![]() |
اختيار تصميم الجوال
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع
![]() |
انواع عرض الموضوع
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() بســــم اللــــه الرحمــــن الرحيـــــم
وهذه بقية قصة سيدنا / أيوب عليه السلام:- ولم يبق له من الدّنيا إلاّ هذه المرأةُ الصالحةُ، التي طفح وجهُها بالحزن والأسى.. وأتاه إبليس في زي شيخ وقورٍ، معزِّياً،... فالكلُّ إلى زوالٍ!.. والتفت الشيخ إلى إيوب، وكأنه يتساءل، موسوساً: - تُرى، ...أما كان لصلاتك، وشدة تعبُّدك لله، أن يدفعا عنك هذا المُصابَ الجلل، والرُّزء الفادح؟.. أعانك الله على ماأنت فيه من الأمور العظام، والخطوب الجسام!.. ثم،.. أإلى هذا الحدِّ يتخلَّى الله عند عبده المؤمن الذي لايفتُرُ عن ذكره، في قيامٍ وفي قعودٍ، وفي جيئةٍ وفي ذهاب!.. ورمقهُ أيوب بنظرةٍ شزْرٍ، كملتهب الشّرر: - إليك عني أيها الشيخ.. هلاَّ ذكرت الله في قولِك؟ وهل كان مالي إلاّ وديعةً استودعنيها الله؟ وهل كان أولادي إلاّ عاريةً (أي: وديعة) مستردَّة؟ فمن حقِّ الله المعطي، أن يستردَّ ماشاء متى شاء!.. ويخرُّ أيوبُ ساجداً لله، وهو يتمتم: -ربِّ.. لك الحمدُ والشكرُ، في الضرّاء، كما في السرّاء!.. فتولى عنه إبليس مغيظاً، محنقاً، وهو يكاد يتميَّزُ غيظاً!.. وأخذ إبليس يقلِّب كفيهِ.. فمن أين يأتي أيوب؟.. * ابتلاء أيوب في بدنِه وانتبه إلى صحة أيوب وما لهُ من نشاطٍ جمٍّ.. فأيوب ممتلئ الجسم صحةً وعافيةً.. له جسمُ الرِّجال الرِّجال، وعزمُهم الشديد!.. فتوجَّه إلى السماء قائلاً: - إي ربِّ.. لقد سلبتَ أيوبَ أمواله كلّها، فما لانت له قناةٌ، ولاوهنت له عزيمةٌ.. وحرمته أولاده وخدمه أجمعين، فما كان ذلك ليؤثر عليه من قريبٍ أو من بعيدٍ.. وإني أراه معتمداً على قوَّته، معتداً بفتوته.. فهو فارع الطُّولٍ، متينُه، عريضُ المنكبين، شديدُهما؛ مفتولُ السّاعدين، قويُّهما.. فهلاّ ابتليته في جسده وصحته، وأصبتَه في قوته وهمَّتِه؟.. ويأتيه الجوابُ من علٍ: إنَّ عبدي أيوبَ نِعم العبدُ الصَّابرُ على مايصيبُه.. لقد سلطتك على جسده، وأبحتك بدنه، فأجمع له ما استطعت من أمرك، وكد لهُ ماشئت من كيدك، فما أمرُك إلاّ في ثباتٍ!.. ويكرُّ إبليس وجندُه، على أيوب الفرد، الصِّفرِ اليدين، ويأتونه من كل جانبٍ، وينفخون في جسده من خبيثِ أنفاسِهم، فيقعُ عليلاً، منهوك القوى.. وتنتشر في بدنه العِللُ والأمراض، فيمتلئ قروحاً وجروحاً ملتهبات!. ويبقى على هذا الحال سنين.. وتُبرِّحُ به الأوجاعُ والآلام، والعِللُ والأسقامُ.. ولا من طبيب، ولامن دواءٍ؟.. وهكذا أصبح بدنهُ مرتعاً لكلِّ علَّةٍ، ومسرحاً لكلِّ داءٍ خبيثٍ!.. ويعودُه بعضُ النَّاس.. - ماتشكو ياأيوب؟. - إلى الله أبثُّ شكواي ونجواي، وهو وحدّه الخبيرُ بما أنا فيه.. وسرعانَ ماينفض عنه الناس، ويتحامونه.. فريحُهُ كريهٌ، لايُحتمّل،.. ومنظرُ جسده يبعث على الغثيانِ!.. ويودِّعونه، ويودعون زوجَهُ ليا بنت النبي يعقوب، التي كانت تتعهَّدُهُ، بعطفٍ وحنانٍ، وتقومُ على خدمتِه خيرَ قيامٍ!.. وأخيراً انقطع عنه الناسُ، وتحاشَوا لقاءه، وتجنَّبوا عيادته.. إذ قد امتدّت به المحنةُ، وأصابهُ الجهدُ، وأوغل في عروقه ومفاصله الدّاءُ العُضالُ.. وكان أيوب يعاني ذلك كلّه معاناة الصّابرين المحتسبين. وظلّ، كعادته، منشغلاً بالله عمّن سواه من العالمين.. شاكراً إياه على كلِّ حال!.. أما إبليسُ فكان يرى ذلك كلَّه، فيشتدُّ غيظاً، ويستعِرُ حنَقاً،.. ويدمدم: لم أرَ في حياتي رجلاً مبتلىً كلَّ بلاءٍ، يصبُر، كأيوب!.. ويجمع حوله رهطاً من جنوده،.. - مالعملُ، بعدما رأيتم من أمر أيوب؟. - لقد أُسقط في أيدينا (كنايةً عن العجز) بعدما رأينا أيوب يصبر هذا الصبر الذي لاحدود له.. - حقاً إن صبرَ إيوب لعجيبٌ.. لقد ابتُليَ البلاءَ تلو البلاء، لو أصاب بعضُها الجبال لدكَّها.. - إنه ليحزنني أن نفشلً كلُّنا في هذا الأمر، وقد نجحنا في ماهو أشدَّ منه، وأدهى.. - ولكن، قال لي، سيدنا،.. كيف أخرجت آدم من الجنَّة؟. - بواسطة زوجه حوَّاءَ.. - إذاً، فلنحاول جُهدَنا، أن نأتيَ أيوبَ من قِبَلِ زوجِه ليا.. - وهو ماتقولُ.. وينصرفون.. * إبليس وزوج أيوب وفي الصباح الباكر، يظهر إبليسُ لزوج أيُّوبَ، ليا، بصورة طبيب.. ويسألها عن زوجِها.. فتجيب: لاهو حيٌّ فيُرجَى، ولاميِّتٌ فيُعزَّى به.. وتدعوه لمداواة أيوب.. فيجيبها: أداويه، ضامناً شفاءه ممَّا يكابدُ من داءٍ وسقمٍ، ولكن بشرط، لاأريد جزاءً سواه.. قالت: وماهو؟ قال: أداويه.. على أنه إذا برئ، يقول لي: أنتَ شَفيتَني!.. قالت: نعم!.. وأسرعت ليا إلى أيوب، قائلةً له، وكأنها تستَرحِمُه: - ياأيوب.. لقد طال مرضُك، وامتدَّت معاناتك،.. وهذا طبيب يزعم أنه يشفيك من كلِّ ماتعاني منه، من أوصابٍ وأسقام!.. - عليَّ به، ياليا.. - ولكنه أخذ عليَّ عهداً، واشترطَ شرطاً.. - مايقول؟.. - يقول: إنه يداويك، فإذا برئت تقول له: أنتَ شفيتني.. لايريد جزاءً سواه.. ويحتقن وجهُ أيوب، فبدا رهيباً،.. ويصرخ بوجهها كالملسوعِ: - أغربي عن وجهي.. قبَّحَ الله ماترين.. أولم تسمعي قول جدِّك إبراهيم خليل الرَّحمن: {الّذي خلقني فهو يهدين. والّذي هو يُطعمني ويسقين. وإذا مرضتُ فهو يشفين. والّذي يُميتني ثمَّ يُحيينِ.}.. ويتابع قوله لها بصوتٍ هدَّار، وهو يتوعدها بأليم العِقاب: - والله، إن منَّ الله عليَّ بالسّلامة ممّا ابتلاني به، لأجلدنَّك مائة جلدةٍ جزاء ما نفث الشيطانُ على لسانك، وما وسوس لك به إبليسُ، مزيِّناً لك الكفرَ بالله، والشِّرك بعبادته.. وتنصرف ليا من أمام وجه زوجها الذي اشتعل غضباً.. وترى الطبيب، وكأنه كان يسمعُ تحاوُرَهما،.. فما أن رآها عائدة، مكسوفةً، حتى نكَصَ على عقبيهِ، وتولَّى عنها، مدمدماً، غضِباً.. وماهي إلاّ ساعة، حتى تعود ليا لما فُطِرَت عليه من إيمان، فتستغفر الله، وتعتذرُ إلى زوجِها، وقد رقَّ قلبُها له، فهي لاتبغي من وراء ذلك كلِّه إلا شفاءه.. وتتودَّد إليه، وتتلطَّف، وتتعطَّف، فيُقبل عليها بوجهه،.. وتنظر إليه باهتمام عطوف، وحدبٍ حانٍ، وقد ترقرقت في عينيها جمعة، وتقول له، برقَّةٍ، وكأنَّها تهمسُ في أذنه: - ماعهدتُك، ياأيوبُ، إلاّ صبوراً على الشَّدائدِ، جلداً على الأحداث والمِحَن.. وقد اصطفاك الله، من بين قومِك، نبياً،.. فهلاَّ سألتَ الله أن يمسَحَ ضُرَّكَ، ويكشفَ عنك هذا البلاءَ، ويُنقِذكَ من لُجَج هذه الأسقام؟ إني لأراه، إن فعلتَ، استجابَ!.. - وكم مضى عليَّ في مرضي ياليا؟.. - سبعُ سنين.. - وكم مضى عليَّ، قبلَ ذلك، من عمري الذي عشته معكِ، في نعمة عيشٍ وارفٍ، ودعةِ بحبوحةٍ، ورغد..؟.. - ثمانون.. - إني لأستحيي من الله، أن أسألَه كشفَ مابي من البأساء، ولم أصبر، بعدُ، على معشارَ ما حباني به من النَّعماء.. وتنصرف ليا شاردة النظرات.. وينطل أيوب سمجِّد الله، ويسبِّحه، ويقدِّسه، ويشكره، كثيراً.. * بُرْءُ أيوب وتجرُّ أيوبَ قدماه بجهدٍ، وإعياءٍ، شديدين، إلى ظاهر بيته، في البريَّةِ، يُسَرِّح نظره في الآفاق، وقد اكتست الطبيعة حلةً خضراء خضراء.. مرصَّعةً بالزهر من كلِّ لونٍ.. ويأخذ مجلسه على التراب النديِّ، فتباركَ الله أحسن الخالقين.. هناك: {نادى ربَّه أني مسّنيَ الضُّرُّ وأنتَ أرحمُ الراحمينَ} وألقى في روعِ الملتلى الصابر: أن اضرب بقدمِكَ الأرض.. ففعل.. فانفجرت منها عين ماءٍ دافقة، وقيل: بل نبعت عينان: فاغتسل في إحداهما، وشرب من الأخرى.. وتمطَّى قليلاً، وتثاءب.. وكأنّه فُكَّ من عِقال.. ونظر إلى جسده، فإذا به قد عوفي من كلِّ داءٍ وسقم.. وإلى فتوته.. فإذا هو بعزيمةِ إيّام الشباب!..أيتم فأسرع إلى منزله، وهو يكبِّر الله، ويحمده، وارتدى ثياباً كان قد خلعها منذ سنوات.. ولما عادت زوجه إلى البيت، ارتاعت.. ففي البيت رجلٌ غريب.. وحدَّقت النَّظر فيه مليَّاً، فناداها، .. فعرفته من صوته.. إنه زوجها أيوب.. فصرخت فرحاً، وقد ملأت عليها المفاجأة المذهلةُ كلَّ وجدانها.. وأسرعت إلى زوجها تعانق خدَّيه الملتمعين بالعزم، ورواء العافية.. إنها لتكاد تطير فرحاً.. فسبحان من يحيي العظام وهي رميم!.. وغفر الله لها زلَّة لسانها، في موقف ضعفٍ، جزاءَ حسنِ تعهُّدها أمور زوجها في الشَّدائد المهلكات.. وأوحى الله تعالى إلى أيوب: أن أجمع حزمةً من شماريخ العشب، وقضبانه الهشَّةِ، تبلغ مئةً، واضرب بها زوجك ليا، ضربةً ليِّنةً واحدةً، تبرَّ يمينُكَ.. ففعل!.. وشاء الله تعالى إلاّ أن سكاف~ أيوب بمزيد من الحسنى، ويجزيه الجزاء الأوفى.. فأحيا له جميعَ من هلَك من ولده وخدمه، ومثلَهم معهم، ممن كانوا قبل البليَّة وخلالها وأعاد له جميع ما فقد من مالٍ، مضاعفاً، مباركاً.. تكرماً منه وتحنُّناً.. وتذكرةً وموعظةً لأولي الألباب!.. ويذكر الله الصابرين الذين يزيدهم من فضله، ويوفيهم أجورهم بأحسن ماعملوا، بأن لهم عقبى الدار.. ويذكر الناسُ الصّابرين، فيقولون: صبرٌ.. ولاصبرُ أيوبَ!.. مع تحيات اخوكم / ولد مجري @@@@@@@@@@@@@@@@@@ |
|||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
![]() |