الطفل المشاغب وبلداء شاعر المليون

[كحيلان العتيبي]

الطفل المشاغب وبلداء شاعر المليون !!- خالد قماش - 03/01/1429هـ
كنت قد سئلت قبل أشهر خلت.. من قبل أحد الصحافيين: لماذا لم تشارك في برنامج شاعر المليون؟!
فأجبت بكل بساطة ووضوح: (ياخي ما أتخيّل أني أقف أمام تركي المريخي لكي يقيّم قصيدتي، وهو أجهل من الجهل في فنيات الشعر الحقيقي)!
وأعتقد أن السائل استثمر هذه العبارة بخبثه الصحافي ليجعلها قضية لصفحته الشعرية.
وهذه ليس مكابرة ولكنها قناعة أصرخ بها ملء وجعي الممتد من البحر إلى الشعر.. كلما استقر سؤال أحدهم في أذني!
• بصدق ..
أنا لا أتخيّل أن يأتي بلداء الساحة من أمثال المريخي والسعيد لكي يحكما على قصيدة تجاوزت أفكارهم الصدئة، ومدوناتهم المتحنطة على جدار (صح لسانك) و(فالك المليون)!
وقد ذكرت ذلك في لقاء بصحيفة "الاقتصادية"، وقد قامت بعض المواقع الإلكترونية مشكورة بإعادة نشره..
وأسترجع ما سبق ذكره في الصحيفة:
"بالنسبة لبرنامج شاعر المليون، أولا أنا غير حريص على متابعة برامج تكرّس البلادة الشعرية وتعزّز في دواخلنا الطائفية القبلية في الوقت الذي نحلم فيه ببناء مجتمع مدني!
ولكن صادف مرتين أن شاهدت هذا البرنامج المخجل، وأقول المخجل لأني أتواصل وألتقي مع كتاب وشعراء وأكاديميين لهم ثقلهم الأدبي في المجتمع وينظر بعضهم لنا كشعراء من خلال هذا البرنامج!
تخيّل أنهم يرون كل شاعر يكتب بالمحكي أو العامية أنه نسخة مكررة من "صح لسانك" و"قصيدتك جزلة" و"فالك المليون"!
الشعر الحقيقي لم يكن يوما وسيلة لمص دماء الناس بهذه الفظاعة أو التسوّل بهذه الوضاعة، إنها المتاجرة الرخيصة بالشعر والشعراء، هذا إذا افترضنا جدلا أن هناك شعراء!
ومع احترامي للمسعودي والدكتور غسان اللذين تورطا تحت إغراء المادة والعزف على وتر النفاق الأدبي الممجوج والتنظير المضحك، إلا أن البرنامج نجح تجاريا وفشل شعريا!
صحيح أن المتنبي كان أكبر "شحّات" على بوابات السلاطين، ولكن أبا الطيب تشفع له درره الشعرية وإبداعاته التي إلى الآن لا تزال تكتب فيها الدراسات النقدية.
يا سيدي لا تضغط على الجرح بقوة .. أنا أجزم أن هناك أصواتا مضيئة أكبر من أن يحتويها "مايكرفون" شاعر المليون!"•
ولعل خروج الشاعر الجميل: ردة السفياني من مراحله الأولى من تجربة البرنامج الثانية دليل على أن المعيار تجاري بحت وليس شعريا ..
فليس ردة الشاعر الذي يثير غرائز القبائل لتنهال الرسائل النصية القصيرة على البرنامج .. وليست قصيدة ردة هي المحفّزة للمراهقين الذين يتسوّلون المشاعر الزائفة، وليس وجه ردّة هو الوجه التسويقي المطلوب والمرغوب في سوق سوداء كهذه!
وأنا هنا ألوم صديقي الحبيب الشاعر ( ردّة ) على وضع ذاته الشعرية الباسقة أمام طحالب هؤلاء البلداء .. كما سبق أن ألقيت عتب المحب على الصديق الشاعر الخطير : (بدر صفوق) على انضمامه إلى هذين الاسمين بالذات .. وهو الأنظف والأشرف والأعرف!
ولكن قلت في نفسي : ربما يصلح (البدر) ماأفسده (الظلام)!
• أيها الأحبة ..
إن استبعاد صاحب تجربة شعرية متماسكة / ناضجة .. تحمل العمق الفني بين المعنى والدلالة وتتضمن قيم ومفاهيم القصيدة الحقيقية والشعر الحديث كتجربة ردة السفياني .. وخروجه من شاعر المليون طارئ.. هو دخول إلى شارع المليون قارئ.
وهو سقطة للبرنامج الذي أثبت صدق مقولاتنا السابقة بأنه برنامج ربحي، وتسويقي، وتجاري ،وأبعدمايكون عن الشعر والشعراء المكتوين بلوعة الحبر وجمر الكتابة !
وأنا أقول هذا الكلام وأنا الأعرف بتجربة وشخص ردّة السفياني، وإن فرقتنا الدروب ردحا من الزمن !
• أبا رفيف ..
دعنّي أرتّل عليك بعضا من حديث شاعرنا الأكبر محمد الثبيتي:
( يا أيها النخل العظيم .. يغتابك الوتد الذليل) !
( يا أيها النخل العظيم .. يغتابك الوتد الذليل) !
• أيها الطفل المشاغب .. هذا الفصل الموبوء ليس مكانك..!
وهذه المدرسة الرتيبة لا يمكن أن تؤطر شغبك الجميل، وشيطنتك الشعرية الأخاذة..
وهؤلاء المتحذلقون لا أخالهم أكفاء لتقييمك .. وهم لا يستطيعون التفريق بين الشعر والشعير!
انطلق هناك في فضاءآتك المنذورة للعصافير المولعة بالغناء الشفيف .. والأصدقاء الطيبين، وصوت فيروز الملائكي.
• أيها الشاهق كجبال الشفا:
(مادمت تنهل صفو الينابيع .. شق بنعليك ماء البرك)!
أخيرا أيها الصديق / الرحيق ..
دعني أشعل ماء الغبطة في روحك .. لأهدهد ماتبقى من كبرياء الروح ..وأقول لك :
(لا تحزن .. إن الشعر معنا)!