|
|
|
|
كيف أطيق الصبر
عنترة بن شداد
جفُونُ العذَارى منْ خِلالِ البرَاقعِ=أحدُّ من البِيضِ الرِّقاقِ القواطعِ
إذا جُرِّدتْ ذُلَّ الشُّجاعُ وأصبحتْ=مَحاجِرُهُ قَرْحَى بِفَيْضِ المدَامِعِ
سقى اللهُ عَمِّي مِن يدِ الموتِ جُرْعَةً=وشُلَّتْ يدَاهُ بعدَ قَطْعِ الأَصابعِ
كما قادَ مثْلي بالمُحالِ إلى الرَّدى=وعلّقَ آمالي بذَيْلِ المطامعِ
لقد ودّعَتْني عَبلةٌ يوْمَ بَيْنِها=وَداعَ يقينٍ أنني غيرُ راجعِ
وناحتْ وقالت: كيفَ تُصْبحُ بَعدَنا=إذا غِبتَ عنَّا في القِفارِ الشواسِعِ
وحقِّك لا حاوَلْتُ في الدهْرِ سلوةً=ولا غيّرَتْنِي عن هواكَ مَطامِعي
فكُنْ واثقاً منّي بِحُسْنِ مَودَّةٍ=وعِشْ ناعماً في غِبطةٍ غيرَ جازعِ
فقلْتُ لها: يا عَبلُ إنِّي مُسافرٌ=ولو عَرَضَتْ دُوني حُدُودُ القَواطِعِ
خُلِقنا لِهذا الحُبِّ من قبلِ يومِنا=فما يُدخِلُ التفنيدُ فيهِ مَسامِعي
أيا عَلَمَ السّعديِّ(1) هل أنا راجع=وأنْظُرُ في قطريكَ زهرَ الأَراجِعِ
وتُبصِرُ عَيْنِيْ الرَّبوَتيْنِ وحاجِزاً=وسكانَ ذاكَ الجِزْعِ بَيْنَ المَراتِعِ
وتجمعنا أرضُ الشِربَّة واللِوى=ونَرتَعُ في أكْنافِ تلكَ المرابِعِ
فيا نسماتِ البانِ بالله خبِّري=عُبَيلَةَ عنْ رَحلي بأَيِّ المَواضِعِ
ويا بَرْقُ بلّغْها الغدَاة َ تحيَّتي=وحيِّ دياري في الحِمى ومَضاجِعي
أيا صادحاتِ الأيكِ إن مِتُّ فاندُبي=على تُرْبَتي بَين الطُّيورِ السَّواجِعِ
ونُوحي عَلَى من ماتَ ظُلماً ولم يَنَلْ=سِوى البُعدِ عن أحْبابِهِ والفَجائِعِ
ويا خَيْلُ فابْكي فارساً كان يلْتَقِي=صُدورَ المَنايا في غُبارِ المَعامِعِ
فأْمْسى بعيداً في غَرامٍ وذِلَّة=وقيدٍ ثقيلٍ من قيودِ التوابعِ
ولَسْتُ بِباكٍ إنْ أتَتْني مَنيَّتي=ولكنَّني أهْفو فتَجري َمدَامِعي
وليس بفَخْرً وصْفُ بأْسي وشِدَّتي=وقد شاعَ ذِكري في جميعِ المَجامعِ
بِحقِّ الهوَى لا تَعْذِلُونِي وأقْصِرُوا=عن اللّوْم إنّ اللّوم ليسَ بنافع
وكيفَ أُطيقُ الصَّبْرَ عمَّنْ أحبُّهُ=وقد أُضرِمَتْ نارُ الهوى في أضالِعي
(1)العلم السعدي هو المكان الذي ولد فيه عنترة وتربى فيه، وتغنى فيه وقال:
سـقـتك يا عـلمَ الـسعـديِّ غادِيَةٌ=من السحابِ ورَوَّى ربعَكَ المطَرُ
كـم لـيـلةٍ قـد قطَـعـنا فيـكَ صـالحةً=رغــيـدةً صَـفـوُهـا ما شَابَهُ كَدَرُ
وقال أيضاً:
فـبالله يا ريحَ الحِجازِ تَنَفَّسي=عـلى كَبِدٍ حَرَّى تـذوبُ من الوَجْدِ
ويا برقُ ان عرَّضتَ من جانب الحِمى=فحيِّ بـني عبـسٍ على العَلَمِ الـسعـدي
والعلم السعدي هو المعروف الآن باسم (علم بني رشيد) والواقع شمال شرق المدينة المنورة على طريق المدينة المنورة-حائل، وبالتحديد جنوب قرية الحليفة، على مسافة 35 ميلا، وللمعلومية فالقبر موجود ومعروف لدى أهل المنطقة ولدى الباحثين.
|
|
|
|
|
آخر تعديل احمد العـتيبي يوم 15-Nov-2012 في 07:04 AM.