سأل سائل وعند عتيبة الخبر اليقين

[عدنان البرقاوي]

سأل سائل وعند عتيبة الخبر اليقين


تحية للهيلة وللقائمين عليها كمنتدى نطل من خلالها بمودة وإجلال على قبيلة عتيبة بكل ما فيها من نقاء وأصالة كما هو النبع الصافي الذي لايعكر صفوه متسلق او دعي بفضل ما لديها من حكماء وباحثي انساب واسعي الاطلاع محيطين بكل فروع وتشعبات هذه القبيلة الكبيرة دون إغفال شاردة أو واردة.

لكن على ساحة الأردن تثار تساؤلات ... هناك دعاوي انتساب مستحدثة من العيار الثقيل من عشائر شتى من مختلف المنابت بزعم الإنتماء الى قبيلة عتيبة نسباً وأصولاً مما يستوجب الرد والتوضيح كون هذه الإدعاءات ظهرت على السطح في هذا الوقت بالذات ولم نقرأ عنها من الباحثين المتقدمين في علم الأنساب وهم المرجعية التي يعتد بها في هذا الشأن....سأكتفي بالحيادية وديدني جلاء الحقيقة ممن يعنيهم الأمر من أبناء عتيبة المطلعين كي لاتختلط علينا الأمور مع إيراد بعض النقاط التي أتوخى منها إغناء البحث والتقصي. فعلى كل حال من الطبيعي أن يكون الناس مؤتمنين على أنسابهم وأهالي مكة أدرى بشعابها.

أقول هناك عدة أطراف على الساحة الأردنية والفلسطينية منها طائفتان هما: عائلة من أبناء النفيعات في فلسطين وعائلات عديدة أخرى في فلسطين والأردن منها الحفاة في بلاد نابلس (قرية بُرقة والقرى المجاورة لها:بيت امرين، اجنسنيا، سبسطية، نصف جبيل، الناقورة، وغيرها)، الدعاجنة في ديار الخليل،الفهيدات في منطقة أريحا وبيسان،الدلابيح في بني حسن،آل الشرابي في نابلس ويافا،آل دلبح في ذنابة،القوابعة في الطفيلة،الحسينية وخليفة في أم الفحم في جنين،آل طه في نورس في جنين،الحناتيش،الروسان،الثبتة،عشائر وعائلات في طول كرم وديارها وهم: الأشقر،الجلاد،حنون،فياض. بعض هؤلاء الأطراف يزعمون الأنتساب الى عتيبة بدون دليل مكتوب أو وثيقة أو سرد متواتر عن الآباء وقاموا بتعديل اسم العائلة على جواز سفرهم إلى عتيبي في عرض اوكازيون هم ومن لفّ لفهم ومن استطاعوا ترغيبهم بالفوائد والمكاسب المحتملة من مثل هذا الإنتساب بغض النظر عن الإختلاف في العشائرية والقرابات وهذا ما أثار حفيظة كاتب هذه السطور باحثاً عن إجابة تشفي صدور قوم مؤمنين ولو لم تكن هذه الحركة حديثة العهد لأخذنا بامكانية صحة هذا الأمر ومن هنا يأتي التساؤل والاستغراب المشروع.

*أولا: بعض أفراد النفيعات: كفانا السيد محمود أبو تمام الرد في مقاله المنشور على موقع الهيلة بالإقتباس عن الباحث الاحيوي من تأكيد معظم هؤلاء الأفراد له إنتمائهم الى بني عقبة (عقابنة) ( وهذا معروف لدى شيوخ العشائر التي سكنت المنطقة) وبأنَّ مساعيد الأردن والعمرو وقبائل أخرى لا مجال لحصرهم هم أبناء عمومتهم أفلا يعني هذا صحة ما أكده الباحث أبو تمام أنهم ليسوا من النفيعات نسباً وانما سكناً وجواراً وأنَّ النفيعات وهم ثعلبة قبيلة طئ القحطانية كما هو ثابت وموثق لدى الباحثين المتقدمين منذ ما يزيد عن ألف عام فأين هم بالنسبة الى النفيعات الطائية والى قبيلة عتيبة التي يحاولون إلحاق قبيلة طئ بها؟ وهم ياسبحان الله ليسوا من الإثنتين وانما هم كما هو واضح من أقوالهم من بني عقبة الجذامية القحطانية بما فيها من مساعيد وعمرو وعقابنة واحيوات وحويطات، ولدى إطلاعي على موقع النفيعات على شبكة الانترنت قرأت لمن قال أنّه ابن عم أفراد تلك العائلة التي تثير الزوابع والأوهام بانتسابها زوراً وبهتاناً الى النفيعات حيناً والى عتيبة حيناً آخر واسمه السيد خيري السرابي بما يبدو لنا أنّ لديه صحوة ضمير واعتزاز بالنفس و مخافة من الله يعيب عليهم هذا التصرف (من حيث أنّهم في كلِّ وادٍ يهيمون) ناعتاً إيّاهم بالفئة الضّالة عسى الله يهديهم سواء السبيل .

*ثانيا: مزاعم بعض عشائر أهالي قرية بُرقة وغيرها من القرى المجاورة قضاء نابلس: من المعلوم أنَّ هناك قرية أخرى في قضاء رام الله من الضفة الغربية تسمى بُرقة أيضاً، وبُرقة هذه ( بضم الباء) يلفظها الفلاحون عندنا ( بُركة) وهي ليست بالقطع بَرقة عتيبة وهنا مربط الفرس فكان المسافر منهم من الأردن الى الكويت والسعودية عند مروره على موظف جوازات الحدود ويقرأ موظف الجوازات على جوازات سفرهم كلمة مكان الميلاد: بُرقة يبادر بالسؤال بسطحية وسذاجة الجاهل بالأنساب هل انت برقاوي عتيبي؟وعندما يقرأ نفيعات يسأل هل أنت نفيعي؟ وهذا ما فتّح عيون هؤلاء المسافرين الى عتيبة خاصة وأنّ النسبة الى بُرقة هي بَرقاوي تماماً كما هي النسبة الى بَرقة وكذلك النسبة الى نفيعات: نفيعي كما هي النسبة كذلك الى النفعة، ومن هنا يقع خلط التشابه في الأسماء وهي كثيرة جداً لدى العديد من عشائر الجزيرة العربية ولا تعتبر دليلاً قاطعاً لإثبات النسب فكوني بَرقاويّ معاذ الله أن أدّعي الانتساب الى بَرقة وهي بطن من عتيبة وانما نسبة الى البلد التي هي بُرقة مع أنني ولدت في قريتي الثانية ذنّابة.

- هذا التعتيب ( اقصد التنسيب الى عتيبة ) لم يسمع به الا إثر حرب الخليج،لماذا في هذا الوقت بالذات وليس من قبل؟ هل نقول صح النوم أم ماذا؟
- عندما تبيّن لهؤلاء انّ بُرقة (بضم الباء) ليست هي بَرقة (بفتح الباء) أصبحنا نسمع عن اسم "الحفاة" استنباطاً من نزاعات تمت بين فريقين من أهل القرية أحدهما يسمى سيف والفريق الآخر يسمى حيف فكيف تحولت كلمة حيف سابقاً لتصبح حفاة لاحقاً؟ ولماذا لايكون الحفاة هؤلاء مثلاً من متعان من بلحارث وليس من طلحة الروقة؟ مجرد تساؤل ما لم يثبت الدليل.
- لم نسمع من آباءنا عن وجود وثائق ثبوتية لدى أهل هذه القرى عن هجرة تمت من قبيلة عتيبة الى هذه المنطقة ولم نرَ شجرة عائلة فيها تسلسل جدود من الجزيرة العربية سوى روايات مستحدثة عن بعض العامّة تحتمل التأويل في النصوص ومثل ذلك كثير جداً هذه الأيام كرواية أنّ صلاح الدين الأيوبي ذهب الى القريات وأحضر معه مجاهدين من عتيبة وهذا غير ثابت تاريخياً ومن المعلوم أنّه لم يحدث نزوح لعتيبة من الحجاز إلا الى وسط الجزيرة العربية في نجد ولم نسمع عن هجرات أو نزوح الى الشمال أو بلاد الشام بهذه الأعداد الكبيرة اذ لا يعقل أن تتم من الجزيرة هجرة كبيرة تحت جنح الظلام ولايؤرخ لها أبناء عتيبة من مصدرها ونبعها الصافي في الجزيرة العربية وأستدرك قائلاً: لو سمعنا تأكيداً من حكماء عتيبة بحركة نزوح على هذا النحو لسلمنا بذلك بالسمع والطاعة.
- أبناء هذه العائلات بيض البشرة في الغالب الأعظم تكاد تكون سحنتهم اوروبيّة مما يرجح كونهم من أصول رومانية دخلت في الاسلام زمن الفتوحات ولا يرى الا في النادر القليل جداً وجوهٌ بسحنة يمكن ردها بالفراسة الى الجزيرة العربية ومما يدل على ذلك هو أنَّ اسم احدى هذه العشائر " دغلس " وهذا الاسم هو في الأصل أعجمي معرب من اسم دوغلس (Douglas) وقد قرأت على موقع الهيلة نداء من أحد أبناء هذه العشيرة يطالب العتبان بالضغط على حكومة الكويت للسماح له بادخال عائلته للالتحاق به في الكويت على أنه عتيبي، ألا يحق لنا أن نشتم من هذا الأمر السعي وراء مكاسب شخصية في الأساس؟ .
- من المعروف أنّ قرية بُرقة وما جاورها كانت مأهولة منذ القدم وعلى جوارها كانت تقع مملكة السامرة (سبسطية) وتملؤها اشجار الزيتون المعمرة منذ زمن الرومان ولها مكانة دينية عند العبرانيين والمسيحيين على السواء ولاتزال حتى الان بها كنيسة مسيحية فيثار هنا تساؤل كيف تم احلال عشائر بدوية بها وبمن جاورتها من قرى والمعروف عن المسلمين عدم طردهم لسكان المناطق المفتوحة بل أنّ سكان هذه المنطقة كما هو معروف دخلوا أفواجاً في دين الاسلام وبقوا في قراهم.
- هنالك قصة يتذكرها كبار أهل القرية وما جاورها قالها لي أحدهم أنه في حوالي عام 1962 على اثر حدوث قحط في الضفة الشرقية من الأردن فقد نزحت بعض الاسر البدوية بمواشيها طلباً للكلأ والعشب وكانت الضفة حينها في ظل الحكم الأردني فهب أهل القرية يصرخون البدو! البدو! واشتبكوا في شجار معهم لمنعهم من رعاية مواشيهم ورغم محاولة الشيخ البدوي إقناعهم بالسماح لهم بالرعي مع تأكيده لهم بالحرص على عدم الاضرار بمزروعاتهم وقوله لهم (أرض الله واسعة فلاها ) ولكن بدون جدوى مما اضطره هو ومن معه من الرعاة الى إطلاق عيارات نارية في الهواء فانهزم أهل القرية من أمامهم الى أن تدخل الجيش الاردني المرابط في الجوار في منطقة المسعودية قام على إثرها شيخ البدو بذبح عدد من الخراف وعمل وليمة للصلح بين الطرفين إلا أن اهل القرية ومع الاسف لم يقوموا برد الدعوى بوليمة تقابلها، قلت (لو كان أهل هذه القرية لديهم شعور بانتماء قبلي لكانوا احسنوا وفادة هؤلاء البدو والترحيب بهم على فرض أن بعضهم من بعض وللأمانة أمام الله ورسوله فلم الاحظ صفات موروثة لديهم سواء اكانت شعراً نبطياً أو قهوة عربية تدار في مجالس القوم أو رقصة سامري أو خيمة شعر تنصب هناك أو ما يتحلى به العربي البدوي الاصل من كرم وحسن ضيافة قلما تجد لهامثيلاً عند الحضر وانما يصطنع البعض مع الأسف اللهجة البدوية بأن يلوون ألسنتهم بلكنة ركيكة مصطنعة.

* ثالثاً: أصل حركة التعتيب (التنسيب الى عتيبة): هنالك شخص يدعى احمد ياسين (أبو غسّان) وكان ابوه يلقب أبو الزرعيّة وعمل الاب حارساً لسكة الحديد ايام العثمانيين والانجليز من بعدهم يقال انه ليس من اهالي بُرقة وانما صاهرهم (والله أعلم)، بينما عمل المرحوم احمد ياسين شاويشاً في الجيش البريطاني أيام انتداب فلسطين واخذه الانجليز مع جملة من اخذوهم معهم الى مستعمرتهم السابقة الكويت وعمل مساعداً لمدير المناقصات في شركة الزيت العربية المشتركة بين الكويت والسعودية في الكويت (الشاهين) وأصبح يعرف باحمد ياسين العتيبي بعد أن أضاف كلمة عتيبي الى جوازه وعلا شأنه في الشركة ولا يعرف لماذا قام معلق صوت العرب احمد سعيد آنذاك بذكر اسمه مع اشخاص اخرين متهما اياه بالعمالة للانجليز لاكثر من مرة. ولخلافه مع وزير النفط الكويتي الشيخ علي الخليفة الصباح قدم استقالته وعاد الى عمان وفتح محطة وقود (محطة العتيبي) في شارع الجاردنز – ومن المؤسف أنه ادعى لأحد الكتاب المعاصرين في الأنساب أن أباه قدم الى الأردن مع المغفور له الملك عبد الله الأول وهذا مخالف للحقيقة كما بينت سابقاً- وبدأ نشاطه بالاتصال بأحد ابناء عتيبة لتشكيل تجمع لابناء عتيبة ثم أخذ هو والسيد عارف مجري العتيبي(عسكري متقاعد) بحركة تحويل ابناء النفيعات وبُرقة وغيرها لعتيبة وفي زمن الملك المرحوم خالد آل سعود توقفت هذه الحركة وتبرء السيد عارف من هؤلاء الاشخاص قائلا في كتاب الى الحكومة السعودية موجود نصه لدى بعض الاشخاص أنهم فلسطينيون لا يمتون الى عتيبة بصلة ثم عاد بعدها بالعمل على تنسيبهم الى عتيبة وتوكيل محامٍ جاهز الى جانبه لارسالهم الى المحكمة لاضافة اسم عتيبي الى جوازاتهم الى ان توقفت الحكومة الاردنية عن قبول تعديل اسماء العائلات مؤخراً والآن فان السيد عارف مجري العتيبي يوزع بطاقته الشخصية هنا وهناك على انه رئيس رابطة ابناء عتيبة في الاردن.

أسرد هذه الوقائع بدون تعليق وبحيادية تامة علماً بأنّ بعض من تورطوا بإضافة إسم عتيبي هم الآن مأزومون وفي حالة هروب الى الامام ويلجأون الى استثمار بعض الكتّاب المعاصرين الباحثين عن الشهرة والكسب المادي والمستعدين لحياكة أيّ تلفيقات من هنا وهناك.
أقول هل يصحّ ما قاله لي أحد الشيّاب من أبناء عتيبة القادمين الى الأردن في مدينة الزرقاء "لايوجد عتبان في الأردن الا الذين جاءوا مع المغفور له الملك عبد الله الأول" لنسمع القول الفصل ممن يعنيهم الامر من أبناء عتيبة حول هذا الموضوع الذي يستحق البحث ومناقشة ما لدى هؤلاء الناس من روايات تحتمل الصواب والخطأ.
والسلام ختام

عدنان س .البرقاوي