الرئيسية التسجيل التحكم


اختيار تصميم الجوال

العودة   الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة > المنتدى الإسلامي > علوم الشريعة الإسلامية جديد

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: كل عضو او شاعر يسجل بيتين غزل الفهاا من قصائده .. بشرط ان تكون غزليه فقط .. (آخر رد :الريشاوي)       :: ودي ولا ودي وابيهم ولا ابيه (آخر رد :الريشاوي)       :: واكتبي هذا أنا أنا ليلى العامرية (آخر رد :الريشاوي)       :: البيت لاعْجَبني اجاريه باحساس (آخر رد :الريشاوي)       :: أنـا لا تلوموني ولو ملـت كل الميل (آخر رد :الريشاوي)       :: اوافق .. واقول النفس صعبه مطالبها (آخر رد :الريشاوي)       :: الحب اقفى في ديانا ودودي (آخر رد :الريشاوي)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)       :: الشيخ عبدالله ابن جزعاء العازمي جمع غير الفروسيه الحكمه والفكر السياسي وبعد النظر (آخر رد :متعب الوحيدب)      

موضوع مغلق
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 03-Jun-2009, 08:21 PM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الثاني والعشرون

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الماء طهور لا ينجسه شيء‏)‏‏.‏ رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي‏.‏

هذا الحديث الصحيح يدل على أصل جامع، وهو أن الماء – أي جميع المياه النابعة من الأرض، والنازلة من السماء الباقية على خلقتها، أو المتغيرة بمقرها أو ممرها، أو بما يلقى فيها من الطاهرات ولو تغيراً كثيراً – طاهرة تستعمل في الطهارة وغيرها‏.‏ ولا يستثنى من هذا الكلام الجامع إلا الماء المتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، كما في بعض ألفاظ هذا الحديث‏.‏

وقد اتفق العلماء على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة‏.‏ واستدل عليه الإمام أحمد رضي الله عنه وغيره بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏ يعني‏:‏ ومتى ظهرت أوصاف هذه الأشياء المحرمة في الماء صار نجساً خبيثاً‏.‏

وهذا الحديث وغيره يدل على أن الماء المتغير بالطاهرات طهور‏.‏ وعلى أن ما خلت به المرأة لا يمنع منه مطلقاً‏.‏ وعلى طهورية ما انغمست فيه يد القائم من نوم الليل، وإنما ينهى القائم من النوم عن غمسها حتى يغسلها ثلاثاً‏.‏ وأما المنع من الماء فلا يدل الحديث عليه‏.‏

والمقصود‏:‏ أن هذا الحديث يدل على أن الماء قسمان‏:‏ نجس، وهو ما تغير أحد أوصافه بالنجاسة، قليلاً كان أو كثيراً‏.‏ وطهور، وهو ما ليس كذلك‏.‏ وأن إثبات نوع ثالث – لا طهور ولا نجس، بل طاهر غير مطهر، ليس عليه دليل شرعي، فيبقى على أصل الطهورية‏.‏

ويؤيد هذا العموم قوله تعالى ‏{‏فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا‏}‏

وهذا عام في كل ماء، لأنه نكرة في سياق النفي، فيشمل كل ماء خرج منه الماء النجس للإجماع عليه‏.‏

ودلّ هذا الحديث أيضاً‏:‏ أن الأصل في المياه الطهارة‏.‏ وكذلك في غيرها‏.‏ فمتى حصل الشك في شيء منها‏:‏ هل وجد فيه سبب التنجيس أم لا‏؟‏ فالأصل الطهارة‏.‏















غير مقروء 07-Jun-2009, 03:40 PM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الثالث والعشرون

عن أبي قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرة‏:‏ ‏(‏إنها ليست بنجس، إنها من الطوّافين عليكم والطّوّافات‏)‏ رواه مالك وأحمد وأهل السنن الأربع‏.‏

هذا الحديث محتوٍ على أصلين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن المشقة تجلب التيسير‏.‏ وذلك أصل كبير من أصول الشريعة، من جملته‏:‏ أن هذه الأشياء التي يشق التحرز منها طاهرة، لا يجب غسل ما باشرت بفيها أو يدها أو رجلها، لأنه علل ذلك بقوله‏:‏ ‏(‏إنها من الطوافين عليكم والطوافات‏)‏ كما أباح الاستجمار في محل الخارج من السبيلين، ومسح ما أصابته النجاسة من النعلين والخفين، وأسفل الثوب، وعفا عن يسير طين الشوارع النجس، وأبيح الدم الباقي في اللحم والعروق بعد الدم المسفوح، وأبيح ما أصابه فم الكلب من الصيد، وما أشبه ذلك مما يجمعه علة واحدة، وهي المشقة‏.‏

الثاني‏:‏ أن الهرة وما دونها في الخلقة كالفأرة ونحوها طاهرة في الحياة لا ينجس ما باشرته من طعام وشراب وثياب وغيرها، ولذلك قال أصحابنا‏:‏ الحيوانات أقسام خمسة‏:‏

أولها‏:‏ نجس حياً وميتاً في ذاته وأجزائه وفضلاته‏.‏ وذلك كالكلاب والسباع كلها، والخنزير ونحوها‏.‏

الثاني‏:‏ ما كان طاهراً في الحياة نجساً بعد الممات‏.‏ وذلك كالهرة وما دونها في الخلقة‏.‏ ولا تحله الذكاة ولا غيرها‏.‏

الثالث‏:‏ ما كان طاهراً في الحياة وبعد الممات، ولكنه لا يحل أكله، وذلك كالحشرات التي لا دم لها سائل‏.‏

الرابع‏:‏ ما كان طاهراً في الحياة وبعد الذكاة‏.‏ وذلك كالحيوانات المباح أكلها، كبهيمة الأنعام ونحوها‏.‏

الخامس‏:‏ ما كان طاهراً في الحياة وبعد الممات، ذُكِّي أو لم يُذَك وهو حلال، وذلك كحيوانات البحر كلها والجراد‏.‏

واستدل كثير من أهل العلم بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنها من الطوافين عليكم والطوافات‏)‏ بطهارة الصبيان، وطهارت أفواههم، ولو بعد ما أصابتها النجاسة، وكذلك طهارة ريق الحمار والبغل وعرقه وشعره‏.‏ وأين مشقة الهر من مشقة الحمار والبغل‏؟‏

ويدل عليه‏:‏ أنه صلى الله عليه وسلم كان يركبها هو وأصحابه، ولم يكونوا يتوقَّون منها ما ذكرنا‏.‏ وهذا هو الصواب‏.‏

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في لحوم الحمر يوم خيبر‏:‏ ‏(‏إنها رجس‏)‏ أي‏:‏ لحمها رجس نجس حرام أكله‏.‏ وأما ريقها وعرقها وشعرها‏:‏ فلم ينه عنه، ولم يتوقّه صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وأما الكلاب‏:‏ فإنه صلى الله عليه وسلم أمر بغسل ما ولغت فيه سبع مرات إحداهن بالتراب‏.‏















غير مقروء 08-Jun-2009, 03:18 AM رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
سيف عنزه

رابطة محبي الهيلا


الصورة الرمزية سيف عنزه

إحصائية العضو






التوقيت


سيف عنزه غير متواجد حالياً

افتراضي

جزاك الله خير وجعله في موازيين حسناتك

تقبل مروررررري















غير مقروء 15-Jun-2009, 12:30 PM رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الرابع والعشرون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر‏)‏ رواه مسلم‏.‏

هذا الحديث يدل على عظيم فضل الله وكرمه بتفضيله هذه العبادات الثلاث العظيمة، وأن لها عند الله المنزلة العالية، وثمراتها لا تعدّ ولا تحصى‏.‏

فمن ثمراتها‏:‏ أن الله جعلها مكملة لدين العبد وإسلامه، وأنها منمية للإيمان، مسقية لشجرته‏.‏ فإن الله غرس شجرة الإيمان في قلوب المؤمنين بحسب إيمانهم، وقَدَّرَ من ألطافه وفضله من الواجبات والسنن ما يسقي هذه الشجرة وينميها، ويدفع عنها الآفات حتى تكمل وتؤتي أُكُلها كل حين بإذن ربها، وجعلها تنفي عنها الآفات‏.‏

فالذنوب ضررها عظيم، وتنقيصها للإيمان معلوم‏.‏

فهذه الفرائض الثلاث إذا تجنب العبد كبائر الذنوب غفر الله بها الصغائر والخطيئات‏.‏ وهي من أعظم ما يدخل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ‏}‏ كما أن الله جعل من لطفه تجنب الكبائر سبباً لتفكير الصغائر‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا‏}‏ أما الكبائر فلا بد لها من توبة‏.‏

وعلم من هذا الحديث‏:‏ أن كل نص جاء فيه تكفير بعض الأعمال الصالحة للسيئات، فإنما المراد به الصغائر؛ لأن هذه العبادات الكبار إذا كانت لا تكفر بها الكبائر فكيف بما دونها‏؟‏

والحديث صريح في أن الذنوب قسمان‏:‏ كبائر، وصغائر‏.‏

وقد كثر كلام الناس في الفرق بين الصغائر والكبائر‏.‏ وأحسن ما قيل‏:‏ إن الكبيرة ما رتب عليه حد في الدنيا، أو توعد عليه بالآخرة أو لعن صاحبه، أو رتب عليه غضب ونحوه، والصغائر ما عدا ذلك‏.‏

أو يقال‏:‏ الكبائر‏:‏ ما كان تحريمه تحريم المقاصد‏.‏ والصغائر‏:‏ ما حرم تحريم الوسائل، فالوسائل‏:‏ كالنظرة المحرمة مع الخلوة بالأجنبية‏.‏ والكبيرة‏:‏ نفس الزنا، وكربا الفضل مع ربا النسيئة، ونحو ذلك‏.‏ والله أعلم‏.‏















غير مقروء 15-Jun-2009, 12:32 PM رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الخامس والعشرون

عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏صلُّوا كما رأيتموني أصلّي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم‏)‏ متفق عليه‏.‏

هذا الحديث احتوى على ثلاث جمل، أولها أعظمها‏:‏

الجملة الأولى‏:‏ قوله ‏(‏إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم‏)‏ فيه مشروعية الأذان ووجوبه للأمر به، وكونه بعد دخول الوقت‏.‏ ويستثنى من ذلك صلاة الفجر‏.‏ فإنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم‏.‏ فإنه لا ينادى حتى يقال له‏:‏ أصبحت، أصبحت‏)‏ وأن الأذان فرض كفاية، لا فرض عين؛ لأن الأمر من الشارع إن خوطب به كل شخص مكلف وطلب حصوله منه، فهو فرض عين‏.‏ وإن طلب حصوله فقط، بقطع النظر من الأعيان، فهو فرض كفاية‏.‏ وهنا قال‏:‏ ‏(‏فليؤذن لكم أحدكم‏)‏ وألفاظ الأذان معروفة‏.‏

وينبغي أن يكون المؤذن‏:‏ صَيِّتاً أميناً، عالماً بالوقت، متحرياً له، لأنه أعظم لحصول المقصود‏.‏ ويكفي من يحصل به الإعلام غالباً‏.‏

والحديث يدل على وجوب الأذان في الحضر والسفر‏.‏ والإقامة من تمام الأذان، لأن الأذان‏:‏ الإعلام بدخول الوقت للصلاة، والإقامة‏:‏ الإعلام بالقيام إليها‏.‏

وقد وردت النصوص الكثيرة بفضله، وكثرة ثوابه، واستحباب إجابة المؤذن، وأن يقول المجيب مثل ما يقول المؤذن إلا إذا قال‏:‏ ‏(‏حَيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح‏)‏ فيقول كلمة الاستعانة بالله على ما دعا إليه من الصلاة والفلاح الذي هو الخير كله‏:‏ ‏(‏لا حول ولا قوة إلا بالله‏)‏ ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول‏:‏ ‏(‏اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة‏.‏ وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته‏)‏ ثم يدعو لنفسه؛ لأنه من مواطن الإجابة التي ينبغي للداعي قصدها‏.‏

الجملة الثانية‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وليؤمكم أكبركم‏)‏ فيه‏:‏ وجوب صلاة الجماعة وأن أقلها إمام ومأموم، وأن الأولى بالإمامة أقومهم بمقصود الإمامة، كما ثبت في الصحيح‏:‏ ‏(‏يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله‏.‏ فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنّة‏.‏ فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة أو إسلاماً‏)‏ فإن كانوا متقاربين – كما في الحديث – كان الأولى منهما أكبرهما؛ فإن تقديم الأكبر مشروع في كل أمر طلب فيه الترتيب، إذا لم يكن للصغير مزيد فضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كَبِّرْ، كَبِّرْ‏)‏‏.‏

وإذا ترتبت الصلاة بإمام ومأموم فإنما جعل الإمام ليؤتم به‏.‏ فإذا كبر‏:‏ كَبَّر من وراءه‏.‏ وإذا ركع، وسجد، ورفع‏:‏ تبعه من بعده وينهى عن موافقته في أفعال الصلاة‏.‏ وأما مسابقته الإمام، والتقدم عليه في ركوع أو سجود، أو خفض أو رفع، فإن ذلك حرام، مبطل للصلاة‏.‏ فيؤمر المأمومون بالاقتداء بإمامهم‏.‏ وينهون عن الموافقة والمسابقة والتخلف الكثير‏.‏ فإن كانوا اثنين فأكثر فالأفضل‏:‏ أن يصفوا خلفه‏.‏ ويجوز عن يمينه، أو عن جانبيه‏.‏ والرجل الواحد يصف عن يمين الإمام‏.‏ والمرأة خلف الرجل، أو الرجل‏.‏ وتقف وحدها، إلا إذا كان معها نساء فيكنَّ كالرجال في وجوب المصافّة‏.‏ وإن وقف الرجل الواحد خلف الإمام أو خلف الصف لغير عذر بطلت صلاته‏.‏

وعلى الإمام تحصيل مقصود الإمامة من الجهر بالتكبير في الانتقالات والتسميع، ومن الجهر في القراءة الجهرية‏.‏ وعليه مراعاة المأمومين في التقدم والتأخر، والتخفيف مع الإتمام‏.‏

الجملة الثالثة‏:‏ وهي الأولى في هذا الحديث – قوله‏:‏ ‏(‏صلوا كما رأيتموني أصلي‏)‏ وهذا تعليم منه صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل، كما فعل ذلك في الحج، حيث كان يقوم بأداء المناسك ويقول للناس‏:‏ ‏(‏خذوا عني مناسككم‏)‏ وهذه الجملة تأتي على جميع ما كان يفعله ويقوله ويأمر به في الصلاة، وذلك بأن يستكمل العبد جميع شروط الصلاة، ثم يقوم إلى صلاته ويستقبل القبلة، ناوياً الصلاة المعينة بقلبه‏.‏ ويقول ‏(‏الله أكبر‏)‏ ثم يستفتح، ويتعوذ بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الاستفتاحات والتعوذات، ويقرأ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ ثم يقرأ الفاتحة، وسورة طويلة في صلاة الفجر، وقصيرة في صلاة المغرب، وبين ذلك في بقية الصلوات، ثم يركع كبراً رافعاً يديه حذو منكبيه في ركوعه وفي رفعه منه في كل ركعة، وعند تكبيرة الإحرام‏.‏ وإذا قام من التشهد الأول إلى الصحيح في الصلاة الرباعية والثلاثية، ويقول‏:‏ ‏(‏سبحان ربي العظيم‏)‏ مرة واجبة‏.‏ وأقل الكمال‏:‏ ثلاث مرات، فأكثر‏.‏ وكذلك تسبيح السجود قول‏:‏ ‏(‏سبحان ربي الأعلى‏)‏ ثم يرفع رأسه قائلاً – إماماً ومنفرداً -‏:‏ ‏(‏سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه‏)‏ وكذلك المأموم، إلا أنه لا يقول‏:‏ ‏(‏سمع الله لمن حمده‏)‏ ثم يكبر ويسجد على سبعة أعضاء‏:‏

القدمين، والركبتين، والكفين، والجبهة‏.‏ مع الأنف، ويمكنها من الأرض، ويجافيها، ولا يبسط ذراعيه انبساط الكلب، ثم يرفع مكبراً، ويجلس مفترشاً جالساً على رجله اليسرى، ناصباً رجله اليمنى، موجهاً أصابعها إلى القبلة‏.‏ والصلاة جلوسها كله افتراش، إلا في التشهد الأخير‏.‏ فإنه ينبغي له أن يتورّك، فيقعد على الأرض، ويخرج رجله اليسرى عن يمينه، ويقول بين السجدتين‏:‏ ‏(‏رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني‏)‏ ثم يسجد الثانية كالأولى‏.‏ وهكذا يفعل في كل ركعة، وعليه أن يطمئن في كل رفع وخفض، وركوع وسجود وقيام وقعود، ثم يتشهد فيقول‏:‏ ‏(‏التحيات لله، والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته‏.‏ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين‏.‏ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‏)‏ هذا التشهد الأول، ثم يقوم، إن كانت رباعية أو ثلاثية، ويصلي بقيتها بالفاتحة وحدها، وإن كان في التشهد الذي يليه السلام قال‏:‏ ‏(‏اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال‏)‏ ويدعو بما أحب، ثم يسلمّ، ويذكر الله بما ورد، فجميع الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة من فعله وقوله وتعليمه وإرشاده داخل في قوله‏:‏ ‏(‏صلّوا كما رأيتموني أصلي‏)‏ وهو مأمور به، أمر إيجاب أو استحباب بحسب الدلالة‏.‏

فما كان من أجزائها، لا يسقط سهواً ولا جهلاً، ولا عمداً قيل له‏:‏ ركن، كتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأخير، والسلام، وكالقيام، والركوع، والسجود، والاعتدال عنهما‏.‏

وما كان يسقط سهواً ويجبره سجود السهو قيل له‏:‏ واجب، كالتشهد الأول، والجلوس له، والتكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وقول‏:‏ ‏(‏سمع الله لمن حمده‏)‏ للإمام والمنفر، وقول‏:‏ ‏(‏ربنا ولك الحمد‏)‏ لكل مصلّ، وقول‏:‏ ‏(‏سبحان ربي العظيم‏)‏ مرّة في الركوع، و‏"‏سبحان ربي الأعلى‏)‏ مرة في السجود، وقول‏:‏ ‏(‏ربي اغفر لي‏)‏ بين السجدتين‏.‏

وما سوى ذلك فإنه من مكملاتها ومستحباتها‏.‏ وخصوصاً روح الصلاة ولُبُها، وهو حضور القلب فيها، وتدبر ما يقوله من قراءة، وذكر ودعاء، وما يفعله من قيام وقعود، وركوع وسجود، والخضوع لله، والخشوع فيها لله‏.‏

ومما يدخل في ذلك‏:‏ تجنب ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة‏:‏ كالضحك، والكلام، وكثرة الحركة المتتابعة لغير ضرورة، فإن الصلاة لا تتم إلا بوجود شروطها وأركانها وواجباتها، وانتفاء مبطلاتها التي ترجع إلى أمرين‏:‏ إما إخلال بلازم، أو فعل ممنوع فيها، كالكلام ونحوه‏.‏















غير مقروء 16-Jun-2009, 07:57 PM رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث السادس والعشرون

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي‏:‏ نصرت بالرُّعبِ مسيرة شهرن وجُعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً‏.‏ فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي‏.‏ وأعطيت الشفاعة‏.‏ وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة‏)‏ متفق عليه‏.‏

فُضِّل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بفضائل كثيرة فاق بها جميع الأنبياء‏.‏ فكل خصلة حميدة ترجع إلى العلوم النافعة، والمعارف الصحيحة، والعمل الصالح‏.‏ فلنبينا منها أعلاها وأفضلها وأكملها‏.‏ ولهذا لما ذكر الله أعيان الأنبياء الكرام قال لنبيه‏:‏ ‏{‏أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ‏}‏ وهداهم‏:‏ هو ما كانوا عليه من الفضائل الظاهرة والباطنة‏.‏

وقد تمم صلى الله عليه وسلم ما أمر به، وفاق جميع الخلق، ولذلك خصّ الله نبينا بخصائص لما يشاركه فيها أحد من الأنبياء، منها‏:‏ هذه الخمس التي عادت على أمته بكل خير وبركة ونفع‏.‏

إحداها‏:‏ أنه نصر بالرعب مسيرة شهر، وهذا نصر رباني، وجند من السماء يعين الله به رسوله وأمته المتبعين لهديه، فمتى كان عدوه عنه مسافة شهر فأقل فإنه مرعوب منه، وإذا أراد الله نصر أحد ألقى في قلوب أعدائه الرعب، قال تعالى‏:‏ ‏{‏سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا‏}‏ وألقى في قلوب المؤمنين من القوة والثبات والسكينة والطمأنينة ما هو أعظم أسباب النصر، فالله تعالى وعد نبينا وأمته بالنصر العظيم، وأن يعينهم بأسباب أرشدهم إليها، كالاجتماع والائتلاف، والصبر والاستعداد للأعداء بكل مستطاع من القوة إلى غير ذلك من الإرشادات الحكيمة، وساعدهم بهذا النصر، وقد فعل تبارك وتعالى، كما هو معروف من حال نبينا صلى الله عليه وسلم والمتبعين له من خلفائه الراشدين والملوك الصالحين، تم لهم من النصر والعزّ العظيم في أسرع وقت ما لم يتم لغيرهم‏.‏

الثانية‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وجعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً‏)‏ وحقق ذلك بقوله‏:‏ ‏(‏فأينما أدركت أحداً من أمتي الصلاة فعنده مسجده وطهوره‏)‏ فجميع بقاع الأرض مسجد يصلى فيها من غير استثناء إلا ما نص الشارع على المنع منه‏.‏ وقد ثبت النهي عن الصلاة في المقبرة والحمام، وأعطان الإبل‏.‏ وكذلك الموضع المغصوب والنجس لاشتراط الطهارة لبدن المصلي وثوبه وبقعته‏.‏

وكذلك من عدم الماء أو ضرّه استعماله فله العدول إلى التيمم بجميع ما تصاعد على وجه الأرض، سواء التراب الذي له غبار أو غيره، كما هو صريح هذا الحديث مع قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ‏}‏ فإن الصعيد‏:‏ كل ما تصاعد على وجه الأرض من جميع أجزائها‏.‏

ويدلّ على أن التيمم على الوجه واليدين ينوب مناب طهارة الماء، ويفعل به من الصلاة والطواف ومس الصحف وغير ذلك ما يفعل بطهارة الماء‏:‏ والشارع أناب التراب مناب الماء عند تعذر استعماله‏.‏ فيدل ذلك على أنه إذا تطهر بالتراب ولم ينتقض وضوءه لم يبطل تيممه بخروج الوقت ولا بدخوله، وأنه إذا نوى التيمم للنفل استباح الفرض كطهارة الماء، وأن حكمه حكم الماء في كل الأحكام في حالة التعذر‏.‏

الثالث‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي‏)‏ وذلك لكرامته على ربه، وكرامة أمته وفضلهم، وكمال إخلاصهم، فأحلها لهم، ولم ينقص من أجر جهادهم شيئاً‏.‏ وحصل بها لهذه الأمة من سعة الأرزاق، وكثرة الخيرات، والاستعانة على أمور الدين والدنيا شيءٌ لا يمكن عدّه‏.‏ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وجعل رزقي تحت ظلّ رمحي‏)‏ أما من قبلنا من الأمم، فإن جهادهم قليل بالنسبة لهذه الأمة، وهم دون هذه الأمة بقوة الإيمان والإخلاص‏.‏ فمن رحمته بهم أنه منعهم من الغنائم؛ لئلا يخلّ بإخلاصهم‏.‏ والله أعلم‏.‏

الرابعة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وأعطيت الشفاعة‏)‏ وهي الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبار الرسل، وينتدب لها خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ‏.‏ فيشفّعه الله في الخلق‏.‏ ويحصل له المقام المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون، وأهل السماوات والأرض‏.‏ وتنال أمته من هذه الشفاعة الحظ الأوفر، والنصيب الأكمل‏.‏ ويشفع لهم شفاعة خاصة، فيشفعه الله تعالى‏.‏ وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لكل نبي دعوة تعجَّلَها‏.‏ وقد خَبَّأتُ دعوتي شفاعة لأمتي، فهي نائلة – إن شاء الله – من مات لا يشرك بالله شيئاً‏"‏، وقال‏:‏ ‏(‏أسعد الناس بشفاعتي‏:‏ من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه‏)‏‏.‏

الخامسة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وكان النبي‏)‏ أي‏:‏ جنس الأنبياء ‏(‏يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة‏)‏ وذلك لكمال شريعته وعمومها وسعتها، واشتمالها على الصلاح المطلق، وأنها صالحة لكل زمان ومكان‏.‏ ولا يتم الصلاح إلا بها‏.‏ وقد أسّست للبشر أصولاً عظيمة، متى اعتبروها صلحت لهم دنياهم كما صلح لهم دينهم‏.‏















غير مقروء 16-Jun-2009, 07:58 PM رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث السابع والعشرون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ ‏(‏أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث‏:‏ صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام‏)‏ متفق عليه‏.‏

وصيته صلى الله عليه وسلم وخطابه لواحد من أمته خطاب للأمة كلها، ما لم يدل دليل على الخصوصية‏.‏

فهذه الوصايا الثلاث، من آكد نوافل الصلاة والصيام‏.‏

أما صيام ثلاثة أيام من كل شهر‏:‏ فإنه ورد أنه يعدل صيام السنة؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها‏.‏ وصيام الثلاث من كل شهر يعدل صيام الشهر كله‏.‏ والشريعة مبناها على اليسر والسهولة‏.‏ وجانب الفضل فيها غالب‏.‏ وهذا العمل يسير على من يسره الله عليه، لا يشق على الإنسان ولا يمنعه القيام بشيء من مهماته، ومن ذلك ففيه هذا الفضل العظيم؛ لأن العمل كلما كان أطوع للرب وأنفع للعبد، كان أفضل مما ليس كذلك‏.‏ وقد ثبت الحثّ على تخصيص سنة من شوال، وصيام يوم عرفة، والتاسع والعاشر من المحرم، والاثنين والخميس‏.‏

وأما صلاة الضحى‏:‏ فإنه قد تكاثرت الأحاديث الصحيحة في فضلها، واختلف العلماء في استحباب مداومتها، أو أن يغب بها الإنسان‏.‏ والصحيح‏:‏ أنه تستحب المداومة عليها لهذا الحديث وغيره إلا لمن له عادة من صلاة الليل، فإذا تركها أحياناً فلا بأس‏.‏ وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏إنه يصبح على كل آدمي كل يوم ثلاثمائة وستون صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة‏.‏ ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى‏)‏ قال العلماء‏:‏ أقل صلاة الضحى ركعتان، وأكثرها ثمان، ووقتها من ارتفاع الشمس قِيْدَ رمح إلى قبيل الزوال‏.‏

وأما الوتر‏:‏ فإنه سنة مؤكدة، حثّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وداوم عليه حضراً وسفراً‏.‏

وأقله‏:‏ ركعة واحدة، وإن شاءَ بثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشر ركعة‏.‏ وله أن يسردها بسلام واحد، وأن يسلم من كل ركعتين‏.‏

ووقت الوتر من صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر والأفضل آخر الليل لمن طمع أن يقوم آخره، وإلا أوترأوله كما في هذا الحديث‏.‏















غير مقروء 16-Jun-2009, 11:14 PM رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
ابن هضلا

رابطة محبي الهيلا


الصورة الرمزية ابن هضلا

إحصائية العضو





التوقيت


ابن هضلا غير متواجد حالياً

افتراضي


جزاك الله عنا خير الجزاء ونفع بما قدمت

بارك الله فيك
















غير مقروء 19-Jun-2009, 10:42 PM رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

ابن هضلا حياك الله تشرفت مرورك الكريم


دام تواصلك















غير مقروء 19-Jun-2009, 10:44 PM رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الثامن والعشرون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الدين يُسْر، ولن يَشادَّ الدينَ أحد إلا غلبه، فسَدِّدوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغُدْوة والروحة، وشيء من الدُّلَجة‏)‏ متفق عليه‏.‏ وفي لفظ ‏(‏والقصدَ القصدَ تَبْلُغوا‏)‏‏.‏

ما أعظم هذا الحديث، وأجمعه للخير والوصايا النافعة، والأصول الجامعة‏.‏ فقد أُسّس صلى الله عليه وسلم في أوله هذا الأصل الكبير‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إن الدين يسر‏)‏ أي ميسر مسهل في عقائده وأخلاقه وأعماله، وفي أفعاله وتُروكه‏.‏ فإن عقائده التي ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقَدَر خيره وشره‏:‏ هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب، وتوصِّل مقتديها إلى أجلِّ غاية وأفضل مطلوب وأخلاقه وأعماله أكمل الأخلاق، وأصلح الأعمال، بها صلاح الدين والدنيا والآخرة‏.‏ وبفواتها يفوت الصلاح كله‏.‏ وهي كلها ميسرة مسهلة، كل مكلف يرى نفسه قادراً عليها لا تشق عليه، ولا تكلفه، عقائده صحيحة بسيطة‏.‏ تقبلها العقول السليمة، والفطر المستقيمة‏.‏ وفرائضه أسهل شيء‏.‏

أما الصلوات الخمس‏:‏ فإنها تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات في أوقات مناسبة لها‏.‏ وتمم اللطيف الخبير سهولتها بإيجاب الجماعة والاجتماع لها؛ فإن الاجتماع في العبادات من المنشطات والمسهلات لها ورتب عليها من خير الدين وصلاح الإيمان، وثواب الله العاجل والآجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها، ويحمد الله على فرضه لها على العباد؛ إذ لا غنى لهم عنها‏.‏

وأما الزكاة‏:‏ فإنها لا تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي‏.‏ وإنما تجب على الأغنياء تتميماً لدينهم وإسلامهم، وتنمية لأموالهم، وأخلاقهم، ودفعاً للآفات عنهم وعن أموالهم، وتطهيراً لهم من السيئات، ومواساة لمحاويجهم، وقياماً لمصالحهم الكلية‏.‏ وهي مع ذلك جزءٌ يسير جداً بالنسبة إلى ما أعطاهم الله من المال والرزق‏.‏

وأما الصيام‏:‏ فإن المفروض شهر واحد من كل عام، يجتمع فيه المسلمون كلهم، فيتركن فيه شهواتهم الأصلية – من طعام وشراب ونكاح – في النهار – ويعوضهم الله على ذلك من فضله وإحسانه تتميم دينهم وإيمانهم، وزيادة كمالهم، وأجره العظيم، وبره العميم، وغير ذلك مما رتبه على الصيام من الخير الكثير، ويكون سبباً لحصول التقوى التي ترجع إلى فعل الخيرات كلها، وترك المنكرات‏.‏

وأما الحج‏:‏ فإن الله لم يفرضه إلا على المستطيع، وفي العمر مرة واحدة‏.‏ وفيه من المنافع الكثيرة الدينية والدنيوية ما لا يمكن تعداده‏.‏ وقد فصلنا مصالح الحج ومنافعه في محلّ آخر‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ دينية ودنيوية‏.‏

ثم بعد ذلك بقية شرائع الإسلام التي هي في غاية السهولة الراجعة لأداء حق الله وحق عباده‏.‏ فهي في نفسها ميسرة‏.‏ قال تعالى ‏{‏يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ‏}‏ ومع ذلك إذا عرض للعبد عارض مرض أو سفر أو غيرهما، رتب على ذلك من التخفيفات، وسقوط بعض الواجبات، أو صفاتها وهيئتها ما هو معروف‏.‏

ثم إذا نظر العبد إلى الأعمال الموظفة على العباد في اليوم والليلة المتنوعة من فرض ونفل، وصلاة وصيام وصدقة وغيرها، وأراد أن يقتدي فيها بأكمل الخلق وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم رأى ذلك غير شاق عليه، ولا مانع له عن مصالح دنياه، بل يتمكن معه من أداء الحقوق كلها‏:‏ حقّ الله، وحقّ النفس، وحقّ الأهل والأصحاب، وحقّ كلّ من له حقّ على الإنسان برفق وسهولة، وأما من شدد على نفسه فلم يكتف بما اكتفى به النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بما علَّمه للأمة وأرشدهم إليه، بل غلا، وأوغل في العبادات‏:‏ فإن الدين يغلبه، وآخر أمره العجز والانقطاع، ولهذا قال‏:‏ ‏(‏ولن يَشادَ الدينَ أحد إلا غلبه‏)‏ فمن قاوم هذا الدين بشدة وغلو، ولم يقتصد‏:‏ غلبه الدين، واستحسر ورجع القهقرى‏.‏ ولهذا أمر صلى الله عليه وسلم بالقصد، وحثّ عليه‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏والقصد القصد تبلغوا‏)‏‏.‏

ثم وصى صلى الله عليه وسلم بالتسديد والمقاربة، وتقوية النفوس بالبشارة بالخير، وعدم اليأس فالتسديد‏:‏ أن يقول الإنسان القول السديد، ويعمل العمل السديد، ويسلك الطريق الرشيد، وهو الإصابة في أقواله وأفعاله من كل وجه‏.‏ فإن لم يدرك السداد من كل وجه فليتق الله ما استطاع، وليقارب الغرض‏.‏ فمن لم يدرك الصواب كله فليكتف بالمقاربة‏.‏ ومن عجز عن العمل كله فليعمل منه ما يستطيعه‏.‏

ويؤخذ من هذا أصل نافع دلّ عليه أيضاً قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏ وقوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم‏)‏ والمسائل المبنية على هذا الأصل لا تنحصر‏.‏ وفي حديث آخر ‏(‏يسِّروا، ولا تعسروا‏.‏ وبَشِّروا ولا تنفروا‏)‏‏.‏

ثم ختم الحديث بوصية خفيفة على النفوس، وهي في غاية النفع‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدُّلجة‏)‏ وهذه الأوقات الثلاثة كما أنها السبب الوحيد لقطع المسافات القريبة والبعيدة في الأسفار الحسِّية، مع راحة المسافر، وراحة راحلته، وصوله براحة وسهولة، فهي السبب الوحيد لقطع السفر الأخروي، وسلوك الصراط المستقيم، والسير إلى الله سيراً جميلاً‏.‏ فمتى أخذ العامل نفسه، وشغلها بالخير والأعمال الصالحة المناسبة لوقته – أوّل نهاره وآخر نهاره وشيئاً من ليله، وخصوصاً آخر الليل – حصل له من الخير ومن الباقيات الصالحات أكمل حظ، وأوفر نصيب‏.‏ ونال السعادة والفوز والفلاح وتم له النجاح في راحة وطمأنينة، مع حصول مقاصده الدنيوية، وأغراضه النفسية‏.‏ وهذا من أكبر الأدلة على رحمة الله بعباده بهذا الدين الذي هو مادة السعادة الأبدية؛ إذ نصبه لعباده، وأوضحه على ألسنة رسله، وجعله ميسراً مسهلاً، وأعان عليه من كل وجه‏.‏ ولطف بالعاملين، وحفظهم من القواطع والعوائق‏.‏

فعلمت بهذا‏:‏ أنه يؤخذ من هذا الحديث العظيم عدة قواعد‏:‏

القاعدة الأولى‏:‏ التيسير الشامل للشريعة على وجه العموم‏.‏

القاعدة الثانية‏:‏ المشقة تجلب التيسير وقت حصولها‏.‏

القاعدة الثالثة‏:‏ إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم‏.‏

القاعدة الرابعة‏:‏ تنشيط أهل الأعمال، وتبشيرهم بالخير والثواب المرتب على الأعمال‏.‏

القاعدة الخامس‏:‏ الوصية الجامعة في كيفية السير والسلوك إلى الله، التي تغني عن كل شيء ولا يغني عنها شيء‏.‏

فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم ونوافعها‏.‏















موضوع مغلق

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن »02:24 PM.


 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
اتصل بنا تسجيل خروج   تصميم: حمد المقاطي