يعتبرونه.. رقيا حضاريا!
مقال لــــــ صلاح فؤاد عبيد
جريدة أخبار الخليج 19/3/2008م
كأنه لا تكفينا كل (البلاوي) التي تصب فوق رؤوسنا نحن العرب والمسلمين وأطفالنا وأبناءنا وبناتنا ليل نهار عبر القنوات الفضائية الإباحية وغير الإباحية، وعبر الهجوم المستميت على أمتنا وثوابتنا الدينية والأخلاقية والمجتمعية من منظمات أوروبية وأمريكية تدعو إلى الانحلال المتستر بلباس التحضر والمدنية، حتى يخرج علينا بعض بني جلدتنا بدعوات منحطة إنسانيا وأخلاقيا تحت ذريعة حقوق الإنسان فيوجهون دعوات إلى دولنا بإباحة المنكر جهارا نهارا بلا حياء ولا خجل!
فقد وجّه الاتحاد العربي لمنظمات المجتمع المدني جنبا إلى جنب الاتحاد الأوروبي لمنظمات المجتمع المدني الأوروبية مؤخرا مقترحات ودعوات إلى الأزهر الشريف بإباحة الزنا باعتباره من الحريات الشخصية للرجال والنساء، وعدم تجريم الإجهاض وجراحات إعادة العذرية وترقيع البكارة، ووقف وصاية الآباء على أبنائهم وبناتهم بعد سن 16 سنة وبخاصة الفتيات وعدم سؤالهن عن علاقاتهن، وعدم العقاب على التأخير والمبيت خارج المنزل، والسماح للزوجة بمقاضاة زوجها في حالة ممارسته العلاقة الشرعية معها من دون رغبتها، وتقسيم ثروة الزوج والزوجة مناصفة في حال الانفصال، وحصول الزوجة على أجر نظير عملها في بيتها وحسن معاشرتها لزوجها، وإلغاء المهر المقرر في عقود الزواج الإسلامية لأنه نوع من أنواع العبودية والإذلال للمرأة، ومنع تعدد الزوجات، وإلغاء نظام المواريث الإسلامي تماما باعتباره من بقايا الجاهلية! من الطبيعي أن يصدر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر بيانا واضحا وصريحا ومباشرا يرفض فيه كل تلك المقترحات جملة وتفصيلا، لكن غير الطبيعي أن يكون أصحاب هذه الدعوات والمقترحات عربا ومسلمين - أو هكذا يفترض، ولو اسما فقط - ويسعون إلى تدمير مجتمعاتنا العربية والإسلامية أخلاقيا واجتماعيا عبر دعوات بهيمية فاسدة عقلا وشرعا ومنطقا وفطرة. لست أدري بأي تبرير أو حجة يعمد بعض أبناء العرب والمسلمين إلى المطالبة بطمس إحدى أهم المميزات الحضارية لأمتنا، وأعني بها الفضيلة والشرف اللذين لا يعرف لهما الغرب معنى ولا سبيلا رغم ادعائه التحضر والمدنية، فأي إنسانية تبقى للإنسان حين يتخلى عن عفته وطهارته ونقاء نسبه وعرضه ويتحول إلى بهيمة همها إشباع غرائزها الجسدية ونزواتها المريضة بأية وسيلة حتى لو كانت الاعتداء على أعراض الآخرين وتدنيس شرفهم وخلط أنسابهم وتحويل المجتمع كله إلى (زريبة) لا يعرف فيها أحد أباه؟!! إذا كانت هذه هي الحضارة والمدنية والرقي والعصرنة فبئس بها من كلمات وتعسا لمن يطلبها ويدعو إليها ويدافع عنها. أسأل أصحاب تلك الاقتراحات (الحضارية جدا): هل يرضى أحد منكم أن تزني زوجته على فراشه مع صديقه أو أخيه أو أبيه أو أي رجل آخر؟ وهل يرضى أن تعاشر ابنته التي وصلت سن السادسة عشرة زميلا لها في المدرسة أو أحد جيرانها في (الفريج) وتحمل منه وتضع مولودا يتربى في عزّهم؟!.. أما بقية المقترحات المتعلقة بالأموال والمواريث فلا حاجة لي أن أسألهم بشأنها لأنهم بالتأكيد سيستميتون دفاعا عن كل فلس منها، فأمثالهم من عبدة الشهوات يمثل المال بالنسبة إليهم غاية الغايات ومنتهى الآمال والأمنيات. ألا تبا لأتباع أبي لهب، في كل عصر وزمان، إلى يوم يبعثون.