بسم الله . والحمد لله .
دوّت في الأرجاء أصوات أبواق ، وشيلات إنشاد وصلت بجلبتها ودندنتها وقعقعتها ورقصها وتصفيقها وترديدهاا إلى أجواء السماء بعد أن غطّت على الأرض وطوتها ، وطمست كلّ صوت فيها ، تصيح وتصرخ في الصباح والمساء ، والصيف والشتاء : الفساد ، الفساد ، حاربوا الفساد ، عليكم بالفساد ... !
ولأنّ الفساد محرّم شرعًا ، ومذموم عقلاً ، ومكروه خلقًا ؛ لأنّه مضرّ ـ قطعًا ـ في مصالح العباد ومكاسب البلاد ؛ فكلّ سيستمع لهذه الأصوات بإنصات ، ويطرب لتلك الشيلات ، ولو صدرت من الشيطان نفسه لا من إنسان مثله ؛ لأنّ هناك مَن اكتوى بجمر الفساد وأهله ..!
إلا أنّ أطماع الإنسان قد تقدّم في بعض الأحيان على حيل الشيطان ، ورغباته باسم رغبات غيره ؛ كبعض مَن يدندن بنغمة الفساد ، وهمّه ليس محاربة الفساد ، بل ركوب رقبة العباد ، والتربّع على سدّة البلاد ؛ ودليل ذلك سكوته المطبّق عن الفساد في المعتقد من هذا الصفوي الرافضي ، وذاك الصوفي الغالي ، أو ذويلك الليبرالي ( الانحلالي ) ، وليته اكتفى بالصمت عن مناكرهم وترك الإنكار عليهم ، بل هو يُزاورهم ويجالسهم ويطاعمهم ويضاحكهم ، وقد علم بالضلال الذي عندهم ؛ ليُدلّل بهذا الأمر على رضاه عنهم ؛ فليس الإيمان بالتمنّي ولا بالتحلّي ، ولكنّ ما وقر في القلب وصدّقه العمل !؟
فلو صدّق هؤلاء المنشدّون وأصحاب شيلات فساد الأموال والوظائف في محاربته في البلاد ؛ لحاربوا كلّ أنواع الفساد معه بين العباد ، بل لبدؤوا بمحاربة ما بدأ بمحاربته أولاً رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فساد المعتقد ؛ لأنّه هو سبيله وسنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ القائل : (( مَن رغِبَ عن سنّتي فليس منّي )) ، ولأنّ المطالبة بحقوق الخالق ، وأهمّها صحّة المعتقد فيه ، وإخلاص العبادة له ، والسير على شرعه وسنة رسوله أدّعى وأولى وأسمى من المطالبة بحقوق الخلق ؛ فتلكم الأولى ، وهذه الأخرى ، وحق الخالق سابق ، وحق الخلق لاحق ، وهذا حق ظاهر عند كل صادق ، وأمّا مَن يريد إرضاء الخلق للوصول إلى الرزق ؛ فسيقدّم دغدغت مشاعر الخلق بالمطالبة بحقوقهم أولاً ، والسكوت عن الحقوق التي عليهم ثانيًا ، والصمت عن أخطائهم ثالثًا ، آملاً أن يملك أمرهم رابعًا ، ولسان حاله يقول : قولوا لفلان ارحل ، ثم انتخبوني أنا في المحلّ ؛ لأنّني الأفضل بينكم والأكمل والأعقل ؛ أفلمْ أطالب بحقوقكم ، وأنتم تبصرون وتسمعون ، وأمّا أنتم ؛ فكلكم ينتظر عمره مَن يقوده ويسوده ، وأنا ذلك ، و لا تروا ـ أبدًا ـ إلا ما أرى ، فما يهديكم إلى طريق الرشاد والهدى إلا أنا ، وهذا الرشاد كل الرشاد أنّ حكم أنا ، وأنا ـ فقط ـ هذه البلاد ـ أيها العباد ـ !
*بقلم :
* عاشق الحقيقة *
27 / 3 /1433
هـ
التوقيع |
الآراء كثيرة مُتباينة .. وتبقى الحقيقة واحدة .. تراها العين التى ترَى بالعقل من منظار النقل و الهُدى ، لا العين التي ترَى من منظار الفِسق والهَوى !؟
.
.
|