطريقة النقشبندية: تنسب الى الشيخ بهاء الدين محمد بن البخاري الملقب بشاه نقشبند 791هـ وهي طريقة تشبه الطريقة الشاذلية, انتشرت في فارس وبلاد الهند.
[ الطريقة الملامتية: مؤسسها ابوصالح حمدون بن عمار المعروف بالقصار 271هـ اباح بعضهم مخالفة النفس بغية جهادها ومحاربة نقائصها, وقد اظهر الغلاة منهم في تركيا حديثا بمظهر الاباحية والاستهتار وفعل كل امر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية.
[ الطريقة التيجانية: طريقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية ويزيدون عليها الاعتقاد بامكانية مقابلة النبي مقابلة مادية واللقاء به لقاء حسيا في هذه الدنيا, وان الرسول قد خصهم بصلاة "الفاتح" التي تحتل لديهم مكانة عظيمة ـ وكنا قد عرضنا لهذه الصلاة أعلى الصفحة ـ هذه الطريقة اسسها ابو العباس احمد التيجاني 1230هـ , الذي ولد بالجزائر ويدعي انه التقى النبي لقاء حسيا ماديا وانه تعلم منه صلاة الفاتح وانها تعدل قراءة القرآن ستة آلاف مرة. ويلاحظ على اصحاب هذه الطريقة شدة تهويلهم للامور الصغيرة وتصغيرهم للامور العظيمة على حسب هواهم ما أدى الى ان يفشو التكاسل بينهم لما شاع بينهم من الأجر العظيم على اقل عمل يقومون به, ويرون ان لهم خصوصيات ترفعهم عن مقام الناس الآخرين من أهمها: ان تخفف عنهم سكرات الموت وان الله يظلهم في ظل عرشه وان لهم برزخا يستظلون به وحدهم. واهل هذه الطريقة كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي , وقد بدأت هذه الطريقة في مدينة فاس وصار لها أتباع في السنغال ونيجيريا وشمال افريقيا ومصر والسودان.
[ الطريقة الختمية: وهي طريقة صوفية تلتقي مع الطرق الصوفية الاخرى في كثير من المعتقدات مثل الغلو في شخص رسول الله وادعاء لقياه واخذ تعاليمهم واورادهم واذكارهم التي تميزوا بها, عنه مباشرة, هذا الى جانب ارتباط الطريقة بالفكر والمعتقد الشيعي واخذهم من ادب الشيعة وجدالهم. وقد اسس هذه الطريقة محمد عثمان الميرغني ويلقب بالختم اشارة الى انه خاتم الاولياء, ومنه اشتق اسم الطريقة الختمية, كما تسمى الطريقة الميرغنية ربطا لها بطريقة جد المؤسس عبدالله الميرغني المحجوب.. وقد بدأت هذه الطريقة من مكة والطائف, وارست لها قواعد في جنوب وغرب الجزيرة العربية, كما عبرت الى السودان ومصر, وتتركز قوة الطريقة من حيث الاتباع والنفوذ الآن في السودان.. وعلى هذا فان الطريقة الختمية طائفة صوفية تتمسك بمعتقدات الصوفية وأفكارهم وفلسفاتهم حيث تبنوا فكرة وحدة الوجود التي نادى بها ابن عربي وقالوا بفكرة النور المحمدي, واستخدموا مصطلحات الوحدة والتجلي والانبجاس والظهور والفيض وغيرها من المصطلحات الفلسفية الصوفية, واسبغوا على الرسول من الاوصاف ما لا ينبغي ان يكون الا لله تعالى, ويدعي مؤسس الطريقة بانه خاتم الأولياء وان مكانته تأتي بعد الرسول , والطريقة الختمية تهتم باقامة الاحتفالات الخاصة باحياء ذكر مولد النبي واقامة ليالي الذكر أو الحولية.
[ الطريقة البريلوية: وهي فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية في مدينة بريلي بالهند ايام الاستعمار البريطاني وقد اشتهرت بمحبة وتقديس الانبياء والأولياء بعامة, والنبي بخاصة. مؤسس هذه الطريقة هو احمد رضا خان 340هـ ولقد سمى نفسه عبدالمصطفى!, ويعتقد أبناء هذه الطائفة بان الرسول لديه القدرة التي يتحكم بها في الكون, ولقد غالوا في نظرتهم إلى النبي حتى اوصلوه الى قريب من مرتبة الألوهية, يقول احمد رضا خان "اي يا محمد لا استطيع ان اقول لك الله, ولا استطيع ان افرق بينكما, فامرك الى الله هو اعلم بحقيقتك" كما ان هذه الطائفة لديها عقيدة الشهود حيث ان النبي في نظرهم حاضر وناظر لافعال العباد في كل زمان ومكان, كما انهم يشيدون القبور ويعمرونها ويتبركون بها, ويؤمنون بالاسقاط وهي صدقة تدفع عن الميت بمقدار ما ترك من صلاة او صيام او سائر العبادات وهي مقدار صدقة الفطر. وأعظم اعيادهم هو ذكرى المولد النبوي. وهم يكفرون المسلمين لأدنى سبب مثل الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق وشيخ الاسلام ابن تيمية والامام محمد بن عبدالوهاب.


... المصدر / http://www.heartsactions.com/su.htm

.....















رد مع اقتباس
غير مقروء 25-Apr-2010, 03:37 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الجوراسي
عضو مميــز

الصورة الرمزية الجوراسي

التميز 
إحصائية العضو






التوقيت


الجوراسي غير متواجد حالياً

افتراضي

جزاك الله الف خير على نقل هذا المرجع الضخم عن التصوف الذي ينهش جسد العالم الاسلامي


ولكن لدي سؤال


مالفرق بين التصوف والزهاده؟















رد مع اقتباس
غير مقروء 26-Apr-2010, 01:44 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ابوراكان2000

رابطة محبي الهيلا


الصورة الرمزية ابوراكان2000

إحصائية العضو






التوقيت


ابوراكان2000 غير متواجد حالياً

افتراضي

خرافات الصوفية لا حدود لها وهم اقرب ما يكون للشيعة في بعض توجهاتهم
جزاك الله خير
وجعلك في الفردوس الاعلى من الجنة
ونفع بك وبما قدمت
وجعله في موازين حسناتك















رد مع اقتباس
غير مقروء 26-Apr-2010, 10:31 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
د/ نايف العتيبي
إدارة القسم الإسلامي
(دكتوراه في الإدارة التربوية والتخطيط - باحث في العلوم الشرعية والتراث الإسلامي)

الصورة الرمزية د/ نايف العتيبي

إحصائية العضو






التوقيت


د/ نايف العتيبي غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى د/ نايف العتيبي
افتراضي

جزاك الله خيرا على هذا النقل عن حقيقة الصوفية
نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ..

وأن يجزي شيخنا العلامة الشيخ سفر خير الجزاء ..


يثبت لأهميته















التوقيع
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
رد مع اقتباس
غير مقروء 28-Apr-2010, 11:15 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو






التوقيت


فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجوراسي مشاهدة المشاركة
جزاك الله الف خير على نقل هذا المرجع الضخم عن التصوف الذي ينهش جسد العالم الاسلامي


ولكن لدي سؤال


مالفرق بين التصوف والزهاده؟




جزاك الله خير أخي الجوارسي

على المشاركة ..

أما الفرق بين الزهد والتصوف فالصوفية

أنواع كما كما جاء في الموضوع أعلاه منها

مايصل لدرجة الكفر ومنها ماهو بدعة .. أما الزهد

فسوف أبحث لك عن تفصيل عنه وأضعه هنا إن شاء الله تعالى .


............















رد مع اقتباس
غير مقروء 28-Apr-2010, 11:37 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو






التوقيت


فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

--------------------------------------------------------------------------------


أهم الشخصيات الصوفية :

سنحاول عرض أبرز الشخصيات الصوفية وأكثرها تأثيرا عبر العصور ـ وخصوصا الذين دعوا الى عقيدة الحلول والاتحاد فمن ابرزهم:
* البسطامي (261هـ): هو ابو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي كان جده مجوسيا فاسلم, وهو اول من استخدم لفظ الفناء بمعناه الصوفي الذي يقصد منه الاتحاد بذات الله, يقول د. عبدالرحمن بدوي ـ صوفي معاصر ـ صاحب كتاب تاريخ التصوف الاسلامي: "لقد نصب الله الخلائق بين يدي ابي يزيد وها هي ذا تتحرق الى رؤياه في هذا المقام... لكن لكي يمكنهم ان يروه كان عليه ان يطلب الى الله ان يزين أبا يزيد بوحدانيته ويلبسه انانيته..." وعلى هذا فإن عقيدة البسطامي واضحة فهو اول من سعى في نشر عقيدة الاتحاد بين المسلمين.
* الحلاج (309هـ): هو الحسين بن منصور الحلاج, صوفي فيلسوف, تبرأ منه سائر الصوفية والعلماء لسوء سيرته ومروقه, وهو يدعي الحلول ومعناه حلول الإله فيه أي الله سبحانه وتعالى وتقدس عما يقول, واستمر الحلاج في نشر فكره الحلولي حتى استفحل امره فألقي القبض عليه لتتم مناظرته ومناقشته بحضره القضاة وبعد ان تيقن السلطان (المقتدر) امره امر بقتله.
* الغزالي (450 ـ 505هـ): ابو حامد محمد بن احمد الطوسي الملقب بحجة الاسلام, ولد بطوس من اقليم خرسان, نشأ في بيئة كثرت فيها الآراء والمذاهب مثل علم الكلام والفلسفة, والباطنية, والتصوف, وأورثه ذلك حيرة وشكا , ألف عددا من الكتب أهمها تهافت الفلاسفة والمنقذ من الضلال, واهمها على الاطلاق احياء علوم الدين, ويعد الغزالي رئيس مدرسة الكشف في المعرفة.. ومن جليل اعماله هدمه للفلسفة اليونانية وكشفه لفضائح الباطنية. وفي آخر حياته اقبل على حديث الرسول , وفي هذه المرحلة ألف كتابه "إلجام العوام عن علم الكلام" الذي ذم فيه علم الكلام وطريقته وانتصر لمذهب السلف, ويقال انه رجع عن القول بالكشف وادراك خصائص النبوة,.
* ابن الفارض (566 ـ 632): هو ابو حفص عمر بن علي الحموي الاصل المصري المولد, لقب بشرف الدين, وهو من الغلاة الموغلين في وحدة الوجود, يقول الشيخ الوكيل "ابن الفارض يزعم انه منذ القدم كان الله, ثم تلبس بصورة النفس.. الخ" ونص شيخ الاسلام ابن تيمية على ان ابن الفارض من اهل الالحاد القائلين بالحلول الاتحاد ووحدة الوجود..
* ابن عربي (560 ـ 638هـ): وهو ابو بكر محيي الدين محمد بن علي بن عربي الحاتمي الطائي الاندلسي, الملقب بالشيخ الاكبر عند الصوفية, رئيس مدرسة وحدة الوجود, يعتبر نفسه خاتم الأولياء, استقر في دمشق حيث مات ودفن, وله فيها قبر يزار, طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على ان الانسان وحده من بين المخلوقات يمكن ان تتجلى فيه جميع الصفات الالهية اذ تيسر له الاستغراق في وحدانية الله, وهذا يوضح خطورة آرائه ولذلك فقد اتفق علماء الاسلام شرقا وغربا على ذم ابن عربي وآرائه والبعض منهم يحرم النظر في كتبه.
* ابن سبعين (614 ـ 669هـ): هو قطب الدين ابو محمد عبدالحق بن ابراهيم بن محمد بن سبعين الاشبيلي المرسي, احد الفلاسفة المتصوفة القائلين بوحدة الوجود التي يرى انها تعني ان وجود الحق هو الثابت بدءا , وانه مادة كل شيء, والخلق منبثق منه فائض عنه, ولذا يقول ابن تيمية: ان ابن سبعين وان قال بان الوجود واحد فهو يقول بالاتحاد والحلول من هذا الوجه, لان معنى كلامه ان الحق محل للخلق. ويرى ابن سبعين ان الله هو الوجود كله ولا شيء معه الا علمه, والكائنات هي عين علمه. يقول ابن تيمية "هذا من ابطل الباطل واعظم الكفر والضلال".
* العفيف التلسماني (610 ـ 690هـ): هو سليمان بن علي الكومي التلمساني, يلقب بعفيف الدين, يقول عنه الذهبي انه احد زنادقة الصوفية, ويقول ابن كثير "وقد نسب هذا الرجل الى عظائم في الاقوال والاعتقاد في الحلول والاتحاد والزندقة والكفر المحض وشهرته تغني عن الاطناب في ترجمته", ومن اقوال التلمساني الشنيعة التي توضح كفره الحوار الذي دار بينه وبين احد شيوخه قال: القرآن ليس فيه توحيد بل القرآن كله شرك, ومن اتبع القرآن لم يصل الى التوحيد" وكذلك فان من فكر التلمساني الفاسد ما حكاه شيخ الاسلام من ان الشيرازي قال لشيخه التلمساني ـ وقد مر بكلب اجرب ميت ـ فقال: هذا ايضا من ذات الله؟! فقال: وهل ثم خارج عنه!؟ قال ابن تيمية: هذا من اعظم الكفر. وعلى هذا فان الرجل يعد من رواد وحدة الوجود الكبار, ومن المصنفين المكثرين في تقرير هذه العقيدة الفاسدة ونشرها.
* النابلسي (1050 ـ 1143هـ): هو عبدالغني بن اسماعيل الدمشقي النابلسي الحنفي النقشبندي القادري, آمن بالطريقة النقشبندية الذين يؤمنون بعقيدة الفناء ووحدة الوجود.

... المصدر / http://www.heartsactions.com/su.htm

.........















رد مع اقتباس
غير مقروء 13-May-2010, 05:04 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو






التوقيت


فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

قوادح عقدية في بردة البوصيري

د. عبد العزيز محمد آل عبد اللطيف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن ميميه البوصيري - المعروفة بالبردة - مـن أشـهــــر الـمــدائـح النبوية وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، ولذا تنافس أكثر من مائه شاعر في معارضتها، فضلاً عن الـمـشـطِّرين والمخمِّسين والمسبِّعين، كما أقبل آخرون على شرحها وتدريسها، وقد تجاوزت شروحـهـــــا الـمكتوبة خمـسـيـن شــرحـــــاً، فيها ما هو محلى بماء الذهب! وصار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن.
يـقــول الـدكـتـور زكـي مـبــارك : وأما أثرها في الدرس، فيتمثل في تلك العناية التي كان يوجهها العلماء الأزهريون إلى عـقـــــد الدروس في يومي الخميس والجمعة لدراسة حاشية الباجوري على البردة، وهي دروس كـانـت تـتـلـقـاهــــا جماهير من الطلاب، وانما كانوا يتخيرون يومي الخميس والجمعة، لأن مـثــل هذا الـــدرس لم يـكـــن من المقررات فكانوا يتخيرون له أوقات الفراغ(1).

وقد أطلق البوصيري على هذه القصيدة البردة من باب المحاكاة والمشاكلة للقصيدة الشهيرة لـكـعـــــب بن زهير - رضي الله عنه - في مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ؛ فقد اشتهر أن النـبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى كعباً بردته حين أنشد القصيدة - إن صح ذلك - (2) فـقــــد ادعى البوصيري - في منامه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألقى عليه بردة حين أنشده القصيدة !!

وقد سمى البوصيري هذه القصيدة أيضاً بـ الكواكب الدرية في مدح خير البرية(3). كما أن لهذه البردة اسماً آخـــــر هو الـبرأة ؛ لأن البوصيري كما يزعمون برئ بها من علته، وقد سميت كذلك بقصيدة الشـدائــد ؛ وذلك لأنها - في زعمهم - تقرأ لتفريج الشدائد وتيسير كل أمر عسير.
وقـد زعم بعض شراحها أن لكل بيت من أبياتها فائدة ؛ فبعضها أمان من الفقر، وبعضها أمان من الطاعون(4).

يقــــول محمد سيد كيلاني - أثناء حديثه عن المخالفات الشرعية في شأن البردة -: ولم يكـتـف بعض المسلمين بما اخترعوا من قصص حول البردة، بل وضعوا لقراءتها شروطاً لم يوضــع مثلها لقراءة القرآن، منها : التوضؤ، واستقبال القبلة، والدقة في تصحيح ألفاظها وإعرابـهــــــا، وأن يكون القارئ عالماً بمعانيها، إلى غير ذلك. ولا شك في أن هذا كله من اختراع الصوفـيــة الذين أرادوا احتكار قراءتها للناس، وقد ظهرت منهم فئة عرفت بقراء البردة، كانت تُستدعى في الجنائز والأفراح، نظير أجر معين(5).
وأما عن مناسبة تألـيـفـها فكما قال ناظمها : كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثـــم اتفق بعد ذلك أن أصابني خِلْط فالج أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة، فـعـمـلـتـهـــا، واستشفعت بها إلى الله في أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت ودعوت، وتوسلت ونمت، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليّ بــردة، فـانـتـبـهــت ووجــدت فيّ نهضة ؛ فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحداً، فلقيني بعض الفقراء، فقال لي : أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت : أيّها؟ فقال : التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولّها، وقال : والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرأيت رسول الله -صلى الله عـلـيــــه وسلم-، يتمايل وأعجبته، وألقى على من أنشدها بردة، فأعطيته إياها، وذكــر الفقير ذلك، وشاع المنام(6).
ففي هذه الحادثة تلبّس البوصيري بجملة من المزالق والمآخذ، فهو يستشفع ويتقرب إلى الله - تعالى - بشرك وابتداع وغلو واعتداء - كما سيأتي موضحاً إن شاء الله -.
ثم ادعى أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- دون أن يبيّن نعته ؛ فإن من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- حسب صفاته المعلومة فقد رآه، فإن الشيطان لا يتمثل بــــه - كما ثبت في الحديث -.
ثـم ادعــى أن النبي في -صلى الله عليه وسلم- مسح على وجهه وألقى عليه بردة، فعوفي من هذا الفالج، فتحققت العافية بعد المنام دون نيل البردة! ثم التقى البوصيري - في عالم اليقظة - بأحد المتصوفة وأخبره بسماع القصيدة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسـلــم، وأن الرســــــول -صـلـى الله عليه وسلم- تمايل إعجاباً بالقصيدة، وهذا يذكّرنا بحديث مكذوب بأن النبي -صلــى الله عليه وسلم- تواجد عند سماع أبيات حتى سقطت البردة عن منكبيه وقال: ليس بكريم من لم يتواجد عند ذكر المحبوب.
قال شيخ الإسلام : إن هذا الحديث كذب بإجماع العارفين بسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنته وأحواله(7).
وأما عن استجابة دعاء البوصيري مع ما في قصيدته من الطوامَّ، فربما كان لاضطراره وعظم فاقته وشدة إلحاحه السبب في استجابة دعائه.

يقول شيخ الإسلام : ثم سـبـب قـضــــاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة أن الرجل منهم قد يكون مضطراً ضرورة لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له، لصدق توجهه إلى الله، وان كان تحري الدعاء عند الوثن شركاً، ولو استجيب له على يد المتوسل به، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته، فـإنــــه يعاقب على ذلك ويهوي به في النار إذا لم يعفُ الله عنه، فكم من عبد دعا دعاء غير مبــاح، فقضيت حاجته في ذلك الدعاء، وكان سبب هلاكه في الدنيا والآخرة(8).
وأما عن التعريف بصاحب البردة فهو : محـمــــد بن سعيد البوصيري نسبة إلى بلدته أبو صير بين الفيوم وبني سويف بمصر، ولد سنة 608هـ، واشتغل بالتصوُّف، وعمل كاتباً مع قلة معرفته بصناعة الكتابة، ويظهر من ترجمته وأشعاره أن الناظم لم يكن عالماً فقيهاً، كما لم يكن عابداً صالحاً ؛ حيث كان ممقوتاً عند أهـــــــل زمانه لإطلاق لسانه في الناس بكل قبيح، كما أنه كثير السؤال للناس، ولذا كان يقـف مــــــع ذوي السلطان مؤيداً لهم سواء كانوا على الحق أم على الباطل.
ونافح البوصيري عن الطريقة الشاذلية التي التزم بها، فأنشد أشعاراً في الالتزام بآدابها، كما كانت له أشعار بذيئة يشكو من حال زوجه التي يعجز عن إشباع شهوتها!
توفي البوصيري سنة 695هـ وله ديوان شعر مطبوع(9).
وسنورد جملة من المآخذ على تلك البردة التي قد تعلّق بها كثير من الناس مع ما فيها من الشرك والابتداع. والله حسبنا ونعم الوكيل.
1- يقول البوصيري :
وكيف تدعو إلى الدنيا ضـرورة مـن لـولاه لم تُخرج الدنيا من العدم
ولا يخفى ما في عَجُز هذا البيت من الغلو الشنيع في حق نـبـيـنــا محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث زعم البوصيري أن هذه الدنيا لم توجد إلا لأجله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال - سبحانه: ((ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56]،
وربما عوّل أولئك الصوفية على الخبر الموضوع : لولاك لما خلقت الأفلاك(10).
2- قال البوصيري :
فاق النبيين في خَلق وفي خُلُق ولـم يـدانــوه في عــلـــم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم
أي أن جميع الأنبياء السابقين قد نالوا والتمسوا من خاتم الأنبيـاء والرسل محمد -صلى الله عليه وسلم-، فالسابق استفاد من اللاحق! فتأمل ذلك وقارن بينه وبين مقالات زنادقة الصوفية كالحلاج القائل : إن للنبي نوراً أزلياً قديماً كان قبل أنــــــه يوجد العالم، ومنه استمد كل علم وعرفان ؛ حيث أمدّ الأنبياء السابقين عليه.. وكذا مقالـة ابن عربي الطائي أن كل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي يأخذ من مشكاة خاتم النبيين(11).
3- ثم قال :
دع ما ادعته النصارى في نـبـيـهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - منتقداً هذا البيت : ومن المعلوم أن أنواع الغلو كثيرة، والشرك بحر لا ساحل له، ولا ينحصر في قول النصارى ؛ لأن الأمم أشركوا قبلهم بعبادة الأوثان وأهل الجاهلية كذلك، وليس فيهم من قال في إلهه ما قالت النصارى في الـمـسـيـــح - غالباً - : إنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، بل كلهم معترفون أن آلهتهم ملك لله، لكن عبدوها معه لاعتقادهم أنها تشفع لهم أو تنفعهم فيحتج الجهلة المفتونون بهذه الأبيات على أن قوله في منظومته : دع ما ادعته النصارى في نبيهم مَخْلَصٌ من الغلو بهذا البيت، وهو قد فتح ببيته هذا باب الغلو والشرك لاعتقاده بجهله أن الغلو مقصور على هذه الأقوال الثلاثة(12).
لقد وقع البوصيري وأمثاله من الغلاة في لبس ومغالطة لمعنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- : لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مـريـم إنـمــــــــا أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله(13)، فزعموا أن الإطراء المنهي عنه في هذا الحديث هـــــو الإطراء المماثل لإطراء النصارى ابن مريم وما عدا ذلك فهو سائغ مقبول، مع أن آخر الحديث يردّ قولهم ؛ فإن قوله - عليه الصلاة والسلام - : إنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله تقرير للوسطية تجاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذب، والمبالغة في مدحه تؤول إلى ما وقع فيه النصارى من الغلو في عيسى - عليه السلام -، وبهذا يُعلم أن حرف الكاف في قوله -صلى الله عليه وسلم- : كما أطرت هي كاف التعليل، أي كما بالغت النصارى(14).
ويقول ابن الجوزي - في شرحه لهذا الحديث - : لا يلزم من النهي عن الشيء وقوعه ؛ لأنَّا لا نعلم أحداً ادعى في نبينا ما ادعته النصارى في عيسى - عليه السلام - وإنما سبب النهي فيما لم يظهر ما وقع في حديث معاذ بن جبل لما استأذن في السجود له فامتنع ونهاه ؛ فكأنه خشي أن يبالغ غيره بما هو فوق ذلك فبادر إلى النهي تأكيداً للأمر(15).
4 - وقال أيضاً :
لو ناسبت قــدره آيــاتــه عِظماً أحيا اسمه حين يُدعى دارس الرمم
يقول بعض شرّاح هذه القصيدة : لو ناسبت آياته ومعجزاته عظم قدره عند الله - تعالى - وكل قربه وزلفاه عنده لكان من جملة تلك الآيات أن يحيي الله العظام الرفات ببركة اسمه وحرمة ذكره(16).
يقول الشيخ محمود شكري الآلوسي منكراً هذا البيت : ولا يخفى ما في هذا الكلام من الغلو ؛ فإن من جملة آياته -صلى الله عليه وسلم- القرآن العظيم الشأن ؛ وكيف يحل لمسلم أن يقول : إن القرآن لا يناسب قدر النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو منحط عن قدره ثم إن اسم الله الأعظم وسائر أسمائه الحسنى إذا ذكرها الذاكر لها تحيي دارس الرمم؟(17).
5- وقال أيضا :
لا طيب يعدل ترباً ضم أعظمه طوبى لمنتشق منه وملتثم
فقد جعل البوصيري التراب الذي دفنت فيه عظام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب وأفضل مكان، وأن الجنة والدرجات العلا لمن استنشق هذا التراب أو قبَّله، وفي ذلك من الغلو والإفراط الذي يؤول إلى الشرك البواح، فضلاً عن الابتداع والإحداث في دين الله - تعالى -.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يقبله، وهذا كله محافظة على التوحيد(18).
6- ثم قال :
أقسمتُ بالقمر المنشق إنّ له من قلبه نسبةً مبرورة القسم
ومن المعلوم أن الحلف بغير الله - تعالى - من الشرك الأصغر ؛ فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك(19).
وقال ابن عبد البر - رحمه الله - :لا يجوز الحلف بغير الله - عز وجل - في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجتمع عليه... إلى أن قال : أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها، لا يجوز الحلف بها لأحد(20).
7- قال البوصيري :
ولا التمست غنى الدارين من يــده إلا استلمت الندى من خير مستلم
فجعل البوصيري غنى الدارين مُلتَمساً من يد النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع أن الله - عز وجل - قال : ((ومَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)) [النحل:53]، وقال - سبحانه - : ((فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ)) [العنكبوت:17]، وقال - تعالى - : ((قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ) [يونس:31]، ((قُلِ ادْعُوا الَذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ)) [سبأ:22] .
وأمر الله نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- أن يبرأ من دعوى هذه الثلاثة المذكورة في قوله - تعالى - : ((قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ ولا أَعْلَمُ الغَيْبَ ولا أَقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ إنْ أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحَى إلَيَّ)) [الأنعام:50].
8- قال البوصيري :
فإن لي ذمة منه بتسمـيـتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
وهذا تخرُّص وكذب ؛ فهل صارت له ذمة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمجرد أن اسمه موافق لاسمه؟! فما أكثر الزنادقة والمنافقين في هذه الأمة قديماً وحديثاً الذين يتسمون بمحمد!
و يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - تعقيباً على هذا البيت : قوله : فإن لي ذمة... إلى آخره كذب على الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- فليس بينه وبين اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة، لا بمجرد الاشتراك في الاسم مع الشرك(21).
فالاتفاق في الاسم لا ينفع إلا بالموافقة في الدين واتباع السنة(22).
9- وقال البوصيري :
إن لم يـكـن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة الـقــدم
والشاعر في هذا البيت ينزل الرسول منزلة رب العالمين ؛ إذ مضمونه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو المسؤول لكشف أعظم الشدائد في اليوم الآخر، فانظر إلى قول الشاعر، وانظر في قوله - تعالى - لنبيه -صلى الله عليه وسلم- : ((قُلْ إنِّي أَخَافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) [الزمر:13].
ويزعم بعض المتعصبين للقصيدة أن مراد البوصيري طلب الشفاعة ؛ فلو صح ذلك فالمحذور بحاله، لما تقرر أن طلب الشفاعة من الأموات شرك بدليل قوله - تعالى - : ((ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ ولا يَنفَعُهُمْ ويَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [يونس:18]، فسمى الله - تعالى - اتخاذ الشفعاء شركاً(23).
10- وقال :
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
يقول الشيخ سليمان بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - تعقيباً على هذا البيت -: فتأمل ما في هذا البيت من الشرك :
منها : أنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الحوادث إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو.
ومنها : أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية(24).
وانتقد الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد ابن عبد الوهاب هذا البيت قائلاً : فعظم البوصيري النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يسخطه ويحزنه ؛ فقد اشتد نكيره -صلى الله عليه وسلم- عما هو دون ذلك كما لا يخفى على من له بصيرة في دينه ؛ فقصر هذا الشاعر لياذه على المخلوق دون الخالق الذي لا يستحقه سواه ؛ فإن اللياذ عبادة كالعياذ، وقد ذكر الله عن مؤمني الجن أنهم أنكروا استعاذة الإنس بهم بقوله : ((وأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً)) [الجن: 6]، أي طغياناً، واللياذ يكون لطلب الخير، والعياذ لدفع الشر، فهو سواء في الطلب والهرب(25).
وقال العلامة محمد بن علي الشوكاني - رحمه الله - عن هذا البيت : فانظر كيف نفى كل ملاذ ما عدا عبد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وغفل عن ذكر ربه ورب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . إنا لله وإنا إليه راجعون(26).
11- وقال البوصيري :
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلى باسم منتقم
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب : سؤاله منه أن يشفع له في قوله : ولن يضيق رسول الله... إلخ، هذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوهم وهو الجاه والشفاعة عند الله، وذلك هو الشرك، وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره ؛ فإن الله - تعالى - هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداءاً(27).
12- وقال أيضا :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من عطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وإفضاله، والجود هو العطاء والإفضال ؛ فمعنى الكلام : أن الدنيا والآخرة له -صلى الله عليه وسلم-، والله - سبحانه وتعالى - يقول : ((وإنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأُولَى)) [الليل:13](28).
وقوله : ومن علومك علم اللوح والقلم. في غاية السقوط والبطلان ؛ فإن مضمون مقالته أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلم الغيب، وقد قال - سبحانه - : ((قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ الغَيْبَ إلاَّ اللَّهُ)) [النمل:65] وقال - عز وجل - : ((وعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ ويَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ والْبَحْرِ ومَا تَسْقُطُ مِن ورَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمُهَا ولا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ ولا رَطْبٍ ولا يَابِسٍ إلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)) [الأنعام:59]، والآيــات فـي هـذا كثيرة معلومة(29).
وأخـيـراً أدعو كل مسلم عَلِقَ بهذه القصيدة وولع بها أن يشتغل بما ينفع ؛ فإن حق النبي -صلى الله عليه وسلم- إنـمـا يكون بتصديقه فيما أخبر، واتباعه فيما شرع، ومحبته دون إفراط أو تفريط، وأن يشتغلوا بسماع القرآن والسنة والتفقه فيهما ؛ فإن البوصيري وأضرابه استبدلوا إنشاد وسماع هذه القصائد بسماع القرآن والعلم النافع، فوقعوا في مخالفات ظاهرة ومآخذ فاحشة.
وإن كـــان لا بد مـن قـصائد ففي المدائح النبوية التي أنشدها شعراء الصحابة -رضي الله عنهم- كحسان وكعب بن زهير ما يغني ويكفي.
اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ؛ إنك حميد مجيد. (*)
=============
الهوامش :
(1) المدائح النبوية، ص 199.
(2) يقول ابن كثير - رحمه الله - في البداية والنهاية (4 /373) : ورد في بعض الروايات ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه بردته حن أنشده القصيدة.. وهذا من الأمور المشهورة جداً، ولكن لم أر ذلك في شيء، من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه ؛ فالله أعلم .
(3) انظر مقدمة محقق ديوان البوصيري، ص 29.
(4) انظر المدائح النبوية لزكي مبارك، ص 197.
(5) مقدمة ديوان البوصيري، ص 29، 30.
(6) فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي، 2/258.
(7) مجموع الفتاوى، 11 /598.
(8) اقتضاء الصراط المستقيم، 2/692، 693، باختصار.
(9) انظر ترجمته في مقدمة ديوان البوصيري، تحقيق محمد سيد كيلاني، ص 5 - 44، وللمحقق كتاب آخر بعنوان : البوصيري دراسة ونقد .
(10) انظر : الصنعاني في موضوعاته، ص 46 ح (78)، والمسلسلة والموضوعة للألباني، 1/299، ح(282).
(11) انظر تفصيل ذلك في كتاب محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرؤوف عثمان، ص 169 - 196.
(12) الدرر السنية، 9/81، وانظر 9/48، وانظر : صيانة الإنسان للسهسواني (تعليق محمد رشيد رضا)، ص 88.
(13) أخرجه البخاري، ح ./3445.
(14) انظر القول المفيد، 1 /376، ومفاهيمنا لصالح آل الشيخ، ص 236، ومحبة الرسول لعبد الرؤوف عثمان، ص 208 .
(15) فتح الباري، 12 /149.
(16) غاية الأماني للآلوسي، 2 /349.
(17) غاية الأماني للآلوسي، 2/ 350، باختصار وانظر الدر النضيد لابن حمدان، ص 136.
(18) الرد على الأخنائي، ص 41.
(19) رواه أحمد، ح. /4509، والترمذي، ح./ 1534.
(20) التمهيد، 14/366، 367 .
(21) تيسير العزيز الحميد، ص 22.
(22) انظر الدرر السنية، 9 /51.
(23) انظر الدرر السنية، 9/49، 82، 271.
(24) تيسير العزيز الحميد، ص 219، 220.
(25) الدرر السنية، 9/ 80، وانظر 9/49، 84، 193، ومنهاج التأسيس والتقديس لعبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، ص 212.
(26) الدر النضيد، ص 26.
(27) تيسير العزيز الحميد، ص 220، وانظر الدرر السنية، 9/52.
(28) انظر الدرر السنية، 49، 50، 81، 82، 85، 268.
(29) انظر الدرر السنية، 9/50، 62، 81، 82، 268، 277.
(*) نقلا عن قرص مجلة البيان عدد 139

المصدر : http://www.saaid.net/arabic/ar20.htm















رد مع اقتباس
غير مقروء 16-May-2010, 12:15 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ابو ضيف الله
مشرف عـام

الصورة الرمزية ابو ضيف الله

إحصائية العضو





التوقيت


ابو ضيف الله غير متواجد حالياً

افتراضي



اخي فواز ابو خالد جزاك الله كل خير وبارك فيك على هذا الموضوع القيم

والصوفية هي من الامراض التي كانت ولا تزال تنهش في جسد الامه
وهناك من يحاول تجدد هذا المرض من اعداء الاسلام عامة السنة خاصة
والصوفية هي مجموعة من البدع والخرافات والاستغلال القبيح والحقير
ومن يقراء عنها لا يكاد يصدق عقله من تصرفات القوم وضلالهم ويكفينا
ان قناة المستقله في رمضان الماضي خصصت برنامج عن الصوفية
وزيارتهم للقبور والاضرحة خاصة في مصر وكيف ان بعض الناس والعياذ
بالله يدعون اصحاب القبور ويلتجؤن إليهم ويلصقون بهم صفات لا تليق
بمخلوق وإنما ينفرد بالله عز وجل سبحانه وانا أسئل هل بعد هذا الشرك شرك ؟!!


وهذه مجموعة من المواقع الرائعة المتخصصه في الصوفية والرد عليهم

الصوفية في ميزان الشرع
http://www.saaid.net/feraq/sufyah/index.htm

موقع الصوفية
http://www.alsoufia.com/main/

موقع المجهر حقيقة الحبيب الجفري الصوفي
www.almijhar.net















التوقيع
قال الشافعي رحمه الله: أركان الرجولة أربع: الديانة والأمانة والصيانة والرزانة.

قال الخليل ابن أحمد: التواني إضاعة, والحزم بضاعة, والإنصاف راحة, واللجاجة وقاحة.


اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اللهم أنصر من نصر الدين وأخذل من خذل الدين
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن »01:39 AM.


 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
اتصل بنا تسجيل خروج   تصميم: حمد المقاطي