اختيار تصميم الجوال
|
|
|
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات » |
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
06-Aug-2009, 10:38 AM | رقم المشاركة : 101 | |||
|
الحديث الرابع والثمانون
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب) متفق عليه. هذا الحديث فيه: الحث على قوة محبة الرسل واتباعهم بحسب مراتبهم، والتحذير من محبة ضدهم؛ فإن المحبة دليل على قوة اتصال المحب بمن يحبه، ومناسبته لأخلاقه، واقتدائه به. فهي دليل على وجود ذلك. وهي أيضاً باعثة على ذلك. وأيضاً من أحب لله تعالى، فإن نفس محبته من أعظم ما يقربه إلى الله؛ فإن الله تعالى شكور، يعطي المتقرب أعظم – بأضعاف مضاعفة – مما بذل. ومن شكره تعالى: أن يلحقه بمن أحب، وإن قصر عمله. قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا} . ولهذا قال أنس: (ما فرحنا بشيء فرحنا بقوله صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب. قال: فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر، وعمر، فأرجو أن أكون معهم). وقال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} . وهذا مشاهد مجرب إذا أحب العبد أهل الخير رأيته منضماً إليهم، حريصاً على أن يكون مثلهم. وإذا أحب أهل الشر انضم إليهم، وعمل بأعمالهم. وقال صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، (ومثل الجليس الصالح، كحامل المسك: إما أن يَحْذيك وإما أن يبيعك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكِيْر: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة). وإذا كان هذا في محبة الخلق فيما بينهم، فكيف بمن أحب الله، وقدَّم محبته وخشيته على كل شيء؟ فإنه مع الله، وقد حصل له القرب الكامل منه. وهو قرب المحبين، وكان الله معه. فـ{إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}. وأعلى أنواع الإحسان محبة الرحيم الكريم الرحمن، محبة مقرونة بمعرفته. فنسأل الله أن يرزقنا حبه، وحب من يحبه، وحب العمل الذي يقرّب إلى حبه؛ إنه جواد كريم. وبالله التوفيق. |
|||
|
|
06-Aug-2009, 10:39 AM | رقم المشاركة : 102 | |||
|
الحديث الخامس والثمانون
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر: كبر ثلاثاً، ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مُقْرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى. اللهم هَوِّن علينا سفرنا هذا، واطوِ عَنَّا بُعده. اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك من وَعْثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب، في المال والأهل والولد. وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن: آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون) رواه مسلم. هذا الحديث فيه فوائد عظيمة تتعلق بالسفر. وقد اشتملت هذه الأدعية على طلب مصالح الدين – التي هي أهم الأمور – ومصالح الدنيا، وعلى حصول المحاب، ودفع المكاره والمضار وعلى شكر نعم الله، والتذكر لآلائه وكرمه، واشتمال السفر على طاعة الله، وما يقرب إليه. فقوله: (كان إذا استوى على راحلته خارجاً إلى سفر: كبر ثلاثاً) هو افتتاح لسفره بتكبير الله، والثناء عليه، كما كان يختم بذلك. وقوله صلى الله عليه وسلم: (سبحان الذي سخر لنا هذا، وما كنا له مقرنين ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون) فيه الثناء على الله بتسخيره للمركوبات، التي تحمل الأثقال والنفوس إلى البلاد النائبة، والأقطار الشاسعة، واعتراف بنعمة الله بالمركوبات. وهذا يدخل فيه المركوبات: من الإبل، ومن السفن البحرية، والبرية، والهوائية. فكلها تدخل في هذا. ولهذا قال نوح صلى الله عليه وسلم للراكبين معه في السفينة: {ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} فهذه المراكب، كلها وأسبابها، وما به تتم وتكمل، كله من نعم الله وتسخيره. يجب على العباد الاعتراف لله بنعمته فيها، وخصوصاً وقت مباشرتها. وفيه: تذكر الحالة التي لولا الباري لما حصلت وذللت في قوله: (وما كنا له مقرنين) أي مطيقين، لو رَدَّ الأمر إلى حولنا وقوتنا، لكنَّا أضعف شيء علماً، وقدرة وإرادة، ولكنه تعالى سخر الحيوانات وعلَّم الإنسان صنعة المركوبات، كما امتن الله في تيسير صناعة الدروع الواقعية في قوله: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ} . فعلى الخلق أن يشكروا الله، إذ علمهم صناعة اللباس الساتر للعورات، ولباس الرياش، ولباس الحرب وآلات الحرب. وعلمهم صنعة الفلك البحرية والبرية والهوائية، وصنعة كل ما يحتاجون إلى الانتفاع به، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس متنوعة. ولكن أكثر الخلق في غفلة عن شكر الله، بل في عتو واستكبار على الله، وتجبر بهذه النعم على العباد. وفي هذا الحديث التذكر بسفر الدنيا الحِسِّي لسفر الآخرة المعنوي؛ لقوله: (وإنا إلى ربنا لمنقلبون) فكما بدأ الخلق فهو يعيدهم ليجزي الذين أساءوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. وقوله: (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى). سأل الله أن يكون السفر موصوفاً بهذا الوصف الجليل، محتوياً على أعمال البر كلها المتعلقة بحق الله والمتعلقة بحقوق الخلق، وعلى التقوى التي هي اتقاء سخط الله، بترك جميع ما يكرهه الله من الأعمال، والأقوال، الظاهرة والباطنة، كما سأله العمل بما يرضاه الله. وهذا يشمل جميع الطاعات والقربات. ومتى كان السفر على هذا الوصف، فهو السفر الرابح، وهو السفر المبارك. وقد كانت أسفاره صلى الله عليه وسلم كلها محتوية لهذه المعاني الجليلة. ثم سأل الله الإعانة، وتهوين مشاق السفر، فقال: (اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطَوِعَنَّا بعده) لأن السفر قطعة من العذاب. فسأل تهوينه، وطَيَّ بعيده. وذلك بتخفيف الهموم والمشاق، وبالبركة في السير، حتى يقطع المسافات البعيدة، وهو غير مكترث، ويقيّض له من الأسباب المريحة في السفر أموراً كثيرة، مثل راحة القلب، ومناسبة الرفقة، وتيسير السير، وأمن الطريق من المخاوف، وغير ذلك من الأسباب. فكم من سفر امتد أياماً كثيرة، لكن الله هونه، ويسره على أهله. وكم من سفر قصير صار أصعب من كل صعب. فما ثَمَّ إلا تيسير الله ولطفه ومعونته. ولهذا قال في تحقيق تهوين السفر: (اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر) أي: مشقته وصعوبته (وكآبة المنظر) أي: الحزن الملازم والهم الدائم (وسوء المنقلب، في المال والأهل الوالد) أي: يا رب نسألك أن تحفظ علينا كل ما خلّفناه وراءنا، وفارقناه بسفرنا من أهل وولد ومال، وأن ننقلب إليهم مسرورين بالسلامة، والنعم المتواترة علينا وعليهم؛ فبذلك تتم النعمة، ويكمل السرور. وكذلك يقول هذا في رجوعه، وعوده من سفره. ويزيد: (آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون) أي: نسألك اللهم أن تجعلنا في إيابنا ورجوعنا ملازمين للتوبة لك، وعبادتك وحمدك، وأن تختم سفرنا بطاعتك، كما ابتدأته بالتوفيق لها. ولهذا قال تعالى : {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} ومدخل الصدق ومخرجه، أن تكون أسفار العبد ومداخله ومخارجه كلها تحتوي على الصدق والحق، والاشتغال بما يحبه الله، مقرونة بالتوكل على الله، ومصحوبة بمعونته. وفيه اعتراف بنعمته آخراً، كما اعترف بها أولاً، في قوله: (لربنا حامدون). فكما أن على العبد أن يحمد الله على التوفيق لفعل العبادة والشروع في الحاجة فعليه أن يحمد الله على تكميلها وتمامها، والفراغ منها؛ فإن الفضل فضله، والخير خيره، والأسباب أسبابه. والله ذو الفضل العظيم. |
|||
|
|
19-Aug-2009, 08:42 PM | رقم المشاركة : 104 | |||
|
الحديث السادس والثمانون
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم) رواه أحمد ومسلم والنسائي. هذا كلام جامع. استدل به أهل العلم على مشروعية جميع ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وما قاله في حجة وجوباً في الواجبات، ومستحباً في المستحبات، وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فكما أن ذلك يشمل جزئيات الصلاة كلها. فهذا يشمل جزئيات المناسك كلها. ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام حسن جداً في خلاصة حج النبي صلى الله عليه وسلم. ذكره في القواعد النورانية. فقال قدس الله روحه ورضي عنه: وقد ثبت بالنقل المتواتر عند الخاصة من علماء الحديث من وجوه كثيرة في الصحيحين وغيرهما: أنه صلى الله عليه وسلم لما حج حجة الوداع أحرم هو والمسلمون من ذي الحليفة. فقال: (من شاء أن يهل بعمرة فليفعل. ومن شاء أن يهل بحجة فليفعل. ومن شاء أن يهل بعمرة وحجة فليفعل) فلما قدموا وطافوا بالبيت وبين الصفا والمروة أمر جميع المسلمين الذين حجوا معه أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي، فإنه لا يُحل حتى يَبْلغ الهديُ مَحِلَّه ، فراجعه بعضهم في ذلك. فغضب، وقال: (انظروا ما أمرتكم به فافعلوه). وكان هو صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدي، فلم يحل من إحرامه. ولما رأى كراهة بعضهم للإحلال قال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي. ولجعلتها عمرة، ولولا أن معي الهدي لأحللت). وقال أيضاً: (إني لَبِّدْتُ رأسي وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر). فحل المسلمون جميعهم إلا النفر الذين ساقوا الهدي، منهم: رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله. فلما كان يوم التروية أحرم المحلون بالحج، وهم ذاهبون إلى منى. فبات بهم تلك الليلة بمنى. وصلى بهم فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم سار بهم إلى نمرة، على طريق ضَبٍّ، ونمرة خارجة من عرفة، من يمانيها وغربيها، ليست من الحرم، ولا من عرفة. فنصبت له القبة بنمرة. وهناك كان ينزل خلفاؤه الراشدون بعده، وبها الأسواق، وقضاء الحاجة، والأكل، ونحو ذلك. فلما زالت الشمس ركب هو ومن ركب معه وسار المسلمون إلى المصلى ببطن عُرنَةَ، حيث قد بنى المسجد وليس هو من الحرم، ولا من عَرَفَة. وإنما هو برزخ بين المشعرين: الحلال والحرام هناك، بينه وبين الموقف نحو ميل. فخطب فيهم خطبة الحج على راحلته. وكان يوم الجمعة، ثم نزل فصلى بهم الظهر والعصر مقصورتين مجموعتين. ثم سار – والمسلمون معه – إلى الموقف بعرفة عند الجبل المعروف بجبل الرحمة. واسمه (إلال) على وزن هلال. وهو الذي تسميه العامة عرفة. فلم يزل هو والمسلمون في الذكر والدعاء إلى أن غربت الشمس. فدفع بهم إلى مزدلفة، فصلى المغرب والعشاء بعد مغيب الشفق قبل حط الرحال، حين نزلوا بمزدلفة، وبات بها حتى طلع الفجر، فصلى بالمسلمين الفجر في أول وقتها، مغلساً بها زيادة على كل يوم، ثم وقف عند قُزَح، وهو جبل مزدلفة الذي يسمى المشعر الحرام. فلم يزل واقفاً بالمسلمين إلى أن أسفر جداً، ثم دفع بهم حتى قدم منى، فاستفتحها برمي جمرة العقبة، ثم رجع إلى منزله بمنى، ثم أتى المنحر ونحر ثلاثاً وستين بَدَنة من الهدي الذي ساقه. وأمر عليَاً فنحر الباقي. وكان مائة بدنة ثم حلق رأسه. ثم أفاض إلى مكة، فطاف طواف الإفاضة. وكان قد عَجَّل ضَعَفة أهله من مزدلفة قبل طلوع الفجر، فرموا الجمرة بليل. ثم أقام بالمسلمين أيام منى الثلاث، يصلي بهم الصلوات الخمس مقصورة غير مجموعة، يرمي كل يوم الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس يستفتح بالجمرة الأولى – وهي الصغرى، وهي الدنيا إلى مني – والقصوى من مكة. ويختتم بجمرة العقبة، ويقف بين الجمرتين: الأولى والثانية، وبين الثانية والثالثة وقوفاً طويلاً بقدر سورة البقرة، يذكر الله ويدعو ؛ فإن المواقف ثلاث: عرفة ومزدلفة، ومنى. ثم أفاض آخر أيام التشريق بعد رمي الجمرات هو والمسلمون، فنزل بالمحصَّب، عند خيف بني كنانة، فبات هو والمسلمون ليلة الأربعاء. وبعث تلك الليلة عائشة مع أخيها عبد الرحمن؛ لتعتمر من التنعيم، وهو أقرب أطراف الحرم إلى مكة، من طريق أهل المدينة. وقد بُني بعده هناك مسجد سماه الناس مسجد عائشة؛ لأنه لم يعتمر بعد الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه أحد قط إلا عائشة؛ لأجل أنها كانت قد حاضت لما قدمت وكانت معتمرة. فلم تطف قبل الوقوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (اقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت، ولا بين الصفا والمروة) ثم ودع البيت هو والمسلمون ورجعوا إلى المدينة. ولم يقم بعد أيام التشريق، ولا اعتمر أحد قط على عهده عمرة يخرج فيها من الحرم إلى الحل إلا عائشة – رضي الله عنها – وحدها فأخذ فقهاء الحديث – كأحمد وغيره – بسنته في ذلك كله، إلى آخر ما قال رحمه الله ورضي عنه. والله أعلم. |
|||
|
|
19-Aug-2009, 08:43 PM | رقم المشاركة : 105 | |||
|
الحديث السابع والثمانون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن) رواه مسلم. تكلم أهل العلم على معنى هذه المعادلة وتوجيهها. وأحسن ما قيل فيها: أن معادلتها لثلث القرآن؛ لما تضمنته من المعاني العظيمة: معاني التوحيد، وأصول الإيمان. فإن المواضيع الجليلة التي اشتمل القرآن عليها: 1- إما أحكام شرعية: ظاهرة أو باطنة، عبادات أو معاملات. 2- وإما قصص وأخبار عن المخلوقات السابقة واللاحقة، وأحوال المكلفين في الجزاء على الأعمال. 3- وإما توحيد ومعارف، تتعلق بأسماء الله وصفاته، وتفرده بالوحدانية والكمال، وتنزهه عن كل عيب، ومماثلة أحد من المخلوقات. فسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مشتملة على هذا، وشاملة لكل ما يجب اعتقاده من هذا الأصل، الذي هو أصل الأصول كلها. ولهذا أمنا الله أن نقولها بألسنتنا، ونعرفها بقلوبنا، ونعترف بها وندين لله باعتقادها. والتعبد لله بها، فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. فالله: هو المألوه المستحق لمعاني الألوهية كلها، التي توجب أن يكون هو المعبود وحده، المحمود وحده، المشكور وحده، المعظم المقدس، ذو الجلال والإكرام. و"الأحد) يعني: الذي تفرد بكل كمال، ومجد وجلال، وجمال وحمد، وحكمة ورحمة، وغيرها من صفات الكمال. فليس له فيها مثيل ولا نظير، ولا مناسب بوجه من الوجوه. فهو الأحد في حياته وقيوميته، وعلمه وقدرته، وعظمته وجلاله، وجماله وحمده، وحكمته ورحمته، وغيرها من صفاته، موصوف بغاية الكمال ونهايته، من كل صفة من هذه الصفات. ومن تحقيق أحديته وتفرده بها أنه (الصمد) أي: الرب الكامل، والسيد العظيم، الذي لم يبق صفة كمال إلا اتصف بها. ووصف بغايتها وكمالها، بحيث لا تحيط الخلائق ببعض تلك الصفات بقلوبهم، ولا تعبر عنها ألسنتهم. وهو المصمود إليه، المقصود في جميع الحوائج والنوائب {يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} فهو الغني بذاته، وجميع الكائنات فقيرة إليه بذاتهم، في إيجادهم وإعدادهم وإمدادهم بكل ما هم محتاجون إليه من جميع الوجوه. ليس لأحد منها غني عنه مثقال ذرة، في كل حالة من أحوالها. فالصمد: هو المصمود إليه، المقصود في كل شيء؛ لكماله وكرمه وجوده وإحسانه. ولذلك {لم يلد ولم يولد} فإن المخلوقات كلها متولد بعضها من بعض، وبعضها والد بعض، وبعضها مولود وكل مخلوق فإنه مخلوق من مادة، وأما الرب جل جلاله، فإنه منزه عن مماثلتها في هذا الوصف، كما هو منزه عن مماثلتها في كل صفة نقص. ولهذا حقق ذلك التنزيه، وتمم ذلك الكمال بقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} أي: ليس له نظير ولا مكافئ ولا مثيل، لا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا في جميع حقوقه التي اختص بها. فحقه الخاص أمران: التفرد بالكمال كله من جميع الوجوه، والعبودية الخالصة من جميع الخلق. فحق لسورة تتضمن هذه الجمل العظيمة: أن تعادل ثلث القرآن. فإن جميع ما في القرآن من الأسماء الحسنى، ومن الصفات العظيمة العليا، ومن أفعال الله وأحكام صفاته، تفاصيل لهذه الأسماء التي ذكرت في هذه السورة، بل كان ما في القرآن من العبوديات الظاهرة والباطنة، وأصنافها وتفاصيلها، تفصيل لمضمون هذه السورة. والله أعلم. |
|||
|
|
19-Aug-2009, 08:43 PM | رقم المشاركة : 106 | |||
|
الحديث الثامن والثمانون
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق. ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها، ويعلمها) متفق عليه. الحسد نوعان: نوع محرم مذموم على كل حال، وهو أن يتمنى زوال نعمة الله عن العبد – دينية أو دنيوية – وسواء أحب ذلك محبة استقرت في قلبه، ولم يجاهد نفسه عنها، أو سعى مع ذلك في إزالتها وإخفائها: وهذا أقبح؛ فإنه ظلم متكرر. وهذا النوع هو الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. والنوع الثاني: أن لا يتمنى زوال نعمة الله عن الغير، ولكن يتمنى حصول مثلها له، أو فوقها أو دونها. وهذا نوعان: محمود وغير محمود. فالمحمود من ذلك: أن يرى نعمة الله الدينية على عبده، فيتمنى أن يكون له مثلها. فهذا من باب تمني الخير. فإن قارن ذلك سعى وعمل لتحصيل ذلك، فهو نور على نور. وأعظم من يغبط: من كان عنده مال قد حصل له من حِلَّه، ثم سُلّط ووفق على إنفاقه في الحق، في الحقوق الواجبة والمستحبة؛ فإن هذا من أعظم البرهان على الإيمان، ومن أعظم أنواع الإحسان. ومن كان عنده علم وحكمة علمه الله إياها، فوفق لبذلها في التعليم والحكم بين الناس. فهذان النوعان من الإحسان لا يعادلهما شيء. الأول: ينفع الخلق بماله، ويدفع حاجاتهم، وينفق في المشاريع الخيرية، فتقوم ويتسلسل نفعها، ويعظم وقعها. والثاني: ينفع الناس بعلمه، وينشر بينهم الدين والعلم الذي يهتدي به العباد في جميع أمورهم: من عبادات ومعاملات وغيرها. ثم بعد هذين الاثنين: تكون الغبطة على الخير، بحسب حاله ودرجاته عند الله. ولهذا أمر الله تعالى بالفرح والاستبشار بحصول هذا الخير، وإنه لا يوفق لذلك إلا أهل الحظوظ العظيمة العالية. قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} . وقال: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} . وقد يكون من تمنى شيئاً من هذه الخيرات، له مثل أجر الفاعل إذا صدقت نيته، وصمم عن عزيمته أن لو قدر على ذلك العمل، لَعَمِلَ مثله، كما ثبت بذلك الحديث. وخصوصاً إذا شرع وسعى بعض السعي. وأما الغبطة التي هي غير محمودة، فهي تمني حصول مطالب الدنيا لأجل اللذات، وتناول الشهوات، كما قال الله تعالى حكاية عن قوم قارون: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} فإن تمني مثل حالة من يعمل السيئات فهو بنيته، ووزرهما سواء. فهذا التفصيل يتضح الحسد المذموم في كل حال. والحسد الذي هو الغبطة، الذي يحمد في حال، ويذم في حال. والله أعلم. |
|||
|
|
19-Aug-2009, 08:44 PM | رقم المشاركة : 107 | |||
|
الحديث التاسع والثمانون
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو، فيقول: اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى) رواه مسلم. هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها. وهو يتضمن سؤال خير الدين وخير الدنيا؛ فإن (الهدى) هو العلم النافع. و"التقى) العمل الصالح، وترك ما نهى الله ورسوله عنه. وبذلك يصلح الدين. فإن الدين علوم نافعة، ومعارف صادقة. فهي الهدى، وقيام بطاعة الله ورسوله: فهو التقى. و"العفاف والغنى) يتضمن العفاف عن الخلق، وعدم تعليق القلب بهم. والغنى بالله وبرزقه، والقناعة بما فيه، وحصول ما يطمئن به القلب من الكفاية. وبذلك تتم سعادة الحياة الدنيا، والراحة القلبية، وهي الحياة الطيبة. فمن رزق الهدى والتقى، والعفاف والغنى، نال السعادتين، وحصل له كل مطلوب. ونجا من كل مرهوب. والله أعلم. |
|||
|
|
19-Aug-2009, 08:45 PM | رقم المشاركة : 108 | |||
|
الحديث التسعون
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة: فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) رواه مسلم. لا شك أن من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وأن هذه غاية يسعى إليها جميع المؤمنين. فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لها سببين ، ترجع إليهما جميع الشعب والفروع: الإيمان بالله واليوم الآخر، المتضمن للإيمان بالأصول التي ذكرها الله بقوله: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ – الآية} ومتضمن للعمل للآخرة والاستعداد لها؛ لأن الإيمان الصحيح يقتضي ذلك ويستلزمه. والإحسان إلى الناس، ون يصل إليهم منه من القول والفعل والمال والمعاملة ما يحب أن يعاملوه به. فهذا هو الميزان الصحيح للإحسان وللنصح، فكل أمر أشكل عليك مما تعامل به الناس فانظر هل تحب أن يعاملوك بتلك المعاملة أم لا؟ فإن كنت تحب ذلك، كنت محباً لهم ما تحب لنفسك، وإن كنت لا تحب أن يعاملوك بتلك العاملة: فقد ضيعت هذا الواجب العظيم. فالجملة الأولى: فيها القيام بحق الله. والجملة الثانية فيها القيام بحق الخلق. والله أعلم. |
|||
|
|
19-Aug-2009, 08:45 PM | رقم المشاركة : 109 | |||
|
الحديث الحادي والتسعون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى لكمن ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً. فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تفرقوا. ويكره لكم، قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) رواه مسلم. فيه إثبات الرضى لله، وذكر متعلقاته، وإثبات الكراهة منه. وذكر متعلقاتها؛ فإن الله جل جلاله من كرمه على عباده، يرضى لهم ما فيه مصلحتهم، وسعادتهم في العاجل والآجل. وذلك بالقيام بعبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص الدين له بأن يقوم الناس بعقائد الإيمان وأصوله، وشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة، وبالأعمال الصالحة، والأخلاق الزاكية. كل ذلك خالصاً لله موافقاً لمرضاته. على سنة نبيه. ويعتصموا بحبل الله، وهو دينه الذي هو الوصلة بينه وبين عباده. فيقوموا به مجتمعين متعاونين على البر والتقوى (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره) بل يكون محباً له مصافياً، وأخاً معاوناً. وبهذا الأصل والذي قبله يكمل الدين، وتتم النعمة على المسلمين، ويعزهم الله بذلك وينصرهم، لقيامهم بجميع الوسائل التي أمرهم الله بها والتي تكفل لمن قام بها بالنصر والتمكين، وبالفلاح والنجاح العاجل والآجل. ثم ذكر ما كره الله لعباده، مما ينافي هذه الأمور التي يحبها وينقضها. فمنها: كثرة القيل والقال؛ فإن ذلك من دواعي الكذب، وعدم التثبت، واعتقاد غير الحق. ومن أسباب وقوع الفتن، وتنافر القلوب. ومن الاشتغال بالأمور الضارة عن الأمور النافعة. وقلَّ أن يسلم أحد من شيء من ذلك، إذا كانت رغبته في القيل والقال. وأما قوله: (وكثرة السؤال) فهذا هو السؤال المذموم، كسؤال الدنيا من غير حاجة وضرورة، والسؤال على وجه التعنت والإعنات، وعن الأمور التي يخشى من ضررها، أو عن الأمور التي لا نفع فيها، الداخلة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} وأما السؤال عن العلوم النافعة على وجه الاسترشاد أو الإرشاد فهذا محمود مأمور به. وقوله: (وإضاعة المال) وذلك إما بترك حفظه حتى يضيع، أو يكون عرضة للسرَّاق والضياع، وإما بإهمال عمارة عقاره، أو الإنفاق على حيوانه، وإما بإنفاق المال في الأمور الضارة، أو الغير النافعة. فكل هذا داخل في إضاعة المال. وإما بتولي ناقصي العقول لها، كالصغار والسفهاء والمجانين ونحوهم؛ لأن الله تعالى جعل الأموال قياماً للناس، بها تقوم مصالحهم الدينية والدنيوية. فتمام النعمة فيها أن تصرف فيما خلقت له: من المنافع، والأمور الشرعية، والمنافع الدنيوية. وما كرهه الله لعباده، فهو يحب منهم ضدها، يحب منهم أن يكونوا متثبتين في جميع ما يقولونه، وأن لا ينقلوا كل ما سمعوه، وأن يكونوا متحرين للصدق، وأن لا يسألوا إلا عما ينفع، وأن يحفظوا أموالهم ويدبروها، ويتصرفوا فيها التصرفات النافعة، ويصرفوها في المصارف النافعة. ولهذا قال تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً} . |
|||
|
|
19-Aug-2009, 08:46 PM | رقم المشاركة : 110 | |||
|
الحديث الثاني والتسعون
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ، إلا ما أخذته من ماله بغير علمه. فهل عليَّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) متفق عليه. أخذ العلماء من هذا الحديث فقهاً كثيراً. سأشير إلى ما يحضرني. منه، أن المستفتى والمتظلم يجوز أن يتكلم بالصدق فيمن تعلق به الاستفتاء والتظلم، وليس من الغيبة المحرمة، وهو أحد المواضع المستثنيات من الغيبة. ويجمع الجميع، الحاجة إلى التكلم في الغير؛ فإن الغيبة المحرمة ذكرك أخاك بما يكره. فإن احتيج إلى ذلك – كما ذكرنا وكما في النصيحة الخاصة، أو العامة، أو لا يعرف إلا بلقبه – جاز ذلك بمقدار ما يحصل به المقصود. ومنه: أن نفقة الأولاد واجبة على الأب، وأنه يختص بها، لا تشاركه الأم فيها ولا غيره. وكذلك فيه: وجوب نفقة الزوجة، وأن مقدار ذلك الكفاية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) وأن الكفاية معتبرة بالعرف بحسب أحوال الناس: في زمانهم ومكانهم، ويسرهم وعسرهم، وأن المنفق إذا امتنع أو شحَّ عن النفقة أصلاً أو تكميلاً، فلمن له النفقة أو يباشر الإنفاق أن يأخذ من ماله، ولو بغير علمه. وذلك لأن السبب ظاهر. ولا ينسب في هذه الحالة إلى خيانة. فلا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : (لا تخن من خانك). وهذا هو القول الوسط الصحيح في مسألة الأخذ من مال من له حق عليه بغير علمه بمقدار حقه. وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، أنه لا يجوز ذلك، إلا إذا كان السبب ظاهراً، كالنفقة على الزوجة والأولاد والمماليك ونحوهم. وكحق الضيف. ومنه أن المتولي أمراً من الأمور يحتاج فيه إلى تقدير مالي، يقبل قوله في التقدير؛ لأنه مؤتمن، له الولاية على ذلك الشيء. ومنه: أن المستفتى فتوى لها تعلق بالغير إذا غلب على ظن المسؤول صدقه: لا يحتاج إلى إحضار ذلك الغير. وخصوصاً إذا كان في ذلك مفسدة، كما في هذه القضية؛ فإنه لو أحضر أبا سفيان لهذه الشكاية لم يؤمن أن يقع بينه وبين زوجه ما لا ينبغي. وليس في هذا دلالة على الحكم على الغائب؛ فإن هذا ليس بحكم. وإنما هو استفتاء . والله أعلم. |
|||
|
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|