لاشفت ضول الناس بالك تعسه
وان جنبك شر المخاليق خله
هذا البيت من قصيدة رائعة كتبها الشيخ الشاعر محمد بن مهلهل بن شعلان قبل حوالي قرنين من الزمن: وقتها كان يقيم في الصحراء وفي بيوت الشعر ورغم أن التجمعات
لم تكن بالكثرة في ذلك الوقت لقد تطرق إلى الضول وهو تجمع أكبر عدد من الناس في مكان واحد ويحذر ابن شعلان من الذهاب إلى التجمعات لأن في ذلك الحصول على مشكلة أو ارتكاب خطأ يؤدي إلى الشر وهو ينصح بالابتعاد عن الشر ما دام أنه بعيد عن الفرد..
لأن الإنسان الذي لا يملك عاطفة وبصيرة عقلية وعلمية بإمكانه أن يتعرض لمثل هذه المشاكل، أما الإنسان المتشبع بروح الخير والذي يستخدم العقل ويعتبره طاقة خيرة في كل أعماله وأقواله وتعامله مع المجتمع فهو عكس ذلك لأن العقل السليم بالجسم السليم يقف أمام الشرور وبكل طاقته وإمكاناته ويعمل على توسيع نطاق المحبة وانتشار الخير في المجتمع الواحد، لأن الأسس الأخلاقية تقوي الفرد على التحكم بأعصابه وأهوائه وانفعالاته الغضبية في التجمعات وقد نهى الإسلام عن كل الأعمال التي تؤدي إلى الإساءة للآخرين في كل حياتهم وأهدافهم وغاياتهم لأن في ذلك تعدياً على حقوق الإنسان والنيل من كرامته ما دام هذا الانسان لا يرتكب الأخطاء التي نهى عنها الدين ونهت عنها القيم ونهى عنها العقل.
إننا في عصر التجمعات وعصر القيل والقال ومع كل أسف.. وأنه لا يمر يوم إلا ونشاهد هذه التجمعات وهذه المشاجرات وهذه المشاحنات في كل مكان في الشوارع وأمام المحلات التجارية وعند حصول حوادث وقد يحدث نتيجة هذه التجمعات الكثير من المشاكل والمضاربات وعلى وجه الخصوص بين الطلاب أثناء خروجهم من المدارس وعلى مختلف الأعمار والمستويات وهذا له مردود سيئ على الطلبة وعلى المسيرة التعليمية وعلى أولياء الأمور لأن بعض هذه المشاجرات يدخل فيها الطابع العصبي فتجد أن أبناء العشيرة الواحدة يشاركون في هذه المشاجرة ويسمونها بالفزعة وهذا بطبيعة الحال له أثر سلبي على تعاضد المجتمع وتآلفه وتكاتفه، ويسبب عداوات قد تمتد إلى أعوام قادمة، فما المانع لو أن مدراء المدارس أكدوا على رفض هذه التجمعات والاستعانة برجال الأمن أثناء خروج الطلاب ومع الأيام ومع الحرص على محاربة هذه الظاهرة ستنتهي وسيكون الجميع ينعم بالراحة والاطمئنان واعلموا أن التربية تتناول كل جوانب الحياة وإن علاج الغضب قبل وقوعه يكون بالتعرف على أسبابه والقضاء عليها
بقلم خالد مهدي بن عبار