| 
     وقالت النخلة 
  
الشاعر: جمال حمدان  
 
 
 
  
 
 
 
 
نَزلْتُ    بِنَخْلَةٍ    ضَيْفاً   فَقَالَتْ=سَأُكْرِمُ   مَنْ   أَتَىَ  بِيْ  يَسْتَعِيْنُ 
فَأَطْرَبَنِيْ   الْحَدِيْثُ  وَقُلْتُ  أَهْلاً=بِمَنْ  بَشَّتْ,  وَيَا  نِعْمَ  الْمُعِيْنُ 
هَزَزْتُ  بِجِذْعِهَا,  فَرَمَتْ بِتَمْرٍ=وَلَمْ  تَسْأَلْ  عَنِ  اسْمِي مَنْ أَكُوْنُ 
فَتِلْكَ    سَجِيَّةُ    الْكُرَمَاءِ    حَقَّ=فَإِنْ    هُزَّ   الْكَرِيْمُ   كَذَا   يَلِيْنُ 
وَقُلْتُ  بِخَاطِرِيْ: سُبْحَانَ رَبِّيْ!=وَفَاضَتْ  أَدْمُعٌ, وَطَفَتْ شُجُوْنُ 
فَقَدْ   أَوْصَىَ  النَّبِيُّ  وَقَالَ  رِفْقاً=بِعَمَّاتٍ  لَكُمْ,  وَالنَّخْلَ  صُوْنُوْا 
وَذَكَّرَنِي   النَّخِيْلُ   بِأَهْلِ   طَيّ=فَكَمْ    مَدَحَتْ    أَكُفَّهُمُ    قُرُوْنُ 
وَمَرْيَمَ   إِذْ   أَتَتْ   لِلنَّخْلِ  يَوْماً=تَهُزُّ,  فَكُفْكِفَ  الدَّمْعُ  الْهَتُوْنُ 
وَقَرَّتْ   عَيْنُهَا   ,وَحَظَتْ  بِأَمْنٍ=وَحَلَّ  الْبِشْرُ,  وَابْتَسَمَ  الْجَنِيْنُ 
وَكَمْ  سَجَعَتْ  حَمَائِمُ فَوْقَ غُصْنٍ=وَكَمْ    بِظِلاَلِهِ    تَغْفُوْ    جُفُوْنُ 
فَإِنْ   بَلَغَ  ابْنُ  طَيٍّ  هَامَ  نَخْلٍ=إِذِ    النِّيْرَانُ    لِلسَّارِيْ    تَبِيْنُ 
فَلَيْتَ  نَدَىَ  ابْنِ  طَيٍّ  كَانَ وِفْقاً=لأَمْرِ   اللهِ,   أَوْ   أَمْلاَهُ  دِيْنُ 
وَإِنْ   جَادَتْ   أَيَادٍ   لابْنِ  طَيٍّ=فَكَفُّ    النَّخْلِ   يُسْرَاهَا   يَمِيْنُ 
وَكَمْ   حُرِمَ  ابْنُ  آدَمَ  أَجْرَ  فِعْلٍ=وَكَمْ    عَلِقَتْ    بَأَفْعَالٍ   ظُنُوْنُ 
فَبَعْضُ  الْجُوْدِ  كَانَ  بِقَصْدِ  جَاهٍ=وَبَعْض   ُالْجُوْدِ   لِلْعَافِيْ   يُهِيْنُ 
وَبَعْضٌ  جَادَ  كَيْ  يُدْعَىَ  كَرِيْماً=وَبَعْضٌ   شَابَهُ   عُسْرٌ,  وَلِيْنُ 
وَخَيْرُ   الْجُوْدِ   مَا  وَهَبَتْهُ  كَفٌّ=لِوَجْهِ   اللهِ,  وَانْهَمَلَتْ  شُؤُوْنُ 
فَقَدْ   فَاقَ   النَّخِيْلُ  عَطَاَءَ  إِنْسٍ=وَمَا   بَذْلُ   النَّخِيْلِ   لَهُ   قَرِيْنُ 
هُمُ   جَادُوْا   بَأَمْوَالٍ,  وَجَادَتْ=بَأَبْنَاءٍ     لَهَا    تِلْكَ    الْغُصُوْنُ 
وَمَنْ   يَرْمِ  ابْنَ  آدَمَ  يَلْقَ  صَدَّا=وَمَنْ   يَرْمِ   النَّخِيْلَ   لَهُ   تَلِيْنُ 
وَذَكَّرَنِي   النَّخِيْلُ   بِأَرْض  تِيْنٍ=وَزَيْتُوْنٍ    فَهَاجَ    بِيَ   الْحَنِيْنُ 
إِلَىَ مَسْرَىَ الرَّسُوْلِ وَمَهْدِ عِيْسَىَ=وَآذَانِ    الْمَسَاجِدِ    إِذْ    يَحِيْنُ 
وَألْحَظُ    عَزْمَ    أَطْفَالٍ    كِبَارٍ=وَإِصْرَاراً    لَهُمْ    لاَ   يَسْتَكِيْنُ 
لِغَيْرِ   اللهِ   مَا   سَجَدَتْ   جِبَاهٌ=وَمَا  وَهَنُوْا,  وَمَا حُنِيَ الْجَبِيْنُ 
خُيُوْلُهُمُ      بِقُدْسٍ     مُسْرَجَاتٌ=وَرُبَّ   غَدٍ   بِهِ  النَّصْرُ  الْمُبِيْنُ 
أَعَدُّوْا  مَا  اسْتَطَاعُوْا  مِنْ  رِبَاطٍ=وَنُصْرَتُهُمْ   هِيَ   الْحَبْلُ  الْمَتِيْنُ 
وَمَنْ  لاَ  يَنْصُرِ  الإِخْوَانَ  يَحْيَا=عَلَىَ  دَخَنٍ, وَذَاكَ هُوَ الْخَؤُوْنُ 
فَيَا   زَمَنَ   التَّرَدِيْ   لَسْتَ  إِلاَّ=زَمَاناً    قَدْ   تُدَانُ   كَمَا   أُدِيْنُوْا 
وَإِنْ  حَبِطَتْ  فِعَالُكَ  يَا ابْنَ حَوَّا=فَيَا   تُعْساً   إِذَا   نَضَبَ  الْمَعِيْنُ 
وَمَا  ادَّخَرَ  ابْنُ  آدَمَ سَوْفَ يَلْقَىَ=لَدَىَ   الْمَلَكَيْنِ  إِنْ  قُطِعَ  الْوَتِيْنُ 
وَمَاذَا  قَدْ  تَرَىَ يَا دَوْحُ قُلْ لِيْ؟=فَقَدْ    تَاهَتْ   بِمِيْنَائِي   السَّفِيْنُ 
فَجَاوَبَنِي   النَّخِيْلُ   بِدَمْعِ   عَيْنٍ=وَقَالَ:  الْجُرْحُ  فِيْ  قَلْبِيْ دَفِيْنُ 
وَيَمْنَعُنِي    مِنَ   الشَّكْوَىَ   إِبَاءٌ=وَلَوْلاَ   أَنْ  سَأَلْتَ,  فَلاَ  أُبِيْنُ 
بَكَيْتُ    لِبَابِلٍ    وَالطَّيْرُ    فِيْهَا=عَلَىَ   دَوْحِ   الْفُرَاتِ   لَهُ  أَنِيْنُ 
عَلَىَ  طِفْلٍ  يُعَانِي الْمَوْتَ جُوْعاً=بِلاَ   ذَنْبٍ  أَتَاهُ,  بِهِ  رَهِيْنُ 
وَآهَاتِ   الرَّبَابِةِ,   وَالْمَقَاهِي=وَآمَالٍ     تَنُوْءُ    بِهَا    السِّنِيْنُ 
سَقَىَ   الْمَوْلَىَ   مَنَازِلَ  نَاهِدَاتٍ=ظباءً  إِنْ  سَفَرْن,  فَهُنَّ  عِيْنُ 
ويَا   أَسَفِيْ   عَلَىَ  زَمَنٍ  تَرَدَّىَ=بِشَاطِئِ  دِجْلَةٍ,  فَبَكَىَ  الْقَطِيْنُ 
فَكَانَتْ  وَاحَةً,  وَالطَّيْرُ  تَشْدُوْ=عَلَىَ   دَعَةٍ,  فَغَالَتْهَا  الْمَنُوْنُ 
إِلاَمَ   تَظَلُّ   بَغْدَادٌ   كَسِجْنٍ؟=إِلاَمَ   الظُّلْمُ  يَا  قَوْمِي  يَرِيْنُ؟ 
فَأَبْكَانِي    النَّخِيْلُ   وَزَادَ   هَمِّيْ=فَمَا   خَبَرٌ   يُسَرُّ   بِهِ   الْحَزِيْنُ 
وَمَاذَا   عمَّتِيْ؟  هَيَّا  اخْبِرِيْنِيْ=حَدِيْثُكِ   شَاقَنِيْ,  وَلَهُ  شُجُوْنُ 
فَقَالَتْ:  يَا  بُنَيَّ نَظَرْتُ حَوْلِيْ=وَأَنَّىَ  قَدْ  نَظَرْتُ  تُرَىَ الدُّجُوْنُ 
أَحِنُّ   لِدَوْحِ  بَنْغَازِيْ,  وَقَلْبِيْ=بِهِ    جُرْحُ   الأَبِيَّةِ   لاَ   يَهُوْنُ 
رَمَوْكِ   بِبَاطِلٍ,   وَبِلاَ  دَلِيْلٍ=كَسَاريٍ  فِيْ  الدُّجَىَ  لاَ  يَسْتَبِيْنُ 
فَهَذَا    مَكْرُ   أَعْدَاءٍ,   وَحِقْدٌ=وَأَمْرِيْكَا    كَمَا    دَأَبَتْ    تَمِيْنُ 
وَكَيْفَ  أَرَىَ  مِنَ  الْعَدْنَانِ  قَوْماً=يُصَدِّقُ مَا ادَّعَتْ, وَلَهَا يُعِيْنُ؟! 
وَمَا  شَرْعُ  ابْنِ  سَامٍ  كَانَ عَدْلاً=وَلاَ    سَامٌ    لَنَا    خِدْنٌ   أَمِيْنُ 
وَقَالُوْا   لِلْمُخَاتِلِ   ذَاتَ   يَوْمٍ:=أَتُقْسِمُ؟!  قَالَ:  قد هانَ الْيَمِيْنُ!! 
وَكَمْ    مَكْرٍ    يُحِيْطُ    بِمَاكِرِيْهِ=وَكَمْ    تَهْوِيْ   بِبَانِيْهَا   حُصُوْنُ 
وَمَاذَا   عمَّتِيْ   هَلْ  مِنْ  مَزِيْدٍ؟=فَقَوْلُكِ   بَلْسَمٌ,   دُرٌ,  ثَمِيْنُ 
فَقَالَتْ:   يَا   بُنَيَّ  لَدَيَّ  حِلْمٌ=وَأَرْجُوْ   أَنْ   تَقَرَّ   بِهِ  الْعُيُوْنُ 
فَلَيْسَ    بِغَيْرِ    وِحْدَتِنَا    مَلاَذٌ=وَكُلُّ    مَنَاهِلٍ    لِلْوِرْدِ    هُوْنُ 
أَآلُ   الضَّادِ   مُنْقَسِمٌ,  وَغَرْبٌ=تَوَحَّدَ    لَمْ    يُشَرْذِمْهُ   الرَّطِيْن 
تَنَاسَوْا    حِقدَهمْ   وبَدَوْا   كَعِقْدٍ=وَعَانَقَ  فِيْ الثَّرَى الدَّانُوْبَ سِيْنُ 
أَتَصْمُدُ    بَيْنَنَا    أَسْوَارُ    وَهْمٍ=وَيُنْقَضُ  سُوْرُ  بَرْلِيْنَ  الْمَتِيْنُ؟ 
وَخُمْسُ   الأَرْضِ  مُجْتَمِعٌ  لِثَوْرٍ=وَلِلْتِنِّيْنِ     قَدْ    سَبَقَتْهُ    صِيْنُ 
وَلَيْسَ    لَدَيْهُمُ    كَالْعُرْبِ   جَدٌ=وَلاَ     رَحْمٌ    يُجَمِّعُهُمْ    وَدِيْنُ 
وَمَاذَا  عَمَّتِيْ  هَلْ  مِنْ  دَوَاءٍ؟=فَقَدْ   عَجِزَ  النَّطَاسِيُّ  الطَّبِيْنُ! 
فَقَالَتْ:  يَا  بَنِيْ  عَدْنَانِ  هُبُّوْا=وَمَا مَعْنَى الثَّوَاءِ, وَمَا السُّكُوْنُ؟ 
فَمَا    وَقْعُ   الْحِصَارِ   بِمُسْتَهَانٍ=لَعَمْرِيْ   دُوْنَهُ  الْحَرْبُ  الزَّبُوْنُ 
أَأَطْفَالُ    الْعِرَاقِ    بِلاَ   عَشَاءٍ=وَتُتْخَمُ  مِنْ  حَوَالَيْهِمْ  بُطُوْنُ؟! 
وأوّلُ  قبلةٍ  في  الأرض  تشق=وما   يندى   لمليار   جبين! 
وَآلامُ     ابْنِ    مُخْتَارٍ    جِسَامٌ=وَكَيْفَ  يَنَامُ  مِنْ  أَلَمٍ  طَعِيْنُ؟! 
وَكَمْ   مَنَعَ   الدَّوَاءَ  الْغَرْبُ  عَنَّا=وَحَقُّ    دَوَاءِ    كَلْبِهُمُ   مَصُوْنُ 
فَأَيْنَ  حِجَاكُمُ  يَا عُرْبُ قُوْمُوْا؟!=وَإِلاَّ  تَفْعَلُوْا,  سَقَطَ  الْعَرِيْنُ! 
فَلاَ    حَقٌ    يُرَدُّ    بِقِيْلَ   قَال=َلاَ    أَغْصَانَ    زَيْتُوْنٍ   تُعِيْنُ 
وَهَا أَنَا قَدْ نَصَحْتُ فَلَيْتَ نُصْحِيْ=يُصَاخُ   لَهُ,  فَيُدْرِكُهُ  الْفَطِيْنُ 
وَيَا   شَعْبِي  الأَبِيَّ  كَفَاكَ  شَجْباً=فَكَيْفَ    أَصَمُّ   يُوْقِظُهُ   طَنِيْنُ؟ 
فَقَدْ   ضَجَّتْ   رَحَاةُ  الْكَوْنِ  مِنَّ=بِجَعْجَعَةٍ,  فَأَيْنَ  هُوَ  الطَّحِيْنُ؟ 
  
 
 | 
      |