لا يمكن أن يتصور عاقل ما يحدث بالعراق الآن، البلد ينزلق نحو هاوية مريرة ومحيرة، والخروج منها يحتاج لما يشبه المعجزة، معجزة سياسية تجمع هذه القوى المتنافرة والمتباعدة في كيان واحد، وتجمع قبلهم لوح الزجاج المكسور بين فئات الوطن الواحد، وصار مستحيلاً أن يعود كما كان.
ولا يمكن لأي عاقل أن يتخيل هذا الكم الهائل من جرائم الموت والقتل العشوائي، ولا يمكن أن يصبر شعب على هذه الدماء التي تسيل يومياً في مفخخات غادرة، وفي جرائم قتل على الهوية والاسم واللون والسحنة واللهجة، ولا يمكن أن يتصور أحد، هذا العدد الكبير من الجثث التي يعثر عليها مقطوعة الرأس وملقاة في الأنهار أو مدفونة في العراء بلا سبب واضح أو معروف.. لدرجة أن الإحصائيات تقول إن ما لا يقل عن ألف عراقي يقتلون شهريا.. وللأسف دون أن يتحرك أحد، أو يفزع أحد؟
المخطط الاستنزافي للشعب العراقي يجب أن يتم التوقف عنده بجدية، ولا يكفي أن نتفرج على مسرح الموت العبثي هذا دون أن نتساءل عن المستفيد دائماً، ولمصلحة من يتم هذا التحريض الطائفي والقتل اليومي، وما هذه الإمكانيات الهائلة التي تنجح في الإيقاع بالعراقيين فقط دون قوات الاحتلال أو التحالف؟ ولماذا تأتي مسلسلات الموت بين المسلمين فقط؟ وهل هذه هي صورة الإسلام التي يسعى المتحاربون لنشرها؟
المشكلة تحولت إلى مواجهة عراقية/ عراقية على الأرض، باسم الطائفة وباسم المذهب، وباسم الإرهاب أيضاً، وهذه المواجهة هي ما تجر البلد لحرب أهلية، لو حدثت لاشتعلت المنطقة كلها، لا العراق فقط في بئر النار، ولدفع الجميع، الحكومة والاحتلال ثمن التهاون والتخاذل، وغض النظر عن ممارسات البعض من الجانبين، وصار مألوفاً أن تتحول كعكة السقوط إلى وحل غرق فيه الباحثون عن مقعد أو كرسي، وعجز المواطن العادي عن تأمين احتياجاته، والاطمئنان على يومه وغده.. صار البقاء على قيد الحياة هو الهاجس الأهم.
للأسف، تجاهد بعض القوى العراقية من أجل مصالح شخصية ومذهبية، وتؤكد استعدادها للعمل مع الشيطان لتحقيق هذه المصالح والمكاسب الربوية التي جاءت على فوهة مدافع الاحتلال، وقاذفات الصواريخ والدبابات والطائرات، وللأسف أيضاً، فإن المشهد العراقي رغم كل الجهود المبذولة لانتشال البلد لا يبدو مطمئناً، سيف التقسيم مسلط على الرقاب، والدماء تنزف بلا ثمن وغالبية السياسيين مشغولون فقط بمن يؤمن كراسي الحكم أو يزيد من غلة الغنائم
هنا كانـــــ مروريــــــــ
معــــ كلــــ الودـــ
التوقيع |
دنيــــا ومــن يـــــدري كلــــ شــــئ يصـــير فيهــــا |