ليْلةُ القَدر
أفضل الليالي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله والصلاة على رسول الله .. وبعد :
فليلة القدر هي أفضل الليالي , وقد أنزل الله فيها القرآن , وأخبر سبحانه أنها خيرٌ من ألف شهر , وأنها مباركة , وأنها يُفْرَق فيها كل أمر حكيم , كما قال سبحانه :{ حم (1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلنَهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) } , وقال سبحانه : { إِنَّآ أَنزَلْنَهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّ كُِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) } , وصحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( مَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ؛ غُفِرَ له ماتقدَّم من ذنبه )) ( متفق عليه )
وقيامها يكون بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير .
وقد دلَّت هذه السورة العظيمة أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر مما سواها .
وهذا فضل عظيم ورحمة من الله لعباده .
فجدير بالمسلمين أن يعظِّموها وأن يحيوها بالعبادة , وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها في العَشْرِ الأواخر من رمضان , وأن أوتار العَشْرِ أرجى من غيرها , فقال صلى الله عليه وسلم : (( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان , التمسوها في كل وتر )) ( البخاري )
وقد دلَّت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن هذه الليلة متنقلة في العشر , وليست في ليلة معينة دائماً , فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين , وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين , وقد تكون في ليلة خمس وعشرين , وقد تكون في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى الليالي , وقد تكون في تسع وعشرين , وقد تكون في الأشفاع .
فمن قام ليالي العشر كلها إيماناً واحتساباً أدرك هذه الليلة بلا شك , وفاز بما وعد الله أهلها .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بمزيد من الإجتهاد لا يفعله في العشرين الأُوَل .
قالت عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم : يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها .
وقالت : كان إذا دخلت العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجدَّ وشدَّ المئزر .
وكان يعتكف فيها صلى الله عليه وسلم غالباً , وقد قال الله عز وجل : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } .
وسألته عائشة رضي الله عنها , فقالت : يا رسول الله : إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها , قال : (( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )) (رواه الترمذي ) .
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم , وكان السلف بعدهم , يعظِّمون هذه العشر ويجتهدون فيها بأنواع الخير .
فالمشروع للمسلمين في كل مكان أن يتأسّوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الكرام رضي الله عنهم وبسلف هذه الأمة الأخيار ,فيحيوا هذه الليالي بالصلاة وقراءة القرآن وأنواع الذكر والعبادة إيماناً واحتساباً حتى يفوزوا بمغفرة الذنوب , وحطّ الأوزار والعتق من النار .
فضلاً منه سبحانه وجوداً وكرماً .
( منقول للفائدة من منتدى أبناء عمكم , منتدى قبيلة النفعة )