الاخبار الاقتصادية ليوم السبت 3/9/1428هـ

[الروقي البرقاوي]

المركزي البريطاني» يقدم «تمويلا طارئا» لأول ضحايا أزمة الإئتمان

في أول عملية تدخل منذ 34 عاما.. لدعم «نورذرن روك»

لندن: كمال قدورة
واخيرا حدث ما كان يحذر منه خبراء الاقتصاد في بريطانيا، وحصدت ازمة الإئتمان الدولية اول ضحاياها في القطاع المصرفي والمالي، مما اجبر البنك المركزي على التدخل لإنقاذ بنك «نورذرن روك» من الإفلاس. وقد أكدت وزارة الخزانة البريطانية امس أن آلية «التمويل الطارئ» التي استخدمها بنك إنجلترا المركزي مع بنك «نورذرن روك» للتمويل العقاري تهدف إلى مساعدة البنك في التغلب على عجز في السيولة النقدية على المدى القصير على الاقل.
واكد «نورذرن روك» حصوله على التمويل الطارئ من البنك المركزي للمساعدة في تجاوز أزمة الائتمان الأخيرة التي أصابت أسواق المال نتيجة خسائر قطاع التمويل العقاري بالولايات المتحدة.

وهذه هي المرة الاولى التي يتصرف فيها البنك المركزي بهذه الطريقة منذ أصبح مستقلا في رسم سياسات أسعار الفائدة عام 1997.

كما ان هذه هي المرة الاولى التي يتدخل فيها البنك المركزي لدعم المؤسسات المالية التي تمر بأزمات منذ 34 سنة أي منذ انهيار «سيدر هولدينغز» عام 1973.

وكان وزير الخزانة البريطاني ألستاير دارلينج قد أقر آلية الدعم الطارئ للمؤسسات المالية في بريطانيا بناء على توصية ميرفين كينج محافظ بنك إنجلترا وهي آلية غير معتادة تماما في بريطانيا.

واكدت وزارة الخزانة البريطانية إلى أن هذا التمويل يخضع أيضا لمراقبة هيئة الخدمات المالية وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة أداء المؤسسات المالية في البلاد. وأضاف بيان الوزارة أن هيئة الخدمات المالية أكدت قدرة «نورذرن روك» على الوفاء بالتزاماته وسداد ديونه وأن محفظة قروضه جيدة كما أن قدراته المالية تتجاوز المعدلات التي يفرضها القانون.

ورغم أن «نورذرن روك» ليس له أي استثمارات في قطاع القروض العقارية العالية المخاطر فقد ثبت أنه عرضة للتأثر بنقص الائتمان الذي تسببت فيه الازمة الاميركية وذلك لان قاعدة ودائعه صغيرة ولذلك فان عليها أن تعتمد أكثر على أسواق المال في تمويل عملياتها.

وارتفعت كلفة الاقراض بين البنوك الى أعلى مستوياتها منذ تسع سنوات هذا الاسبوع مع سعي البنوك لتخفيض حجم القروض المقدمة لبنوك أخرى.

وحصلت بنوك منها بنك «باركليز» في الشهر الماضي على تمويل لاجل ليلة بمقتضى تسهيلات الاقراض الطارئة لدى البنك المركزي. الا أن ما حدث اليوم كان أول مرة يصبح البنك المركزي مطالبا فيها بتقديم مساعدات أطول أجلا خلال الازمة الحالية.

وامتنع بنك «نورذرن روك» عن التعقيب على تفاصيل الدعم المالي، لكن رئيسها التنفيذي آدم ابلجارث قال للصحافيين ان البنك يحتاج الى مبلغ كبير.

وقال البنك في بيان ان ارتفاع كلفة التمويل وقرارا بالحد من الاقراض سيؤثران على أرباحه هذا العام والعام المقبل.

واضاف أبيلجراث «إن الحصول على دعم بنك إنجلترا «كملاذ أخير للمؤسسة» يشير إلى الاعتراف بقدرة «نورذرن روك» على سداد ديونه.

وفي اتصال مع «الشرق الاوسط» اكد مارك هيمنغواي عن «بنك اوف اسكوتلاند» انه: «يصعب التعليق على ما حصل لـ«نورذرن روك» لكن ما حصل له هو نتيجة مباشرة لأوضاع الاسواق المالية السيئة حول العالم ولهذا تدخل البنك المركزي».

واوضح هيمنغواي ان «ما حصل هو مشكلة مالية قصيرة الامد قبل عودة الامور الى نصابها وطبيعتها. موضحا ان اعمال البنك لا تزال على ما هي عليه ولم يتغير أي شيء جوهري ولايزال الزبائن يسحبون اموالهم وكأن شيئا لم يكن».

وفي الوقت نفسه حذر «نورذرن روك» وهو خامس أكبر مؤسسة تمويل عقاري في بريطانيا من أن أرباحه خلال العام الحالي ستكون أقل من التوقعات بمقدار 100 مليون جنيه إسترليني (200 مليون دولار).

ولكن البنك الذي يوجد مقره في مدينة نيوكاسل شمال شرقي بريطانيا يقول إن أرباحه خلال العام الحالي ستتراوح بين 500 مليون و540 مليون جنيه إسترليني (1.08 مليار دولار) في حين أن التوقعات كانت تشير إلى أرباح قدرها 647 مليون جنيه إسترليني.

يذكر أن البنك يعتمد بشدة على الحصول على الأموال من أسواق المال وإعادة إقراضها للعملاء.

وقد ارتفعت تكاليف الاقتراض خلال الفترة الأخيرة على خلفية المخاوف من حدوث أزمة سيولة في النظام المصرفي بسبب خسائر قطاع الرهن العقاري العالي المخاطر في قطاع التمويل العقاري الأميركي.

ومنذ بداية العام انخفضت أسهم «نورذرن روك» نحو 50 في المائة ثم انخفضت 20 في المائة أخرى في التعاملات الصباحية اليوم.

وذكر فيليب اينمان في صحيفة «الغارديان» اللندنية، ان المؤسسة المصرفية التي خسرت نصف قيمتها منذ العام الماضي عرضة لعملية استحواذ من قبل مؤسسات مالية كبرى وقد درست «نورذرن روك» عرضا اول من امس بهذا الإطار.

ومن شأن قرار المؤسسة اللجوء الى البنك المركزي لإنقاذها ومساعدتها للخروج من ازمتها، ان يؤدي الى انهيار في الثقة في الاوساط المصرفية.

وحذرت مؤسسة «ايرنست اند يونغ» المعروفة امس الاوساط المالية والمواطنين في تقرير خاص قائلة ان تأثير ازمة الرهن العقاري الاميركي العالي المخاطر لن يتوقف على بنك «نورذرن روك» وقد يطال اصحاب العقارات والوسط التجاري والحركة الاستهلاكية بشكل عام.

والاهم من هذا، يقول التقرير الذي يركز على آثار الازمة المالية الدولية الاخيرة ان الأزمة الإئتمانية العقارية في الولايات المتحدة، قد تؤدي في حال اشتدادها الى الإطاحة بواحد في المائة من نسبة نمو الاقتصاد البريطاني وتراجعها من 3 في المائة في السنة الى 2 في المائة مما يشكل ضربة كبيرة لجهود الحكومة المحافظة على اقتصاد قوي ومعدل تضخم منخفض.

ويقول بيتر سبنسر الخبير في المؤسسة بهذا الخصوص ان الازمة العقارية في الولايات المتحدة تشكل خطرا كبيرا على النمو الاقتصادي حول العالم: «القطاع العقاري في الولايات المتحدة ضعف منذ فترة ويواجه الآن احتمال فترة من الركود السيء .. وإذا اخذ بعين الاعتبار ان قيمة قطاع الرهن العقاري العالي المخاطر فيها يساوي 1.5 تريليون دولار، فهذا يعني ان الخسائر لن تقل عن 100 الى 150 مليار دولار».

وقد اشتهر بنك «نورذرن روك» قبل سنوات لأنه كان من اكثر المصارف البريطانية مساعدة للمواطنين الراغبين بدخول سوق العقار والعاجزين عن تأمين المطلوب للحصول على القرض العقاري. ولهذا كان البنك يمنح قروضا عقارية بقيمة 130 في المائة من قيمة العقار. وتشمل تلك النسبة القرض الاصلي وقرضا آخر مساعد من قطاع القروض غير المأمونة. وبالطبع فإن ذلك يترك المقترض عرضة لتقلبات معدلات الفائدة العامة التي شهدت ارتفاعات ملحوظة السنة الماضية في الولايات المتحدة وبريطانيا واوروبا بشكل عام.

* بنك «نورذن روك» في ارقام من البنوك البريطانية المعروفة والتي يعود تاريخها الى العام 1850 ـ 5 هو ترتيب البنك بين مؤسسات التمويل العقارية البريطانيا.

ـ 76 فرعا في جميع انحاء البلاد. ـ 113 مليار جنيه استرليني ( 226 مليار ولار) قيمة اصوله.

ـ 800 الف عدد القروض العقارية التي منحها.

ـ 17.4 مليار جنيه (34.8 قيمة القروض العقارية التي منحها حتى يونيو (حزيران) الماضي.

ـ 1.4 مليون عدد الزبائن الذين يتعاملون مع البنك ويملكون حسابات خاصة بهم.